Beruflich Dokumente
Kultur Dokumente
2
الفهرست
5 تمهيد
7 مقدمة
تمهيد
يحتوي الكتاب الذي تحمله بين يديك على عشرين مقالة متميزة
قدمها شباب من المصريين الذين اشتركوا في مسابقة لكتابة مقال تحت
عنوان "أنا ليه ليبرالي؟" ،هذه المسابقة هى الولى من نوعها في
مصر ،أقيمت في النصف الول من عام 2009تحت رعاية كل من
مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية وكذلك اتحاد الشباب
الليبرالي المصري ،كما حظيت بدعم الشركاء العلميين جريدة
"المصري اليوم" وإذاعة "حريتنا".
وهذه المسابقة لكتابة مقال بهذا الشأن وكذلك المطبوعة التي نحن
بصدها الن إنما تستهدفان إعطاء فرصة للشباب المصري لكي
يشرحوا بكلماتهم وتعبيراتهم الخاصة ماذا يعني لهم أن يكون الفرد
ليبراليا اليوم .ويري القائمون على تنظيم المسابقة أن مجرد دعوتهم
للشباب كي يعبروا عن أفكارهم ومعتقداتهم هو في أساسه انتهاج
لقاعدة ليبرالية أساسية.
المقدمة
بأن ما يردده خصومهم عنهم ليس فقط من قبل الضيم والخبث ولكنه
أيضا مضلل في بعض الحيان.
وفي صميم تلك المواقف تأتي حرية الفرد ،فتعزيز تلك الحرية
وحمايتها من كافة أنواع التعدي إنما هو جوهر كافة المساعي
الليبرالية .والنظام الليبرالي ل ينظر إلى حرية الفرد بمنائي عن
المسئولية ،المر الذي يضيف لليبرالية بُعدا اجتماعيا .وفي المفهوم
الفلسفي السياسي فإن تصدر حرية الفرد وأولويته في الفكر الليبرالي
هو الذي يفضي إلى المفاهيم العظيمة الخاصة بحقوق النسان وسيادة
القانون والمساواة في الفرص داخل المجتمع ،فكل تلك المفاهيم
العظيمة للحضارة النسانية ،التي تدخل في عداد " البتكارات" ،إنما
هي نتاج لعدد ل حصر له من المعارك والصراعات على مر القرون،
معارك كان فيها دوما الليبراليون ،رجالً ونساء في المقدمة.
أنا ليه ليبرالى ؟
10
ومن ضمن خبراتي الكثر إثارة ومتعة منذ مجيئي إلى تلك البقعة
من العالم قبل عامين ونصف هى اكتشاف ما أرغب في أن أطلق عليه
ديناميكية الليبرالية المصرية ،فالمصريون الليبراليون أقوى كثيرا من
حيث العدد والقدرة الفكرية مما يعتقد الكثير من الناس من داخل
أنا ليه ليبرالى ؟
11
وخارج البلد بل ،ما يبعث على السعادة ،أن الليبرالية المصرية
تحمل قدرات يمكن أن تجعلها في المستقبل أقوى كثيرا من المنظمات
القائمة التي تزعم تمثيلها لليبرالية الن ،ودعوني أُعقب سريعا أن ذلك
ليس فقط بسبب قصور تلك المنظمات وإنما هو أيضا نتاج لمناخ
سياسي فقير الدعم أو -بصراحة تامة -معاد للتعبئة السياسية
الليبرالية.
ويقودني هذا السياق مباشرة لمقالت هذا الكتاب ،فهى تعكس ثراء
الفكر الليبرالي وأصالته بين الشباب المصري .ولشد ما كان إعجابنا –
نحن مؤسسة فريدريش ناومان وكذلك المحكّمين بتلك المسابقة الذين
قاموا بتحليل المقالت المقدمة بعناية فائقة وبأكثر قدر ممكن من
الحيادية -لشد ما كان إعجابنا بما كتب أثناء قراءة المقالت .وفي
النهاية كانت مهمتنا لختيار 20مقالً مما نراه الكثر قيمة بين
المقالت المقدمة شديدة الصعوبة.
