Sie sind auf Seite 1von 66

‫العلمانية‬ ‫‪1‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫العلمانية‬
‫الستاذ‪/‬محمد قطب ‪.‬‬
‫" العلمانيممة" هممي الترجمممة العربيممة لكلمممة ‪Secularism,‬‬
‫‪ Secularite‬في اللغات الوربية وهي ترجمة مضممللة لنهمما‬
‫توحي بأن لها صلة بالعلم ‪ ،‬بينما هي في لغاتهمما الصمملية ل‬
‫صلة لها بالعلم ‪ ،‬بل المقصود بها في تلك اللغات هو إقامة‬
‫الحيمماة بعيممدا عممن الممدين ‪ ،‬أو الفصممل الكامممل بيممن الممدين‬
‫والحياة ‪.‬‬
‫تقممول دائرة المعممارف البريطانيممة فممي تعريممف كلمممة‬
‫‪ Secularism‬هي حركة اجتماعية تهدف إلي صرف النماس‬
‫عن الهتمام بالخرة إلي الهتمممام بالحيمماة الممدنيا وحممدها ‪،‬‬
‫ذلممك أنممه كممان لممدي النمماس فممي العصممور الوسممطي رغبممة‬
‫شديدة في العزوف عممن الممدنيا والتأمممل فممي اللممه واليمموم‬
‫الخممر ‪ ،‬ومممن أجممل مقاومممة هممذه الرغبممة طفقممت الممم"‬
‫‪ " Secularism‬تعممرض نفسممها مممن خلل تنميممة النزعممة‬
‫النسانية ‪ ،‬حيممث بمدأ النماس فممي عصممر النهضمة يظهممرون‬
‫تعلقهم الشممديد بالنجممازات الثقافيممة البشممرية ‪ ،‬وبإمكانيممة‬
‫تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبممة ‪ .‬وظممل التجمماه‬
‫إلي الم ‪ Secularism‬يتطور باستمرار خلل التاريخ الحديث‬
‫‪1‬‬
‫كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية‬
‫وهكذا يتضح أنه ل علقممة للكلمممة بممالعلم ‪ ،‬إنممما علقتهمما‬
‫قائمة بالدين ولكن علي أساس سمملبي ‪ ،‬أي علممي أسمماس‬
‫نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة ‪ ،‬وأولي الترجمات بها‬
‫فممي العربيممة أن نسممميها " اللدينيممة" بصممرف النظممر عممن‬
‫دعوي " العلمانيين" في الغرب بأن " العلمانية " ل تعممادي‬
‫الممدين ‪ ،‬إنممما تبعممده فقممط عممن مجممالت الحيمماة الواقعيممة‪,‬‬
‫السياسية والقتصادية والجتماعية والفكرية ‪ ..‬إلممخ ولكنهمما‬
‫تترك للناس حرية " التدين" بالمعني الفممردي العتقممادي ‪،‬‬
‫علي أن يظل هذا التدين مزاجا شخصي ل دخل لممه بممأمور‬
‫الحياة العملية‬

‫‪1‬‬
‫‪Encyc . Britanica V.Ixp.19‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪2‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫بصرف النظر عن هذا العممتراض الممذي سممنناقش مممدي‬
‫حقيقتممه بالنسممبة للحيمماة الوربيممة ذاتهمما ‪ ،‬كممما سنناقشممه‬
‫بالنسبة لنتبين مدي تطابقه أو عدم تطممابقه مممع المفمماهيم‬
‫السمملمية ‪ ،‬فممإن " اللدينيممة" هممي أقممرب ترجمممة تممؤدي‬
‫المقصود من الكلمة عند أصحابها ‪ ،‬ولكنا مع ذلممك سممنظل‬
‫نستخدم المصطلح المعروف عند الناس – مممع بيممان بعممده‬
‫عن الدقة – حتي يتفممق الكتمماب علممي نبممذ هممذا المصممطلح‬
‫المضلل ‪ ،‬واستخدام الفظة الدق‬

‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬

‫نبذ الدين واقصاؤه عن الحياة العملية هو لب العلمانية‬


‫وتبدو نشاة العلمانية في أوروبا أمممرا منطقيمما مممع سممير‬
‫الحداث هناك ‪ ،‬إذا رجعنا إلممي الظممروف الممتي شممر حناهمما‬
‫من قبل في التمهيد الول من هذا الكتاب ‪ ،‬أي إلممي عبممث‬
‫الكنيسة بدين الله المنزل ‪ ،‬وتحريفممه وتشممويهه ‪ ،‬وتقممديمه‬
‫للناس في صورة منفرة ‪ ،‬دون أن يكون عند الناس مرجممع‬
‫يرجعممون إليممه لتصممحيح هممذا العبممث وإرجمماعه إلممي أصمموله‬
‫الصحيحة المنزلة ‪ ،‬كما هو الحال مع القرآن ‪ ،‬المحفمموظ –‬
‫بقدر الله ومشيئته – من كل عبث أو تحريف خلل القرون‬
‫فمن المعلوم أن النجيل المنزل من عند الله لممم يممدون‬
‫علي عهد المسيح عليه السمملم إنممما تلقمماه عنممه حواريمموه‬
‫بالسماع‪ ،‬ثم تشتتوا تحت تأثير الضطهاد الممذي وقممع علممي‬
‫اصممحاب الرسممالة الجديممدة سممواء مممن اليهممود أو مممن‬
‫الرومان ‪ ،‬فلما بدأ تدوينه بعد فترة طويلة من نزولممه كممان‬
‫قد اختلط في ذاكرة أصحابه ن كما اختلطت النصوص فيه‬
‫بالشممروح ‪ ،‬ثممم غلبممت الشممروح علممي النصمموص ‪ ..‬ووقممع‬
‫الختلف والتحريممف والتصممحيف الممذي يشممير إليممه كتمماب‬
‫التاريخ الوربي ومؤرخممو الكنيسممة علممي السممواء ‪ ،‬واسممتبد‬
‫رجال الممدين بشممرح ممما سمممي الناجيممل بالحتفمماظ بعلمم"‬
‫العلمانية‬ ‫‪3‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫السرار " التي نشات مممن التحريممف والتصممحيف والممتي ل‬
‫أصل لها في دين الله المنممزل ‪ ،‬ثممم زاد اسممتبدادهم – كممما‬
‫أسلفنا في ذلك التمهيد – فصار طغيانا شامل يشمممل كممل‬
‫مجممالت الفكممر والحيمماة ‪ :‬طغيانمما روحيمما وفكريمما وعلميمما‬
‫وسياسيا وماليا واجتماعيا ‪..‬وفي كل اتجاه‬
‫فحين يحدث نفور من الدين في مثل هذا الجو فهذا أمر‬
‫منطقمي ممع سمير الحمداث ‪ ،‬وإن لمم يكمن منطقيما ممع "‬
‫النسان " في وضممعه السمموي ‪ ،‬فممإذا كممان النسممان عابممدا‬
‫بفطرتممه ‪ ،‬وكممان الممدين جممزءا مممن الفطممرة أو هممو طبيعممة‬
‫الفطرة فإن النسان الراشد في مثل الوضع الذي وجممدت‬
‫فيه أوربا كان ينبغي عيه أن ينبذ ذلك الممدين الممذي تحمموطه‬
‫كممل تلممك التحريفممات فممي نصوصممه وشممرحه وكممل تلممك‬
‫النحرافممات فممى سمملوك رجمماله ‪ ،‬ثممم يبحممث عممن الممدين‬
‫الصحيح فيعتنقه ‪ ،‬وقد فعلت أوربا المر الول فنبذت ديممن‬
‫الكنسية بالفعل ‪ ،‬ولكنها لم تفعل المممر الثممانى حممتى هممذه‬
‫اللحظممة إل أفممرادا متنمماثرين لممم يصممبحوا بعممد " ظمماهرة "‬
‫ملموسة ‪ .‬ومن هنا نقول إن الظروف التى أحاطت بالدين‬
‫فممى أوروبمما تفسممر ول تممبرر ‪ . .‬تفسممر شممرود النمماس فممى‬
‫أوروبا عن الممدين ولكنهمما ل تممبرره ‪ ..‬فممإنهن ل شممئ علممى‬
‫الطلق يبرر بعد النسان عن خالقه ‪ ،‬ونبمذه لعبمادته علمى‬
‫النحو الذى افترضه على عباده ‪ ،‬سواء بالعتقاد بوحممدانيته‬
‫سبحانه ‪ ،‬أو بتوجيه الشعائر التعبدية إليه وحده ‪ ،‬أو بتنفيذ‬
‫شريعته ‪ ،‬فهذا التصرف المنحرف مممن النسممان الممذى نبممذ‬
‫الذين وابتعممد عممن اللممه ‪ ،‬هممو الممذى قممال اللممه فيممه ‪} :‬ب َم ْ‬
‫ل‬
‫َ‬
‫مَعاِذيَرهُ )‪{(15‬‬ ‫صيَرةٌ )‪ (14‬وَل َوْ أل َْقى َ‬ ‫سه ِ ب َ ِ‬‫ن عََلى ن َْف ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬
‫ا ِ‬
‫]سورة القيامة ‪ [15-75/14‬أى أنه ل يقبل منه عذر فيه !‬
‫على أن الذى يعنينا الن ليس هو محاسممبة أوروبمما علممى‬
‫انحرافاتها فى مجممال الممدين والعقيممدة ‪ ،‬فممالخلق صممائرون‬
‫إلى ربهم وهو الذى يحاسبهم ‪:‬‬
‫َ‬
‫سمي ْط ِرٍ )‬ ‫م َ‬
‫م بِ ُ‬‫ت عَل َي ْهِم ْ‬ ‫سم َ‬ ‫ممذ َك ٌّر )‪ (21‬ل َ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫}فَذ َك ّْر إ ِن ّ َ‬
‫ما أن ْم َ‬
‫ب ال َك ْب َمَر )‬‫ذا َ‬‫ه ال ْعَ م َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫ن ت َوَّلى وَك ََفَر )‪ (23‬فَي ُعَذ ّب ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ (22‬إ ِل ّ َ‬
‫العلمانية‬ ‫‪4‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫م )‪{(26‬‬ ‫سمماب َهُ ْ‬ ‫ن عَل َي َْنمما ِ‬
‫ح َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ن إ ِل َي َْنمما إ َِيمماب َهُ ْ‬
‫م )‪ُ (25‬ثمم ّ‬ ‫‪ (24‬إ ِ ّ‬
‫]سورة الغاشية ‪[26-88/21‬‬
‫ولكممن الممذى يعنينمما هممو شممرح هممذه النحرافممات وبيممان‬
‫الصورة التى حدثت عليهمما ‪ ،‬والظممروف الممتى أحمماطت بهمما‬
‫منذ مبدئها حتى صارت إلى ما صارت إليه ‪.‬‬
‫ونخطممئ – مممن وجهممة نظرنمما السمملمية – إن قلنمما إن "‬
‫العلمانيممة " حممدثت فقممط بعممد النهضممة ‪ .‬فالحقيقممة – مممن‬
‫وجهة النظر السلمية – أن الفصل بين الدين والحياة وقع‬
‫مبكرا جدا فى الحياة الوروبية ‪ ،‬أو أنه – إن شئت الدقة –‬
‫قد وقع منذ بدء اعتناق أوروبا للمسيحية ‪ ،‬لن أوروبا – كما‬
‫أسلفنا فى التمهيد – قد تلقت المسمميحية عقيممدة منفصمملة‬
‫عن الشريعة ) بصرف النظر عما حدث فى العقيممدة ذاتهمما‬
‫من تحريف على أيدى الكنيسة ( ولم تحكم الشريعة شيئا‬
‫مممن حيمماة النمماس فممى أوربمما إل ط ألحمموال الشخصممية "‬
‫فحسب ‪ ،‬أى أنها لم تحكم الحوال السياسممية ول الحمموال‬
‫القتصممادية ول الحمموال الجتماعيممة فممى جملتهمما ‪ .‬وهممذا‬
‫الوضع هو علمانية كالة من وجهة النظر السمملمية ‪2‬ولكممن‬
‫الذى تقصده أوروبمما بالعمانيممة “ ‪ ”Secularism‬ليممس هممذا ‪،‬‬
‫لنها لم تألف الصورة الحقيقية للدين أبممداء فممى يمموم مممن‬
‫اليام ! إنما الذى تقصده أوروبا حين تطلق هذه الكلمة هو‬
‫إبعاد ما فهمته هممى مممن معنممى الممدين عممن واقممع الحيمماة ‪،‬‬
‫متمثل فى " بعض " المفاهيم الدينية ‪ ،‬وفى تدخل " رجال‬
‫الدين " باسم الممدين فممى السياسممية والقتصمماد والجتممماع‬
‫والفكر والعلم والدب والفن ‪ ..‬وكل مجممالت الحيمماة ‪ ،‬ثممم‬
‫إقامة هذا كله بعيدا عن نفمموذ الكنيسممة مممن جنممة ‪ ،‬وبعيممدا‬
‫عن مفاهيم الدين كلها من جهة أخرى ‪ ،‬بصرف النظر عن‬
‫وجود الكنيسة أو عدم وجودها ‪.‬‬
‫بعبممارة أخممرى نقممول إن ممما نبممذته أوروبمما حيممن أقممامت‬
‫علمانيتها لم يكن هو حقيقية الممدين – فهممذه كممانت منبمموذة‬
‫من أول لحظة ! – إنما كان بقايا الدين المتناثرة فى بعض‬
‫مجالت الحياة الوروبية أو فممى أفكممار النمماس ووجممداناتهم‬
‫سنتحدث فى هذه النقطة تفصيل فى نهاية الفصل ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪5‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫فجاءت العلمانيممة فأقصممت هممذه البقايمما إقصمماء كممامل مممن‬
‫الحياة ‪ ،‬ولم تترك منها إل حرية مممن أراد أن يعتقممد بوجممود‬
‫إله يؤدى له شعائر التعبد فى أن يصنع ذلك على مسئوليته‬
‫الخاصة ‪ ،‬وفى مقابلها حرية من أراد اللحاد والممدعوة إليممه‬
‫أن يصنع ذلك بسند الدولة وضماناتها !‬
‫‪  ‬‬

‫كيف نشأت هذه العلمانية فى أوروبا ؟‬


‫أى كيممف أقصمميت بقايمما الممدين مممن الحيمماة الوروبيممة‬
‫وصارت الحياة " ل دينية " تماما فى كل مجالتها العملية؟‬
‫نحتاج أن نتذكر أول أنه فى الوقت الذى لم يكممن للممدين‬
‫الحقيقممى وجممود فممى أوروبمما – سممواء فممى صممورة عقيممدة‬
‫صحيحة أو صورة شريعة حاكمة – كان هنمماك نفمموذ ضممخم‬
‫جدا يمارس باسم الدين فى مجال العقيممدة وفممى مجممالت‬
‫الحياة العملية كلهمما مممن قبممل رجممال الممدين ‪ ،‬ويتمثممل فممى‬
‫حس الناس هناك على أنه هو " الدين " !‬
‫أى أن الصورة الواقعية للدين فممى أوروبمما كممانت تتمثممل‬
‫أول فى عقيدة مأخوذة مممن " الناجيممل " وشممروحها تقممول‬
‫إن الله ثالث ثلث وإن الله هو المسيح ابن مريم ‪،‬وتتمثممل‬
‫ثانيا فى صلوات وقداسات ومواعظ واحتفممالت تقممام فممى‬
‫الكنائس يوم الحد بصفة خاصممة ‪ ،‬وتتمثممل أخيممرا – وليممس‬
‫آخرا – فى نفوذ لرجال الممدين علممى الملمموك وعلممى عامممة‬
‫النمماص ‪ ،‬فأممما نفمموذهم علممى الملمموك فيتضمممن أنهممم ل‬
‫يجلسممون علممى عروشممهم إل بممإذن البابمما ومبمماركته ‪ ،‬ول‬
‫يتولون سلطانهم على شعوبهم إل بتوليمة البابما لهمم ‪ ،‬وإذا‬
‫غضممب عليهممم البابمما – غضممبا شخصمميا ل علقممة لممه البتممة‬
‫بتحكيم شريعة الله – نبذتهم شعوبهم ولم تذعن لوامرهمم‬
‫‪ ،‬وأما نفوذهم على عامة الناس فيتضمن أنهم ل يصممبحون‬
‫مسمميحيين إل بتعميممد الكمماهن لهممم ‪ ،‬وليممس لهممم صمملة إل‬
‫بحضور الكاهن أمامهم فى مكان محدد هممو الكنيسممة ‪ ،‬ول‬
‫يموتون موتا صحيحا إل بإقامة قداس الجنازة لهم على يممد‬
‫العلمانية‬ ‫‪6‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الكاهن ‪ ،‬ول يعتقدون إل ما يلقنهم إيمماه رجممال الممدين مممن‬
‫شمئون العقيمدة ‪ ،‬ول يفكمرون إل فيمما يسممح لهمم رجمال‬
‫الدين بالتفكير فيه ‪ ،‬وعلى النحو الذى يسمحون لهممم بممه ‪،‬‬
‫ول يتعلمون إل ما يسمح لهم رجال الدين تعلمه ‪ ،‬ولرجممال‬
‫الدين فوق ذلك نفوذ على أموالهم وعلى أجسادهم وعلممى‬
‫أرواحهم أشرنا إلى جوانب منه من قبل‪.‬‬
‫هذا الدين – بهذه الصورة – مخالف للممدين المنممزل مممن‬
‫عند الله فى أكثريته ‪ ..‬ولكنه ليس خلوا بالمرة مممن حقئاق‬
‫الدين ‪ ،‬وهذه شهادة الله فيهم ‪:‬‬
‫حظ ّما ً‬ ‫َ‬
‫سوا َ‬‫م فَن َ ُ‬
‫ميَثاقَهُ ْ‬
‫خذ َْنا ِ‬
‫صاَرى أ َ‬‫ن َقاُلوا إ ِّنا ن َ َ‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫م ْ‬‫}وَ ِ‬
‫ه{ ]سورة المائدة ‪[5/14‬‬ ‫ما ذ ُك ُّروا ب ِ ِ‬
‫م ّ‬
‫ِ‬
‫ففيه من حقائق الممدين ان اللممه هممو الممذى خلممق الكممون‬
‫كله ‪ ،‬وهو الذى خلق النسان على هذه الصممورة النسممانية‬
‫وجعله عاقل مفكرا مريدا ‪ ،‬وكلفه المانممة ‪ ،‬وكلفممه عمممارة‬
‫الرض والهيمنممة عليهمما ‪ ،‬وعرفممه أن هنمماك بعثمما ونشممورا‬
‫وحسابا وثوابا وعقابمما يمموم القيامممة ‪ ،‬وأن هنمماك جنممة ونممار‬
‫أبديتين يصير الناس إليهما كمل بحسمب عملمه ‪ ،‬وفيمه ممن‬
‫حقائق الممدين كممذلك أن اللممه حممرم القتممل والسممرة والزنمما‬
‫والربا والكذب والغش والخيانة ‪ ..‬وأوجب على الناس فممى‬
‫حياتهم أخلقيات معينة يتقيدون بهمما فممى تعمماملهم بعضممهم‬
‫مع بعض ‪ ،‬وأن الله شمرع المزواج وحممرم علقمات الجنمس‬
‫خممارجه ‪ ،‬وشممرع السممرة وأوجممب صمميانتها وجعممل للرجممل‬
‫القوامة عليها ‪ ..‬إلى آخر ما يجرى هذا المجرى من حقائق‬
‫الدين ‪.‬‬
‫ولكن الدين المنزل من عند الله ليممس فيممه أن اللممه هممو‬
‫المسيح ابممن مريممم وأن اللممه ثممالث ثلثممة ‪ ،‬وليممس فيممه أن‬
‫يشرع رجال الدين ) الحبار والرهبان ( مممن عنممد أنفسممهم‬
‫فيحلوا ويحرممموا بغيممر ممما أنممزل اللممه ) كممما أحلمموا الخمممر‬
‫والخنزيمر وأبطلموا الختممان ( وليمس فيممه أن يطلمب رجممال‬
‫الدين لنفسهم سلطانا يرهبون به الناس ويفرضون عليهم‬
‫ما أحلمموا هممم وممما حرممموا مممن دون اللممه ‪ ،‬كممما يفرضممون‬
‫عليهممم الخضمموع الكامممل لهمموائهم فممى المموقت الممذى ل‬
‫العلمانية‬ ‫‪7‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫يستخدمون فيه سلطانهم الرهيب فى فممرض شممريعة اللمه‬
‫علممى البمماطرة والملمموك ليحكممموا بهمما بممدل مممن القممانون‬
‫الرومانى ‪ ،‬ويكتفون بجعممل هممذه الشممريعة مجممرد مممواعظ‬
‫خلقية وروحية من شمماء أن يتقيممد بهمما تقيممد ومممن شمماء أن‬
‫يتفلممت منهمما فل سمملطان لحممد عليممه فممى الرض ‪ ،‬بينممما‬
‫القانون الرومانى يعاقب المخالفون لممه بالقتممل أو الحبممس‬
‫أو ما سوى ذلك م العقوبات !‬
‫وليس فممى الممدين المنممزل أن الرض منبسممطة وليسممت‬
‫كروية ‪ ،‬وأن من قال بكرويتها يحرق حيا فى النار !‬
‫وليس فيه أن يفرض رجال الدين لنفسهم – ل للفقممراء‬
‫والمساكين – عشور أموال الناس ‪ ،‬ول السممخرة المجانيممة‬
‫فى أرض الكنيسة ‪.‬‬
‫وليس فيه كل ما فعله رجال الممدين مممن فضممائح ومخمماز‬
‫ودناءات ‪ ..‬كصكوك الغفران والفساد الخلقى بكل أنممواعه‬
‫ومناصمممرة الكنيسمممة للمظمممالم السياسمممية والقتصمممادية‬
‫والجتماعية الواقعة على الشعوب !‬
‫ولكن أوروبا حين أنشأت علمانيتها نبذت الدين كله ‪ ،‬لممم‬
‫تفرق بين أباطيل الكنيسة وبين حقائق الدين!‬
‫وصحيح أن الدين الكنسى – بحقائقه وأباطيله – لم يكن‬
‫صالحا للحياة ‪ ،‬ولم يكن مقبول عند الله ‪:‬‬
‫ممموا‬
‫حت ّممى ت ُِقي ُ‬
‫يٍء َ‬ ‫شم ْ‬ ‫م عَل َممى َ‬ ‫ب لَ ْ‬
‫سمت ُ ْ‬ ‫ل ي َمما أ َهْم َ‬
‫ل ال ْك ِت َمما ِ‬ ‫}قُم ْ‬
‫م{ ]سممورة‬ ‫ن َرب ّك ُم ْ‬
‫مم ْ‬‫م ِ‬ ‫ممما ُأن مزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْك ُم ْ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫جي م َ‬
‫لن ِ‬‫الت ّموَْراةَ َوا ِ‬
‫المائدة ‪[5/68‬‬
‫ولكن أوروبا – كما أشممرنا مممن قبممل – حيممن نبممذت ديممن‬
‫الكنيسة الفاسد لم تبحث عن الدين الصحيح ‪ ،‬الذى يصدق‬
‫الحقائق ويبطل الباطيل ‪.‬‬
‫*‪  ‬‬
‫كان الدين الكنسى ذا سممطوة عنيفممة علممى كممل مرافممق‬
‫الحياة فى أوروبا فمى قرونهما الوسمطى المظلممة ‪ .‬وكمان‬
‫ذلك أمرا سيئا شديد السوء ‪ ،‬ل بسبب سمميطرة " الممدين "‬
‫على الحياة كما خيل لوروبا بغباء فى جاهليتها المعاصرة ‪،‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪8‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ولكممن بسممب سمميطرة الفسمماد الكممامن فممى ذلممك الممدين‬
‫الكنسى على كل مرافق الحياة !‬
‫ولكن نستيقن من الحقيقة فى هذا المر ما علينا إل أن‬
‫نراجع فممترة مقابلمة " وموازيممة " مممن التاريممخ ‪ ،‬كممان فيهمما‬
‫الممدين الصممحيح ذا سمميطرة عظيمممة علممى كممل مرافممق‬
‫الحياة ‪ ..‬تلك هى الفترة الولى من حياة المسمملمين الممتى‬
‫امتدت حوالى سبعة قرون من الزمان ‪ . .‬فكيف كممانت ؟!‬
‫كان الهدى ‪ .‬وكان النور ‪ .‬وكممان العلممم ‪ ،‬وكممانت الحضممارة‬
‫الممتى عرفممت أوروبمما طرفمما منهمما فممى النممدلس والشمممال‬
‫الفريقي ‪ .‬وكان كل جميل من الفكار والمشاعر وأنممماط‬
‫السمملوك برغممم كممل النحممراف الممذى طممرأ علممى حيمماة‬
‫المسلمين فى تلك القرون ‪ ،‬سممواء مممن جممانب الحكممام أو‬
‫من جانب المحكومين !‬
‫فلم يكن " الدين " فى ذاته إذن هو مصممدر السمموء فممى‬
‫الحياة الوروبية فى تلك الفترة ) ولنذكر أن أسبانيا – وهى‬
‫جزء من أوروبا – كانت مزدهرة فممى نفممس المموقت بتممأثير‬
‫الدين الصممحيح ‪ ،‬كممما كممانت صممقلية وغيرهمما مممن الصممقاع‬
‫الوروبية التى دخل فيها السلم ( إنما كان " فساد الممدين‬
‫" هممو السممبب فممى ذلممك الظلم الممذى اكتنممف أوروبمما فممى‬
‫قرونها الوسطى المظلمة الحالكة السواد ‪.‬‬
‫وأوروبا ل تحممب أن تصممدق هممذه الحقيقممة فممى جاهليتهمما‬
‫المعاصرة – مع أنها حقيقة موضوعية بحتة يشممهد بصممحتها‬
‫كل ما كتبه مؤرخوهم المنصفون عن الحضارة السلمية –‬
‫لن مجرد تصديقها معناه أنهم كمانوا مخطئيمن فمى نبمذه "‬
‫الدين " كله بحجة فساد الدين الذى قدمته الكنيسة لهممم ‪،‬‬
‫وأنهم مازالوا مخطئين إلممى هممذه اللحظممة للسممبب ذاتممه ‪..‬‬
‫وهممم ل يريممدون أن يرجعمموا إلممى الممدين بممأى وسمميلة مممن‬
‫وسائل الرجوع !‬
‫مرة أخرى ل تريد أن نحاسب أوروبا على انحرافاتها فى‬
‫مجال المدين والعقيمدة ‪ ،‬إنمما نشمرح فقمط خطموات ذلمك‬
‫النحراف ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪9‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫كانت سيطرة الدين الكنسى على الحياة الوروبيممة فممى‬
‫قرونها المظلمة أمرا سيئا كما قلنا – برغم سمميطرة بعممض‬
‫الفضائل الدينية على الحياة وخاصة فى الريممف الوربممى –‬
‫لن ذلك الدين بما حواه من انحرافات جذرية فى العقيممدة‬
‫من ناحية ‪ ،‬وفى فصممل العقيممدة عممن الشممريعة مممن ناحيممة‬
‫أخرى ‪ ،‬وفى فساد ممثليه من رجال الدين وجهممالتهم مممن‬
‫ناحية ثالثة – كان مفسممدا للحيمماة ومعطل لممدفعتها الحيممة ‪،‬‬
‫كما كان مفسدا للعقول ومعطل لها عن التفكير السليم ‪.‬‬
‫لذلك كان نبذ ذلك الممدين والنسمملخ منممه أمممرا ضممروريا‬
‫لوروبا إذا أرادت أن تتقدم وتتحضر وتعيش ‪..‬‬
‫ولكن البديل الذى اتخذته أوروبا بدل من دينهمما لممم يكممن‬
‫أقل سوءا إن لم يكن أشد ‪ ،‬وإن كان قد أتاح لها كل العلم‬
‫والتمكممن المممادى الممذى يطمممح إليممه البشممر علممى الرض ‪،‬‬
‫تحقيقا لسنة مممن سممنن اللممه الممتى تجهلهمما أوروبمما وتجهممل‬
‫حكمتها ‪ ،‬لنها ل تؤمن بالله وما نزل من الوحى ‪:‬‬
‫يٍء‬ ‫ل َ‬ ‫ب ك ُم ّ‬ ‫}فَل َما نسوا ما ذ ُك ّروا به فَتحنا عَل َيه َ‬
‫شم ْ‬ ‫وا َ‬‫م أب ْم َ‬ ‫ِْ ْ‬ ‫ِ ِ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ ُ‬
‫ة فَإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن)‬ ‫سممو َ‬ ‫مب ْل ِ ُ‬‫م ُ‬ ‫ذا هُم ْ‬ ‫خذ َْناهُ ْ‬
‫م ب َغْت َ ً‬ ‫ما أوُتوا أ َ‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫ذا فَرِ ُ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫‪] {(44‬سورة النعام ‪[6/44‬‬
‫نعم ! لم تكن العبوديممة للحبممار والرهبممان مممن البممابوات‬
‫ورجال الدين أمرا صالحا للحياة ولو كانوا هم أنفسهم مممن‬
‫الصالحين ‪ ،‬لن العبودية لتصممح إل للممه وحممده ‪ ،‬ول تصمملح‬
‫الحيمماة إل إذا كممانت للممه وحممده ‪ ..‬فكيممف وهممؤلء الحبممار‬
‫والرهبان على ما كانوا عليه مممن الفسمماد والجهالممة والبعممد‬
‫عن حقيقة الدين ؟!‬
‫َ‬ ‫خ ُ َ‬
‫ح‬‫سممي َ‬
‫م ِ‬ ‫ن الل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫م أْرَبابا ً ِ‬ ‫م وَُرهَْبان َهُ ْ‬ ‫حَباَرهُ ْ‬ ‫ذوا أ ْ‬ ‫}ات ّ َ‬
‫ُ‬
‫ه إ ِل ّ هُم َ‬
‫و‬ ‫حممدا ً ل إ ِل َم َ‬
‫دوا إ َِلهما ً َوا ِ‬ ‫ممُروا إ ِل ّ ل ِي َعْب ُم ُ‬ ‫ممما أ ِ‬ ‫م وَ َ‬‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬‫اب ْ َ‬
‫ن )‪] {(31‬سورة التوبة ‪[9/31‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬‫سب ْ َ‬
‫ُ‬
‫ولم يكن الدين الذى يحوى كل ذلك القدر من الساطير‬
‫‪ ،‬ويحارب العلم ويحجر علممى الفكممر ‪ ،‬ويفصممل بيممن الممدنيا‬
‫والخممرة فيهمممل الممدنيا وينبممذها مممن أجممل الخلص فممى‬
‫الخرة ‪ ،‬ويحتقر الجسممد ويعممذبه مممن أجممل خلص الممروح ‪،‬‬
‫ويبيممح فممى المموقت نفسممه للقطمماعيين أن يمتصمموا دممماء‬
‫العلمانية‬ ‫‪10‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الفلحين ويكتنزوا بها ويترفوا ويفسدوا ‪ ،‬ويخممذل الفلحيممن‬
‫عن الثورة على هذا الظلم بحجممة الحصممول علممى رضمموان‬
‫الله وجنته فى الخرة إن رضوا بالمذلة والظلم فى الحياة‬
‫الدنيا ‪ ..‬لم يكن ذلك الدين ليسمممح للحيمماة بالتقممدم ‪ ،‬وهممو‬
‫يلفها بأغلفة سميكة من الظلم ‪.‬‬
‫ويقول التاريخ – الذى تكره أوروبا العتراف به إل القلممة‬
‫المنصممفة – إن أوروبمما بممدأت تخممرج مممن ظلمممات قرونهمما‬
‫الوسطى المظلمة حين احتكممت بالمسمملمين فممى مشممارق‬
‫الرض ومغاربها ‪ ،‬سواء فى الحممروب الصممليبية أو البعمموث‬
‫التى بعثتها للتعلمم فمى مممدارس المسملمين فممى النمدلس‬
‫بصفة خاصة ‪ ،‬وفى صقلية وغيرهمما مممن البلد الممتى نورهمما‬
‫السلم ‪.‬‬
‫بل تقول الروايات التاريخية إن رجممال الممدين المسمميحى‬
‫أنفسممهم كممانوا يتعمماطون الثقافممة السمملمية فممى تلممك‬
‫المدارس ‪ ،‬أو فيما ينقل منها إلى اللغات الوروبية ‪ ،‬وإنهم‬
‫كانوا يترقون فى مناصممب الكليممروس بقممدر ممما يحصمملون‬
‫عليه من تلك الثقافة ! "‬
‫ويقول روجر بيكون ) فى القرن الثالث عشر الميلدى (‬
‫‪ " :‬من أراد أن يتعلم فليتعلم العربية لنها هى لغة العلم "‬
‫‪.‬‬
‫لقد وجدت أوروبا حين احتكت بالمسلمين عالممما عجيبمما‬
‫بالنسبة إليها ‪ ،‬ليس فيه بابورات ول رجال ديممن ! وليسممت‬
‫فيه أسرار عقيديمة يختمص بعلهمما فريمق ممن النماس دون‬
‫فريممق ‪ ..‬وليممس فيممه " نبلء ! " يسممتعبدون النمماس فممى‬
‫إقطاعياتهم ‪ ..‬وليس فيه حجر على العقول أن تفكممر ‪ ،‬ول‬
‫حجر علممى العلممم أن يبحممث ويجممرب وينشممر أبحمماثه علممى‬
‫الناس ‪.‬‬
‫يقول " راندال " فممى كتممابه " تكمموين العقممل الحممديث "‬
‫)ترجمة جورج طعمة ج ‪ 1‬ص ‪ 314‬من الترجمة العربية( ‪:‬‬
‫وبنمموا )يقصممد المسمملمين ‪ ،‬وإن كممان يسممتخدم لفظممة "‬
‫العرب " تحاشيا لذكر المسلمين !( فى القرن العاشر فى‬
‫أسبانيا حضارة لم يكن العلم فيها مجممرد براعممة فحسممب ‪،‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪11‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫بل كممان علممما طبممق علممى الفنممون والصممناعات الضممرورية‬
‫للحياة العملية ‪ ،‬وعلى الجمممال كممان العممرب يمثلممون فممى‬
‫القرون الوسطى التفكير العلمى والحياة الصناعية العلمية‬
‫اللذين تمثلهما فى أذهاننا اليوم ألمانيا الحديثة " ‪.‬‬
‫ويقول ليوبولد فايس )محمد أسد( فى كتممابه " السمملم‬
‫على مفترق الطرق " )ترجمة عمممر فممروخ ص ‪40 – 39‬‬
‫من الترجمة العربي( ‪:‬‬
‫" إن العصور الوسطى قممد أتلفممت القمموى المنتجممة فممى‬
‫أوروبة ‪ ..‬كانت العلوم فى ركود ‪ ،‬وكانت الخرافة سممائدة ‪،‬‬
‫والحياة الجتماعية فطرية خشنة إلى حد من الصعب علينا‬
‫أن نتخيله اليوم ‪ ،‬فى ذلك الحين أخذ النفوذ السلمى فممى‬
‫العالم – فى بادئ المر بمغادرة الصممليبيين إلممى الشممرق ‪،‬‬
‫وبالجامعات السلمية الزاهرة فممى أسممبانيا المسمملمة فممى‬
‫الغممرب ‪ ،‬ثممم بالصمملت التجاريممة المتزايممدة الممتى أنشممأتها‬
‫جمهوريتنا جنوة والبندقية – أخذ هذا النفمموذ يقممرع البممواب‬
‫الموصدة دون المدنية العربية ‪.‬‬
‫" وأممممام تلمممك البصمممار المشمممدوهة ‪ ،‬أبصمممار العلمممماء‬
‫والمفكريممن الوروبييممن ‪ ،‬ظهممرت مدنيممة جديممدة ‪ ،‬مدنيممة‬
‫مهذبة راقية خفاقة بالحيمماة ‪ ،‬ذات كنمموز ثقافيممة كممانت قممد‬
‫ضاعت ثم أصبحت فى أووربة من قبل نسيا منسيا ‪ .‬ولكن‬
‫الممذى صممنعه العممرب كممان أكممثر مممن بعممث لعلمموم اليونممان‬
‫القديمة ‪ ..‬لقد خلقمموا لنفسممهم عالممما علميمما جديممدا تمممام‬
‫الجدة ‪ ..‬لقد وجدوا طممرائق جديممدة للبحممث وعملمموا علممى‬
‫تحسينها ‪ ،‬ثم حملوا هذا كله بوسائط مختلفة إلى الغرب ‪.‬‬
‫ولسنا نبالغ إذا قلنا إن العصر العلمى الحديث الذى نعيممش‬
‫فيممه لممم يدشممن فممى مممدن أوروبمما النصممرانية ‪ ،‬ولكممن فممى‬
‫المراكز السلمية ‪ :‬فى دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة "‬
‫‪.‬‬
‫وتعلمت أوروبا كل العلم الذى وجدته عنممد المسمملمين ‪،‬‬
‫كما أخذت كثيرا من الصول الحضارية التى وجدتها عندهم‬
‫العلمانية‬ ‫‪12‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫" ‪ "3‬ولكنها لمر رفضت أن تأخذ السلم ‪ ،‬رغممم السممماحة‬
‫الهائلممة الممتى لمسممها المسمميحيون مممن المسمملمين فممى‬
‫الندلس ! وارتدت مممن جاهليممة الممدين الكنسممى المحممرف‬
‫إلممى جاهليممة ممما قبممل ذلممك الممدين ‪ ،‬الجاهليممة الغريقيممة‬
‫الرومانيممة ‪ Greco-Roman‬لتنشممئ علممى أساسممها جاهليممة‬
‫جديدة متقدمة كل التقممدم فممى العلممم والتكنولوجيما )علمى‬
‫أسمماس العلممم الممذى أخممذته مممن المسمملمين ‪ ،‬والمنهممج‬
‫التجريممبى فممى البحممث العلمممى الممذى اسممتمدته منهممم(‬
‫ومنتكسممة أشممد النتكمماس فيممما عممدا ذلممك مممن جمموانب‬
‫الحياة ‪..‬‬
‫من الغريممق أخممذت عبممادة العقممل وعبممادة الجسممد فممى‬
‫صورة جمال حسى ‪.‬‬
‫ومممن الرومممان أخممذت عبممادة الجسممد فممى صممورة متمماع‬
‫حسى ‪ ،‬وتزيين الحياة الدنيا بكل وسممائل العمممارة الماديممة‬
‫إلى أن يستغرق النسان فى المتاع وينسى " القيم " التى‬
‫تكون النسان ‪ .‬كما أخذت شهوة التوسع الحربى واستعباد‬
‫الممممم الضمممعيفة لحسممماب الدولمممة " الم " فمممى صمممورة‬
‫إمبراطوريات ‪.‬‬
‫والمهممم – بالنسممبة لبحثنمما الحاضممر – أنهمما بممدأت تنبممذ‬
‫الدين !‬
‫‪  ‬‬