الفصل الول
محاولت لتعريف
الليبرالية
أنا ليه ليبرالى ؟
15
أنا ليه ليبرالى ؟
16
أركان الليبرالية
الفرد :فقيم وإجراءات الليبرالية تبدأ وتنتهي بالفرد ،باعتباره شخص له
هويته المنفصلة .وأن سعي الفرد لتحقيق ذاته وتنمية قدراته ،هو
الغرض الساسي الذي يجب أن تسعى ورائه الدولة ،وهي القيمة
السياسية النهائية .وعليه فإن الليبرالية تسعى نحو استبعاد العوائق التي
تحول دون تطوير الفرد لذاته.
الملكية :يرى معارضوا الليبرالية أنه من أبرز مثالبها ،صعوبة التوفيق
بين حق الملكية الفردية من ناحية ،وحق جميع الفراد في تطوير
قدراتهم –المبدأ الخلقي الساسي لليبرالية كما ذكرنا سالفا -من
ناحية أخرى .أي أن حق الملكية الفردية يدعم علقات القوة والطبقية
بين الفراد ،مما يفرغ مبدأ حق الفراد في تطوير وتنمية قدراتهم من
محتواه .إل أن الملكية الفردية ليبراليا ،تقوم على مبدأ عدم الستبعاد.
أي أن حق الملكية الفردية ل يستبعد الخرين من النتفاع بشيء ما،
ومقابل ذلك يتعامل الفرد بالمثل ،أي ل يستبعد من الخرين .فمفهوم
الملكية في الفكر الليبرالية أوسع بكثير من مجرد التركيز على ملكية
الفرد الذاتية مقابل حق الخرين.
المساواة :أحد الركان المحورية والقيم الجوهرية في الفكر الليبرالي.
وهي تستند على عدة أبعاد هي ،المساواة السياسية ،أي المساواة أمام
صناديق النتخاب ،فكل من تنطبق عليه الشروط يحق له التصويت
بنفس الوزن لغيره ،والمساواة في الترشيح للمناصب ما توافرت
شروط الترشيح في شخص المرشح .المساواة القانونية ،فالفراد ل
يتميزون أمام القانون .المساواة في الحراك الجتماعي ،فكل فرد في
المجتمع له الحق في النتقال من طبقة إلى أخرى وفقا لقدراته
وكفاءته .المساواة القتصادية ،أن يضمن لكل فرد تأمين مستوى
اقتصادي معين "المن القتصادي" وليس المساواة في الدخل بين كافة
أنا ليه ليبرالى ؟
19
الليبرالية من خلل قوى السوق ومن خلل قيمها الخرى ،بما يعود على
الفرد نفسه وعلى المجتمع ككل بكل ما هو إيجابي.
والن ،دعونا نتصور أن المجتمع المصري قد تحول إلى الفكر
الليبرالي من خلل حكومته ومجتمعه ،فكيف سيكون المستقبل؟.