‫قممامت النهضممة علممى أسممس معاديممة للممدين مممن أول‬


‫لحظة ‪.‬‬
‫قامت على أصول " بشرية " بدل من الصول الدينية أو‬
‫اللهية كما كانت تصورها لهم الكنيسة ‪.‬‬
‫كان الدين الممذى قممدمته لهممم الكنيسممة علممى أنممه الممدين‬
‫اللهى دينا أخرويا ل يقيم وزنا للحياة الممدنيا ‪ ،‬بممل يحتقرهمما‬
‫ويزدريها ويدعو إلى إهمالها وعدم اللتفات إليها فى سبيل‬
‫" " انظر كتاب " شمس الله تشرق فوق الغرب " وانظر فصل بعنمموان " المسمملمون فممى أسممبانيا "‬ ‫‪3‬‬

‫فنونهم وصناعاتهم وما كان لهم من فضل فى ثقافة أوروبا فى العصر الحممديث " بقلممم ج ‪ .‬ب ‪ .‬ترنممد‬
‫‪ G. B. Trend‬ص ‪ 760 – 729‬من الترجمة العربية لكتاب " تاريخ العالم " نشر وزارة التربية والتعليم‬
‫المصرية ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪13‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الحصول على " الخلص " ‪ ،‬خلص الروح ‪ ،‬الممذى ل يمكممن‬
‫الوصول إليه إل بالتجرد من متاع الرض ‪ ،‬والستعلء علممى‬
‫مطالب الجسد ‪ ،‬والتطلع إلى ملكوت الرب الممذى يتحقممق‬
‫فى الخرة ول سبيل إلى تحقيقه فى الحيمماة الممدنيا ‪ .‬ومممن‬
‫ثم فإن " حركة التاريخ " ومحاولة تصحيحها بتصحيح حركة‬
‫المجتمع كما يقول ولفرد كانتول سميث ‪Wilfred Cantwell‬‬
‫‪ Simth‬فى كتاب " السلم فممى التاريممخ الحممديث ‪Islam in‬‬
‫‪ " Modern History‬لم تكن فى حساب الكنيسة المسيحية‬
‫ل أيممام ضممعفها فممى القممرون الولممى ول حيممن أصممبح لهمما‬
‫السمملطان " ‪ "4‬إنممما يسممعى كممل إنسممان إلممى خلصممه‬
‫الشخصى ‪ ،‬كالذى يسير على معبر دقيق كل عمه أل يفقد‬
‫توازنه فيقع فى الهاوية ‪ ،‬أو كالذى يسممير فممى الوحممل كممل‬
‫همممه أن يشمممر ثيممابه ويلتفممت إلى مواقممع قممدميه حممتى ل‬
‫ينزلق أو يتلطخ بالوحل ‪ ،‬ل يهمه أن يصممحح مواضممع أقممدم‬
‫الخرين أو يقيهم من النزلق ‪.‬‬
‫ومن هنا فإن هذا الدين فى صورته الكنسية تلك لم يكن‬
‫يسعى إلى تحسممين أحمموال البشممر علممى الرض ‪ ،‬أو إزالممة‬
‫المظممالم السياسممية والجتماعيممة والقتصممادية الممتى تقممع‬
‫عليهم ‪ ،‬وإنما يدعو إلى الزهمد فمى الحيماة المدنيا برمتهما ‪،‬‬
‫وترك كل شئ على ما هو عليممه ‪ ،‬لن فممترة الحيمماة الممدنيا‬
‫أقصر وأضأل وزنا من أن يحاول النسممان تعممديل أوضمماعه‬
‫فيها ‪ .‬إنما يسعى جاهممدا إلممى الخلص منهمما دون أن يعلممق‬
‫بروحه شئ من الثام ‪ .‬والمتاع ذاتممه هممو مممن الثممام الممتى‬
‫يحاول المتطهرون النجاة منها بالرهبنة واعتزال الحياة ‪.‬‬
‫بممل أكممثر مممن ذلممك ‪ :‬إن احتمممال المشممقة فممى الحيمماة‬
‫الدنيا ‪ ،‬واحتمال ما يقممع فيهمما مممن المظممالم هممو لممون مممن‬
‫التقرب إلممى اللممه يسمماعد علممى الخلص ‪ .‬ومممن ثممم دعممت‬
‫الكنيسة الفلحين للرضا بالمظالم التى كانت تقع فى ظل‬
‫القطمماع وعممدم الثممورة عليهمما لينممالوا رضمموان اللممه فممى‬
‫الخرة ‪ ،‬وقالت لهم ‪ " :‬من خدم سيدين فى الحيمماة الممدنيا‬
‫خير ممن خدم سيدا واحدا " !‬
‫" " ص ‪ – 30‬الطبعة الولى ‪ ،‬سنة ‪. 1957‬‬ ‫‪4‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪14‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ومن جهة أخرى كان هذا الدين يحصر كيان النسان فى‬
‫نطاق محدود محصور أشد الحصر ‪ ،‬ليممبرز جممانب اللوهيممة‬
‫فى أكمل صورة ‪.‬‬
‫ألوهيممة اللممه فممى ذلممك الممدين معناهمما السمملبية الكاملممة‬
‫للنسان ‪ ،‬وحصر دوره – ل فممى العبممادة بمعناهمما الواسممع ‪،‬‬
‫أى على النحو الذى قرره السلم ‪ ،‬والممذى يشمممل عمممارة‬
‫الرض بمقتضى المنهج الربانى – إنما فممى الخضمموع لقممدر‬
‫الله القممائم ‪ ،‬وعممدم العمممل علممى تغييممر شممئ مممن الواقممع‬
‫المحيط بالنسان ‪ ،‬لن محاولة التغيير – ولو إلممى الحسممن‬
‫– تحمل فى طياتها " عممدم الرضمما " بممالمر الواقممع ‪ ،‬وهممو‬
‫لون من التمرد على إرادة الله ل يقره ذلك الدين ‪.‬‬
‫ومممن ثممم فممإن فاعليممة النسممان محصممورة فممى الطاعممة‬
‫للوامر اللهية – كما تعرضها الكنيسة بممالحق أو الباطممل –‬
‫ل تتعداها إلى النشاء لنه ‪ ،‬ليس للنسان أن ينشممئ شمميئا‬
‫من عند نفسه ‪ ،‬ولو كمان يلمتزم فمى همذا النشماء بالهمدى‬
‫الربانى ‪ .‬ومن ثم كذلك كان ثبات الوضاع فى أوروبمما فممى‬
‫العصور الوسطى لفترة طويلة من الزمان بكل ما تحمممل‬
‫مممن ألمموان الفسمماد السياسممى والقتصممادى والجتممماعى‬
‫والفكرى والروحى ‪ ..‬على أسمماس أنهمما قممدر اللممه الممذى ل‬
‫يجوز للناس تغييره ‪ ،‬إنما ينبغممى الخضمموع لممه والمحافظممة‬
‫عليه تقربا إلى الله !‬
‫‪  ‬‬

‫هذا الدين بصورته تلك لم يكممن هممو الممدين المنممزل مممن‬


‫عند الله ‪ ،‬ولم يكن – كممما أسمملفنا – صممالحا للحيمماة ‪ .‬كممان‬
‫لبد من نبذه والنسلخ منه لكممى تسممير دفعممة الحيمماة فممى‬
‫خطها الصحيح ‪.‬‬
‫ولقد كان عرى مقربة مممن أوروبمما – بممل فممى جممزء مممن‬
‫أرضها – دين آخر يقدم المنهج الصحيح للحياة ‪ ،‬فل هو دين‬
‫أخروى بحت بمعنممى إهمممال الحيمماة الممدنيا ‪ ،‬ول هممو الممدين‬
‫العلمانية‬ ‫‪15‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الذى يفرض السلبية الكاملة على النسان ‪ ،‬ويفرض عليممه‬
‫الخضوع " للمر الواقع " وعدم التفكير فى تغييره ‪.‬‬
‫إنه دين يعمل للخرة من خلل العمل فى الدنيا " الممدنيا‬
‫مزرعة الخرة " ‪.‬‬
‫ويممبين أن العمممل للخممرة ل يعنممى إهمممال الحيمماة الممدنيا‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫صمميب َ َ‬ ‫س نَ ِ‬ ‫خمَرةَ َول َتنم َ‬ ‫داَر ال ِ‬ ‫ه الم ّ‬ ‫ك الل ّم ُ‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫}َواب ْت َِغ ِفي َ‬
‫ة الّلمم ِ‬
‫ه‬ ‫م ِزيَنمم َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل َ‬ ‫الد ّن َْيا{ ]سورة القصص ‪} [28/77‬قُ ْ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ل ِل ّ ِ‬
‫ل هِ َ‬ ‫ق قُ ْ‬ ‫ن الّرْز ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ج ل ِعَِبادِهِ َوالط ّي َّبا ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ال ِّتي أ َ ْ‬
‫ة{ ]سممورة العممراف‬ ‫مم ِ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ة ي َموْ َ‬ ‫صم ً‬ ‫خال ِ َ‬ ‫حَياةِ المد ّن َْيا َ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫‪[7/32‬‬
‫وهممو ديممن يعمممل لصمملح الحيمماة الممدنيا بإقامممة المنهممج‬
‫الربانى الذى يأمر بالعدل والقسط ‪ ،‬كما يدعو إلى الجهمماد‬
‫لقامة هذا المنهممج ومنممع النحممراف عنممه ‪ ،‬ذلممك النحممراف‬
‫الممذى يممؤدى إلممى فسمماد الحيمماة وإلممى وقمموع الظلممم علممى‬
‫الناس ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫م ال ْك َِتمما َ‬ ‫معَُهمم ْ‬ ‫ت وَأن َْزل َْنمما َ‬ ‫سممل ََنا ِبال ْب َي َّنمما ِ‬ ‫سممل َْنا ُر ُ‬ ‫}ل ََقممد ْ أْر َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫س‬‫دي مد َ ِفي مهِ ب َمأ ٌ‬ ‫ح ِ‬‫ط وَأن َْزل ْن َمما ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫س ِبال ِْق ْ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ن ل ِي َُقو َ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫ب‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫صُرهُ وَُر ُ‬ ‫ن ي َن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫س وَل ِي َعْل َ َ‬ ‫مَنافِعُ ِللّنا ِ‬ ‫ديد ٌ وَ َ‬ ‫ش ِ‬‫َ‬
‫زيٌز )‪] {(25‬سورة الحديد ‪[57/25‬‬ ‫ه قَوِيّ عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫وهو دين يجعل للنسان إيجابية واسعة فى الرض ‪.‬‬
‫فقد خلقه الله ابتداء ليكون خليفة فى الرض ‪:‬‬
‫َ‬
‫ة{‬ ‫خِليَف م ً‬ ‫ض َ‬ ‫ل فِممي الْر ِ‬ ‫عم ٌ‬ ‫جا ِ‬ ‫ملئ ِك َةِ إ ِّني َ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬‫ل َرب ّ َ‬ ‫}وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫]سورة البقرة ‪[2/30‬‬
‫ومن شأن الخلفة الهيمنة على الرض والسيطرة عليهمما‬
‫‪ ،‬والنشاء والتعميري فيها ‪ ،‬واستغلل الطاقات المممذخورة‬
‫فى السماوات والرض ‪ ،‬المتى سمخرها اللمه للنسمان ممن‬
‫أجمممل عممممارة الرض ‪ ،‬والمشمممى فمممى منممماكب الرض‬
‫لستخلص الرزاق المكنونة فيها والظاهرة ‪:‬‬
‫َ‬ ‫}هو َأن َ َ‬
‫م ِفيَها{ ]سورة هممود‬ ‫مَرك ُ ْ‬ ‫ست َعْ َ‬ ‫ض َوا ْ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫شأك ُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫‪[11/61‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪16‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ميعما ً‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬‫ض َ‬ ‫ممما فِممي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫سم َ‬ ‫ما فِممي ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خَر ل َك ُ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫}وَ َ‬
‫ه{ ]سورة الجاثية ‪[45/13‬‬ ‫من ْ ُ‬‫ِ‬
‫َ‬
‫مَناك ِب ِهَمما‬‫شمموا فِممي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ض ذ َل ُممول ً َفا ْ‬ ‫م الْر َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫}هُوَ ال ّ ِ‬
‫ه{ ]سورة الملك ‪[67/15‬‬ ‫ن رِْزقِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَك ُُلوا ِ‬
‫بل إن المنهممج الربممانى ذاتممه يسممتدعى إيجابيممة النسممان‬
‫لتنفيممذه ‪ ،‬فهممو ل ينطبممق انطباقمما آليمما علممى الحممداث‬
‫والشياء ‪ ،‬بل النسان المستبصر بالهدى الربانى هو الممذى‬
‫يطبقه ويجتهد بفكره ليضع تفصيلت تنفيممذه ‪ ،‬خاصممة وهممو‬
‫منهممج حيمماة كامممل ‪ ،‬يشمممل الثممابت والمتغيممر فممى حيمماة‬
‫النسان ‪ ،‬فلبد أن يجتهممد علممى الممدوام ليضممع للمتغيممر حل‬
‫مستمدا من المبادئ الثابتممة فممى هممذا المنهممج ‪ ..‬ومممن ثممم‬
‫يعمل النسان بإيجابيته الكاملة فى التنفيذ ‪ ،‬سواء إيجابيممة‬
‫العزيمممة اللزمممة لقامممة المنهممج والجهمماد لقممراره فممى‬
‫الرض ‪ ،‬أو إيجابية التفكير فى الوسيلة المثلى لقامته ‪..‬‬
‫بل إن قدر اللممه ذاتممه يجممرى مممن خلل أعمممال النسممان‬
‫بالخير والشر سواء ‪:‬‬
‫َ‬
‫س‬ ‫دي الن ّمما ِ‬ ‫ت أي ْم ِ‬ ‫س مب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫حرِ ب ِ َ‬ ‫ساد ُ ِفي ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬ ‫}ظ َهََر ال َْف َ‬
‫ن )‪] {(41‬سمورة‬ ‫جُعمو َ‬ ‫م ي َْر ِ‬ ‫مُلوا ل َعَل ُّهم ْ‬ ‫ذي عَ ِ‬ ‫ض ال ّ ِ‬ ‫م ب َعْ َ‬ ‫ذيَقهُ ْ‬ ‫ل ِي ُ ِ‬
‫الروم ‪[30/41‬‬
‫ْ‬
‫ة ي َأِتيهَمما رِْزقُهَمما‬ ‫مئ ِن ّ ً‬‫مط ْ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫من َ ً‬‫تآ ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مث َل ً قَْري َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫}وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫ه ل ِب َمما َ‬ ‫ذاقَهَمما الل ّم ُ‬ ‫ت ب ِأن ْعُم ِ الل ّهِ فَأ َ‬ ‫ن فَك ََفَر ْ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫غدا ً ِ‬ ‫َر َ‬
‫ن )‪] {(112‬سممورة النحممل‬ ‫صن َُعو َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫خو ْ ِ‬ ‫جوِع َوال ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪[16/112‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م ب ََرك َمما ٍ‬ ‫حن َمما عَل َي ْهِم ْ‬ ‫وا ل ََفت َ ْ‬ ‫مُنوا َوات َّقم ْ‬ ‫ل ال ُْقَرى آ َ‬ ‫ن أه ْ َ‬ ‫}وَل َوْ أ ّ‬
‫ماءِ‬ ‫سم َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫م ب ََرك َمما ٍ‬ ‫حن َمما عَل َي ْهِ م ْ‬ ‫ض ل ََفت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ماِء َوال َْر‬ ‫سم َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن )‪{(96‬‬ ‫س مُبو َ‬ ‫ممما ك َمماُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫خذ َْناهُ ْ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا فَأ َ‬ ‫ض وَل َك ِ ْ‬ ‫َوالْر ِ‬
‫]سورة العراف ‪[7/96‬‬
‫َ‬
‫م{‬ ‫سمهِ ْ‬ ‫مما ب ِأنُف ِ‬ ‫حّتمى ي ُغَّيمُروا َ‬ ‫مما ب َِقموْم ٍ َ‬ ‫ه ل ي ُغَّيمُر َ‬ ‫ن الّلم َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫]سورة الرعد ‪[13/11‬‬
‫وهممذا الممدين الممذى يعطممى التمموازن الصممحيح بيممن الممدنيا‬
‫والخرة ‪ ،‬وبين فاعلية قدر اللممه وفاعليممة النسممان ‪ ،‬وبيممن‬
‫العلمانية‬ ‫‪17‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫العبودية الكاملة لله واليجابية السوية للنسان ‪ ،‬هو الممدين‬
‫الصحيح الذى تصلح بممه الحيمماة فممى الرض ‪ ،‬وتسممتقيم بممه‬
‫خطى البشر فى الحياة الدنيا " ‪. "5‬‬
‫ولكن أوروبا – بدافع العصممبية الصممليبية – أعرضممت عممن‬
‫هممذا الممدين واتجهممت إلممى الجاهليممة الغريقيممة الرومانيممة ‪،‬‬
‫تنتقم بها من الكنيسة ودينهمما الفاسممد الممذى يهمممل الحيمماة‬
‫الدنيا ويلغى الوجود اليجابى للنسان ‪.‬‬
‫وغمذ كمانت النهضمة فمى مجموعهما " رد فعمل " للكبممت‬
‫الواقع على " النسممان " بفعممل التصممور الكنسممى للممدين ‪،‬‬
‫والممارسة الكنسية له ‪ ،‬وإذ كان الغالب على ردود الفعممل‬
‫هو الندفاع ل التعقممل ول التبصممر ول الرويممة ول التممزان ‪..‬‬
‫فقد اندفعت أوروبا فى نهضتها تنزع من طريقها كل معلممم‬
‫من المعالم اللهية )سواء كانت إلهيممة حقمما أو مممدعاة مممن‬
‫قبل الكنيسة( وتضع مكانها معالم بشرية من صنع النسان‬
‫‪ ،‬كما تنزع من طريقها كل ما يتصل بالخرة لتضع بدل منه‬
‫ما يتصل بالحياة الدنيا ‪ ..‬وكانت هذه هى بداية " العلمانيممة‬
‫" بالتعريف الوروبى ‪..‬‬
‫‪  ‬‬

‫لقد اصبح الطابع المميز للفكر الوروبى منذ النهضة هممو‬


‫التمرد على الدين والتمرد على الله ‪ ،‬وكان ذلك نابعمما مممن‬
‫تأثيرين فى آن واحد ‪ .‬التأثير الول هو روح رد الفعل الذى‬
‫قممام ضممد الممدين والكنيسممة ‪ ،‬والثممانى هممو تممأثير الجاهليممة‬
‫الغريقية فى هذا الشأن بالذات ‪.‬‬
‫فأما رد الفعل فقد أخذ صورة الخروج على كل ممما كممان‬
‫سائدا من قبل فى فترة السيطرة الكنسية ‪.‬‬
‫كان السائد هو أل يفكر النسممان لنفسممه فممى شممئ مممن‬
‫الشممياء إنممما يأخممذ الفكممار جمماهزة مممن الكتممب المقدسممة‬
‫وشروحها عن طريق رجممال الممدين ‪ ،‬سممواء كممانت الفكممار‬
‫متصلة بالعقيدة أو بممأمر مممن أمممور الممدنيا ‪ ،‬أو حممتى أمممور‬
‫العلم كقضية شكل الرض ‪.‬‬
‫" " انظر فصل التوازن فى كتاب خصائص التصور السلمى ‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪18‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وغنى عن البيان أن هذا ليس الموقف الصحيح للنسممان‬
‫فى ظل الدين الصحيح " ‪ "6‬ولكن هكممذا كممانت الممارسممة‬
‫الدينية فى ظل الجاهلية الكنسممية المنحرفممة ‪ ،‬والممتى مممن‬
‫جرائهمما كمان لرجممال الممدين كممل ذلمك النفمموذ علممى عقممول‬
‫الناس وأرواحهم ‪ ،‬فهم الوسطاء بيممن النمماس وبيممن الممدين‬
‫ومفمماهيمه ‪ ،‬بممل هممم الوسممطاء بيممن النمماس وبيممن اللممه ‪،‬‬
‫والناس – علماء أو غيممر علممماء – ل يبحثممون فممى أى شممأن‬
‫من الشؤون ليكونوا فيه رأيا أو موقفا ‪ .‬إنما يسألون رجال‬
‫الدين ليدلوهم على الرأى أو الموقف الممذى ينبغممى عليهممم‬
‫اتخاذه ‪ .‬هذا بالضافة إلممى أن المممور الممتى يسممألون عنهمما‬
‫هى أول وقبممل كممل شممئ أمممور " الخلص " ‪ .‬الخلص مممن‬
‫أدران الحياة الدنيا للحصول على رضوان الله فى الخرة ‪.‬‬
‫وكان رد الفعل إن النسان هو الذى ينبغممى أن يستشممار‬
‫فى المور كلها وليس الدين ‪ ،‬وأن العقل البشرى هو الذى‬
‫ينبغى أن يكون صاحب القرار وليس الله ‪ ..‬ولو كان المممر‬
‫متعلقا بالعقيدة أو المور الخروية ‪ .‬وبمقدار ما كان العقل‬
‫مكبوتا ومحجورا عليه ‪ ،‬انطلق هذا العقممل يريممد أن يقتحممم‬
‫كل ميدان ولو كان خارجا عممن اختصاصممه ! يقتحمممه بممروح‬
‫أنه هو صاحب الحق الذى كان ممنوعا من حقه فهممو يريممد‬
‫أن يؤكد هذا الحق ‪ .‬ويقتحمه بروح الشك ‪ ،‬أو روح المحممو‬
‫لكل ما كان موجودا من قبل ولم يشترك فيممه ‪ ،‬فهممو يريممد‬
‫أن ينشئه من جديد سواء وافق ما كان موجودا من قبل أو‬
‫خالفه ‪ ،‬والجدر به أن يخالفه لكى يثبت وجوده ‪.‬‬
‫بهذه الروح بدأ الكتاب و" المفكرون الحرار " يهاجمون‬
‫فكرة اللوهية وينفون الرسالت والوحى ‪ ،‬وينفممون الحيمماة‬
‫الخرة والجنة والنار ‪ ..‬ويقولون إن هذه كلها أوهممام تبنتهمما‬
‫البشرية فى غيبة من العقل ‪ ،‬والن وقد صحا العقممل فقممد‬
‫آن الوان لنبذها وتركها للهمج المتأخرين ‪ ..‬وربما كان خير‬
‫ممثل لهذا التجاه هو " فولتير " الكاتب الفرنسى الملحممد‬
‫المشهور ‪.‬‬

‫" " سنعاود الحديث فى هذه النقطة فى هذا الفصل وفى فصل " العقلنية " كذلك ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪19‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫أما التأثير الثانى الممذى أشممرنا إليممه فهممو تممأثير الجاهليممة‬
‫الغريقيممة المتى تصمور العلقممة بيمن البشمر واللهمة علقمة‬
‫صراع وخصام ل يفتر ‪ :‬اللهة تريد أن تقهر النسان وتكبته‬
‫وتحطمه لكى ل يطمح فى أن يكون مقتدرا مثلها ‪ ،‬فل تفتأ‬
‫كلما حقق نجاحمما أن تصممب الكمموارث فمموق رأسممه لكممى ل‬
‫يستمتع بثمرات نجاحه ‪ ،‬وهو من جانبه دائم التحدى لللهة‬
‫‪ ،‬كلما وقممع فممى حفممرة مممن حفائرهمما عمماد يسممتجمع قممواه‬
‫ليصممارعها مممن جديممد ‪ .‬وتكفممى أسممطورة بروميممثيوس‬
‫الشهيرة لبيان هذا المعنى بصورة مباشرة ‪ ،‬إذ تزعممم تلممك‬
‫السممطورة أن " زيممزس " إلممه اللهممة خلممق النسممان مممن‬
‫قبضة من طين الرض ثم سواه على النار المقدسة )التى‬
‫ترمز إلى المعرفة( ثم وضعه فممى الرض محاطمما بممالظلم‬
‫)الذى يرمممز إلممى الجهممل( فأشممفق عليممه كممائن أسممطورى‬
‫يسمى بروميثيوس ‪ ،‬فسرق له النار المقدسة لكى ينير له‬
‫ما حوله ‪ ،‬فغضب زيوس على النسان وعلممى بروميممثيوس‬
‫كليهما ‪ .‬فأما بروميثيوس فقمد وكمل بمه نسمرا يأكمل كبمده‬
‫بالنهار ثم تنبت له كبد جديدة بالليممل يأكلهمما النسممر بالنهممار‬
‫فى عذاب أبدى !‬
‫وأما النسان فقممد أرسممل لممه زيممزس " بانممدورا " )الممتى‬
‫ترمز إلى حواء( لكى تؤنس وحشممته )فممى ظمماهر المممر !(‬
‫وأرسل معها هدية عبارة عن علبة مقفلة ‪ ،‬فلما فتحهمما إذا‬
‫هة مملوءة بالشرور التى قفزت من العلبة وتنمماثرت علممى‬
‫سطح الرض لتكون عدوا دائما وحزنا للنسان !‬
‫ويشممير جوليممان هكسمملى إشممارة صممريحة إلممى هممذه‬
‫السطورة فى كتابه " النسان فى العالم الحديث ‪Man in‬‬
‫‪ " the Modern World‬فيقول إن موقف النسممان الحممديث‬
‫هو ذات الموقف الذى تمثلممه هممذه السممطورة ‪ ،‬فقممد كممان‬
‫النسان يخضع للممه بسممب الجهممل والعجممز ‪ ،‬والن بعممد أن‬
‫تعلم وسيطر على البيئة فقممد آن لممه أن يأخممذ علممى عمماتق‬
‫نفسه ما كان يلقيه من قبل فى عصر الجهل والعجز علممى‬
‫عاتق الله ‪ ،‬ويصبح هوة الله !!‬
‫العلمانية‬ ‫‪20‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫من هذين التأثيرين معا انطلق الفكر " المتحرر " يهاجم‬
‫الدين ‪ ،‬ويصفه بأنه الغلل التى تغل الفكر عممن النطلق ‪،‬‬
‫والتى ينبغى أن تحطم لكى يثبت النسان وجمموده ‪ ،‬ويقموم‬
‫بدوره الذى يجب أن يقوم به فى الرض !‬
‫‪  ‬‬

‫وفى نفس الوقت اتجه الفكر المنسملخ ممن المدين إلمى‬


‫البحث عن مصدر آخر للقيم النسانية غير الدين ! ذلك أن‬
‫أوروبا لم تكن قد انسلخت بعد من القيم ذاتهما كمما حمدث‬
‫فيممما بعممد ‪ ،‬حيممن امتممد الخممط المنحممرف فممازداد بعممدا‬
‫وانحرافا ‪ ،‬أو لم تكممن قممد سممنحت الفرصممة للشممريرين أن‬
‫يعلنوا الحرب المنظمة على كل مقومات " النسان " كممما‬
‫سنحت لهم بعد ظهور الداروينية وإعلن حيوانية النسان !‬
‫ففى تلك الفترة وجد " الفكر الحر ! " أنممه إن أقممر بممأن‬
‫الدين هو مصدر القيم النسانية فقد وجب عليه أن يحافظ‬
‫عليه ول يهاجمه ول يسعى إلى تحطيمممه ! فينبغممى إذن أن‬
‫يبحممث ذلممك الفكممر عممن مصممدر آخممر يسممتمد منممه القيممم‬
‫ويسندها إليه ‪ ،‬لكى ل يقول أحد إنه ل يمكن الستغناء عن‬
‫الدين ! وعلى هذا الضوء يمكننمما فهممم فلسممفة " أوجسممت‬
‫كومت " من ناحية ‪ ،‬وأفكار جممان جمماك روسممو مممن ناحيممة‬
‫أخرى ‪ .‬فكلهما يجهد نفسه ليقول للذين يقفون مممدافعين‬
‫عممن الممدين ‪ :‬همما قممد وجممدنا مصممدرا آخممر تنبممع منممه القيممم‬
‫الضرورية لحياة النسان غير الدين ‪ ،‬وجدناه فى " الطبيعة‬
‫" وفى " النفس البشرية " وهو مصدر أفضل – فى إنبممات‬
‫القيم وترسيخها – مممن الممدين ‪ ..‬فممدعونا إذن مممن الممدين ‪،‬‬
‫وتعالوا معنا إلى تلك المصادر " الحرة " التى يقبممل عليهمما‬
‫النسان إقبال " طبيعيا " و" ذاتيمما " دون أن يحممس بممالقهر‬
‫المفروض عليه من قوة أعلى منه !‬
‫وفى الوقت ذاته اتجه هذا " الفكر المتحرر " إلى عبادة‬
‫الطبيعة بدل من عبادة الله ‪ ،‬ونسبة الخلق إليهمما بممدل مممن‬
‫الله ‪ .‬وقد تحدثنا منق بل عن هذا المر بما فيه الكفاية فل‬
‫العلمانية‬ ‫‪21‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫نعود إلى الحديث فيه ‪ ،‬ولكن نضعه فقممط فممى مكممانه مممن‬
‫التسلسل التاريخى ‪.‬‬
‫وفى ذات الوقت كله اتجه الفن إلى مناجاة الطبيعة بدل‬
‫من مناجاة الله ‪ ،‬وتأليهها بدل من تأليه الله " ‪. "7‬‬
‫‪  ‬‬

‫ومضى الزمن فى خطواته ‪ ،‬وجاءت الثورة الصناعية ‪..‬‬


‫وجاء مزيد من إبعاد الدين عن الحياة ‪.‬‬
‫ففى العهد الزراعى – أو القطاعى كما يسمممونه – كممان‬
‫ما يزال للدين نفوذ كبير فى حياة الناس ‪.‬‬
‫كان الملوك قد استقلوا عممن سمملطان البابمما ‪ ،‬وقممامت "‬
‫علمانية الحكم " بفصممل الممدين عممن السياسممة )أى إقصمماء‬
‫رجممال الممدين عممن التممدخل فممى شممؤون السياسممة( ولكممن‬
‫الكنيسة كان ما يزال لها سلطان ضخم على أخلق الماس‬
‫وعاداتهم وأفكارهم رغم كل الصراعات وكل العتبارات ‪.‬‬
‫ولكن الثورة الصناعية أحدثت – أو أريد لهمما أن تحممدث –‬
‫هزات عنيفة فى حياة الناس ‪.‬‬
‫ولقد مر بنمما فممى الفصممول السممابقة تفصمميل ممما صممنعت‬
‫الثورة الصناعية فى حياة أوروبا ‪ ،‬وما بنمما مممن حاجممة إلممى‬
‫إعادته ‪ .‬ولكنا نذكر مجرد تذكير بإخراج المرأة إلى العمممل‬
‫وإفسمماد أخلقهمما وإفسمماد أخلق الرجممل معهمما ‪ ،‬واسممتغلل‬
‫قضية المساواة مع الرجل فى الجر لبث روح الصراع فى‬
‫نفس المرأة وإحراج صدرها من قوامة الرجل والعمل فى‬
‫البيت والتفرغ للمومة ‪ ،‬وما نتج عن ذلك كله مممن تحطيممم‬
‫السرة وتشريد الطفال والفوضى الجنسية ‪ ..‬الممخ ونسممبة‬
‫ذلك إلى التطور الذى يهدم ما يشاء من القيممم ويلغممى ممما‬
‫يشاء !‬

‫" " ليست مناجاة الطبيعة فى ذاتها انحرافا عن السلوك القمويم فمى عمالم الفمن ‪ ،‬بمل العكمس همو‬ ‫‪7‬‬

‫الصحيح ‪ .‬فالفن السليم لبد أن يلتفت إلى الطبيعة ويتفاعل معها ‪ .‬ولقد لفممت القممرآن الكريممم حممس‬
‫المسلمين لفتا شديدا إلى الطبيعة فى شتى مظاهرها من الجبال والنهار والوديممان والممزروع والرعممد‬
‫والبرق والسحاب والمطممر والريممح والسممماء والرض ‪ ..‬ولكممن المناجمماة شممئ والتممأليه الممذى مارسممته‬
‫الفنون الوروبية العلمانية شئ آخر ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪22‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وكانت الطامة العظمى هممى الداروينيممة وإبعمماد النسممان‬
‫ذاته من عالم النسان وإلحاقه بعالم الحيوان ! فعندئذ لممم‬
‫تعد هناك حاجة إلى القيمم أصمل ‪ ..‬ل المدين ول الخلق ول‬
‫التقاليد المستمدة مممن الممدين ‪ ..‬فممما حاجممة النسممان إلممى‬
‫شئ من ذلك وهو عريق فى الحيوانيممة مسممتقر فممى عممالم‬
‫الحيوان ؟!‬
‫ثممم أتممى علممى النسممان حيممن مممن الممدهر لممم يعممد حممتى‬
‫حيوانا ! بل هبط عن ذلك دركات فأصممبح جممزءا مممن عممالم‬
‫المادة الصماء !‬
‫‪  ‬‬