ل شك أن المواطن الذي ينشأ في جو من الحرية ،ويربى على
احترام الخرين والعناية بهم وبخيرهم ومصلحتهم ،ويقابل بصدر
رحب الراء المخالفة لمعتقداته ،هو المواطن القادر على أن يحيا حياة
إنسانية رفيعة ،فيكون شخصية قادرة على الخلق والبداع ،وعلى تنمية
ملكاته إلى أقصى حد .كما أن الليبرالية تساعد المجتمعات على
التخلص من الصراعات والخلفات بالطرق السلمية ،فكل مجتمع به
اختلفات ،والليبرالية تضفي الشرعية على الختلف بين أشكال
التعبير ،وتسعى ليجاد حلول وسط عن طريق الحوار ونبذ العنف،
وذلك من خلل وجود مؤسسات وميكانيزمات لحل الصراعات ،تعمل
على توسيع نطاق المشاركة السياسية وحماية الحريات .كما تضمن
الليبرالية للمجتمع التغيير السلمي ،وذلك من خلل ما تتيحه من إمكانية
الحراك الجتماعي ،وإتاحة الفرص المتساوية للجميع في الوصول إلى
المناصب العليا مادامت الكفاءة والقدرات متوفرة ،مما يقي المجتمع أية
هزات اجتماعية ،قد تصل إلى عنف اجتماعي ل تحمد عقباه .ومن هنا
فسوف تساعد الليبرالية في القضاء على كافة أشكال الفساد والواسطة
والمحسوبية خاصة في الحصول على الوظائف –وهي أكثر ما يهم
الشباب -ومن ثم معالجة أخطر مشاكل المجتمع المصري تدريجيا
وهي البطالة ،واختفاء الطبقة الوسطى .بالضافة إلى أنها سوف تدعم
التعاقب المنتظم للسلطة ،ومن ثم تجديد الدماء في المجتمع ،وثقله
بأفكار جديدة ،والتي من شانها تحقيق التنمية والرخاء داخل المجتمع،
وتقيد الشعور بالغتراب ،وعدم النتماء .كما أن تحقيق العدالة سيكون
أنا ليه ليبرالى ؟
21
سينثيا فرحات
بها وهذا سبب كافي للبرهنة علي عدم صلحية تطبقها ،ونحتاج الكثير
من الشجاعة لمواجهة اعترافنا بذلك أمام أنفسنا.
ولماذا الليبرالية؟ إن اختياري الفردي لمصلح الليبرالية ليكون
أحدي التعريفات الرئيسية التي أعرف بها نفسي لم يأتي فقط عن اقتناع
بفكرة ،بل وأكثر من ذلك بكثير ،الليبرالية هي فلسفة سياسية
واجتماعية فكرية وجدت نفسي أتعامل بها وأنا أحاول عيش قيم أخاء
واحتمال بوضع حقوق كل من حولي كأحدي أولوياتي في حياتي
ل من أكوناليومية وطموحي لكون فقط بذرة صغيرة من الحل بد ً
عامل سلبي في معادلة المشكلة ،وأحدي النقاط الجوهرية التي تجعلني
أجد فخر في تمثيل ذاتي بذلك المصطلح لن الليبرالية قادرة علي
طرح نفسها في صيغة تساؤل نقضي مثل هذا وتحتمل أن أكتب الن
في صالحها أو ضدها وتكفل لي نفس الحقوق في كلتا الحالتين دون
أي انتقاص أو ترهيب لكن الليبرالية نظام سياسي واقتصادي ونهج في
التفكير الفلسفي والحياتي اليومي ل يوجد فيه نظام عقابي لمن يشكك
به ويحلله وينقضه ،بل حرا تختاره ،وحرا تنقضه ،وحرا ترفضه
أيضا ،بل وما هو أكثر من ذلك ،ستكفل لي الليبرالية العلن
والجهار بعدم إعجابي ورفضي لها من خلل قنواتها المختلفة! ولذلك
ل أقبل أن أمثل نفسي بفكرة إل إذا تقبلت تلك الفكرة رفضي لها إن
قررت أن افعل ذلك في يوم من اليام ،ولكن تلك الدرجة من الحتمال
إن أودت لشيء فهو أن تجعلني أكثر تمسكا بها.