‫لمم نكممن هنمما نسممتعرض خطمموات العلمانيمة بالتفصمميل ‪،‬‬


‫فسيأتى شئ من ذلك فيما بعد حين نتحممدث عممن علمانيممة‬
‫السياسممة وعلمانيممة القتصمماد والجتممماع والعلممم والخلق‬
‫والفممن ‪ ..‬ولكنمما أردنمما فقممط أن نلفممت النظممر إلممى حقيقممة‬
‫واقعة هى استمرار " النسممان " فممى الهبمموط كلممما أمعممن‬
‫فى السير على الخط العلمانى ‪.‬‬
‫وأيا تكن السباب التى أدت بأوروبا إلممى العلمانيممة فهممى‬
‫كما قلنمما مممن قبممل تفسممر العلمانيممة ول تبررهمما ‪ ،‬ول تممبرر‬
‫بممالطبع نتائجهمما الممتى أدت إليهمما ‪ ،‬والممتى بممدأ المفكممرون‬
‫الغربيون أنفسهم يتنبهممون إليهمما وينممذرون نتائجهمما ‪ ،‬ولكممن‬
‫دون أن يعرجمممموا علممممى السممممبب الحقيقممممى ول العلج‬
‫الحقيقى !‬
‫ولئن كانت الكنيسة هى المعتدية على الملوك والعلممماء‬
‫فممى بممادئ المممر ‪ ،‬مممما أسممفر عممن العممداء بيممن الممدين‬
‫والسياسة وبين الدين والعلم ‪ ،‬فلم تكن هممى المعتديممة ول‬
‫المتسببة حين أقممامت الثممورة الصممناعية اقتصممادياتها علممى‬
‫الربا ولجممت فيممه ‪ ،‬وحيممن سممقطت " الخلق " واحممدا إثممر‬
‫الخر ن حتى الخلق الممتى أقرهمما " المفكممرون الحممرار "‬
‫فى مبدأ عهدهم يناصبون الكنيسممة العمداء ‪ ،‬ويبحثممون عمن‬
‫مصدر آخر للقيم غير الدين !‬
‫العلمانية‬ ‫‪23‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫إنممما اسممتمرأ القمموم الفوضممى الخلقيممة وأمعنمموا فيهمما ل‬
‫للدوافع القديمة التى دفعتهم للخروج على الدين أول مرة‬
‫‪ ،‬وكلن لن هذه هممى طبيعممة السممير علممى المنزلممق ‪ ..‬كممل‬
‫خطمموة تصممبح أشممد هبوطمما مممن السممابقة ‪ ..‬وهممذه طبيعممة‬
‫الحياة حين يكف الناس عن المر بممالمعروف والنهممى عممن‬
‫المنكر ‪ ..‬يزداد المنكر وينتفش ويستفحل حممتى يصممبح هممو‬
‫الصل ‪ ،‬أو حتى يصبح المعممروف منكممرا والمنكممر معروفمما‬
‫كما قال رسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم ‪ ..‬ومممن أجممل‬
‫ذلك لعن الذين كفروا من بنى إسممرائيل علممى لسممان داود‬
‫وعيسى ابن مريم ‪:‬‬
‫داُوود َ‬
‫ن َ‬ ‫سمما ِ‬ ‫ل عَل َممى ل ِ َ‬ ‫سمَراِئي َ‬ ‫ن ب َِني إ ِ ْ‬
‫م ْ‬‫ن ك ََفُروا ِ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫}ل ُعِ َ‬
‫ن )‪(78‬‬ ‫دو َ‬ ‫وا وَك َمماُنوا ي َعْت َم ُ‬‫صم ْ‬ ‫ممما عَ َ‬‫ك بِ َ‬ ‫م ذ َل ِم َ‬
‫مْري َم َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ن)‬ ‫كماُنوا ي َْفعَُلمو َ‬ ‫مما َ‬ ‫س َ‬ ‫منك َرٍ فَعَُلوهُ ل َب ِئ ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫كاُنوا ل ي َت ََناهَوْ َ‬ ‫َ‬
‫‪] {(79‬سورة المائدة ‪[79-5/78‬‬
‫ويجممدر بنمما الن علممى أى حممال أن نسممتعرض الصممورة‬
‫الراهنة للعلمانية فى أوروبا فى مجالت الحياة المختلفممة ‪،‬‬
‫ل على أنها الصورة الخيرة التى سممتقف عنممدها ! فهممى ل‬
‫تقف عند هذا الحمد ممن السموء ‪ ،‬وإن لمم يكمن فمى وسمع‬
‫الخيال أن يتصور ما هو أسوأ ‪ ،‬ولكن لنقيس المسافة بيممن‬
‫الصل الذى كان ينبغى وبين مما وصمملت إليممه الممور حيمن‬
‫قال النسان لنفسه ‪ :‬لقد شب النسان عممن الطمموق ولممم‬
‫يعد فى حاجة إلى وصاية الله !‬
‫)‪ (1‬فى السياسة ‪:‬‬
‫لممم تكممن السياسممة مممن أول عهممدها فممى المبراطوريممة‬
‫الرومانية محكومة بالشريعة المنزلممة مممن عنممد اللممه ‪ ،‬وإن‬
‫وقعت لفترة من المموقت تحممت سمملطان البممابوات ورجممال‬
‫الدين ‪ ،‬يفرضون على الملوك أن ينزلوا على إرادتهم على‬
‫اعتبار أن إرادتهم من إرادة الله ‪.‬‬
‫فقد بينا من قبل أن الفصل بيممن الممدين والسياسمة كمان‬
‫قائممما مممن أول اعتنمماق الدولممة الرومانيممة للمسمميحية ‪ ،‬إذ‬
‫اعتنقتها عقيدة فقط ‪ ،‬ولم تأخذ من الشريعة إل ما يتعلممق‬
‫بممالحوال الشخصممية ‪ ،‬وبقيممت المممور الجنائيممة والمممور‬
‫العلمانية‬ ‫‪24‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫المدنية وعلقة الحاكم بالمحكوم وغيرها من شؤون الحياة‬
‫الواقعممة يحكمهمما القممانون الرومممانى ول تحكمهمما الشممريعة‬
‫المنزلة فى التوراة والمعدلة تعديل جزئيا بالنجيل ‪:‬‬
‫ض‬
‫م ب َعْم َ‬ ‫ل ل َك ُم ْ‬
‫حم ّ‬ ‫ن الت ّموَْراةِ وَل ُ ِ‬‫مم ْ‬
‫ن ي َمد َيّ ِ‬‫ما ب َي ْ َ‬ ‫دقا ً ل ِ َ‬ ‫ص ّ‬‫م َ‬ ‫}وَ ُ‬
‫م{ ]سورة آل ‪[3/50‬‬ ‫م عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫حّر َ‬‫ذي ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م‬‫حك ُم ْ‬
‫م يَ ْ‬‫ن ل َم ْ‬‫م ْ‬‫ه ِفيهِ وَ َ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫ل بِ َ‬‫جي ِ‬
‫لن ِ‬‫ُ ِ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫}ول ْيحك ُم أ َ‬
‫َ َ ْ ْ‬
‫ن )‪] {(47‬سورة المائدة‬ ‫سُقو َ‬‫م ال َْفا ِ‬
‫ك هُ ْ‬‫ه فَأوْل َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما َأنَز َ‬‫بِ َ‬
‫‪[5/47‬‬
‫ولكن الكنيسة مع رضاها بهذا المر – المخالف لمر الله‬
‫– فى أيام ضعفها ‪ ،‬لم تحاول فى أيام سلطانها وسممطوتها‬
‫أن تعممود إلممى الوضممع الممدينى الصممحيح ‪ ،‬فتلممزم الملمموك‬
‫والباطرة أن يحكموا بما أنزل الله ‪ ،‬وهى تمممارس عليهممم‬
‫مممن السمملطان مل يسممتطيعون معممه مخالفتهمما أو الخممروج‬
‫على أمرها ‪ ،‬بل استغلت سلطانها فى إخضمماعهم لهوائهمما‬
‫الخاصة ‪ ،‬بينما تركتهم يحكمون بغيممر ممما أنممزل اللممه وهممى‬
‫راضية عنهم كل الرضا ماداموا يخضعون لوامرهمما ‪ ،‬وهممذا‬
‫هو الذى تسميه أوروبا الحكم الممدينى أو الممثيوقراطى وممما‬
‫أبعده عن الدين !‬
‫صحيح أن إخضمماع الكنيسممة الملمموك والبمماطرة لهوائهمما‬
‫الذاتية كان يتم باسم الدين وتحت شعاراته ‪ ،‬ولكممن هممذا ل‬
‫يكفى لعتباره حكما دينيا ما دام ل يحكم بممما أنممزل اللممه ‪.‬‬
‫ولكن الحس الوروبى المضطرب يخلط بين الدين ورجممال‬
‫الدين نتيجة اتخاذ الحبمار والرهبمان أربابما ممن دون اللمه ‪،‬‬
‫واعتبار أعمالهم وأقوالهم أعمممال دينيممة وأقمموال دينيممة ولممو‬
‫كانت بعيدة كل البعد عن حقيقة الدين !‬
‫مهما يكن من امر فقد اسمتطاعت الكنيسمة بنفوذهما أن‬
‫تجعل الملوك والباطرة طوع إرادتها ‪ .‬وأعلن البابا " نقول‬
‫الول " )‪867 – 858‬م( بيانا قال فيه ‪:‬‬
‫" إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعممل الرسممول بطممرس‬
‫أول رئيس لها ‪ .‬وإن أساقفة روما ورثوا سمملطات بطممرس‬
‫فى تسلسل مستمر متصممل ‪) ..‬ولممذلك( فممإن البابمما ممثممل‬
‫الله على ظهممر الرض يجممب أن تكممون لممه السمميادة العليمما‬
‫العلمانية‬ ‫‪25‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫والسلطان العظم على جميع المسيحيين ‪ ،‬حكاما كانوا أو‬
‫محكومين " ‪.‬‬
‫وأعلن البابا جريجورى السمابع )تمولى البابويمة ‪– 1073‬‬
‫‪ " (1085‬أن الكنيسة بوصفها نظاما إلهيا خليقة بأن تكون‬
‫صاحبة السلطة العالمية ‪ ،‬ومن حق البابا وواجبه – بصممفته‬
‫خليقة الله فى أرضه – أن يخلع الملوك غير الصالحين وأن‬
‫يؤيد أو يرفممض اختيممار البشممر للحكممام أو تنصمميبهم حسممب‬
‫مقتضيات الحوال "‬
‫ولم يكن ذلك كلما فى الهواء ‪ ،‬إنما كممان واقعمما عاشممته‬
‫أوروبا عدة قرون ‪..‬‬
‫وابرز المثلة التى يرويها التاريخ الوروبى ما حممدث بيممن‬
‫" جريجورى السابع " هممذا والمممبراطور اللمممانى " هنممرى‬
‫الرابع " مممما أشممرنا إليممه مممن قبممل ‪ " ،‬إذ أن خلفمما نشممب‬
‫بينهما حول مسممألة " التعيينممات " أو ممما يسمممى " التقليممد‬
‫العلمانى " فحاول المممبراطور أن يخلممع البابمما ‪ ،‬ورد البابمما‬
‫بخلع المبراطور وإصممدار قممرار حرمممان ضممده ‪ ،‬كممما أحممل‬
‫اتباعه وأمراء مملكته من ولئهم لممه وألبهممم عليممه ‪ .‬فعقممد‬
‫المراء مجمعا قممرروا فيممه أنممه إذا لممم يحصممل المممبراطور‬
‫على المغفرة لدى وصول البابمما إلممى ألمانيمما فممإنه سمميفقد‬
‫عرشه إلى البد ‪ ،‬فوجممد المممبراطور نفسممه مضممطرا إلممى‬
‫استرضاء البابا ‪ ،‬ولم يسممتطع أن ينتظممر حممتى يصممل البابمما‬
‫إلى ألمانيا ‪ ،‬فسافر إليه فى " كانوسا " وظممل واقفمما فممى‬
‫الثلج فى فناء القلعة ثلثة أيام فى لبمماس الرهبممان متممدثرا‬
‫بالخيش حافى القدمين عمارى المراس حمتى تعطمف عليمه‬
‫البابا ومنحه مغفرته !‬
‫وفى بريطانيا حصل نزاع بينالملك " هنرى الثانى " وبين‬
‫" توماس بكت " رئيممس أسمماقفة كنممتربرى بسممبب دسممتور‬
‫رسمه الملك يقضى على كثير من الحصممانات الممتى يتمتممع‬
‫بها رجممال الممدين ‪ ،‬ثممم إن رئيممس السمماقفة اغتيممل فثممارت‬
‫المسيحية على هنرى الثانى ثورة عنيفممة ‪ ،‬فمماعتزل الملممك‬
‫فى حجرته ثلثة أيام ل يذوق فيها الطعام ‪ ،‬ثم أصدر أمممره‬
‫بالقبض على القتلة وأعلن للبابا براءته من الجريمة وألغى‬
‫العلمانية‬ ‫‪26‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الدستور ‪ ،‬ورد إلى الكنيسة كل حقوقها وأملكها ومع ذلممك‬
‫لم يحصممل علممى المغفممرة حممتى جمماء إلممى كنممتربرى حاجمما‬
‫مظهرا ندمه ‪ ،‬وسار الميمال الثلثمة الخيمرة ممن الطريمق‬
‫على الحجر الصوان حافة القدمين حتى دميت قدماه ‪ ،‬ثممم‬
‫استلقى علممى الرض أمممام قممبر رئس السمماقفة المقتممول‬
‫وطلب من الرهبان أن يضربوه بالسياط ‪ ،‬وتقبل ضممرباتهم‬
‫وتحمل كل الهانات فى سبيل استرضاء البابا واتباعه " ‪"8‬‬
‫ولكن الملوك والباطرة أخذوا آخر المر يتمممردون علممى‬
‫ذلممك السمملطان القمماهر الممذى تسممتذلهم بممه الكنيسممة ‪،‬‬
‫ويطالبون " بالسلطة الزمنية " خالصة لهم على أن تقتصر‬
‫الكنيسة على السلطة الروحية فحسب ‪ ،‬وكممان مسممتندهم‬
‫فى ذلك نظرية الحق اللهى المقدس ‪.‬‬
‫يقممول رنممدال )ج ‪ – 1‬ص ‪ 277‬مممن الترجمممة العربيممة‬
‫لكتاب " تكوين العقل الحديث " ( ‪:‬‬
‫" نشأت نظرية الحممق اللهممى للملمموك فممى أول عهممدها‬
‫كمحاولة لتحرير الحكومة المدنية ‪ ،‬أو العلمانية مممن رقابممة‬
‫البابا والكهنة ‪ .‬كما أنها كانت ردا على دعممواه أن لممه حقهمما‬
‫إلهيا فى السيطرة على المور الزمنية " ‪.‬‬
‫ونظرية الحق اللهى تستند بدورها إلى نظريممة رومانيممة‬
‫قديمة تعرف بنظرية العقد الجتماعى ‪.‬‬
‫يقول راندال )ج ‪ – 1‬ص ‪ 281‬من الترجمة العربيممة مممن‬
‫المصدر السابق( ‪:‬‬
‫" تعممود أصممول فكممرة العقممد الجتممماعى إلممى الفكممر‬
‫الرومممانى وفكممر القممرون الوسممطى معمما ‪ .‬وقممد كممانت‬
‫المبراطورية الرومانية – كما ضمممنت فممى مجلممة الحقمموق‬
‫المدنية – على القول بأن كل السلطة وكل حق فى وضممع‬
‫القوانين يعودان للشعب الرومانى ‪ ،‬غير أن الشعب تنممازل‬
‫بموجب قانون شهير عن هذه الحقمموق للمممبراطور ‪ ،‬وهممو‬
‫تفسير طبيعى لمجرى التاريممخ الرومممانى ‪ ،‬فجميممع حقمموق‬
‫الشعب الرومانى وجميع سلطاته انتقت إلى المممبراطور ‪،‬‬
‫وله وحده حق " إصدار " القوانين وحق تفسيرها ‪ .‬وعندما‬
‫" " عن كتاب " قصة الحضارة " لول يورانت ترجمة محمد بدران ‪ ،‬ج ‪ – 15‬ص ‪. 197 ، 194‬‬ ‫‪8‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪27‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫تم إحياء القانون الرومانى فممى القممرون الوسممطى ‪ ،‬انتبممه‬
‫المبراطور إلى هذه النظرية واتخذها سلحا ضممد سمميطرة‬
‫الكنيسة ‪ ،‬ثم تبعه فى ذلك جميممع المممراء ‪ .‬وهكممذا نشممأت‬
‫نظرية العقد الجتماعى القائلة بأن كل سلطة مدنية ترتكز‬
‫فى أساسها علممى الشممعب ‪ ،‬وأن الشممعب قممد حولهمما إلممى‬
‫الحاكم ليمكنه من القيام ببعض الوظائف الضرورية ‪ .‬ومن‬
‫الواضح أنها نظرية ذات حدين ‪ ..‬فقد تفسر لتأكيممد سمملطة‬
‫الحاكم الشاملة باعتباره مصدر جميع السلطات ‪ ،‬أو لتأكيد‬
‫سيادة الشممعب الساسممية باعتبمماره المصممدر الخيممر لتلممك‬
‫السلطة ‪" ..‬‬
‫وكان " مكيافيللى " و" هوبز " من أشهر المدافعين عن‬
‫الحق اللهى المقدس ‪ ،‬وعن استبدادية الحكام ‪.‬‬
‫ويهمنا مكيافيللىهنا أكثر ‪ ،‬لنه علم على اتجاه معين فممى‬
‫السياسة الوروبية نلحظ آثاره بشدة فى أوروبمما العلمانيممة‬
‫المعاصرة ‪.‬‬
‫هناك حقيقة أكدناها مرارا أن الحكم بممما أنممزل اللممه لممم‬
‫تعرفممه أوروبمما المسمميحية فممى أى يمموم مممن اليممام ‪ ،‬وأن‬
‫علمانيممة الحكممم – بهممذا المعنممى – قائمممة فممى أوروبمما منممذ‬
‫اعتنقت المسيحية ‪ .‬ولكن هذا لممم ينممف – كممما بينمما مممرارا‬
‫كممذلك – أنممه كممان للكنيسممة ورجالهمما نفمموذ شخصممى علممى‬
‫الملوك والمراء طيلة اجتماع السمملطة الزمنيممة والسمملطة‬
‫الروحية فى يد الكنيسة ‪ .‬وفى تلك الفترة لم يكممن الحكممم‬
‫دينيا بالمعنى الصحيح – وإن سمته أوروبا كذلك – لنممه لممم‬
‫يكن يحكم بما أنزل الله ل مممن قبممل الملمموك والمممراء ول‬
‫من قبل الكنيسة المسيطرة عليهم ‪ .‬ومممع ذلممك فقممد كممان‬
‫هذا النفوذ الدينى الذى تمارسه الكنيسة على الحكام يلزم‬
‫هؤلء الحكام بشئ من " أخلقيممات " المسمميحية رضمموا أم‬
‫كرهوا ‪ ،‬عن إيمان حقيقى أم عممن ملممق للممروح المسمميحية‬
‫ونفاق ‪..‬‬
‫وليممس معنممى ذلممك أن الحكممام الممتزموا دائممما بتلممك‬
‫الخلقيات المسيحية ‪ ،‬فكثيرا ما كانوا يخالفونها ‪ ،‬ولكنهممم‬
‫العلمانية‬ ‫‪28‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫كانوا يحسون بالحرج من مخالفتها ‪ ،‬ويعتممذرون دائممما عممن‬
‫المخالفة بشتى المعاذير ‪.‬‬
‫فالذى صنعه ميكافيلى هو تعرية " السياسة " مممن ذلممك‬
‫القناع الخلقى المستمد من الدين ‪ ،‬وكشممفها عاريممة مممن‬
‫كل أثر لدين أو الخلق !‬
‫جمماء يشممرع الجريمممة السياسممية ويجعلهمما أصممل ينبغممى‬
‫للحكام أن يتبعوه !س‬
‫ولقد كممان الحكممام – إل مممن رحممم ربممك – يسممرون فممى‬
‫سياستهم على أسمماس أن الغايممة تممبرر الوسمميلة ‪ ،‬والغايممة‬
‫طبعا هى غايتهم هممم ! ولكنهممم كممانوا – حيممن يسممتخدمون‬
‫الوسممائل غيممر النظيفممة لتحقيممق غايمماتهم غيممر النظيفممة –‬
‫يسمتترون وراء عبمارات براقمة تحموى كمل نبيمل منما لقيمم‬
‫والمبادئ والخلقيات ‪ ،‬أما مكيافيللىفإن الجديد الممذى أتممى‬
‫به – وهو خطير فى ذاته – أنه أعطى الوسممائل الخسيسممة‬
‫فى السياسة شرعية صريحة ل مواربة فيها ول إنكار ‪.‬‬
‫ولقائل أن يقول ‪ :‬وماذا أضاف مكيافيللى من عنده إلى‬
‫الواقع ؟ ألم يكممن الواقممع خسيسمما فممى غايمماته ووسممائله ؟‬
‫فكل ما فعممل مكيممافيللى أنممه كممان صممريحا بالدرجممة الممتى‬
‫كشف بها القناع عن الواقع المزيف وجعله حقيقة واقعة !‬
‫نعم ‪ :‬ولكن الفارق – العملى – كبير !س‬
‫وقد ل يتضح الفرق فى البداية لن البدايممة تكممون مجممرد‬
‫مطابقة النظرية للواقممع الموجممود بالفعممل ‪ .‬ولكممن الفممارق‬
‫يتبين – ويزداد – مع التطبيق ‪.‬‬
‫حين ترتكب المنكر وأنت شاعر بممأنه منكممر ‪ ،‬فستقتصممد‬
‫فى ارتكابه فل تلجأ إليممه إل تحممت ضممغط قمماهر ‪ ،‬وسممتقف‬
‫فى ارتكابه عند الحد الذى ترى أنه ل يطيح بسمممعتك كلهمما‬
‫أمام الناس ‪ ،‬وقد تحاول الرجوع عنه فى يوم مممن اليممام ‪.‬‬
‫أما حين يكتسب المنكر فى حسك الشرعية فلماذا تقتصد‬
‫فى ارتكابه ‪ ،‬ولماذا تقف عند حد من الحدود ؟!‬
‫العلمانية‬ ‫‪29‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫إنها هى ذاتها حكمة وقوع اللعنة علممى الممذين ل يتنمماهون‬
‫عن منكر فعلوه ‪ ..‬لنهم ل يقفون فى ارتكاب المنكر عنممد‬
‫حد معلوم ‪.‬‬
‫وحقيقممة إن كتمماب " الميممر " الممذى ألفممه مكيممافيللى‬
‫وأعطى فيه الشرعية للوسائل الخسيسة الممتى يسممتخدمها‬
‫الحاكم من كذب وغش وخديعة وقتل وسممفك دممماء ‪.‬ز قممد‬
‫قوبممل باسممتنكار عنيممف وقممت ظهمموره ‪ ،‬لن أوروبمما – كممما‬
‫أسلفنا – كانت نافرة من الدين منسلخة منممه ‪ ،‬ولكنهمما ممما‬
‫تزال تعترف " بممالقيم " ‪ ،‬وتحمماول الحفمماظ عليهمما ‪ ،‬ولكممن‬
‫بشرط العثور على منبممع آخممر لهمما غيممر الممدين ‪ ..‬ومممن ثممم‬
‫ظهرت عدة نظريات تحمماول أن تجعممل للحكممم " أخلقمما "‬
‫ولكنها غير مستمدة من الدين ‪ ،‬كما فعل جان جاك روسممو‬
‫فى حديثه عن نظرية العقد الجتممماعى وأوجسممت كممومت‬
‫فى فلسفته الوضعية ‪..‬‬
‫ولكن المنزلق " العلمانى " كان لبد أن يأخذ طريقممه ‪..‬‬
‫فمنذ استقلت السياسة عن الممدين واسممتقلت عممن الخلق‬
‫المستمدة من معين الدين ‪ ،‬لم يكن من الممكن أن تظممل‬
‫لها أخلق !‬
‫والقرن – الجاهلى – العشرون خير نممموذج لممما نقممول ‪،‬‬
‫فقد قامت فى هذا القرن أبشع دكتاتوريات التاريخ !‬
‫ونظرة إلى وقع ايام موسممولينى وهتلممر ‪ ،‬وممما وقممع فممى‬
‫الدول الشيوعية منذ الثورة الشيوعية حتى اليمموم ‪ ،‬كفيلممة‬
‫بأن ترينا إلى أى مدى انحدرت السياسة " العلمانية " فممى‬
‫تبرير الوسيلة بالغاية ‪ ،‬وكلتا الوسيلة والغاية ما أنممزل اللممه‬
‫بها من سلطان !‬
‫فممى فاشممية موسممولينى ونازيممة هتلممر كممانت الغايممة هممى‬
‫التجمع القومى والعزة القوميممة وإحلل قوميممة كممل منهممما‬
‫مكانها " تحت الشمس " !‬
‫وفى سبيل هذه الغايممة )الممتى قممد تكممون مشممروعة فممى‬
‫ذاتها إذا خلت من العدوان على الخرين( استباح كممل مممن‬
‫الرجليممن أن يقتممل ألوفمما ومئات اللمموف مممن المعارضممين‬
‫باسم " حركات التطهيممر " و" وحممدة الصممف " و" القضمماء‬
‫العلمانية‬ ‫‪30‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫على الثورة المضادة " و" القضاء على الطابور الخامس "‬
‫وما أشبه ذلك من التعلت ‪ .‬وفتحت معسكرات التعممذيب ‪،‬‬
‫وذاق الشعب كله ويلت الجاسوية والرهاب ‪.‬‬
‫وفى التممورة الشمميوعية كممانت الغايممة إزالممة الظلممم )!!(‬
‫الذى يقع على الناس من جراء الملكيممة الفرديممة والصممراع‬
‫الطبقممى واسممتئثار الطبقممة المالكممة بممالحكم والسمملطان‬
‫والمنافع على سحاب الطبقة الكادحممة ! وقممد مممر بنمما فممى‬
‫فصل الشيوعية وصف العدل )!( الذى طبقته الشمميوعية ‪،‬‬
‫والوسائل النبيلة )!( التى طبقممت بهمما ذلممك العممدل ‪ ،‬ومممن‬
‫بينها ذبح ثلثة مليين ونصممف مليممون مممن المسمملمين فممى‬
‫عهد رجل واحد ‪ ..‬وإخضاع الشعب كله للوان من الرهاب‬
‫نادرة فى التاريخ !‬
‫أما الديمقراطية اللبيراليممة الرأسمممالية فهممى الممتى تبيممح‬
‫احممتراف المعارضمة واحممتراف التأييممد بحسممب موضممع كممل‬
‫حزب منا لحكم ‪ :‬هل هو بداخله أم خارجه ‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن الحق والعدل والمصلحة الوطنيممة أو القوميممة ‪ ..‬وتبيممح‬
‫الكذب من الساسة على شممعوبهم فممى الدعايممة النتخابيممة‬
‫)وغير النتخابية( وتبيح اسممتخدام وسممائل اسممتراق السمممع‬
‫بحجة المحافظممة علممى المممن ‪ ،‬وهممى تقمموم أساسمما علممى‬
‫مساندة الطبقة الرأسمالية فى امتصمماص دممماء الكممادحين‬
‫وإن أخرجممت ذلممك كلممه فممى مسممرحية طريفممة اسمممها "‬
‫الحريممة والخمماء والمسمماواة " ! وهممذا كلممه فممى السياسممة‬
‫الداخلية ‪..‬‬
‫أما فى السياسة الخارجية فالمر أدهى وأمر ‪.‬‬
‫فالقرن الجاهلى العشرون هو الذى شممهد ابشممع حممالت‬
‫قانون الغاب ‪ :‬القوى يأكل الضعيف !‬
‫فى حربين عالميتين متتاليتين شهد النمماس أفظممع فنممون‬
‫العدوان فى التاريممخ ‪ ،‬مممن غممازات سممامة وقنابممل محرقممة‬
‫وتدمير جماعى وقتل للنساء والطفال والشيوخ والمدنيين‬
‫غير المحاربين ‪ ..‬إلممى أن كممانت القمممة قنبلممتى هيروشمميما‬
‫ونجممازاكى الممذريتين ‪ ،‬اللممتين ممما تممزالن حممتى اليمموم بعممد‬
‫أربعيممن سممنة مممن إلقائهممما تنتجممان أجنممة مشمموهة بفعممل‬
‫العلمانية‬ ‫‪31‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الشعاع الذى السممام ‪ ،‬وذلممك غيممر الخممراب المممدمر الممذى‬
‫أحدثتاه وقت إلقائهما فى مساحة كممبيرة مممن الرض قتلتمما‬
‫فيهمما كممل مممن عليهمما مممن الحيمماء مممن البشممر والممدواب‬
‫والشجر ‪ ،‬وحرمتا الحياة فيها لجل غير معلوم !‬
‫والقنبلة الذرية لعبة صغيرة إلممى جمموار المممدمرات الممتى‬
‫اخترعت بعد ذلك ‪ ،‬والتى تهدد الحياة فممى أى حممرب تاليممة‬
‫تقوم بين الجيوش ويصلها الدميون !‬
‫وذلك إلى إباحة الكذب الدولى والخيانة على أنهما عملة‬
‫" شرعية " فى عالم السياسة الدولية !‬
‫تبرم المعاهدات لكى تنقممض ! ويعلممم المممبرمون جميعمما‬
‫أنها حبر علممى الوراق ! وأنممه لممن يتقيممد بهمما أى طممرف إل‬
‫ريثما يجد الفرصة السانحة للخروج عليهمما وإلقائهمما طعمممة‬
‫للنيران !‬
‫وتتكون عصبة للمم وهيئة للمم كلتاهما ستار للسياسة‬
‫العدوانيممة الممتى تتخممذها " الممدول العظمممى " ضممد الممدول‬
‫الصغار ! وانظر موقممف هيئة المممم " الممموقرة " مممن أيممة‬
‫قضية يكون المسلمون طرفا فيها أمممام غيممر المسمملمين !‬
‫يقممع العممدوان علممى المسمملمين فممى أى مكممان فممى الرض‬
‫فتمرره الهيئة الموقرة باحتجاج شفوى على أقصى تقممدير‬
‫ل يغير شيئا من الواقع ول يسمن ول يغنى من جوع ! ويقع‬
‫الدفاع من المسلمين ضد أى عممدوان واقممع عليهممم فتجنممد‬
‫هيئة المم قواتها لتأديب المدافعين ! لنهم تجممرءوا فممردوا‬
‫على المعتدين !س‬
‫وذلك بخلف الوسائل الفردية التى تسممتخدمها " الممدول‬
‫العظمى ! " بطريقها المباشر لتنفيذ " غاياتها " النبيلة !‬
‫حيممن قممامت ثممورة المجممر سممنة ‪ 1956‬ميلديممة وجممدت‬
‫روسيا فممى نفسممها مممن " النيممل " ممما تحممرك بممه الممدبابات‬
‫الشاهقة تهدم به البيوت على أصحابها أحياء وتردمهم فممى‬
‫الركمام لنهممم تجمرءوا فطلبمموا أن يمنحموا حريممة التصمرف‬
‫بأنفسهم فممى أمممر أنفسممهم دون وصمماية الدولممة الروسممية‬
‫عليهم ‪ ..‬فهل تقمماوم الممردة إل بالقتممل الجممماعى ؟! إل أن‬
‫تكون ردة عن دين الله ! فما أشد همجية المقاتلين يممومئذ‬
‫العلمانية‬ ‫‪32‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫إذا قاموا يقاتلون المرتدين ويدعونهم إلى الرجوع فى دين‬
‫الله !‬
‫كذلك حين قممام الفغممانيون يقولممون نريممد أن تكممون لنمما‬
‫الحرية فممى أن تكممون مسمملمين ! فممما " أنبممل " الجيمموش‬
‫الروسية التى تصب فوقهم القنابل السامة وقنابل النابممالم‬
‫والتدمير الجماعى للقرى وتحريممق المزروعممات مممن الجممو‬
‫وحرب الجراثيم وكل محرم فى عرف " النسان " ‪..‬‬
‫أما المخابرات المريكية فالرض كلها مجال لمؤامراتهمما‬
‫بغير حساب ‪..‬‬
‫نريد انقلبا هنا ‪ ..‬ونريد تغييرا هناك !‬
‫وسرعان ما تنقلب الرض وتتغير الحوال !س‬
‫وكل الوسائل حلل !‬
‫الكممذب والغممش والتصممفية الجسممدية وشممراء الضمممائر‬
‫بالمال !‬
‫المهم أن تنفذ الغاية ‪ ..‬والغاية والوسيلة كلتاهما غارقممة‬
‫فى الوحال !‬
‫يقممول كمماتب غربممى مشمميرا إلممى هممذه الحقممائق بلسممان‬
‫ساخر ‪:‬‬
‫" بعممض النمماس يقممض مضمماجعهم ممما يقممترفه العممالم‬
‫الرأسمالى من جرائم وآثام ‪ ،‬فيظلون عميا ل يرون جرائم‬
‫البلشفية وإفلسها ‪ ..‬وكثير منهم يسممتغلون نقممائض العممالم‬
‫الغربى ليصرفوا النتباه عن فظائع موسكو البشممعة ‪ ..‬أممما‬
‫أنا فأقول ‪ :‬لعن الله كليهما " " ‪"9‬‬
‫)‪ (2‬فى القتصاد ‪:‬‬
‫لم يكن النظام القطاعى متمشيا مع الدين الربانى فممى‬
‫صورته ومضمونه ‪ ،‬وال كانت فيه أى ذرة من العدل ‪ ،‬وإن‬
‫كانت الكنيسة أوهمت الناس أنه هو النظام الربانى الدائم‬
‫الثابت الذى ل يتغير ‪ ،‬لن أوضاع الناس فيمه همى الوضماع‬
‫التى قدرها الله منذ الزل ورضى عنها ‪ ،‬واقتضت مشمميئته‬
‫أن يظل الناس عليها إلى البد ! وأنه مممن رضممى بممما فيممه‬
‫" " من كلم " لويس فيشر " فى كتاب " الصنم الذى هوى " )ترجمة فؤاد حمممودة( ‪ ،‬ص ‪ 274‬مممن‬ ‫‪9‬‬