الليبرالية تفترض بى المسؤولية والهلية العقلية لتحمل عاتق
الحرية ،التي هي أصعب في رأيي من الولدة داخل منظومة مُحكمة
من العبودية الفكرية التي توفر ظاهريا التنصل عن المسؤولية الفردية
التي تأتي مع الفرادنية لنها ترمي علي عاتقي الختيار الذي لم
يُعرض للرقابة الفكرية المتشددة ،بل كل شيء أمامي وعليّ أن اختار
أنا ليه ليبرالى ؟
26
اختياري الفردي لتمثيل نفسي بالليبرالية ليس فقط بتوجه نابع عن
حبي للتسامح بل أيضا للبرجماتية المنفعية وللستفادة ،ولذلك هي
تحمل بذرة الرتقاء الذاتي الذي هو سمة رئيسية للكوكب الذي نعيش
فيه ،إن الليبرالية هي تراكم معرفي لمئات السنين من النضال البشري
الرتقائي في الحضارة النسانية ،فكرة تبلورت عبر مئات السنين من
التجربة والخطأ والتسامح ،لخلق مناخ يصلح لتطبيق الحريات السياسية
والفردية والقتصادية والعلوم والفنون والفكار السلمية تحت مسمي
الليبرالية أي الحرية التي هي أحدي أولي أهداف الجنس البشري منذ
حقب وعصور ماضية ،وأكثر من ذلك فهو منهج سياسي وفكري
يصلح لمئات السنين القادمة وإن ظهرت فكرة أفضل منها فإن
الليبرالية قابلة للتطور معها وعدم إقصائها .فهي فلسفة جسور وأبواب
مفتوحة وليست حوائط جاهزة مغلقة ،أو هويات ملقنة.
الليبرالية نهج في التفكير تبلور بالمنهج العلمي التجريبي في
التفكير العلمي والنقدي وأثبتت استطاعة تطبيقها ونجاحها فأصبحت
أعتنقها لجل احتياج شديد لتطبيقها لخلق لنفسي مناخ يحتضن مساري
الرتقائي بما أنني جزء من هذا الكوكب في تلك اللحظة التاريخية،
ولن الرتقاء والتغيير سمة جوهرية لكوكب الرض ولن ينتظر أن
اعترف به أم ل ،ولن يتقهقر للخلف بى أو بدوني ،ولكن العتراف
بالتطور والرتقاء حاجة لي كفرد وكجزء من المجتمع لكون في
تماهى مع طبيعة التطور لتصالح مع العالم ومع وجدي فيه وأجد
لنفسي مساحة صغيرة لبدع في حياتي علي المستوي الفردي
والجتماعي.
الليبرالية (الحرية أو التحررية) من الفكار القليلة في العالم التي
تطرح النقض الذاتي والغيري كأحدي أقطابها الرئيسية لنها أحدي
نتاج التراكم البشري التجريبي النسبي الذي اكتشف أن الحرية هي
أنا ليه ليبرالى ؟
28
أعلنوا كراهيتهم لها بشكل كامل مثل عمر بكري وهو دائما كان
يرفضها وينقضها إلي أن قرر إعلن الحرب المسلحة عليها بعد سنين
من الرفاهية والعيش من خير دافعي الضرائب النجليز الذي شجع
علي ممارسة العنف ضدهم؟ فهل نستطيع بغير الليبرالية أن نصل إلي
تلك الدرجة من الرقي وأعطاء فرص لمعارضينا إن عبروا عن نفسهم
بالطرق السلمية والغير عنيفة؟
فنحن ل نقبل المختلفين معنا والمعارضين لنا لذلك ل تجد في
الدول الغير ليبرالية تداول سلمي للسلطة ،ل تجد مشهد بقوة المشهد
الذي رأيناه في الوليات المتحدة المريكية عندما أنحني الرجل
البيض أمام الرجل السود الذي أستعبده منذ عهد قريب وهو يعطيه
مفتاح البيت البيض ليحكمه منه.
هذا المشهد الذي هز العالم كان من المشاهد القليلة التي رأيتها
وجعلتني أسعد لوجودي في تلك اللحظة التاريخية وأشاهد هذا المشهد
الذي لم يكن فقط بطله الرجل السود الذي أنتصر علي القمع
والعبودية ،بل النتصار الكبر كان للرجل البيض الذي أنتصر وهزم
عنصريته .وهذا المشهد هو إجابة سؤال لماذا أنا ليبرالية فهي
النتصار علي عنصرياتنا الفردية قبل أن تكون انتصار لمن نعطيهم
حقوقهم.
لقد قال أبرهان لينكلن "كما ل أقبل أن أكون عبد ،ل أقبل أن أكون
سيد" ،ومن ثم ،كما ل أقبل أن أكون ضحية للقمع ل أقبل أن أكون
طرفا صامت لصالحة.
أنا ليه ليبرالى ؟
30
أنا ليه ليبرالى ؟
31
أمير معدى
في روايته " فيرونيكا تُقرر أن تموت " ذكر باولو كويلوا على
لسان إحدى شخصيات الرواية وهى مريضة فى مستشفى للمجانين
قصة تقول :
"أراد ملك إحدى البلد أن يدمر مملكة كاملة ..دس جرعة سحرية فى
البئر التي يشرب منها السكان .كل من يشرب من البئر سوف يصاب
بالجنون ..في الصباح التالي شرب كل السكان من البئر ،وأصابهم الجنون
بخلف الملك وعائلته ،الذين كانت لديهم بئر خاصة بهم وحدهم ،وكان هَم
الملك من ذلك هو أن يخضع كل من فى مملكته لوامره ،وأن يستمر في
حكمه للبلد دون أي توتر أو ثورات.لكن ما حدث كان غير ذلك ،فبعد أن
أصدر الملك سلسلة من الوامر والحكام المتعلقة بالمن والصحة العامة،
وجد نفسه أكثر قلقًا .فرجال الشرطة والمخبرون شربوا أيضًا من الماء
المسمم وفكروا فى أن قرارات الملك كانت شاذة ولم َيْأبَهوا بها .عندما سمع
سكان المملكة بتلك الوامر والحكام ،اقتنعوا جميعا بأن الملك قد جُن
وأصبح يُصدر أوامر غير منطقية ،فساروا في مظاهرة إلي القصر مطالبين
بخلعه من الحكم .لم يجد الملك سوى أن يشرب هو الخر من ماء الجنون
وبذلك يكون مثلهم سواء .وبدأ مباشرة في الحديث غير المنطقي .ندم
وتاب مواطنوه على الفور .الن حينما صار الملك يمتلك كل تلك الحكمة
فى رأيهم ؛ لِم ل يُسمح له بالستمرار فى حكم البلد ....وظلت البلد تعيش
فى سلم ،رغم أن سكانها يتصرفون بطريقة مختلفة عن جيرانهم،
واستطاع الملك أن يستمر في الحكم حتى آخر أيامه".
هذا ما يحدث بالفعل في كل الدول الشمولية العربية الن التي يحكمها
زعمائها بالحديد والنار ،ل هَم لهم سوى الجلوس أطول فترة ممكنة على
كراسي السلطة ول يحتاج منهم ذلك سوى َتغْييب الوعي لدى شعوبهم.
في بلدنا الحبيبة ل َيهُم من يحكمنا كيف وصل مستوى الوعى أو
المستوى الثقافي لدى شعبهم .فهم مرتاحون لما وصلنا إليه بل أحيانًا
أنا ليه ليبرالى ؟
33
يُزايدون علينا ،فإذا كانت هناك نبرة دينية فى السواق قاموا بالمزايدة
عليها والظهور بأنهم أكثر ول ًء للدين .وإذا عَلت الصوات المنادية
بحقوق القليات ،قاموا ببعض التعيينات البهلوانية لهم فى مراكز عُليا
ولكن في حدود المسموح به.
في هذه القصة البسيطة نجد أيضا أن للحقيقة حتمًا أكثر من
وجه .فليس شرطًا أن تكون هي ما تتفق عليه الغلبية وما تخلف
عنها فهو خطأ .لذا فإنه في مجتمعاتنا الشمولية تغيب فكرة الحرية
الفردية ويصبح الفرد جزءًا من منظومة شاملة لفرق بين أي من
عناصرها كأنها نُسخ متطابقة ل تتغير ..لديهم نفس الفكار ..نفس
العواطف ...يثورون معا ويخضعون معا دون اختلف بينهم ،رغم أن
هذا يتنافى مع أبسط قوانين الحياة ..فالحياة في الصل قائمة على
الختلف ..حتى إنني أظن أنه لو اتفق شعب بأكلمه على فكرة،
فالرجح إما أن تلك الفكرة خاطئة ،أو أن الشعب به مس من التخلف.