‫الترجمة العربية( عن كتاب العلمانية تأليف ‪ :‬سفر عبد الرحمن الحوالى ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪33‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫من هوان ومذلة وشظف ومشممقة فقممد اسممتحق مممن اللممه‬
‫الجنة والرضوان !‬
‫ولكن الناس حين خرجوا من الدين على خممط العلمانيممة‬
‫لممم يسممتبدلوا بالقطمماع ممما هممو خيممر منممه ‪ ،‬سممواء فممى‬
‫الرأسمالية أو الشيوعية ‪ ،‬بممل ظلمموا ينتقلممون مممن جاهليممة‬
‫إلى جاهلية حتى هذه اللحظة ‪ ،‬وكلممما حمماولوا أن يصمملحوا‬
‫الظلم جاءوا بظلم جديد ‪ .‬وهذا هو شأن البشر دائما حيممن‬
‫يشرعون لنفسهم ويرفضون الهممدى الربممانى ‪ ،‬ينقسمممون‬
‫أول إلى سادة وعبيد ‪ ،‬سادة فى أيديهم المال والسلطان ‪،‬‬
‫يشرعون ‪ ،‬وحين يشرعون فممإنهم يضممعون القمموانين الممتى‬
‫تضمن مصلحتهم وتسخر الخرين لهممم ‪ ،‬وعبيممد ليممس فممى‬
‫أيديهم مال ول سلطان ‪ ،‬فل يشرعون ‪ ،‬إنما يقع عليهم ممما‬
‫يضعه السادة من تشريعات ‪ ،‬ويسخرون – رضوا أم أبمموا –‬
‫لمصلحة أصممحاب السمملطان ‪ ..‬ومممن جهممة أخممرى يصمميبهم‬
‫الخبممل والضممطراب والتخبممط نتيجممة القصممور البشممرى‬
‫والجهل البشرى والعجممز عممن الحاطممة والعجممز عممن رؤيممة‬
‫المستقبل الذى ينبنى على الحاضر ‪ ،‬نعم ‪ ،‬ولكنه مع ذلممك‬
‫غيب ل يمكن التنبؤ به عن يقين ‪.‬‬
‫ولم يكن القطاع – كما أسلفنا – نظاما ربانيا ‪ ،‬ول كانت‬
‫فيه ذرة من عدل ‪ ..‬ولكن النفمموذ الممذى كممان للممدين علممى‬
‫القلوب – مع كل ما كان فممى ذلمك الممدين ممن تحريفمات ‪،‬‬
‫وفى أهله من فساد – كانت له جملة مممن الثممار فممى أهممل‬
‫الريف الووربى الذى يعيش فى ظل القطاع ‪ .‬فممن جهمة‬
‫كان عنممد النمماس " أخلق " يتعمماملون بهمما ‪ ،‬مسممتمدة مممن‬
‫تعاليم ذلك الدين ‪ ،‬وكانت هذه الخلق أبرز ما تكممون فممى‬
‫قضممية العفممة الجنسممية وقدسممية الربمماط المقممدس بيممن‬
‫الزوجين ‪ ،‬وكانت كذلك تشمل حسن الجوار وترابط أفراد‬
‫المجتمع عن طريق التزاور والمجاملت الجتماعية ‪ ،‬ومممن‬
‫جهة أخرى كان فممى نفمموس النمماس رضممى وقناعممة تجعممل‬
‫الحمل العصبى الذى يعانونه محتمل فى النهاية رغم سمموء‬
‫الحوال القتصادية إلى أقصى حد ‪ ..‬وما بنا أن نممدافع عممن‬
‫الظلم المتمثل فى القطاع ‪ ،‬ول حتى عن الرضممى الممذليل‬
‫العلمانية‬ ‫‪34‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الذى كممانت الكنيسممة تطلبممه مممن الفلحيممن مقابممل الوعممد‬
‫بنعيم الخرة ‪ ،‬فإن الممدين الصممحيح يطلممب مممن النمماس أن‬
‫يثوروا على مثل ذلك الظلم ويصححوه بتحكيم شريعة الله‬
‫‪ .‬ولكنا نقرر واقعا تاريخيا كان قائما بالفعل بخطئه وصوابه‬
‫‪ ،‬لنقيس به الواقع التاريخى الذى تله على خممط العلمانيممة‬
‫حين خرج الناس من نفوذ ذلك الدين ‪ ..‬فقد بقى الظلممم –‬
‫من يحث المبدأ – كما هو ‪ ،‬ولكممن ذهبممت الخلق ‪ ،‬وذهممب‬
‫الرضى من نفوس الناس ! واصبح الحمممل العصممبى الممذى‬
‫يعممانونه أبشممع مممن أن يطمماق ! فانتشممر الجنممون والقلممق‬
‫والنتحممار والحممالت العصممبية والنفسممية وإدمممان الخمممر‬
‫والمخدرات والجريمة ‪..‬‬
‫لم تكممن " المكيافيلليممة " فممى الحقيقممة مقصممورة علممى‬
‫عالم السياسة ‪ .‬إنممما كممانت دينمما جديممدا حممل محممل الممدين‬
‫المخلوع ! الغاية تممبرر الوسمميلة ‪ .‬ل فممى السياسممة فقممط ‪،‬‬
‫ولكن فى القتصاد والجتممماع كممذلك ‪ ..‬بممل فممى كممل شممئ‬
‫تدخل فيه الوسائل والغايات ‪..‬‬
‫يقول " سول " فى كتاب " المذاهب القتصادية الكبرى‬
‫" )ترجمممة الممدكتور راشممد الممبراوى ‪ ،‬ص ‪ 51 – 50‬مممن‬
‫الترجمة العربية( عن الفممترة الممتى نبممذ فيهمما الممدين ولكممن‬
‫ظلت بقايا القيم – قبل انممدثارها – يبحممث النمماس لهمما عنممد‬
‫سند غير الدين ‪:‬‬
‫" سيطرت فكرة الخمرة علمى الممذاهب السمائدة خلل‬
‫العصور الوسطى وإن لم تسيطر على العادات والتقاليممد ‪،‬‬
‫والمجال المدنيوى بمما فيمه الحيماة النسمانية نفسمها ليمس‬
‫سمموى مكممان يسممتعد فيممه النمماس للحيمماة بعممد الممموت بممما‬
‫يشتمل عليممه مممن ثممواب وعقمماب ‪ ،‬فكممان علممى المممرء أن‬
‫يتحمل اللم وهو عالم أنه ليس إا مقدمممة لممما يتوقممع فممى‬
‫حياة مستقبلية ‪ ..‬أما الدافع الفكرى علممى تقممويم العممادات‬
‫الجتماعية أو زيادة الرفاهية الدنيوية فكممان ضممئيل ‪ ،‬اللهممم‬
‫إل من حيث الفائدة الروحية التى يمكن اجتناؤها ‪.‬‬
‫" والن تحممول الهتمممام فأصممبح محصممورا فممى تحسممين‬
‫الحيماة علمى الرض ‪ ،‬وكشمفت العلموم والمخترعمات عمن‬
‫العلمانية‬ ‫‪35‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫إمكانيممات الرض لممذاتها ‪ ،‬لقممد كممانت المكاسممب الماديممة‬
‫ظاهرة فى كممل شممئ ‪ ،‬وكممان ل حممد لهمما مممن يحممث وجممود‬
‫أسمماليب أفضممل وأيسممر لنتمماج الشممياء ‪ ،‬وسممرت روح‬
‫المغامرة ‪.‬‬
‫" وهنا برز السؤال التالى ‪ :‬أليس فى وسع الفلسممفة أن‬
‫تعالممج النظممم البشممرية بنفممس الطريقممة الممتى تممدرس بهمما‬
‫الشياء المادية ؟‬
‫" وكان الجواب بالمكممان ‪ .‬ذلممك أن المطلمموب إنممما هممو‬
‫تطبيق العقل على الساليب التى يستخدمها النمماس كيممما‬
‫يعيشوا )فى الصل ‪ :‬كيما يعيشون( معمما ‪ ،‬وراح الكممثيرون‬
‫يصوغون الخطط والمشممروعات الممتى تكفممل قيممام الحيمماة‬
‫المثالية أو اليوتوبيا ‪.‬‬
‫" وصار لزاممما علممى الممذين نبممذوا اليمممان بمماله كليممة أن‬
‫يبحثوا عن بديل لذلك ‪ ،‬ووجدوه فى الطبيعة ‪ ..‬أممما الممذين‬
‫ظلوا على استمساكهم بالدين ولو باللسان – وإن لم يكممن‬
‫فى الواقع كما هو أغلبهم – فقد اعتقدوا أن الله يعممبر عممن‬
‫إرادته عن طريق الطبيعة وقوانينها وليس بوسيلة مباشرة‬
‫‪ .‬وبذلك لم تعد الطبيعممة مجممرد شممئ لممه وجممود فحسممب ‪،‬‬
‫وإنما هو شئ ينبغى أن يطاع ‪ ،‬وصارت مخالفتها دليل على‬
‫نقص فى التقوى والخلق " ‪.‬‬
‫ويقول راندال فى كتمماب " تكمموين العقممل الحممديث " )ج‬
‫‪ ، 2‬ص ‪ 468‬من الترجمة العربية( عن الفترة التالية الممتى‬
‫تم فيها النسلخ من القيم كلها بعد فقدان معينها الحقيقى‬
‫وهو الدين ‪:‬‬
‫" هكذا كان العلم )يقصد علم القتصاد السياسممى( يبممدو‬
‫فى الظاهر محاولة مجردة عن المصمملحة ‪ ،‬للوصممول إلممى‬
‫فيزياء اجتماعيممة للثممورة ‪ ،‬لكنممه كممان فممى الحقيقممة تممبريرا‬
‫منظما للمطالب التى تهدف إلى زيادة حرية جمممع المممال‬
‫وتستعين بالعلوم الجديدة البشرية والطبيعية "‬
‫ويقول " روبرت داونز " فى كتمماب " كتممب غيممرت وجممه‬
‫العممالم " )ترجمممة أحمممد صممادق وزميلممه ‪ ،‬ص ‪ 73‬مممن‬
‫الترجمة العربية( ‪:‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪36‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫" النظرية الساسية فى كتاب ثمروة الممم " " نظريمة‬
‫‪10‬‬

‫ذات نزعة مكيافللية ‪ ،‬وهممى أن العامممل الول فممى نشمماط‬


‫النسان هو المصملحة الشخصمية ‪ ،‬وأن العممل علمى جممع‬
‫الثروة ممما هممو إل مظهممر مممن مظاهرهمما ‪ .‬وبممذلك قممرر أن‬
‫النانية والمصلحة الشخصية تكمن وراء كل نشاط للجنس‬
‫البشممرى ‪ .‬وصممارح النمماس باعتقمماده أنهمما ليسممت صممفات‬
‫ممقوتة يجب البتعاد عنها ‪ ،‬وإنما هى على العكس عوامل‬
‫تحمل الخير إلى المجتمع برمتممه ‪ .‬وفممى رأيمه انمه إذا أريمد‬
‫توفير الرفاهية للمة فلبد من ترك كل فد يسممتغل أقصممى‬
‫إمكانياته لتحسين مركزه بشكل ثابت منظم دون تقيد بأى‬
‫قيود ‪ .‬فللحصول على غذائنا ل نعتمد علممى كمرم الخممار "‬
‫‪ " 11‬أو الخباز أو الجزار ‪ ،‬وإنما هم يقدمونه لنمما بمدافع مممن‬
‫مصلحتهم الشخصية ‪ ،‬وإنا عندما نخاطبهم ل نتجه إلممى ممما‬
‫فيهم من دوافع إنسانية ‪ ،‬وإنما نتجه إلى مصلحتهم المادية‬
‫‪ ،‬ول نكلمهم عن احتياجاتنا ‪ ،‬بل عما يعود عليهممم مممن نفممع‬
‫وفائدة " ‪.‬‬
‫هممذه الصممورة الماديممة البحتممة هممى الممتى شممكلت روح‬
‫الرأسمالية ورسمت سمات الحياة فى ظلها ‪ ،‬ففقد الناس‬
‫آدميتهم بالفعل وصاروا إلى ذلك المسخ الذى يعيش اليوم‬
‫فى الغرب الرأسمالى ‪.‬‬
‫ينقل كنث لن فممى كتممابه " تطممور المجتمممع المريكممى "‬
‫)ترجمة نعيم موسى – ص ‪ 112‬من الترجمة العربية( مممن‬
‫كلم جروج فيتزهيو ‪ ،‬أحد الذين ساءهم وضممع الرأسمممالية‬
‫فى نهاية القرن الماضى ما يلى ‪:‬‬
‫" إننا جميعمما فممى الشمممال والجنمموب نعمممل فممى تجممارة‬
‫الرقيمممق البيمممض ‪ .‬وبقمممدر نجممماح الشمممخص فيهممما يمممزداد‬
‫احترامه ‪ ..‬وهذه التجارة أشممد قسمموة مممن تجممارة الرقيممق‬
‫السود لنها تفرض المزيد من العمل على عبيدها ‪ ..‬وفممى‬
‫الوقت الذى ل تحميهم فيه ول تسوسهم برفق تفاخر بأنهمما‬
‫تفرض المزيد )أى من العمل( ‪..‬‬
‫" " كتاب ثروة المم هو من تأليف " آدم سميث " فيلسوف الرأسمالية وإمامها الفكرى وقد كان له‬ ‫‪10‬‬

‫دوى هائل فى الغرب ‪.‬‬


‫" " لحظ أثر الجاهلية فى اعتبار الخمار واحدا من مقدمى الغذاء ‪ ..‬بل فى مقدمتهم !‬ ‫‪11‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪37‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫" نعم إنه )أى العامل( بعد انتهاء عمل اليوم يصبح حرا ‪،‬‬
‫إل أنه يظل يرزح تحت عبممء العنايممة بعممائلته وبيتممه ‪ ،‬مممما‬
‫يجعل حريته سخرية جوفمماء باطلممة ‪ ،‬فممى حيممن يبقممى رب‬
‫العمل حرا بالفعل ‪ ،‬ويستطيع أن يتمتع بالرباح التى جناها‬
‫من عمل الخرين دون اهتمام بمصلحتهم ورفاهيتهم "‪.‬‬
‫أما ما تل تلك الفترة حتى اليوم فممى العممالم الرأسمممالى‬
‫فمعروف ل يحتاج إلى بيان ‪ ..‬ففوارق الدخل بيممن العمممال‬
‫وأصحاب رؤوس الموال فوارق بشممعة إلممى حممد مممذهل ‪..‬‬
‫ول يممأتى هممذا الربممح المتضممخم – كممما أسمملفنا فممى فصممل‬
‫الديمقراطية – إل من الوسائل الخسيسة الممتى تسممتخدمها‬
‫الرأسمالية لتحقيق غاياتها الخسيسممة ‪ ،‬وكلهمما محممرم فممى‬
‫دين الله ‪:‬‬
‫)‪ (1‬الربا ‪..‬‬
‫)‪ (2‬أكل مال الجير وعدم توفيته حقه ‪..‬‬
‫)‪ (3‬إفساد فطر الناس وأخلقهم ليقبلمموا علممى منتجممات‬
‫ليس فيها فائدة حقيقية لهم ‪ ،‬ولكنها تدر على الرأسماليين‬
‫أرباحا طائلة ل تدرها المنتجممات الجممادة الممتى يحتمماج إليهمما‬
‫الناس حقا فى حياتهم النظيفة المستقيمة ‪.‬‬
‫)‪ (4‬وأخيرا الحتكار ‪..‬‬
‫والنتيجة الخيرة التى تحققها الرأسمممالية العلمانيممة مممن‬
‫طرفيها المتمثلين فى أصممحاب رؤوس الممموال والعمممال ‪،‬‬
‫هى الفساد الخلقى الفاحش ‪ ،‬والقلق العصبى الذى يممؤدى‬
‫إلى النتحار والجنون والخمر والمخدرات والجريمة وتفكك‬
‫السرة وتشريد الطفال والهبوط المستمر بالنسممان إلممى‬
‫عالم اللة وعالم الحيوان ‪..‬‬
‫أما الشيوعية فربما كممانت أسمموأ بممديل عرفتممه البشممرية‬
‫إلى اليوم ‪..‬‬
‫حقيقة إن الشيوعية هى النظام الجاهلى الوحيد – حممتى‬
‫اليوم – الذى فرض على الدولة كفالة كل فرد يعيممش فممى‬
‫ظلها ‪ ،‬ولكن ذلك – كممما أسمملفنا – لمم يكممن كرممما إنسممانيا‬
‫منها ‪ ،‬فهى تأخذ مقابل ذلك الجهممد الفممرد كلممه ‪ ،‬و" مممن ل‬
‫العلمانية‬ ‫‪38‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫يعمممل ل يأكممل " علممى الحقيقممة ل علممى المجمماز ‪ .‬ثممم إن‬
‫الدولة تستذل الناس بلقمة الخبز علمى نحمو غيمر مسمبوق‬
‫فى كل النظم التى مرت بها الجاهلية البشرية على القممل‬
‫فى التاريخ الحديث ‪.‬‬
‫وربما كان من الحق أن الناس كانوا دائما فممى جاهليمات‬
‫التاريممخ مسممتذلين بلقمممة الخممبز ‪ ،‬يممبيعون مقابلهمما بعممض‬
‫كرامتهم أو كلها ‪ ،‬وبعض إنسانيتهم أو كلها ‪ ..‬ولكن النظام‬
‫البوليسممى الصممارم الممذى يحكممم النمماس بالحديممد والنممار‬
‫والتجسس ‪ ،‬ويمنع النمماس بممالرعب و الرهمماب أن يفتحمموا‬
‫أفواههم بكلمة نقد واحدة ضد الدولة أو الزعيممم المقممدس‬
‫أو المذهب أو النظام ‪ ..‬إنه ليفرض علممى النمماس – مقابممل‬
‫لقمة الخبز – قدرا من الذل ومن ضياع الكرامممة النسممانية‬
‫ل مثيل له – فى نوعه ودرجته – فى كل النظم التى تزعم‬
‫أنها نظم " حضارية " على مدار التاريخ !‬
‫وهذا فوق التفرقة الضخمة فى كممل جممانب مممن جمموانب‬
‫الحياة بين أن يكون النسان مجرد فرد فى القطيع ‪ ،‬وبيممن‬
‫أن يكون عضوا فى الحزب ولو فممى أسممفل درجمماته فضممل‬
‫على الدرجات العليا ‪.‬‬
‫يقول " ميليوفان دجيلس " نائب الرئيممس " تيتممو " فممى‬
‫كتاب " الطبقة الجديدة " ‪:‬‬
‫" إن الطبقممة البيروقراطيممة الشمميوعية الجديممدة صمماحبة‬
‫المتيممازات الضممخمة تسممتخدم جهمماز الدولممة كسممتار وأداة‬
‫لتحقيق مآربها وأغراضها الخاصة ‪ ..‬وإذا ممما عممدنا لدراسممة‬
‫الملكية فإننا سنجدها ليست أكثر من حقوق الربممح وحريممة‬
‫السيطرة ‪ ،‬وإذا ما اتجه المرء إلى تحديد ربح الطبقممة مممن‬
‫خلل هذه الحقوق فى إطممار تلممك الحريممة فممإن الشمميوعية‬
‫تتجه فى النهاية إلى خلق شكل جديد من أشممكال الملكيممة‬
‫وخلق طبقة حاكمة مستثمرة جديدة‪.‬‬
‫" إن الطغيان الشيوعى والرهمماب فممى أسمماليب الحكممم‬
‫هما الضمانة لمتيازات طبقة جديممدة تممبرز علممى المسممرح‬
‫السياسى " ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪39‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫" لقممد سممبق أن أعلممن سممتالين عممام ‪ 1936‬مممع صممدور‬
‫الدستور الجديد للتحاد السمموفيتى أن الطبقممة المسممتثمرة‬
‫قد تم القضاء عليهمما نهائيمما ‪ ..‬وفممى الحقيقممة لقممد تممم فممى‬
‫المعسكر الشيوعى القضمماء التممام علممى قمموى الرأسمممالية‬
‫الوطنية الممتى استؤصمملت تماممما مممن الجممذور ‪ .‬ولكممن مممع‬
‫زوالها بممدأت تممبرز فممى صمملب المجتمممع الشمميوعى طبقممة‬
‫جديدة لم يسبق للتاريخ أن رأى مثيل ‪.‬‬
‫" ولقد أكدت هذه الطبقة أنها أكممثر تسمملطا فممى الحكممم‬
‫من أى طبقممة أخممرى ظهممرت علممى مسممرح التاريممخ ‪ ،‬كممما‬
‫أثبتت فى الوقت نفسه أنها تحمممل أعظممم الوهممام ‪ ،‬وأنهمما‬
‫تكرس أعتى أساليب الظلم فى مجتمع طبقى جديد‪.‬‬
‫" لقد تم تأميم المقدرات المادية إل أنه لم يجر توزيعهمما‬
‫علممى أبنمماء الشممعب ‪ ،‬بممل أصممبحت ملكمما مكتسممبا للطبقممة‬
‫الحاكمممة وللعضمماء القيمماديين للحممزب والممبيروقراطيين‬
‫السياسيين "‬
‫" لقد حمماز العضمماء الكبممار مممن أفممراد النخبممة الممتممازة‬
‫أفضل المساكن والبيوت كما شيدت لهممم الحيمماء الخاصممة‬
‫ومنازل الصممطياف ‪ ،‬وحصممل أمنمماء سممر الحممزب ورؤسمماء‬
‫البوليس السرى ليس على السلطة العليمما وحسممب ‪ ،‬إنممما‬
‫على أجمل المساكن وأفخم السيارات وسواها من مظاهر‬
‫البهة والعظمة والمتيازات ‪ ،‬أما بقية العضاء مممن دونهممم‬
‫فقد حازوا امتيازات متناسبة مع مراكزهم الحزبية "‬
‫" وليس هناك أية طبقة أخرى فى التاريخ تشابه الطبقة‬
‫الجديدة فى وحدة تماسكها ‪ ،‬ووحممدة الفكممر والعمممل فممى‬
‫دفاعها عن نفسها ‪ ،‬وفى قدرتها على إحكام القبضممة علممى‬
‫كل ما هو واقع تحت سيطرتها منا لملكيممة الجماعيممة حممتى‬
‫السلطة الستبدادية المطلقة " " ‪"12‬‬
‫وأما " الخلق " فى ظل القتصمماد العلمممانى الشمميوعى‬
‫فل مجممال للحممديث عنممه بعممد الممذى فصمملناه فممى فصممل "‬
‫الشيوعية " ‪ .‬ولسنا نقول ‪ :‬إن هناك " أخلقا " أفضل منها‬
‫" " مقتطفات من الكتاب من صفحات ‪ 84 ، 83 ، 81 ، 78 ، 54 ، 51‬مأخوذة من كتاب " العلمانية‬ ‫‪12‬‬