هذا النوع من الشعوب يتشابهون في صفاتهم ومستوياتهم النفسية
والعقلية..فل تختلف غالبًا في خيالها وأمانيها وهمومها وقدرتها على
الغضب.أو الرضا…قد تجد تفاوتا لكنه ضئيل وغير جرئ وليس
بفعال..بل هم متقاربون في صفاتهم الفكرية تقاربًا يجعلهم متفقين في
أحكامهم على الشياء ورؤيتهم لها وتلؤمهم معها مهما ناقضتهم وآلمتهم.
فهم يرون جميع الشياء من بعد واحد…في حجم واحد…ولون
واحد…فيمارسونها دون أن يروا أي خطأ فيها.
ستجد أننا لو خلطنا كبار الزعماء والحكماء والدباء والمعلمين
وممن يعدون أساتذة وأدباء وكتابا ومفكرين..لو خلطنا هؤلء
بالجماهير وأبناء الطبقات الكادحة …ثم حاولنا أن نجد فروقا بين
الفريقين في تفسيرهم للمور والقضايا الحيوية الكبرى…وفى قدرتهم
على تفسير ورؤية الشياء …لما وجدنا فرقا..
أنا ليه ليبرالى ؟
34
لما كان النسان في الصل حرا قيده الستبداد والطغيان ولما كان
يسعي باستمرار لستعادة طبيعته بأن يكون حرا من كل القيود التي
قيدته بغير اختياره أو موافقته ،فقد اخترت أن أكون مع النسان
الطبيعي ،النسان الحر ،النسان الليبرالي ،اخترت أن أكون ليبراليا.
إذا خُير النسان الحر ليختار بين أن يكون هو صاحب القرار،
وبين أن يفوض الخرين ليقرروا نيابة عنه ،فلشك أنه سيختار
الولي ،سيختار حريته واستقلليته وكرامته وسينبذ كل سلطة شمولية
معممة مفروضة عليه من الخرين بدعوي المصلحة ،أن النسان الحر
أعلم بمصلحته وبخياراته وبما يريده وبما يرغبه من كل البشر جميعا،
لذا ولني حر فأنا ليبرالي.
ولن الحرية الفردية تتبعها بالضرورة الستقللية في التفكير ،تلك
الستقللية التي تجعلك تفكر بل حدود أو قيود والتي تحولك من أسر
النقل ،والحفظ وفكرة القطيع إلي رحابة العقل وفكر البداع ،ولن
النسان وُجد ليبدع بالستفادة من تجارب السابقين وليس ليلوك
تجاربهم جيلً بعد جيل ،ولني فكر ولست أسطوانة مسجلة تعمل
بالضغط علي زر فأنا ليبرالي.
ولن التفكير المستقل يقود إلي رأي مستقل يمثل صاحبه في كل
مرحلة من مراحل حياته وتطوره الفكري والنقدي واتساع تجاربه،
ولنه بالرأي المستقل تبني المم وليس بقطع المحفوظات ولني
صاحب رأي مستقل فأنا ليبرالي.
ولن الرأي المستقل يؤدي إلي حرية الختيار واتخاذ القرار في
كل اعتقاد للمرء ،ولنه باختلف وتنوع العتقادات السياسية والدينية
والمذهبية يظهر الحوار الحضاري وأخلق النقاش والخلف ،ويرتفع
المستوي الثقافي للمجموع ،ولني أؤمن أنه عندما يكون النسان حرا
أنا ليه ليبرالى ؟
39
في العتقاد فيما يشاء تزول معظم أسباب الصراع بين البشر ،ولني
أكره التعصب والطائفية والقمع باسم المصلحة العامة بكافة أشكالهم
فأنا ليبرالي.