‫" لسفر عبد الرحمن الحوالى ‪ ،‬وهو من أحسن ما كتب فى موضوع العلمانية ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪40‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫فى ظل القتصاد العلمانى الرأسمالى ‪ .‬كلهممما بل أخلق ‪،‬‬
‫كل المعسكرين يهبط بالنسان إلى مرتبممة الحيمموان ‪ .‬فممإذا‬
‫كان هناك فارق بين الحيوانات السائبة والحيوانات المقيدة‬
‫داخل الحظيرة فهو الفرق بين التسييب والتقييد ‪ ..‬وليممس‬
‫فارقا فى " نوع " الحيوان ‪..‬‬
‫)‪ (3‬فى الجتماع ‪:‬‬
‫كمان القطماع ظالمما كمما قلنمما ‪ ،‬ولكممن بعمض الجمموانب‬
‫الجتماعية فيه كممانت تحكمهمما أعممراف مسممتمدة مممن روح‬
‫الدين ‪ ..‬ومن ذلك الحفاظ على السرة ‪ ،‬والزواج المبكر ‪،‬‬
‫وقوامة الرجل وقيامه بالنفاق ‪ ،‬واستقرار المرأة فى بيتها‬
‫‪ ،‬وتفرغهممما للموممممة وتمممدبير المنمممزل ورعايمممة النشمممء ‪،‬‬
‫ومحافظتها على عرضها قبل الزواج وبعده ‪ ،‬واعتبممار ذلممك‬
‫جزءا مممن مقومممات السممرة وركنمما أساسمميا مممن أركانهمما ‪،‬‬
‫والتعاون بين أفراد المجتمع ‪ ..‬وما إلى ذلك مممن العلقممات‬
‫الجتماعية القائمة على وصايا الدين ‪.‬‬
‫ولكن ذلك كله لم يعجب المنسلخين من الممدين فقممرروا‬
‫تغييره ‪ ،‬وإنشاء بديل منه ل يقوم على أساس الدين !‬
‫كان التغيير فى المبدأ هو تغيير " السممند " أو " المنبممع "‬
‫مع محاولة المحافظة على شممئ مممن الخلق ‪ ،‬أى البحممث‬
‫عن منبع آخر للقيم الجتماعية غيممر الممدين ‪ ..‬فليكممن هممو "‬
‫الطبيعة " أو يكن هو " النفس النسممانية " ذاتهمما ‪ ..‬المهممم‬
‫أل يكون المنبع هو الدين ‪ ،‬ول يكون المرجع الممذى تسممتمد‬
‫منه القيم هو الوحى الربانى !‬
‫ولكن القيم لم تكن لتستمر فى فاعليتها بعممد أن تنقطممع‬
‫عن معينها الحقيقى وهو الدين والوحى الربانى ‪..‬‬
‫ثممم إن الهممزات العنيفممة الممتى أحممدثتها الثممورة الصممناعية‬
‫جمماءت والقيممم مهممتزة بالفعممل ‪ ،‬قائمممة علممى غيممر أسمماس‬
‫حقيقى يقيها من الهزات ‪ .‬فإذا انهارت هممذه القيممم سممريعا‬
‫فل عجممب ‪ ..‬وإذا أفلممح الشممريرون فممى هممدمها بوسممائلهم‬
‫الشريرة بعد أن استعصت عليهم خلل عمدد متطماول مممن‬
‫القرون فل عجب كذلك ‪ ..‬فالجدار القائم على غير أساس‬
‫ينتظر من يهزه ليسقط إا لم يتداع من تلقاء نفسه ‪ ،‬بينممما‬
‫العلمانية‬ ‫‪41‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الجدار القائم على أساس متين ل يتزلزل إل بالجهد الجهيد‬
‫‪.‬‬
‫جمماءت الثممورة الصممناعية " فتحممررت " المممرأة ‪ ..‬أى‬
‫استعبدتها )والرجممل كممذلك( لغراضممها الخاصممة ‪ .‬وكممانت "‬
‫أغراضها " قدرا من الشر ل يخطر على بال إنسان ‪..‬‬
‫تحررت المرأة فتحلت من القيود كلهمما ‪ ،‬وفممى مقممدمتها‬
‫قيود الدين وقيود الخلق ‪.‬‬
‫وطالبت بالمساواة الكاملة مع الرجل فرفضت أن يكون‬
‫قيما عليها لن القوامة ل تصلح بين النداد !‬
‫واشممتغلت ‪ ،‬فانشممغلت عممن مهمتهمما الولممى فممى تربيممة‬
‫النشء ‪..‬‬
‫وتفككت السرة وانحل البيت وتشرد الطفال ‪ ،‬وتكونت‬
‫منهم عصابات جانحة ترتكب الجرائم لمجرد سد الفراغ ‪.‬‬
‫وانحلت روابط المجتمع فصار كل إنسان يعيش وحده ‪..‬‬
‫حتى السرة ‪ ..‬الزوج له عملممه ومغممامراته ‪ ،‬والزوجممة لهمما‬
‫عملها ومغامراتها ‪ ..‬والولد يغادرون البيت فى سن معينة‬
‫ول يعودون بعد ذلمك ‪ ،‬ول يربطهممم بمالب والم ربماط ‪ ،‬إل‬
‫زيممارات خاطفممة فممى مناسممبات متباعممدة فممى أحسممن‬
‫الحوال ‪ ..‬ويكبر البوان فى تلك العزلة الباردة فل يجممدان‬
‫من يطرق عليهما الباب ‪ ..‬فينشدان سلواهما فى الكلب !‬
‫وانتشر الشذوذ لسباب كثيرة ‪ ،‬من بينها – كما يقولممون‬
‫هممم بممأفواههم – رفممض المممرأة للقوامممة وضممياع سمميطرة‬
‫الب ‪..‬‬
‫وفى جانب آخممر مممن الرض قممامت " فلسممفة " بشممرية‬
‫مغممايرة ‪ ،‬وإن كممانت تشممترك مممع سممابقتها فممى كممثير مممن‬
‫السمات !‬
‫تشترك معها فى إخراج المرأة من الممبيت وشممغلها عممن‬
‫السرة والولد ‪.‬‬
‫وتشترك معها فى تحطيم كيان السرة ‪..‬‬
‫وتشترك معها فى حل روابط المجتمع ‪..‬‬
‫ولكنها تختلف عنها فى الطريقة !‬
‫العلمانية‬ ‫‪42‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫فى الولى يتم تحطيم المجتمع عن طريق تضخيم الفرد‬
‫وجعله هو الساس ‪ .‬فيتحطم المجتمع نتيجة المبالغممة فممى‬
‫إحساس الفرد بذاتيته الزائدة عن الحد ‪.‬‬
‫وأممما الثانيممة فتجعممل المجممموع هممو السمماس إل الفممرد ‪،‬‬
‫فتسممحق الفممرد مممن أجممل المجممموع ‪ ،‬ثممم تعممود فتحطممم‬
‫المجتمع نتيجة تحويله إلى مجموعة من الصفار كل منهممم‬
‫بل مشاعر ول كيان !‬
‫)‪ (4‬فى العلم ‪:‬‬
‫بدأ الصممراع بيممن الممدين والعلممم حيممن همماجمت الكنيسممة‬
‫العلماء الذين قالوا بكروية الرض وهددتهم بممالحرق أحيمماء‬
‫فممى الفممران ‪ ..‬وكممانت الكنيسممة هممى المعتديممة بل شممك ‪،‬‬
‫وكانت حماقة شنيعة منها أن تقف هذا الموقف مممن أمممور‬
‫علمية بحتة ‪ ،‬يخطئ العلماء فيها أو يصمميبون ولكنهمما تظممل‬
‫فى دائرة العلم ل يتدخل فيها " رجممال الممدين " لن الممدين‬
‫الصحيح لم يحرم البحث العلمى ‪ ،‬وإنما لفمت نظممر البشممر‬
‫إلى آيات الله فى الكون ‪ ،‬وقال لهم تفكروا فيهمما وتممدبروا‬
‫لتعرفوا قممدرة الخممالق العظيممم ‪ ،‬دون أن يقيممدهم بنظريممة‬
‫معينة فى تفسممير ظممواهر الكممون ‪ ،‬بممل تممرك ذلممك للعقممل‬
‫البشرى يحاول فيه بقدر ما يطيق ‪..‬‬
‫ولكن الحتجاج بحماقة الكنيسة لفصل الدين عن العلممم‬
‫أو بذر بذور العداء بين الدين والعلم كان فممى ذاتممه حماقممة‬
‫أشد !‬
‫فلتكن الكنيسة حمقاء بقدر ممما تكممون ‪ ..‬ولكممن الفطممرة‬
‫السوية ل تفصل بين الممدين والعلممم ‪ ،‬لن كل منهممما نزعممة‬
‫فطريممة سمموية لزمممة للكيممان البشممرى ‪ ،‬ولزمممة لمهمممة‬
‫الخلفة التى وجد النسان من أجلها فى الرض ‪.‬‬
‫النسان عابد بطبعه ‪ ،‬راغب فى المعرفة بطبعه ‪..‬‬
‫ول تعارض فى الفطرة السوية بين نزعة العبادة ونزعممة‬
‫المعرفممة ‪ ،‬ول بيممن اليمممان بممالغيب واليمممان بممما تممدركه‬
‫الحواس ‪.‬‬
‫ولقد خلق الله النسان ليعبده ‪:‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪43‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ن )‪] {(56‬سممورة‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِل ّ ل ِي َعْب ُم ُ‬ ‫لن م َ‬ ‫ن َوا ِ‬ ‫جم ّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َْق ُ‬ ‫ما َ‬ ‫}وَ َ‬
‫الذاريات ‪[51/56‬‬
‫وجعل من بين العبادة عمارة الرض ‪:‬‬
‫َ‬ ‫}هو َأن َ َ‬
‫م ِفيَها{ ]سورة هممود‬ ‫مَرك ُ ْ‬ ‫ست َعْ َ‬‫ض َوا ْ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫شأك ُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫‪[11/61‬‬
‫َ‬
‫مَناك ِب ِهَمما‬‫شمموا فِممي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ض ذ َل ُممول ً َفا ْ‬ ‫م الْر َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫جع َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫}هُوَ ال ّ ِ‬
‫ه{ ]سورة الملك ‪[67/15‬‬ ‫ن رِْزقِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَك ُُلوا ِ‬
‫وجعل مممن الدوات المعينممة علممى عمممارة الرض العلممم‬
‫النظممرى فممى صممورة " معلومممات " عممن الكممون ‪ ،‬والعلممم‬
‫التطبيقى فى صممورة تسممخير طاقممات السممماوات والرض‬
‫للنسان ‪.‬‬
‫م )‪{(5‬‬ ‫م ي َعَْلم ْ‬
‫مما َلم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سمما َ‬ ‫لن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ِبال َْقل َم ِ )‪ (4‬عَل ّ َ‬ ‫ذي عَل ّ َ‬ ‫}ال ّ ِ‬
‫]سورة العلق ‪[5-96/4‬‬
‫جعَل َْنا آَيمم َ‬
‫ة‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ة الل ّي ْ ِ‬ ‫حوَْنا آي َ َ‬ ‫م َ‬‫ن فَ َ‬ ‫ل َوالن َّهاَر آي َت َي ْ ِ‬ ‫جعَل َْنا الل ّي ْ َ‬ ‫}وَ َ‬
‫ن‬‫س مِني َ‬ ‫موا عَد َد َ ال ّ‬ ‫م وَل ِت َعْل َ ُ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ضل ً ِ‬ ‫صَرةً ل ِت َب ْت َُغوا فَ ْ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫الن َّهارِ ُ‬
‫صمميل ً )‪] {(12‬سممورة‬ ‫صممل َْناهُ ت َْف ِ‬ ‫يٍء فَ ّ‬ ‫شمم ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كمم ّ‬ ‫ب وَ ُ‬ ‫سمما َ‬ ‫ح َ‬‫َوال ْ ِ‬
‫السراء ‪[17/12‬‬
‫ميع مًا{‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫ض َ‬‫ممما فِممي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خَر ل َك ُ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫}وَ َ‬
‫]سورة الجاثية ‪[45/13‬‬
‫ومن هنا يكون العلم ذاته جزءا من العبادة المطلوبة من‬
‫النسان ‪ ،‬يستوى فى ذلك العلم بأمور الدنيا والعلم بممأمور‬
‫الدين ‪ ،‬فإن عمارة الرض بمقتضى المنهج الربممانى تحتمماج‬
‫إلى هذا العلممم وذاك ‪ ..‬العلممم الممدنيوى مممن أجممل العمممارة‬
‫الماديممة ‪ .‬والعلممم الممدينى لجعممل هممذه العمممارة الماديممة‬
‫مستقيمة على المنهج الربانى ‪ ،‬وتلك هى الخلفة الراشدة‬
‫المطلوبة من النسان ‪.‬‬
‫من أجل ذلك ل يوجد فى الدين الصحيح ول فى الفطرة‬
‫السوية تعارض ول تنازع ول خصممومة بيممن الممدين والعلمم !‬
‫إنما تعمل نزعة العبادة ونزعة المعرفة فممى تناسممق كامممل‬
‫فممى النفممس السمموية دون قلممق ول حممرج ول تصممادم ول‬
‫نزاع ‪..‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪44‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وكذلك قامت الحركة العلميممة الهائلممة الممتى قممامت فممى‬
‫العالم السلمى فى ظل العقيدة ‪ ،‬بل بدافع من العقيدة !‬
‫فمن المعلوم من التاريممخ أن المسمملمين لممم يصممبحوا أمممة‬
‫علم إل بعد أن دخلوا فى السلم !‬
‫ولقممد كممان النممموذج السمملمى قائممما حممول أوروبمما مممن‬
‫الشرق والغرب والجنوب ‪ ..‬بل إن أوروبا لم تعممرف العلممم‬
‫الحقيقممى إل حيممن أرسمملت أبناءهمما يتعلمممون فممى مممدارس‬
‫المسمملمين فممى النممدلس والشمممال الفريقممى وصممقلية‬
‫السمملمية ‪ ،‬فلئن كممانت الكنيسممة قممد ارتكبممت حماقتهمما‬
‫بمعمماداة العلممم والعلممماء ‪ ،‬فلقممد كممان الحممل هممو نبممذ ديممن‬
‫الكنيسة الفاسد ل نبذ الدين كله ‪ ،‬وقد رأوا نموذجا مفلحمما‬
‫ومثمرا منه فى العالم السلمى ‪ ..‬ولئن كممانت " المكايممدة‬
‫" قد أصبحت هى العملة المتبادلة بين الكنيسممة مممن جهممة‬
‫والعلماء من جهة ‪ ،‬فلقد كان المقتضى السممليم لممذلك هممو‬
‫أن يرد العلماء للكنيسة إلهها الزئاف الممذى تعممذب العلممماء‬
‫باسمه وتطاردهم ‪ ،‬ويفروا إلممى اللممه الحممق الممذى وجممدوه‬
‫معبممودا عنممد أولئك العلممماء الفممذاذ الممذين تتلمممذوا عليهممم‬
‫وتعلموا العلم على أيديهم ‪ ،‬والذى وجدوا العبادة الصحيحة‬
‫لممه تخممرج مثممل هممؤلء الفممذاذ ‪ ،‬وتتيممح لهممم حريممة البحممث‬
‫العلمى بل قيود ‪.‬‬
‫ولكممن رد الفعممل للحماقممة الممتى ارتكبتهمما الكنيسممة كممان‬
‫حماقة جديدة ارتكبها " العلماء " !‬
‫لقد كانوا معذورين فى أن يتشككوا فى كل حرف تقوله‬
‫الكنيسة وتزعم أنه من عند الله ‪ ،‬وفى أن يبدأوا العلم كله‬
‫من نقطة الصفر ‪ ،‬ويجربوا لنفسممهم ليثبتمموا ‪ ..‬فهممذا علممى‬
‫أى حال هممو المنهممج العلمممى الصممحيح الممذى تعلممموه علممى‬
‫أيدى أسمماتذتهم المسمملمين ‪ .‬وكلنهممم غيممر معممذورين حيممن‬
‫تصل بهم حقائق العلم إلى رؤية القدرة المعجزة للخالق ‪،‬‬
‫فيلوون رؤوسهم فى كبر ‪ ،‬أو يهزون أكتافهم فممى اسممتهتار‬
‫" غير علمى " ! ويقولون إنه ليس الله ‪ ،‬ولكنه الطبيعة !‬
‫هنا الحماقة التى ل يبررها شئ ‪ ..‬ل المانممة العلميممة ول‬
‫النسانية الحقيقية للنسان !‬
‫العلمانية‬ ‫‪45‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ولكن أوروبا بدأت من هذه الحماقة ثم لجممت فيهمما إلممى‬
‫أبعد الحدود ‪..‬‬
‫مجرد ذكر اسم الله فممى البحممث العلمممى يعتممبر إفسممادا‬
‫للروح العلميممة ‪ ،‬ومممبررا لطممرح النتممائج العلميممة كلهمما ولممو‬
‫كانت كلها صحيحة بمقياس العلممم ذاتممه الممذى جعلمموه إلهمما‬
‫من دون الله !‬
‫بل مجرد العتقاد بوجممود اللممه ‪ ،‬وأنممه هممو خممالق الخلممق‬
‫وخالق الكون كفيل بإخراج العالم من دائرة العلماء الممذين‬
‫يعتد بهم ويؤخذ بآرائهم ولو كممانت آراؤه صممحيحة بمقيمماس‬
‫البحث العلمى ‪ ،‬بل إنه يحيط ذلك العالم بالرتياب والشك‬
‫فى كل ما يقممول ‪ ،‬ويجعلممه موضممع الزرايممة مممن العلممماء "‬
‫الحقيقيين " ! الذين لبد أن يكونوا ملحدين لتكون آراؤهممم‬
‫موضع التسليم !‬
‫أى زراية بالعلم ذاته تؤدى إليه هذه الحماقة ؟!‬
‫بممل أى روح " غيممر علميممة " تلممك الممتى تسمميطر علممى "‬
‫العلماء " فى تلك الجاهلية التى تقوم باسم العلم ؟!‬
‫ما التعصب إذن ‪ ،‬وما فقدان " الروح العلمية " والمانممة‬
‫العلمية إذا كان هذا علما وأمانة وروحا علمية؟‬
‫وأى انتكاسة فى عالم " القيم " وعالم " النسان " أكبر‬
‫من تلك النتكاسة الشنيعة التى ترفض " الحقائق " بمجرد‬
‫الهواء ؟!‬
‫وكيف – كممما قلنمما مممن قبممل – كيممف يكممون الشممئ ذاتممه‬
‫صممحيحا " وعلميمما " إذا نسممب إلممى الطبيعممة وغيممر صممحيح‬
‫وغير علمى إذا نسب إلى الله ؟! ويكون هممذا هممو الشممرط‬
‫الذى ل يقبل غيره للدخول فى مجال العلم والعلماء ؟!‬
‫وكيممف يتممأتى لهممذه الجاهليممة أن تفصممل – فممى النفممس‬
‫الواحمدة – بيمن نزعمتين فطريمتين ‪ :‬نزعمة العبممادة ونزعمة‬
‫العلم ‪ ،‬فتقول للناس ‪ :‬إذا أردتممم اللممه فمماتركوا العلممم وإذا‬
‫أردتم العلم فاتركوا اله ‪ ،‬وتسمممى هممذا " علممما " و" روحمما‬
‫علمية " ؟ وما الفرق بين هذه الحماقممة وحماقممة الكنيسممة‬
‫التى من أجلها حاربها العلماء ؟!‬
‫العلمانية‬ ‫‪46‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ألممم تقممل الكنيسممة نفممس القولممة ولكممن مممن الجممانب‬
‫الخر ؟! قالت ك إذا أردتم الله فمماتركوا هممذا العلممم ‪ ،‬وإذا‬
‫أردتم هذا العلم فأنتم خارجون على الله !‬
‫وحين نستبدل حماقة بحماقة هل نكون راشدين ؟ وهممل‬
‫يحق لنا أن نستعلى بحماقتنا على حماقة الخرين ؟!‬
‫على أن الحماقة البديلة ل تقف عند حد تمزيق البشممرية‬
‫بين نزعتيها الفطريممتين ‪ ،‬مممما يشممكل سممببا مممن السممباب‬
‫الكثيرة للضطراب والقلق النفسى والعصبى الممذى تعممانيه‬
‫الجاهلية المعاصرة ‪ .‬إنممما يسممتخدم العلممم عممن قصممد فممى‬
‫إفساد العقيدة وإفساد الخلق ‪..‬‬
‫فممبين الحيممن والحيممن تخممرج " أبحمماث علميممة " كاذبممة –‬
‫ويعلم أصحابها أنهم كاذبون – تزعم أن النسان قد " خلممق‬
‫" الخليممة الحيممة فممى المعمممل ! وتسممفر الحقيقممة بعممد‬
‫الستفسار والتقصى أنهممم أعممادوا تركيممب خليممة حيممة فممى‬
‫المعمل من أجزاء حيممة أخممذت مممن مجموعممة مممن الخليمما‬
‫الحية !!‬
‫ولكن هذا الدجل " العلمى " يراد به أن يقال للنمماس همما‬
‫هو ذا النسان قد خلق فلم تعد هناك ضرورة للخمالق ! أى‬
‫يستخدم العلم الزائف لنشر اللحمماد فممى الرض ‪ ،‬وتتقبلممه‬
‫المجلت " العلمية " الرصينة التى ترفض أى بحث علمممى‬
‫يذكر فيه اسم الله !‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن ل ي ُؤْ ِ‬
‫من ُممو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّم ِ‬ ‫ت قُل ُممو ُ‬ ‫مأّز ْ‬ ‫شم َ‬ ‫حد َهُ ا ْ‬
‫ه وَ ْ‬ ‫ذا ذ ُك َِر الل ّ ُ‬‫}وَإ ِ َ‬
‫ن )‪{(45‬‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ذا هُ ْ‬‫دون ِهِ إ ِ َ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ذا ذ ُك َِر ال ّ ِ‬
‫خَرةِ وَإ ِ َ‬ ‫ِبال ِ‬
‫]سورة الزمر ‪[39/45‬‬
‫وسيظل التحدى الربانى قائما فى وجه الملحدين ‪:‬‬
‫ن )‪{(35‬‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن غَْيممرِ َ‬ ‫َ‬
‫خممال ُِقو َ‬ ‫همم ْ‬‫م ُ‬‫يٍء أ ْ‬ ‫شمم ْ‬ ‫ممم ْ‬ ‫خل ُِقمموا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫}أ ْ‬
‫]سورة الطور ‪[52/35‬‬
‫وكما يستخدم العلم الزائف لنشر اللحاد تسممتخدم ثمممار‬
‫العلم لفساد الخلق ‪ .‬وأوضح المثلة على ذلك حبوب منع‬
‫الحمل التىي قول الطباء " المناء " – وقليل ما هم – إنها‬
‫ليست مأمونة تماما ‪ ،‬وإنها قممد تسممبب أضممرارا خطيممرة ن‬
‫العلمانية‬ ‫‪47‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وإنهمما ينبغممى أل تسممتخدم إل بإشممراف الطممبيب ‪ ..‬هممذه‬
‫الحبوب تباع فى الصيدليات بسممعر منخفممض يكمماد يسمماوى‬
‫سممعر التكلفممة ‪ ،‬ويبمماع لى فتمماة تطلبممه – وتكممرره – دون‬
‫تممذكرة طبيممة ‪ ..‬لنهمما – كممما ل يخفممى – أداة جبممارة لنشممر‬
‫الفاحشة فى الرض ‪ ،‬لن الفتمماة الممتى تسممتطيع أن تممأمن‬
‫نتائج اتصالتها الجنسية غير المشممروعة أيسممر انزلقمما مممن‬
‫التى تخشى حدوث المتاعب من هذه التصالت ‪.‬‬
‫وذلك فضل عن صرف جهود كثيرة فى أبحاث " علمية "‬
‫بقصد اختراع المدمرات البشعة بغير موجب حقيقى ‪ ،‬فقد‬
‫كان انتصار بعض البشر على بعممض ممكنمما بغيممر كممل تلممك‬
‫البشاعة فى أدوات التدمير ‪"13 " ..‬‬
‫وهذا الشر العميق كله قد نشأ من " علمانية " العلممم ‪..‬‬
‫أى من ذلك المبدأ الملوث الشرير ‪ :‬مبدأ فصل الدين عممن‬
‫الحياة ‪..‬‬
‫)‪ (5‬الخلق ‪:‬‬
‫ربما لم يكن هناك مجال تأثر بالعلمانية بقممدر ممما تممأثرت‬
‫الخلق ‪..‬‬
‫ذلك أن الدين هو المنبع الطممبيعى للخلق ‪ ،‬فممإذا جفممف‬
‫هذا المنبع أو جف بسبب من السباب فلبد أن يتبعه حتممما‬
‫انهيار تدريجى فى الخلق ينتهى إلى " اللأخلق " ‪.‬‬
‫ولقمد كمانت " النهضمة " فمى أول عهممدها تعتقمد – ربمما‬
‫بإخلص وحسن نية – أن فى إمكانها أن تجد للخلق منبعمما‬
‫آخر غير الدين ‪ ..‬من الطبيعممة أو مممن النفممس البشممرية أو‬
‫من أى مكان آخر ‪ ..‬والواقممع أنهممم كممانوا فممى أول مرحلممة‬
‫الفساد ‪ ،‬فكانوا هم أنفسهم ل يتصورون أن البشرية يمكن‬
‫أن تعيش بل أخلق ‪ ،‬أو أنه سيأتى وقت عليها تكون عارية‬
‫مممن الخلق ‪ .‬فكممان المشممكل بالنسممبة لهممم هممو محاولممة‬
‫البحث عن منبع للخلق غير الدين ‪ ،‬حتى ل تتخذ تلك ثغرة‬
‫يهمماجمون منهمما مممن قبممل ذوى الغيممرة علممى الخلق وهممم‬
‫يومئذ غير قليل ‪ ..‬ولكن المنبع البديل – أيا كممان هممو – قممد‬
‫" " حدث فيما بين صدور الطبعة الولى والطبعة الثانية من الكتاب حادث انفجممار المفاعممل النممووى‬ ‫‪13‬‬