ولن حرية الختيار واتخاذ القرار هي البوابة الوحيدة للمسئولية،
لن كل قرار اتخذه النسان باختياره هو وحده من يستطيع تعديله أو
تصحيحه او إلغاءه لذا فإنه يتحمل كل تبعة تنتج عن اختياراته
وقراراته ،يتحمل هذه المسئولية طائعا مختارا دون خوف أو قهر أو
إجبار ،ولنه ل يمكن أن تنجح ما لم تنقح مواقفك باستمرار وتمتلك
شجاعة وجرأة المسئولية ،ولني اعتدت أن أتحمل مسئولياتي فأنا
ليبرالي.
ولن المسئولية التي يشارك فيها كل فرد بالصالة عن نفسه
فيقرر لنفسه ويحاسب نفسه هي أساس الديمقراطية ولن مبدأ المساءلة
ونظريات الحقوق والواجبات لن تزدهر إل في مجتمع يدرك كل فرد
من أفراده انه حر تماما ومسئول عن اختياراته فيبدأ في مناقشة
القضايا العامة وينطلق في المشاركة فيها فتصبح الديمقراطية حقيقة
وليست فيلما هابطا ،ولني ديمقراطي لذا فأنا ليبرالي.
ولن الديمقراطية هي التي تدفع وتنمي فكر المساواة وتسقط
التمييز القائم علي أساس الدين أو الجنس أو اللون أو العرق أو
القومية ،وبالتالي تقف كحائط صد في وجه الشمولية والستبداد
والتمييز والفاشية بكل مظاهرهم وخصائصهم سواء تلك المبنية علي
أساس القومية أو علي أساس الدين أو حتى علي أساس الطبقة ،وتحول
أفراد المجتمع إلي مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات دون أدني
تمييز ،ولني أؤمن بالمساواة الكاملة وأكره التمييز بكل أشكاله فأنا
ليبرالي.
أنا ليه ليبرالى ؟
40
حيوية وحركة وإبداع المجتمع فإنني أرفض بشكل قاطع أي مظهر من
مظاهر شمولية الدولة وقمعها للفرد علي أي أساس ل يرتضيه هو
منفردا باختياره الكامل.
وليبرالي لن اختيار كل فرد يخالف اختيار غيره ،وقناعاته
ووجهات نظره تخالف غيره لذا ينبغي أن يكون النظام محايدا تماما
في كل ما يخص شئون الفرد الخاصة واعتقاده ،ونظامه وينبغي أن
يفصل العتقاد الديني الشخصي الذي يحق لكل فرد أن يعتقده
ويمارسه عن منظومة الدولة ،وأل تتدخل الدولة فيما ل يعنيها ول تقوم
بأي دور كرقيب أو وسيط ،يحدد للفراد ما يعتقدون وما يفعلون.
وليبرالي لن كل اتجاه غير ليبرالي يحتوي نوعا من العنصرية
أما العنصرية القومية أو الدينية أو الطبقية أو عنصرية اللون أو
العنصرية علي أساس الجنس ،كما أنني مؤمن تماما بمساواة كل
البشر ،وتطابق المساواة بشكل كامل داخل حدود دولة معينة بين كل
مواطنيها مهما كانت اختلفاتهم دون تهميش أو تمييز علي أساس
عرقي أو لغوي أو ديني.
وليبرالي لني أؤمن بحرية إقامة والنضمام للتجمعات السياسية
والدينية والنقابية والمهنية والعمالية بمجرد الخطار ودون تدخل أو
قمع أو توجيه من الدولة.
وختاما أنا ليبرالي لني أتعلم من تجارب الخرين ،والتجربة خير
دليل علي استيعاب الليبرالية للحاجات الطبيعية الساسية للنسان،
وفشل وعدم تناغم نظريات أخري حتي مع الطبيعة البشرية العادية.
أنا ليه ليبرالى ؟
43
الحرية المسئولة
على هذا الهجوم تكمن في بطن الشعر كما يقال ،فالليبرالية تدافع عن
حريتي الشخصية وهذه الحرية حرية مسئولة ،أي ل ضرر ول ضرار،
فإذا كان من حقي استنشاق هواء نقي ،فمن حق المدخن أن يخصص له
أماكن للتدخين بعيدة عني ،وإذا كان من حقي انتخاب شخص ما يمثلني
في البرلمان ،فمن واجب الدولة أن تكفل حق الترشح لكل مواطن وتوفر
له المن والمان ،وكذلك حرية إنشاء الحزاب ...وهكذا.