‫الروسى ‪ ،‬الذى تسربت منه الشعاعات المدمرة ‪ .‬وتعرض لخطرها ملييممن مممن البشممر فممى أوروبمما ‪.‬‬
‫وهم فى حالة " سلم " ل حرب !‬
‫العلمانية‬ ‫‪48‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫أثبت عجزه عن إنبات القيم التى يحتاج إليها النسممان فممى‬
‫حياته ‪ ،‬ككل التصورات التى تخطر فممى بممال الفلسممفة ول‬
‫تتعدى أذهانهم إلى واقع الحياة !‬
‫ثم جاءت أجيال أكثر علمانية من السممابقة ‪ ،‬لنهمما كممانت‬
‫قد بعدت أكثر عن المنبع الحقيقى للقيم ‪ ،‬فبممدأت تنمماقش‬
‫مبدأ القيم ذاته ‪ :‬هل هى ضرورية حقمما للحيمماة البشممرية ؟‬
‫وهل هى حقائق واقعية أم مجرد مثممل خياليممة معلقممة فممى‬
‫الفضمماء غيممر قابلممة للتطممبيق ؟ وإذن فلممماذا ل نكممون "‬
‫واقعيين " ونتعامل مع الواقع البشرى كممما هممو ؟ أى بغيممر‬
‫مثل وبغير قيم ؟!‬
‫وكممانت هممذه بدايممة موجممة جديممدة مممن النحممدار علممى‬
‫المنزلق ‪ ..‬فإننا إذا سلمنا بالواقع الموجود اليوم علممى أنممه‬
‫هو الواقع الذى ل يمكن أن يوجد أفضممل منممه ‪ ،‬فممما الممذى‬
‫يمنع هذا الواقع أن ينحممدر غممدا إلممى همموة جديممدة ‪ ،‬ثممم ممما‬
‫الذى يمنعنا من مجاراته فى الهبوط بحجة الواقعية ؟!‬
‫إن الممذى يمنممع مممن هممذا شممئ واحممد ‪ ،‬هممو وجممود القيممم‬
‫الصيلة التى نقيس إليها أفعالنمما ومسممتوانا ‪ ،‬لنعممرف علممى‬
‫ضوئها أهابطون نحن أم مرتفعون ‪ ..‬فإذا وجدنا أننا هبطنمما‬
‫حاولنا أن نوقف هبوطنا ونصعد من جديد ‪ ..‬أما فممى غيمماب‬
‫الميزان فما المعيممار ؟ إن الواقعيممة ليسممت معيممارا يقمماس‬
‫إليه أى شئ ‪ ،‬ما دامت تعتبر الواقع هو المقياس ! والناس‬
‫إذا أفلتت أيديهم من خيط الصعود الذى يشدهم إلى أعلى‬
‫فلبد أن تهبط بهم ثقلة الشهوات وجممواذب الرض فيممزداد‬
‫واقعهم هبوطا على الدوام ‪ ..‬وما دام معيارنا هممو الواقممع ‪،‬‬
‫فسيظل المعيار ذاته يهبط مع هبوط النسان ! ونظل نحن‬
‫– بحجة الواقعية – نتابع الهبوط ‪.‬‬
‫لقد كان القرن التاسع عشر " واقعيا " فنبذ القيممم الممتى‬
‫سماها مثالية – بمعنى غير واقعية – واعتبرها ترفا عقليا ل‬
‫تطيقه طبيعة الحياة ‪..‬‬
‫وكانت نتيجة ذلك هى القممرن العشممرين ! قممرن التفلممت‬
‫من القيود كلها ‪ ،‬والهبوط إلى الحمأة التى يسممتعفف عنهما‬
‫الحيوان !‬
‫العلمانية‬ ‫‪49‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وذلك أمر معروف من التاريخ وإن جادلت فيممه الجاهليممة‬
‫المعاصممرة ‪ ،‬وهممى ليسممت أول جاهليممة تجممادل فممى الحممق‬
‫وتنكر البممديهيات ! إن أى جيممل مممن أجيممال البشممرية أنكممر‬
‫القيم النسانية لم يقف حيث كان يوم أنكرهمما ‪ ،‬إنممما ازداد‬
‫هبوطا ‪ ..‬حتى أدركه الدمار !‬
‫ولنستعرض خط العلمانيممة مممع الخلق مممن أولممه لنعلممم‬
‫مدى الهبوط ‪..‬‬
‫ولنبدأ بالمفهوم الحقيقى للخلق ‪ ،‬الذى كانت تؤمن بممه‬
‫أوروبا ذات يوم ثم ظلت تتخلى عنممه خطمموة خطمموة وهممى‬
‫تسير مع الشيطان ‪.‬‬
‫إن الخلق " ميثممماق " شمممامل ‪ ..‬يشممممل كمممل أعممممال‬
‫النسان ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ب ِعَهْ مدِ الل ّم ِ‬
‫ه‬ ‫ن ُيوفُممو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب )‪ (19‬ال ّ ِ‬ ‫ما ي َت َذ َك ُّر أوُْلوا الل َْبا ِ‬ ‫}إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ب ِهِ أ ْ‬ ‫مَر الل ّ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن َ‬‫صُلو َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ميَثاقَ )‪َ (20‬وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫َول َينُق ُ‬
‫ب )‪(21‬‬ ‫سمما ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سمموَء ال ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫خمماُفو َ‬ ‫م وَي َ َ‬‫ن َرب ُّهمم ْ‬ ‫شمموْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ل وَي َ ْ‬ ‫صمم َ‬ ‫ُيو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫م ّ‬ ‫صلةَ وَأنَفُقوا ِ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫م وَأَقا ُ‬ ‫جهِ َرب ّهِ ْ‬ ‫صب َُروا اب ْت َِغاَء وَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ك ل َُهم ْ‬
‫م‬ ‫ة أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫سي ّئ َ َ‬
‫سن َةِ ال ّ‬‫ح َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬‫ة وَي َد َْرُءو َ‬ ‫علن ِي َ ً‬ ‫سّرا ً وَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫َرَزقَْناهُ ْ‬
‫دارِ )‪] {(22‬سورة الرعد ‪[22-13/19‬‬ ‫عُْقَبى ال ّ‬
‫والميثاق هو أصل ميثمماق مممع اللممه ‪ ،‬تتفممرع منممه وتنممدرج‬
‫تحته جميع المواثيق ‪:‬‬
‫َ‬
‫ت إ َِلممى أهْل َِهمما وَإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ذا‬ ‫ماَنمما ِ‬ ‫دوا ال َ‬ ‫ن ُتممؤَ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫مُرك ُ ْ‬ ‫ه َيممأ ُ‬ ‫ن الّلمم َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ل{ ]سممورة النسماء‬ ‫مموا ِبال َْعمد ْ ِ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ن الن ّمما ِ‬ ‫م ب َي ْم َ‬ ‫مُتم ْ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪[4/58‬‬
‫وأول المانات هى المانة المممؤداة إلممى اللممه ‪ ،‬ثممم تممأتى‬
‫بعدها جميع المانات التى أبرز سياق الية منها الحكم بيممن‬
‫الناس بالعدل ‪..‬‬
‫وعلى هذا السمماس يكممون للسياسممة أخلق ‪ ،‬وللقتصمماد‬
‫أخلق ‪ ،‬وللجتماع أخلق ‪ ،‬وللعلم أخلق ‪ ،‬ولكل شئ علممى‬
‫الطلق أخلق ‪ ..‬ول يكممون هنمماك شممئ واحممد فممى حيمماة‬
‫النسان بل أخلق ‪..‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪50‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ومنشأ الخلق ليس هو الفرض من الخارج ‪ .‬فى صممورة‬
‫أوامر ونواه وزواجر من عند الله أو مممن عنممد غيممره ‪ ،‬إنممما‬
‫الله سبحانه وتعالى هو الممذى يحممدد ممما هممو حلل وممما هممو‬
‫حرام ‪ ،‬وما هو حسن وما هو قبيح ‪ ،‬وما هممو خيممر وممما هممو‬
‫شر ‪ ..‬الخ فيتبعه المؤمنون التزاممما بممما أنممزل اللممه ‪ ،‬وأممما‬
‫غير المؤمنين فيستمدون ذلك كله من عند غير الله ‪ .‬وفى‬
‫الحممالين ل يكممون هممذا هممو منشممأ " الخلق " عنممد هممؤلء‬
‫وهممؤلء ‪ ..‬إنممما يكممون فقممط هممو منشممأ " المعممايير " الممتى‬
‫تضبط الخلق ‪.‬‬
‫إنما تنشأ الخلق – كما قلنا منق بل فى أكثر من موضع‬
‫فى الفصول السابقة – من طبيعة النسان ذاته ‪ ،‬ومممن أن‬
‫له طريقين ‪ ،‬وأن لممه القممدرة علممى التمييممز والختيممار بيممن‬
‫الطريقين ‪:‬‬
‫َ‬
‫ها )‪ (8‬قَد ْ‬‫وا َ‬
‫ها وَت َْق َ‬
‫جوَر َ‬ ‫ها )‪ (7‬فَأل ْهَ َ‬
‫مَها فُ ُ‬ ‫وا َ‬
‫س ّ‬‫ما َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫َ }وَن َْف ٍ‬
‫ها )‪] {(10‬سممورة‬ ‫سمما َ‬ ‫ن دَ ّ‬
‫مم ْ‬‫ب َ‬ ‫ها )‪ (9‬وَقَد ْ َ‬
‫خا َ‬ ‫كا َ‬‫ن َز ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َ‬ ‫أفْل َ َ‬
‫الشمس ‪[10-91/7‬‬
‫ومن ثم فالقيمة الخلقية لصقة بأعمممال النسممان بحكممم‬
‫طبيعته ‪ ..‬وإنما تختلف القيم باختلف واضعها ‪ :‬هل هو الممه‬
‫أم هم البشر ‪ .‬فإن كانت مممن عنممد اللممه فهممذه هممى القيممم‬
‫الحقيقية الصالحة ‪ ،‬لنها من عند خالق النسان العليممم بممه‬
‫وبما يصلح له وما يصلحه ‪:‬‬
‫ف ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫خِبيمُر )‪] {(14‬سممورة‬ ‫طيم ُ‬ ‫خل َقَ وَهُوَ الل ّ ِ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫}أل ي َعْل َ ُ‬
‫الملك ‪[67/14‬‬
‫وإن كانت من عند البشر فهى عرضممة للهممواء وعرضممة‬
‫للختلف من أقصى اليميممن إلممى أقصممى اليسممار ‪ .‬وتاريممخ‬
‫البشرية فممى جاهليتهمما هممو الممدليل ‪ ،‬يسممتوى فممى ذلممك أن‬
‫يكون الجاهليون من الفلسفة أو من عامة الناس !‬
‫ولقد كان هذا كله واضحا لوروبا المسمميحية فممى الفممترة‬
‫التى سيطر فيها الدين على قلوب الناس ‪ ،‬بصممرف النظممر‬
‫عما فى ذلك الدين الكنسى من انحرافات ‪ ..‬فقد سبق أن‬
‫قلنا إن وجود النحراف والتحريف فيه لم يمنع وجود بعممض‬
‫الحقائق لنهم كما يقول اللممه عنهممم ‪ " :‬فنسمموا حظمما مممما‬
‫العلمانية‬ ‫‪51‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ذكروا به " وبقى مما ذكروا به بعض أشياء ‪ ..‬وكانت القيم‬
‫الخلقية من بعض هذه الشياء ‪.‬‬
‫ثم زحفت العلمانية شمميئا فشمميئا علممى الحيمماة الوروبيممة‬
‫فأقصت الدين عن الحياة بقدر ما تمكنت هى من الحياة ‪..‬‬
‫ومع إقصاء الدين أقصيت الخلق ‪ ،‬لنها أصل مستمدة من‬
‫الدين ‪.‬‬
‫وأول مجال أزيحت الخلق عنه هو مجال السياسة منممذ‬
‫قال مكيافيللى ‪ :‬إن الغاية تبرر الوسيلة ‪ ..‬ومعناها بصممريح‬
‫العبارة إسممقاط الخلق مممن مجممال السياسممة ‪ ،‬وممارسممة‬
‫السياسة بل أخلق !‬
‫ثم أزيحت الخلق مممن المجممال القتصممادى منممذ الثممورة‬
‫الصناعية بتحليل الربمما ‪ ،‬وتحليممل الغممش والخممداع والكممذب‬
‫وسرقة أجر الجير وشغل الناس بتوافه الشممياء مممن أجممل‬
‫الربح ‪ ،‬وتحليل شن الحروب والسممتعمار مممن أجممل إيجمماد‬
‫أسممواق لتصممريف البضممائع ‪ ..‬إلممى آخممر ممما قممامت بممه‬
‫الرأسمالية من حيل غير شريفة للستزادة من المال على‬
‫حساب البشرية ‪.‬‬
‫ثم أزيحممت الخلق مممن مجممال العلممم ‪ ،‬فلممم يعممد هممدف‬
‫العلم البحممث عممن الحقيقممة المجممردة – لممه – إنممما صممارت‬
‫تصاحبه المصالح والهواء والشممهوات الممتى أسمملفنا نممماذج‬
‫منها فى إبعاد اسم الله عمدا من البحث العممى ممع وضمع‬
‫بديل مزيف هو الطبيعممة ‪ ،‬ل لن هممذه حقيقممة ولكممن لنهمما‬
‫تخممدم هممدفا معينمما فممى معركممة معينممة بيممن العلممماء وبيممن‬
‫الكنيسة ! ومن نشممر أبحمماث كاذبممة بقصممد نشممر اللحمماد ‪.‬‬
‫ومن استخدام ثمار العلم لفساد الخلق ‪ ..‬وغير ذلك مممما‬
‫كممان مسممتحيل أن يحممدث فممى ظممل سمميطرة الممدين علممى‬
‫مشمماعر النمماس ‪ ،‬ومممن ثممم الممتزامهم بأخلقيممات الممدين ‪..‬‬
‫ولكنه يحدث بسهولة فى ظل العلمانية التى تفاخر بإقصاء‬
‫الدين عن كل مجالت الحياة !‬
‫ثم أزيحت الخلق مممن مجممال الفكممر ‪ .‬فلممم يعممد يحممس‬
‫المفكمر أنمه ملمتزم بأمانمة معينمة همى فمى أصملها المانمة‬
‫المؤداة إلى الله ‪ ..‬فحفلت وسائل العلم جميعا مممن أول‬
‫العلمانية‬ ‫‪52‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫لكتمماب إلممى التليفزيممون ‪ ،‬مممرورا بالصممحيفة والمسممرح‬
‫والسينما والذاعة ‪ ،‬بكل صنوف التضليل والكذب والخممداع‬
‫والغش وإفساد العقيدة وإفساد الخلق ‪.‬‬
‫ثم أزيحت من مجال العلقات الجنسممية بصممفة خاصممة –‬
‫وهممى أدق مجممالت الخلق – فقيممل إن الجنممس مسممألة "‬
‫بيولوجية " ل علقة لهمما بممالخلق ! أى مسممألة ذكممر وأنممثى‬
‫يجرى بينهما ممما يجممرى بيممن الممذكر والنممثى ‪ ..‬بل قيممود ول‬
‫أخلق ول ضبط ول تصعيد ‪ ..‬وكانت الحمممأة الدنسممة الممتى‬
‫تردت فيها البشرية ‪ ،‬وكان السعار الجنسى المجنون الذى‬
‫ل يشبع ول يرتوى ول يفيق ‪..‬‬
‫وأخيرا أفرغت الخلق ذاتها من مضمونها حين قبممل إنممه‬
‫ليس لها وجود ذاتى ‪ ،‬إنما هممى انعكمماس للوضمماع الماديممة‬
‫والقتصادية ‪ ،‬أو إنها من مصنع العقل الجمعى وإنهمما تتغيممر‬
‫على الدوام ول تثبت على حال !‬
‫وسقط " النسان " بسقوط الخلق !‬
‫)‪ (6‬فى الفن ‪:‬‬
‫كان الفن فى أوروبا فى فترة الجاهلية الكنسية فنا دينيا‬
‫بمعنى أنه موجه لخدمة الدين ‪ ،‬وكممان يحمممل كممل ممما فممى‬
‫العقيدة الكنسية من انحراف ‪ ،‬إذ كان كله موجها لتمجيد "‬
‫الممرب " الممذى ألهتممه الكنسممية وهممو المسمميح عيسممى بممن‬
‫مريم ‪ ،‬أو تمجدي القانيم الثلثة عامة ‪ :‬الب والبممن وروح‬
‫القديس ‪ ،‬مممع مريممم البتممول ومجموعممة مممن القديسممين ‪..‬‬
‫سواء بالشعر أو النثر أو الرسم أو التصوير )بمعنممى إقامممة‬
‫التماثيل( ‪.‬‬
‫وقممد لحظممت فممى كتمماب " جاهليممة القممرن العشممرين "‬
‫ملحظممة خاصممة بممالفن الوروبممى ‪ ،‬وقلممت إنهمما معروضممة‬
‫للدراسة لمن أراد أن يدرس ‪ ،‬تلك هى أن الفممن الوروبممى‬
‫فى جميع أدواره التاريخية كان مشغول بممالمعبود ‪ ..‬فحيممن‬
‫كان المعبود فى الجاهليممة الغريقيممة مجموعممة مممن اللهممة‬
‫المختلفة توجه الفن الغريقى إلى تلممك اللهممة سممواء فممى‬
‫الساطير أو المسرحيات أو التماثيل ‪ .‬وحين انتقلت أوروبا‬
‫إلى المسمميحية عنممى الفممن بممالله كممما صممورته الكنيسممة ‪،‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪53‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫وحين كفممرت أوروبمما بممإله الكنيسممة وألهممت الطبيعممة اتجممه‬
‫الفن إلى المعبود الجديد وخاصة فى الفترة الرومانسممية ‪،‬‬
‫وحين صار المعبود هممو " النسممان " اتجممه الفممن كلممه إلممى‬
‫دراسة النسان فى جميع أوضاعه ‪.‬‬
‫واليمموم صممارت المعبممودات فوضممى ‪ ،‬وتمثلممت الفوضممى‬
‫كذلك فى الفن الوروبى الحديث !‬
‫وهذه نقطة فنية على أى حممال ليممس مجالهمما التفصمميلى‬
‫فممى هممذا الكتمماب إنممما ينبغممى أن تممدرس دراسممة نقديممة‬
‫متخصصة ‪.‬‬
‫ثم إنى ألفت كتابا كممامل هممو " منهممج الفممن السمملمى "‬
‫لبين العلقة بين الفممن الصممحيح والممدين الصممحيح ‪ ،‬وكيممف‬
‫تكممون مجممالت الفممن الملممتزم بالممدين ‪ ،‬وكيممف أن ارتبمماط‬
‫الفن بالدين ل يضيق مجالته كما يفهم البعض ‪ ،‬ول يحمموله‬
‫إلى مواعظ دينية كممما يفهممم البعممض الخممر ن إنممما يوسممع‬
‫مجممالته فممى الحقيقممة ويعمقهمما ‪ ،‬ولكنممه ينظفهمما فقممط‬
‫ويطهرها من الرجاس ‪.‬‬
‫وليس هنا مجال إعادة الحديث فى هذه الموضوعات ‪..‬‬
‫إنما نحن هنا نتحدث فقط عن آثممار العلمانيممة فممى الفممن‬
‫الوروبى ‪..‬‬
‫فممأول آثارهمما – فممى التسلسممل التمماريخى – هممو عبممادة‬
‫الطبيعة فى الفترة الرومانسية ‪.‬‬
‫وليممس ثمممة عيممب – كممما قلنمما مممن قبممل – فممى مناجمماة‬
‫الطبيعممة والتفاعممل معهمما والحفمماوة بهمما ‪ ،‬فممذلك كلممه أمممر‬
‫طبيعى فممى النفممس السمموية ‪ .‬ذلممك أن اللممه خلممق الكممون‬
‫جميل ثم جعل فى النفس البشرية حاسممة تلتقممط الجمممال‬
‫وتنفعل به ‪ .‬والقممرآن يمموجه الحممس توجيهمما صممريحا لرؤيممة‬
‫الجمال فى الكون والحساس به ‪ ،‬ل فى الممورود والزهممار‬
‫والجبال والوديان فحسب ‪ ،‬بممل فممى النعممام كممذلك ‪ ،‬الممتى‬
‫هى مظنة الفائدة وحدها ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪54‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(5‬‬ ‫من َْها ت َأك ُُلو َ‬ ‫مَنافِعُ وَ ِ‬ ‫فٌء وَ َ‬ ‫م ِفيَها دِ ْ‬ ‫خل ََقَها ل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫}َوالن َْعا َ‬
‫ن )‪{(6‬‬ ‫حو َ‬ ‫س مَر ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫حي م َ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫حممو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫حي م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ممما ٌ‬ ‫ج َ‬‫م ِفيهَمما َ‬ ‫وَل َك ُم ْ‬
‫]سورة النحل ‪[6-16/5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َأنَز َ‬
‫ه‬
‫جَنا ب ِ ِ‬ ‫خَر ْ‬ ‫جَنا ب ِهِ فَأ ْ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ماًء فَأ ْ‬ ‫ماِء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫}وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫كب ما ً‬ ‫َ‬
‫مت ََرا ِ‬ ‫حب ّما ً ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ضرا ً ن ُ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫جَنا ِ‬ ‫خَر ْ‬ ‫يٍء فَأ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ن ََبا َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ن أعْن َمما ٍ‬ ‫مم ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫جن ّمما ٍ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫دان ِي َم ٌ‬‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬‫ن ط َل ْعَِهما قِن ْم َ‬ ‫مم ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫خم ِ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫ه‬
‫م مرِ ِ‬ ‫شاب ِهٍ انظ ُُروا إ َِلممى ث َ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫شت َِبها ً وَغَي َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َوالّر ّ‬ ‫َوالّزي ُْتو َ‬
‫إ َ َ‬
‫ن )‪{(99‬‬ ‫من ُممو َ‬ ‫ت ل َِق موْم ٍ ي ُؤْ ِ‬ ‫م لي َمما ٍ‬ ‫ن فِممي ذ َل ِك ُم ْ‬ ‫مَر وَي َن ْعِهِ إ ِ ّ‬ ‫ذا أث ْ َ‬ ‫ِ‬
‫]سورة النعام ‪[6/99‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ماِء‬ ‫سم َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُم ْ‬ ‫ض وَأنمَز َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مَ ْ‬‫}أ ّ‬
‫ذات بهج مة ممما ك َممان ل َك ُم َ‬
‫ن ت ُن ْب ِت ُمموا‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫دائ ِقَ َ َ َ ْ َ ٍ َ‬ ‫حم َ‬ ‫ماًء فَأن ْب َت ْن َمما ب ِمهِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن )‪] {(60‬سممورة‬ ‫م ي َعْ مدُِلو َ‬ ‫م ق َ مو ْ ٌ‬ ‫ل هُ م ْ‬‫معَ الل ّهِ ب َ ْ‬ ‫ه َ‬‫ها أئ ِل َ ٌ‬ ‫جَر َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫النمل ‪[27/60‬‬
‫ولكممن رؤيممة هممذا الجمممال والتفاعممل معممه والنفعممال بممه‬
‫تحدث به فى النفس السوية توجها إلى اللممه بالعبممادة لنممه‬
‫هو خالق هذا الكون الجميممل ومسممخره للنسممان ‪ ،‬وخممالق‬
‫هذه الحاسة الجمالية فممى تركيممب النسممان ليسممتمتع بهممذا‬
‫الجمال ‪.‬‬
‫أما النكسة العلمانية فى الحس الوروبى المنسمملخ مممن‬
‫الدين فقد ذهبت فى طريق آخر مخالف ‪ ،‬فجعلت من هذا‬
‫الحس الجمالى وثنية كاملة تعبد الطبيعممة بممدل مممن عبممادة‬
‫الله ‪ .‬وقمد وردت كلممة الوثنيمة بالمذات ورودا مكمررا فمى‬
‫شعر الرومانسيين كأنما هو أمر مقصود !‬
‫بل إن الرومانسية فى الحقيقة هى التى يسرت للحممس‬
‫الوروبممى النممزلق إلممى تلممك المغالطممة المكشمموفة الممتى‬
‫جعلممت الطبيعممة إلهمما بممدل مممن اللممه ‪ ،‬حممتى سممرت هممذه‬
‫المغالطة إلممى " العلممماء " أنفسممهم فتعمماملوا معهمما كأنهمما‬
‫حقيقة واقعة ‪ ..‬بل صاروا فى النهايممة يقبلونهمما – وحممدها –‬
‫على أنها هى العلم ‪ ،‬ويرفضون الحقيقة الصلية وهى كون‬
‫الله هو الخالق ‪ ،‬ويعتبرونها إفسادا لروح البحث العلمى !‬
‫ثم ذوت الرومانسية بعد فترة من الوقت وحلممت محلهمما‬
‫الواقعية رد فعممل لهمما ‪ ،‬إذ كممانت الرومانسممية مغرقممة فممى‬
‫العلمانية‬ ‫‪55‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الخيال المغرب فجاءت الواقعيممة لممترد النمماس وتممرد الفممن‬
‫إلى الواقع ‪..‬‬
‫ولكممن أى واقممع هممو الممذى ارتممد إليممه الفممن وارتممد إليممه‬
‫الناس ؟!‬
‫إنه الواقع الصغير ‪ ..‬الهابط ‪ ..‬المنسلخ من الدين ‪ ..‬من‬
‫القيم ‪ ..‬من الخلق !‬
‫ففى الفترة التى استغرقتها الرومانسية وارتممدت بعممدها‬
‫إلممى الواقممع كممان النمماس قممد سمماروا خطمموات علممى خممط‬
‫العلمانية المنسلخة من الدين فهبطمموا ‪ ،‬فجمماءت الواقعيممة‬
‫لترصد واقعهم حيث هم ‪ ..‬ثم تقول هذا هو الواقع البشرى‬
‫!‬
‫فأما كون هذا هو الواقع الممذى كممان عليممه النمماس وقممتئذ‬
‫فهذا حق ل شك فيه ‪ ،‬وأما أن هممذا الواقممع البشممرى علممى‬
‫إطلقه فأمر يكذبه التاريخ ‪ .‬تكذبه فترات الهدى فى حيمماة‬
‫البشرية ‪ ،‬التى ارتفع الناس فيها إلى قمم تبدو – فى هممذا‬
‫الواقع المنحرف – كأنها خيالت ‪ ،‬ولكنها كانت واقعا عاشه‬
‫الناس بالفعل ‪ ،‬وينبغى أن يحاولوا على الممدوام أن يعممودوا‬
‫إلى ذلك المسممتوى السممامق أو يعممودوا إلممى قريممب منممه ‪.‬‬
‫وليس المطلوب من الفن الواقعى أن يدارى علممى هبمموط‬
‫الناس ول أن يصورهم فممى صممورة غيممر واقعيممة مممن أجممل‬
‫إرضمماء المثممل العليمما ! كل فممالفن المممزور ل يسممتطيع أن‬
‫يعيش ‪ .‬ولكن هناك فرقا بين تصوير الواقع على أنممه واقممع‬
‫نعم ‪ ،‬ولكنه منحرف عن الصل الذى كان ينبغى أن يكممون‬
‫عليه ‪ ،‬وبين تصويره على أنه هو الواقممع النسممانى الممذى ل‬
‫يمكن تعديله أو ل ينبغى تعديله أو ل يعنينا تعديله ! كلهممما‬
‫تصوير للواقع ‪ .‬وكلن أحدهما يصور الواقع المنحرف بممروح‬
‫النكار ‪ ،‬ويدعو إلى الرتفاع عنممه ‪ ،‬والخممر يعطيممه شممرعية‬
‫الوجممود فتكممون النتيجممة الحتميممة – دائممما – مزيممدا مممن‬
‫الهبوط !‬
‫نموذج الواقعية الهادفة هممو سممورة يوسممف فممى القممرآن‬
‫الكريم ‪:‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪56‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫وا َ‬ ‫ت الب ْم َ‬ ‫س مهِ وَغَل َّق م ْ‬ ‫ن ن َْف ِ‬ ‫ه ال ِّتي هُوَ ِفي ب َي ْت َِها عَ ْ‬ ‫}وََراوَد َت ْ ُ‬
‫َ‬
‫هل‬ ‫وايَ إ ِن ّ ُ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َرّبي أ ْ‬ ‫مَعاذ َ الل ّهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫ت هَي ْ َ‬ ‫وََقال َ ْ‬
‫ن َرَأى‬ ‫ول أ ْ‬
‫َ‬
‫م ب ِهَمما ل َم ْ‬ ‫ت ب ِهِ وَهَم ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن )‪ (23‬وَل ََقد ْ هَ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ي ُْفل ِ ُ‬
‫ن‬ ‫مم ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شمماَء إ ِن ّم ُ‬ ‫ح َ‬ ‫سمموَء َوال َْف ْ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ف عَن ْم ُ‬ ‫صرِ َ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫ن َرب ّهِ ك َذ َل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ب ُْر َ‬
‫ن )‪] {(24‬سورة يوسف ‪[24-12/23‬‬ ‫َ‬ ‫صي‬‫خل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَبادَِنا ال ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫}فَل َما سمعت بمك ْرهن أ َرسل َت إل َيهن وأ َعتدت ل َهن متك َأ ً‬
‫ّ َ ِ َ ْ ِ َ ِ ِ ّ ْ َ ْ ِ ِْ ّ َ َْ َ ْ ُ ّ ُ ّ‬
‫ممما‬ ‫ن فَل َ ّ‬ ‫ج عَل َي ْهِم ّ‬ ‫خمُر ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫كينا ً وَقَممال َ ْ‬ ‫سم ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫من ْهُم ّ‬ ‫حد َةٍ ِ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫َوآت َ ْ‬
‫شممرا ً‬ ‫رأ َينه أ َك ْبرنه وقَط ّع َ‬
‫ذا ب َ َ‬ ‫همم َ‬ ‫ما َ‬ ‫ش ل ِل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن وَقُل ْ َ‬ ‫ن أي ْدِي َهُ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ ُ َْ َ ُ َ‬
‫مت ُن ِّني ِفيممهِ‬ ‫ذي ل ُ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ت فَذ َل ِك ُ ّ‬ ‫م )‪َ (31‬قال َ ْ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ك كَ ِ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ذا إ ِل ّ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ممُرهُ‬ ‫ممما آ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ي َْفعَم ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م وَل َئ ِ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ست َعْ َ‬ ‫سهِ َفا ْ‬ ‫ن ن َْف ِ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫وَل ََقد ْ َراَودت ّ ُ‬
‫ن )‪] {(32‬سممورة يوسممف‬ ‫ري َ‬ ‫صمماِغ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن وَل َي َك ُممو َ‬ ‫جن َ ّ‬ ‫سم َ‬ ‫ل َي ُ ْ‬
‫‪[32-12/31‬‬
‫ولكن هذه ليست اللقطة الخيرة ‪ ..‬إنما اللقطة الخيرة‬
‫هى الوبة والتوبة والترفع والرتفاع ‪:‬‬
‫ن‬ ‫سمهِ قُل ْم َ‬ ‫ن ن َْف ِ‬ ‫ف عَم ْ‬ ‫سم َ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫ن إ ِذ ْ َراَودت ّم ّ‬ ‫خط ْب ُك ُم ّ‬ ‫ممما َ‬ ‫ل َ‬ ‫}قَمما َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫زيمزِ ال َ‬ ‫ممَرأةُ ال ْعَ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫سوٍء َقال َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مَنا عَل َي ْهِ ِ‬ ‫ما عَل ِ ْ‬
‫َ‬
‫ش ل ِل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫ن)‬ ‫صممادِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫سهِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن ن َْف ِ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫حقّ أَنا َراَودت ّ ُ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي ك َي ْمد َ‬ ‫ه ل ي َهْ م ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبالغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫م أّني ل ْ‬ ‫ك ل ِي َعْل َ‬ ‫‪ (51‬ذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫سمموِء‬ ‫ممماَرةٌ ِبال ّ‬ ‫سل ّ‬ ‫ن الن ّْف َ‬ ‫سي إ ِ ّ‬ ‫ما أب َّرئُ ن َْف ِ‬ ‫ن )‪ (52‬وَ َ‬ ‫خائ ِِني َ‬
‫م )‪] {(53‬سورة يوسف‬ ‫حي ٌ‬ ‫ن َرّبي غَُفوٌر َر ِ‬ ‫م َرّبي إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ِ‬ ‫إ ِل ّ َ‬
‫‪[53-12/51‬‬
‫ونموذج الواقعية الهابطة هو الدب الذى يدعى الواقعيممة‬
‫وهو فى الواقع يدعو إلى الهبوط ! وهبه صادقا فممى ادعمماء‬
‫الواقعية فلماذا يصر على التقاط اللحظات الهابطة وحدها‬
‫ويتجنب لحظممات الرتفمماع ؟! ثممم لممماذا ل يسمممى الهبمموط‬
‫باسمه الحقيقى وهو الهبوط ؟!‬
‫ثم ‪ ..‬تبعممثرت التجاهممات الفنيممة فممى الفممترة الخيممرة ‪..‬‬
‫ولكنها حافظت على طابع واحد ‪ ..‬هو الهبوط !‬
‫من السريالية إلى الوجودية إلى اللمعقممول ‪ ..‬إلممى أدب‬
‫الجنس المكشوف ‪..‬‬
‫أما السريالية فقد تتبعت التلحيل النفسممى الممذى أنشممأه‬
‫فرويد وقال فيه إن حقيقممة النفممس النسممانية ليسممت فممى‬
‫العلمانية‬ ‫‪57‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫النفس الواعية التى تتعامل مع الواقع الخارجى ‪ ،‬إنما هممى‬
‫فى العقل الباطن الذى ل ترتيب فيه ول منطق ! فحمماولت‬
‫فى نماذج أقمرب إلمى الخبمل منهما إلمى العقمل أن تمبرز "‬
‫حقيقة النفس النسانية " ! فلم تصنع شيئا فى الحقيقة إل‬
‫بعثرة هذه النفس إلى قطع متناثرة ل دللمة لهمما ول معنمى‬
‫ول طعم ‪.‬‬
‫وأما اللمعقول فقد كان هروبا مممن " المعقممول " هروبمما‬
‫من العقلنية التى طغممت علممى الفكممر والحيمماة الوروبيممة ‪،‬‬
‫ومحاولة للقممول بممأن الحيمماة ليسممت معقولممة ‪ ..‬ليممس لهمما‬
‫همدف ‪..‬ليمس لهما نظمام ‪ ..‬ليمس لهما منطمق ‪ ..‬ليمس لهما‬
‫غاية ‪ ..‬إنما تحدث فيها الحممداث لمجممرد الحممدوث ! وحيممن‬
‫تحدث فإنه يكون لها ثقل " الواقع " ‪ .‬ولكن حدوثها وعممدم‬
‫حدوثها سيان ! وحدوثها على هذه الصممورة وحممدوثها علممى‬
‫صورة أخمرى سميان ! لن كمل الصمور تتسماوى فمى عمدم‬
‫المعقولية وفى الفتقار إلى معنى واضح وغاية واضحة ‪.‬‬
‫ولقد كان هذا تعبيرا باطنيا حقيقيا عن أن الحياة فقممدت‬
‫معناها وفقممدت غايتهمما حيممن فقممدت الخيممط الممذى ينظمهمما‬
‫جميعمما وينظمهمما ويفسممر غايتهمما ويفسممر أحممداثها ‪ ،‬وهممو‬
‫الدين ‪ ..‬ولكن الجاهلية ل تدرك ذلممك ‪ ،‬وتأخممذ المممر علممى‬
‫أنممه مجممرد فممن ! أو إن أدركممت فإنهمما تممدرك أن الحيمماة‬
‫البشرية أصبحت فى حاجة إلى " فلسفة " جديدة تعطيهمما‬
‫معنى وتعطيها غاية ‪ ،‬بشممرط أل تكممون هممذه " الفلسممفة "‬
‫مستمدة من الدين !!‬
‫وأما الوجودية فهى أخبث مممن ذلممك لكمه ‪ ..‬ول تنمس أن‬
‫سممارتر – " الكمماتب النسممانى الغظيممم " – يهممودى مممن أم‬
‫يهودية ‪.‬‬
‫تقول وجودية سارتر إن الكون والحيمماة ل هممدف لهمما ول‬
‫غاية ‪ ..‬ول عدل فيها ول حق ‪ .‬إنما كله ضلل وعبممث ‪ .‬وإن‬
‫الوجود النسانى ضممياع كلممه ‪ ،‬ومممن المسممتحيل أن يحقممق‬
‫النسان فيه وجوده !‬
‫وإلى هنا نستطيع أن نقممول إن هممذا أيضمما تعممبير بمماطنى‬
‫صادق عن فقدان الحياة معناها وهدفها حين تفقد العنصممر‬
‫العلمانية‬ ‫‪58‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الذى يوجد الترابط بن أجزائهمما ويعطممى أحممداثها تفسمميرها‬
‫ومعناها وهو الدين ‪.‬‬
‫ولكممن وجوديممة سممارتر ل تقممف عنممد تسممجيل الضممياع‬
‫والعبثيممة وفقممدان المعنممى والغايممة ‪ ..‬ولكنهمما تقممدم حل‬
‫للمشكلة ! وياله من حل !‬
‫الحل أن يعيش كممل إنسممان وحممده ‪ ،‬وأن يحقممق وجمموده‬
‫بأن يفعل م يرى هو أنه حق وأنه واجب وأنه حسن !‬
‫فى مسرحيته " الجحيم هممو الخممرون " يرسممم الجحيممم‬
‫فممى نفممس إنسممان – إذا كممان إنسممانا ! – يتعممذب مممن أول‬
‫المسرحية إلى آخرها من جود آخرين ل يكفون عن الوجود‬
‫ممن حموله ‪ ،‬ويفرضمون عليمه أن يكونموا موجمودين معمه ‪،‬‬
‫فيمنعونه أن يكون نفسه ‪ ..‬أن يحس بذاتيته ‪ ..‬أن يفعل ما‬
‫يمليه عليه هواه الشخصى ‪ .‬فيظل سمماكنا سمماكتا يتعممذب ‪.‬‬
‫يتطلممع إلممى اللحظممة الممتى يممذهب فيهمما عنممه " الخممرون "‬
‫لينطلمممق بوجممموده المممذاتى ‪ ،‬ليحقمممق ذاتمممه ‪ ..‬وكلنهمممم ل‬
‫ينصرفون ‪ ..‬فيظل هو فى الجحيم !‬
‫أما أدب الجنس المكشوف – إن كان يسمممى " أدبمما " –‬
‫فو واضح من أن يحتاج إلى تعليق !‬
‫وفى تاريخ البشرية كله ط آداب " تعالج الجنممس بقصممد‬
‫الثممارة ‪ ،‬أو تعممبر عممن تجممارب هابطممة لنسممان شممهوان ‪..‬‬
‫ولكنها كانت تأخذ فى عالم الدب مكانا منزويا ‪ ،‬يتستر بهمما‬
‫صاحبها فى الظلم ‪ ،‬ويسقط عمن يتعاطونها رداء التمموقير‬
‫والحترام ‪ ،‬ويقبل عليها ط المراهقون " من أى عمر كانوا‬
‫‪ ،‬فليست المراهقة فترة معينة من عمر النسان كممما هممى‬
‫فممى اصممطلح علممم النفممس ‪ ،‬إنممما هممى حالممة نفسممية غيممر‬
‫مستقرة وغير متزنة يمكن أن يصاب بهمما الفممتى فممى إبممان‬
‫طيشممه ‪ ،‬ويمكممن أن يصمماب بهمما ابممن السممبعين ‪ ..‬فتخممف‬
‫أحلمممه ويممذهب وقمماره وتممذهب عنممه قممدرته علممى الحكممم‬
‫المتزن على الشياء ‪..‬‬
‫ولكن الجديد الذى أحدثه " التطور " العلمانى هو إعطاء‬
‫" الشرعية " لهذا الهبوط الحيوانى ‪ ،‬وكشممفه فممى النممور ‪،‬‬
‫وإعطمماؤه صممفة " الفممن " ‪ ،‬ووضممع منتجيممه فممى قائمممة‬
‫العلمانية‬ ‫‪59‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫المشاهير ‪ ،‬بل فى قائمة العظماء من الفنانين ! وينشممغل‬
‫النقد الدبممى والنقممد الفنممى بتتبممع آثممارهم وكشممف جمموانب‬
‫العظمة الفنية فيهم ‪ ..‬بل يتبجممح نقمماد فيبحثممون لهممم عممن‬
‫عظات " نفسية " فى وسط الماخور الكممبير الممذى يعيممش‬
‫فيه هؤلء وهؤلء من نقاد و" فنانين "‬
‫لقممد سممقط " النسممان " كلممه إلممى السممراديب ‪ ،‬وقممرر‬
‫المقام هناك ‪ ،‬وأضاء النوار على قاذوراتها وعرضممها علممى‬
‫أنها " البضاعة الحاضرة " ! ولمم تعمد سمرا يسممتخفى منمه‬
‫‪.‬لم تعد قذارة تستنكر ‪.‬ز لم تعد شيئا يتقزز منه الناس ‪.‬‬
‫أرأيت إلى دودة الرض اللصقة بالطين ؟! إنها تسممتروح‬
‫أنسممام المسممتنقع السممن الممذى تعيممش فيممه ‪ ،‬وتممرى أنممه‬
‫بالنسبة لها هو الوضع الطبيعى ‪ ..‬هممو الصممل الممذى ينبغممى‬
‫أن تعيش فيه !‬
‫أرأيت لو أنك أردت أن ترفعها من الطين وتنظفها ؟‬
‫إنها تستنكر وترفض ‪ ..‬وتتفلت من بيممن أصممابعك لممتزداد‬
‫لصوقا بالطين !‬
‫وهكذا لم يعد أدب الجنس المكشوف قذارة يترفع عنهمما‬
‫الفممن ‪ .‬إنممما صممار هممو الفممن الممذى يتفنممن فيممه الكتمماب ‪،‬‬
‫يعرضون مفاتنه – أو بالحرى مباذله – فممى تفصمميل دقيممق‬
‫مكشوف ‪ ،‬ويعرضونه على أنه قاعدة الحياة أو قمة الحياة‬
‫!‬
‫هل هى عدوى " فرويد " فى عالم الفن ؟‬
‫لشك أن فرويد مسئول عن البداية الممتى ابتممدأ بهمما هممذا‬
‫الفن الهابط ‪ .‬وقد كانت البداية هى قصممة " عشمميق ليممدى‬
‫تشاترلى ‪ Lady Chatterly’s Lover‬للقصاص النجليزى د ‪.‬‬
‫هم م ‪ .‬لممورنس ‪ D. H. Lawrence‬المتتلمممذ علممى فرويممد ‪،‬‬
‫والذى يعتبر هو نفسه " حالة فرويدية " ‪ .‬تلك القصة الممتى‬
‫صودرت وصودرت وصودرت ‪ ..‬ثم أبيحت مع حذف الجممزء‬
‫الشممديد الفحمماش منهمما ‪ .‬ثممم أبيحممت مممع جممزء منممه ‪ ..‬ثممم‬
‫أبيحت كاملة كما هى ‪ ..‬عارية من كل حيمماء ‪ ..‬وطبممع منهمما‬
‫مليين !‬
‫العلمانية‬ ‫‪60‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫ولكن فرويد وحده ل يكفى لتفسير كل ذلك الهبوط ‪..‬‬
‫إنه النسلخ من الدين ‪ ،‬الذى يسمى " العلمانية " !‬
‫ففرويممد لممم يكممن يتصممور – وإن تمنممى – أن تممأتى يمموم‬
‫تعرض فيه العملية الجنسية علممى المسممرح بوصممفها جممزءا‬
‫من مسرحية " فنية " ! ثم ينقلها التليفزيون على شاشممته‬
‫ليراها الولد والبنات فى البيوت !‬
‫وذلممك إلممى آلف وآلف مممن المسممرحيات والقصممص‬
‫والفلم والغانى والصممور والصمحف والمجلت ‪ ،‬ل تعممرض‬
‫شيئا إل الجنس ‪ ،‬ول تعرضه إلى وضع الحيوان ‪.‬‬
‫تلك هى العلمانية فى مجممالت الحيمماة المختلفممة ‪ ..‬فممى‬
‫السياسممة والقتصمماد والجتممماع والعممم والخلق والفممن ‪..‬‬
‫ولك نشاط يمكن أن يصدر عممن " النسممان " إن كممان قممد‬
‫بقى له بعد ذلك كله مكان فى عالم " النسان "!‬
‫وتقول العلمانية – الغربية علممى القممل – إنهمما ل تحممارب‬
‫الدين ! فمن شاء أن يتدين فليتممدين ! وانظممر حولممك تجممد‬
‫متدينين بالفعل ل تتعرض لهم العلمانية من قريب ول مممن‬
‫بعيد !‬
‫أرأيت لممو أن إنسممانا أطلممق حولممك كممل أنممواع الجراثيممم‬
‫الموجودة فى الرض ‪ ،‬فى الهواء الذى تتنفسه ‪ .‬فى الماء‬
‫الذى تشربه ‪ .‬فى الطعام الذى تأكله ‪ .‬فممى الوجممود الممذى‬
‫تلمسه ‪ .‬ثم قال لك إن أردت أن تظل سليما معافى فكممن‬
‫كما شئت ‪ ،‬فنحن ل نتعرض لك ! كم يكون قوله مسممخرة‬
‫المساخر ‪ ،‬وكم يكون مغالطة مكشوفة ؟!‬
‫وذلك فضل عن أنه فى عرف نفسه ل يعتممبر ممما يطلقممه‬
‫من حولك جراثيم ‪ ..‬بل يعتبرك أنت الجرثومة التى يخشى‬
‫منها على كيانه ‪ ،‬والتى لم يستطع أن يقضى عليهمما قضمماء‬
‫كامل فتركها وهو يتمنى – من الشيطان – أن تزول !‬
‫واًء{ ]سممورة‬ ‫سم َ‬
‫ن َ‬ ‫ما ك ََفمُروا فَت َ ُ‬
‫كون ُممو َ‬ ‫دوا ل َوْ ت َك ُْفُرو َ‬
‫ن كَ َ‬ ‫}وَ ّ‬
‫النساء ‪[4/89‬‬
‫إن الدين – حتى بمعنماه الغربمى المشموه – لمم يعمد لمه‬
‫مكان فى العلمانية المعاصرة ‪.‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪61‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫فممإذا كممان قممد أخممرج مممن عممالم القتصمماد ومممن عممالم‬
‫الجتماع ومن عالم العلممم ومممن عممالم الخلق ومممن عممالم‬
‫الفن ‪ ..‬فماذا بقى له من واقع الحياة وممماذا بقممى لممه مممن‬
‫النفس النسانية ؟!‬
‫بقيت له ساعة فممى الكنيسممة مممن يمموم الحممد مممن كممل‬
‫أسبوع عند أفراد من الناس !‬
‫نعم ‪ ..‬ولكن ما الدين حتى بالنسبة لهؤلء ؟‬
‫هل له واقع فى حياتهم ؟‬
‫هل يمنممح قلمموبهم الطمأنينممة اللزمممة لحيمماة النسممان ‪..‬‬
‫الطمأنينممة الممتى تتنممع التمممزق النفسممى وتمنممع القلممق‬
‫والضطراب ؟‬
‫هممل يمنممح وجممودهم معنممى يحميهممم مممن الحسمماس‬
‫بالضياع ؟‬
‫هل يمنحهم تصورا للكون والحياة والنسان غير التصممور‬
‫المادى الذى تقدمه العلمانية الجاهلية ؟‬
‫لو سممألت أولئك الخممارجين مممن سممماع الموعظممة يمموم‬
‫الحد عن رأيهم الدينى فى التعمماملت القتصممادية الربويممة‬
‫اتى تقوم عليها حياتهم فهل تجد عند أحد منهم تحريما لهمما‬
‫أو استنكارا لقيامها ؟ أم يقممول لممك قممائلهم ‪ :‬هممذه مسممألة‬
‫اقتصادية ‪ ..‬ما علقة الدين بالقتصاد ؟!‬
‫ولو سممألت أحممدا منهممم ‪ :‬ممما رأيممك فممى كممذب الساسممة‬
‫بعضهم على بعض فى السياسة الدولية ‪ ،‬وعلممى شممعوبهم‬
‫فى السياسة الداخلية ؟ ومت رأيمك فممى اللممتزام الحزبممى‬
‫الذى يلزم صاحبه بالمعارضة أو التأييد حسب وضممع حزبممه‬
‫من السلطة ؟ وما رأيممك فيممما تكتبممه الصممحافة السياسممية‬
‫بقصد التشويش على الحقائق ل بقصد إظهممار الحممق ؟ أل‬
‫يقول لك على الفور إن هذه مسممائل سياسممية ‪ ..‬ول دخممل‬
‫للدين بالسياسة ؟!‬
‫ولو سألت الفتاة وصديقها الخارجين من " الصمملة " ممما‬
‫قولكما فى العلقة القائمة بينكما ؟ ألسي الدين يحرمها ؟‬
‫أل يقممولن لممك إن الممدين مسممألة اعتقاديممة ول علقممة لممه‬
‫العلمانية‬ ‫‪62‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫بالعلقممات الجتماعيممة ؟! إن لممم يقممول لممك – كممما يقممول‬
‫الكثيرون والكثيرات – إن الجنس مسألة بيولوجية بحتممة ل‬
‫علقة لها بالدين ول علقة لها بالخلق ؟!‬
‫كل ! ما يزيد " الدين " فى ظل العلمانية على أن يكممون‬
‫مجرد وجدانات حائرة ل تلبث أن تتبدد وتضيع فى الدوامممة‬
‫العاتية المعادية لكل ما يأتى من عند الله !‬
‫‪  ‬‬

‫العلمانية والسلم‬
‫إذا صحت دعوى العلمانيين فممى الغممرب بالنسممبة للممدين‬
‫الكنسى أنهم يتعايشون معممه ويتعممايش معهممم دون تممدخل‬
‫من أحممدهما فممى شممؤون الخممر – وهممى كممما رأينمما ليسممت‬
‫صحيحة فى الحقيقة‪ -‬فإنها بالنسبة للسمملم ل تصممح علممى‬
‫الطلق !‬
‫لقد كان الدين الكنسمى منمذ اللحظمة الولمى دينما يهتمم‬
‫بالخرة ويدير ظهره للحياة الدنيا ‪ ،‬نتيجة ما دخل فيممه مممن‬
‫تحريف فصل الشريعة فيممه عممن العقيممدة ‪ ،‬وجعلممه عقيممدة‬
‫صرفا إل فيما يتعلق بالحوال الشخصية ‪ ..‬ومممع ذلممك فقممد‬
‫كان العمل من أجل الخرة يلقى أثره على الحيمماة المدنيا ‪،‬‬
‫قصد الناس أم لم يقصدوا ‪ ،‬ووعوا ذلك فى إدراكهم أم لم‬
‫يعوه ‪ ،‬فكان ذلك الدين – رغم التحريممف الضممخم فممى كممل‬
‫جوانبه – يعطى أثارا واقعية فى حيمماة النمماس وسمملوكهم ‪،‬‬
‫وتصمموراتهم ومشمماعرهم ‪ ،‬وهممى الممتى جمماءت العلمانيممة‬
‫لتزحزحها من مكانها رويدا رويدا حتى أجلتها إجلء كممامل ‪،‬‬
‫فلممم يعممد للممدين عنممد الكثريممة العظمممى مممن النمماس فممى‬
‫الجاهلية المعاصرة مكان على الطلق ‪ ،‬وبقى عند القليممة‬
‫" المتدينة " مجرد مشاعر ووجدانات ‪ ،‬وعلى الكممثر بعممض‬
‫" العبممادات " ولكممن هممذه وتلممك ل تحكممم شمميئا فممى واقممع‬
‫الحياة ‪ .‬وبهذا وحده – أى بمسخ الدين على هممذه الصممورة‬
‫المزرية – أصبحت العلمانية تتعايش – على مضض ! – مع‬
‫الدين ! وقد كان هذا مسخا بالنسبة للدين الكنسممى ذاتممه ‪،‬‬
‫العلمانية‬ ‫‪63‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫الذى شوهته الكنيسة حتى قطعت صلته بالصل السماوى‬
‫‪ ..‬فكيف يكون المر بالنسبة لدين الله الحق ؟!‬
‫إن الدين احق ل يمكن ابتداء أن يكون عقيممدة مفصممولة‬
‫عن الشريعة ‪ ..‬فاللتزام بالشريعة – فى دين الله الحممق –‬
‫هو مقتضى العقيممدة ذاتهمما ‪ .‬مقتضممى شممهادة أن ل إلممه إل‬
‫اللممه وأن محمممدا رسممول اللمه ‪ ..‬بحيممث ل تكممون الشممهادة‬
‫صحيحة وقائمة إن لم تؤد عند صاحبها هممذا المعنممى ‪ ،‬وهممو‬
‫اللتزام بما جاء من عند الله ‪ ،‬والتحاكم إلى شريعة اللممه ‪،‬‬
‫ورفض التحاكم إلى أى شريعة سوى شريعة الله ‪.‬‬
‫م ث ُم ّ‬
‫م‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬
‫ش َ‬‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫}َفل وََرب ّ َ‬
‫سمِليما ً )‬ ‫َ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫سمل ّ ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫ما قَ َ‬
‫ضي ْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫حَرجا ً ِ‬‫م َ‬
‫سه ِ ْ‬
‫دوا ِفي أنُف ِ‬ ‫ج ُ‬‫ل يَ ِ‬
‫‪] {(65‬سورة النساء ‪[4/65‬‬
‫يقول ابن تيمية فى كتاب اليمان )ص ‪ 33‬من طبعة دار‬
‫الطباعة المحمدية بالقاهرة( ‪:‬‬
‫" والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من مسمى‬
‫أسممماء المممور الواجبممة كاسممم اليمممان والسمملم والممدين‬
‫والصمملة والطهممارة والحممج وغيممر ذلممك فإنممما يكممون لممترك‬
‫واجمب فمى ذلمك المسممى ‪ ..‬وممن همذا قموله تعمالى )فل‬
‫وربممك ل يؤمنممون حممتى يحكممموك فيممما شممجر بينهممم ثممم ل‬
‫يجدوا فى أنفسمهم حرجمما ممما قضميت ويسمملموا تسمليما(‬
‫فلما نفى اليمان حتى توجد هذه الغايممة دل ذلممك علممى أن‬
‫هذه الغاية فرض على النمماس فمممن تركهمما كممان مممن أهممل‬
‫الوعيد " ‪.‬‬
‫لقد نممزل هممذا الممدين ليعطممى التصممور الصممحيح لحقيقممة‬
‫اللوهية وحقيقة العبودية ‪ ،‬وليقيم فى عممالم البشممر واقعمما‬
‫محكوما بهذا التصور ‪ ،‬منبثقا عنممه ‪ ،‬مرتبطمما بممه ‪ ،‬متناسممقا‬
‫معممه فممى كليمماته وجزئيمماته ‪ ،‬ول يتصممادم معممه ول ينحممرف‬
‫عنه ‪.‬‬
‫فالله الخالق البارئ المصور ‪ ،‬الرازق المحيى المميممت ‪،‬‬
‫المممدبر اللطيممف الخممبير ‪ ،‬عممالم الغيممب والشممهادة ‪ ..‬بكممل‬
‫أسمائه وصفاته المواردة فمى كتمابه المنمزل ‪ ،‬همو المتفمرد‬
‫العلمانية‬ ‫‪64‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫باللوهية والربوبيممة ‪ ،‬وهممو المسممتحق للعبممادة وحممده بغيممر‬
‫شريك ‪..‬‬
‫وكل ما فى الكون وكل من فى الكون غيره سبحانه هم‬
‫خلقه وعباده ‪ ..‬واجبهم عبادته وحده بغير شريك ‪.‬‬
‫والنسان واحد من خلقه ‪ ..‬متميز ‪ ..‬نعم ‪ ..‬مكرم نعم ‪..‬‬
‫ذو وعى وإدراك وإرادة وفاعلية ‪ ..‬نعم ‪ .‬ولكنه مخلوق من‬
‫مخلوقات الله ‪ ،‬واجبه ككممل خلقممه الخريممن محصممور فممى‬
‫عبادة الخالق وحده بغير شريك ‪.‬‬
‫ولقد كرمممه اللممه بممالوعى والدراك والرادة والفاعليممة ‪،‬‬
‫وأعطاه قدرا من الحرية فى تصرفاته الرادية يملك بممه أن‬
‫يسير فى طريق الطاعة وأن يسير فى رطيق العصمميان ‪..‬‬
‫ولكنه ل يرضى من عباده إل أن يعبدوه ‪:‬‬
‫ضى ل ِعَِبادِهِ ال ْك ُْفَر‬ ‫م َول ي َْر َ‬ ‫ي عَن ْك ُ ْ‬ ‫ه غَن ِ ّ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ت َك ُْفُروا فَإ ِ ّ‬ ‫}إ ِ ْ‬
‫م{ ]سورة الزمر ‪[39/7‬‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ض ُ‬‫شك ُُروا ي َْر َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫وَإ ِ ْ‬
‫والممذى يقممرر العبممادة المفروضممة علممى كممل كممائن مممن‬
‫الكائنات هو خالق الكائنات جميعا ‪ ،‬الذى خلقها وحده بغير‬
‫شريك ‪ ،‬ومن تفرده بالخلق ينشأ انفراده بالحاكمية ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُر{ ]سورة العراف ‪[7/54‬‬ ‫خل ْقُ َوال ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫}أل ل َ ُ‬
‫وبحق الحاكمية الناشئ من التفرد بالخلق أمممر النسممان‬
‫أن يعبده وحده ويخلص العبادة له ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه{ ]سورة يوسف‬ ‫دوا إ ِل ّ إ ِّيا ُ‬ ‫مَر أل ّ ت َعْب ُ ُ‬ ‫م إ ِل ّ ل ِل ّهِ أ َ‬ ‫حك ْ ُ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫}إ ِ ْ‬
‫‪[12/40‬‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ص{ ]سورة الزمر ‪[39/3‬‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫دي ُ‬‫}أل ل ِل ّهِ ال ّ‬
‫ل إني أ ُمرت أ َ َ‬
‫ن )‪{(11‬‬ ‫دي َ‬ ‫خِلص ما ً ل َم ُ‬
‫ه ال م ّ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ن أعْب ُد َ الل ّم َ‬ ‫ِ ْ ُ ْ‬ ‫}قُ ْ ِ ّ‬
‫]سورة الزمر ‪[39/11‬‬
‫وإخلص العبادة يقتضى العتقاد بوحدانيممة اللممه سممبحانه‬
‫وتعممالى ‪ ،‬ويقتضممى تمموجيه الشممعائر التعبديممة لممه وحممده ‪،‬‬
‫ويقتضى كذلك التصديق بكل ما جاء من عنده على لسممان‬
‫رسوله صلى اللممه عليممه وسمملم ‪ ،‬والحتكممام إلممى شممريعته‬
‫وحدها دون الشرائع الجاهلية التى يصنعها البشر مممن عنممد‬
‫أنفسهم دون سملطان ممن اللمه والخلل بمأى واحمدة ممن‬
‫العلمانية‬ ‫‪65‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫هذه الثلثة يوقع النسان فممى الشممرك ويخرجممه مممن دائرة‬
‫اليمان ‪:‬‬
‫ن‬‫مم ْ‬‫دون ِهِ ِ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما عَب َد َْنا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫كوا ل َوْ َ‬‫شَر ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫}وََقا َ‬
‫يٍء{‬ ‫شم ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مم ْ‬ ‫دون ِمهِ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مم ْ‬‫من َمما ِ‬ ‫حّر ْ‬‫ن َول آَباؤُن َمما َول َ‬ ‫حم ُ‬ ‫يٍء ن َ ْ‬
‫شم ْ‬‫َ‬
‫]سورة النحل ‪[16/35‬‬
‫ذا ل َ َ‬ ‫َ‬
‫يٌء‬‫شم ْ‬ ‫ن هَ م َ‬ ‫حممدا ً إ ِ ّ‬
‫ة إ َِلهما ً َوا ِ‬ ‫جع َ م َ‬
‫ل الل ِهَم َ‬ ‫كممما قممالوا ‪} :‬أ َ‬
‫ب )‪] {(5‬سورة ص ‪[38/5‬‬ ‫جا ٌ‬
‫عُ َ‬
‫فهذه هى الثلثة التى أوقعتهم – أساسا – فى الشممرك ‪:‬‬
‫توجيه الشعائر التعبدية لغير الله ‪ ،‬والتحليل والتحريممم مممن‬
‫دون الله ‪ ،‬والعتقاد بوجود آلهة مع اله ‪..‬‬
‫وكلها مجتمعممة شممرك ‪ ،‬وكممل واحممدة بمفردهمما شممرك ل‬
‫يستقيم معه إيمان ‪..‬‬
‫والمعاصى تقع من البشر جميعا ‪ :‬كل بنممى آدم خطمماء "‬
‫‪"14‬‬
‫ولكنها ل تخرجهم من اليمان باتفاق علماء المة ‪..‬‬
‫إل أن يجعلوهمما شممرعا فعنممدئذ يكفممرون بهمما ‪ .‬بممل هممم‬
‫يكفرون بالتشممريع ولممو لممم يرتكبمموا المعصممية بأنفسممهم ‪..‬‬
‫فالذى يقول – بلسممانه أو بفعلممه – إن اللممه أمممر بقطممع يممد‬
‫السممارق ولكنممى أرى أن العقوبممة المناسممبة للسممارق هممى‬
‫السجن – وهو ما تفعله العلمانية الجاهلية – فقد كفر بذلك‬
‫وإن لم يسرق بنفسه ولم يفكر فى السرقة ‪.‬‬
‫والممذى يقممول – بلسممانه أو بفعلممه – إن اللممه أمممر برجممم‬
‫الزانى المحصن وجلد الزانى غيممر المحصممن ‪ ،‬ولكنممى أرى‬
‫أنه ل عقوبة على الزنا إذا كمان برضممى الطرفيممن البممالغين‬
‫الراشدين )أى لم تكن الفتاة قاصرا( ولم تقع شممكوى مممن‬
‫أحد الزوجيممن ؛ فممإن كمان هنمماك اغتصمماب أو اشممتكى أحممد‬
‫الزوجين فالعقوبة هى السجن – وهممو ممما تفعلممه العلمانيممة‬
‫الجاهلية – فقد كفر بذلك وإن لم يرتكب الفاحشة بنفسممه‬
‫ولم يفكر فى ارتكابها ‪..‬‬
‫وكذلك كل شرع من شرع الله ‪..‬‬

‫" " رواه أحمد ‪.‬‬ ‫‪14‬‬


‫العلمانية‬ ‫‪66‬‬

‫تم تنزيل هذه المادة من موقع طريق السلم‬


‫‪www.islamway.com‬‬
‫من اعتقد بأفضلية غيره عليه ‪ ،‬أو حتي مساواته معممه ‪،‬‬
‫فعدل عنه إلي غيره ‪ ،‬أورضي بغيره ولممم يجاهممده بيممده أو‬
‫بلسانه أو بقلبه فقد خممرج مممن دائرة اليمممان ‪ ،‬وأن صمملي‬
‫وزعم أنه مسلم !‬
‫َ‬
‫ق‬
‫ريم ٌ‬ ‫م ي َت َموَّلى فَ ِ‬ ‫ل وَأط َعَْنا ث ُم ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫مّنا ِبالل ّهِ وَِبالّر ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫}وَي َُقوُلو َ‬
‫ذا د ُعُمموا‬ ‫ن )‪ (47‬وَإ ِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ك ب ِممال ْ ُ‬ ‫ممما أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ن ب َعْدِ ذ َل ِم َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ن)‬ ‫ضممو َ‬ ‫معْرِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫من ْهُ م ْ‬ ‫ريقٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذا فَ‬ ‫م إِ َ‬ ‫م ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫سول ِهِ ل ِي َ ْ‬ ‫إ ِلى اللهِ وََر ُ‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن )‪ (49‬أ َفِممي‬ ‫ْ‬
‫عِني َ‬ ‫م مذ ْ ِ‬ ‫ح مقّ ي َمأُتوا إ ِل َي ْمهِ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬‫ن ل َهُ م ْ‬ ‫ن ي َك ُم ْ‬ ‫‪ (48‬وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه عَل َي ْهِ م ْ‬ ‫ف الل ّم ُ‬ ‫حي م َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫م يَ َ‬ ‫م اْرَتاُبوا أ ْ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫قُُلوب ِهِ ْ‬
‫ل‬ ‫ن ق َ مو ْ َ‬ ‫ممما ك َمما َ‬ ‫ن )‪ (50‬إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م الظ ّممال ِ ُ‬ ‫ك هُ م ْ‬ ‫ل أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ه ب َم ْ‬ ‫سممول ُ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫ن ي َُقوُلوا‬ ‫َ‬
‫مأ ْ‬ ‫م ب َي ْن َهُ ْ‬‫حك ُ َ‬ ‫سول ِهِ ل ِي َ ْ‬ ‫عوا إ َِلى الل ّهِ وََر ُ‬ ‫ذا د ُ ُ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫ن )‪] {(51‬سورة النممور‬ ‫حو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك هُ ْ‬ ‫معَْنا وَأ َط َعَْنا وَأ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫س ِ‬‫َ‬
‫‪[51-24/47‬‬
‫ك{ ]سممورة النسمماء‬ ‫مممو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حت ّممى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫من ُممو َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫}َفل وََرب ّ َ‬
‫‪[4/65‬‬
‫" إنه يستعمل عليكم أمممراء فتعرفممون وتنكممرون ‪ .‬فمممن‬
‫كرة فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع "‬
‫" فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ‪ .‬ومن جاهممدهم بلسممانه‬
‫فهو مؤمن ‪ .‬ومن جاهدهم بقلبه فهو مممؤمن ‪ .‬وليممس وراء‬
‫ذلك من اليمان حبه خردل "‬
‫فإذا كان هممذا أمممر اللممه ورسمموله فممأني يقممول قممائل إن‬
‫السلم يمكن أن يلتقي مع العلمانية الممتي تقممول ‪ :‬ل ديممن‬
‫فممي السياسممة ول سياسممة فممي الممدين ؟! أو تقممول إن‬
‫القتصاد ل علقة له بالممدين ‪ ..‬أو تفصممل بيممن حكممم الممدين‬
‫‪15‬‬
‫وبين أي شي في حياة النسان ؟!‬

‫أنظر تفصيل لهذه القضية في كتاب ‪ ،‬مفاهيم ينبغي أن تصحح‬ ‫‪15‬‬

Das könnte Ihnen auch gefallen