وباعتباري ليبرالية معتدلة ل أميل للتطرف في أي تيار من
التيارات الفكرية ،أرى أن مستقبل الوطن وشباب هذا الوطن هو إتباع
منهج الليبرالية بشكل مسئول ،وأن يعرفوا تماما ما لهم وما عليهم دون
التخفي تحت مقولة "أنا حر" دون أن يلزمها كلمة "ومسئول أيضا".
أما بخصوص مبدأ المساواة - ،وقد تم الشارة إليه فيما سبق-
فتعني من المنطلق الليبرالي المساواة الجوهرية في الحقوق
والواجبات بين الفراد دون تمييز أو تفضيل بينهم مهما كان نوعهم،
أو انتمائهم ،أو عقيدتهم ،أو لونهم.. ،إلخ .فليس هناك أحد يعلو فوق
القانون ،ول يضطهد أحد بسبب لونه أو عرقه ،أو لكونه مسلم أو
مسيحي ،ول تفريق بين رجل أو امرأة ،فالكل سواسية أمام القانون.
وبالتالي عندما يتحقق مبدأ المساواة ينتج عن ذلك تحقيق العدالة داخل
المجتمع وحماية حرية الفراد كل على حد سواء.
ورغم عدم تعرضي لكافة جوانب الليبرالية بالشكل الكافي ،إل
أنني أرى أن الليبرالية تيار يحمل في طياته مبادئ عديدة وقيمة لعل
أهمها مبدأ الحرية والمساواة ،وهذان المبدآن يكفيان للرد على عنوان
المقال ..لهذا أنا ليبرالية!!
أنا ليه ليبرالى ؟
46
أنا ليه ليبرالى ؟
47
الثمانينات وهي الفترة التي شهدت تغيرات إقليمية ومحلية أثرت على
المجتمع المصري وجذبته بعيدا عن القيم الليبرالية ،وكانت أهم هذه
التغيرات
-1ظهور الثروة في دول الخليج العربي وهجرة العديد من أبناء
الطبقة الوسطى المصرية لهذه الدول وعودتهم وقد اكتسبوا
ثقافة أكثر محافظة وأقل ليبرالية .
-2تعزيز وجود التيارات الدينية وهي تيارات تناهض الفكار
الليبرالية وتضعها في مواجهة متعسفة وغير حقيقية مع الدين.
-3على الرغم من المؤشرات التي كانت تبشر بانفراجة سياسية
خاصة بعد عودة الحزاب إل أن هذه المؤشرات لم تصل إلى
النتائج المرجوة ،فتم التضييق على المفكرين الليبراليين سواء
من قبل الدولة أو من قبل التيارات الدينية للدرجة التي دفع
فيها عدد من المفكرين حياتهم دفاعا عن مواقفهم
التنويرية(مثل فرج فوده)
-4دعم الغرب لسرائيل على حساب الحق الفلسطيني المشروع
أدى لظهور حالة تحفز ورفض ضد كل ما هو غربي بما في
ذلك القيم التنويرية ،وهذا خلط مُخل بين القيم الحضارية التي
لها طابع إنساني عالمي وبين اختيارات الغرب السياسية.
-5كان لمصر تراث ليبرالي كبير بدأ من القرن ال 19الى
،1952عجزت التيارات الليبرالية التي ظهرت لحقا على
استعادة قوته وذلك نظرا لختلف الظروف التاريخية
والسياسية والضعف التنظيمي لهذه التيارات.
-6قام الحزب الحاكم بتطبيق سياسات اقتصادية لم تحظى بقبول
شعبي مثل التصفية (غير المدروسة) للقطاع العام وما
صاحبها من عمليات بيع عشوائي وبأقل من القيمة السوقية في
أنا ليه ليبرالى ؟
50
طريق النتخاب الحر الذي يختار فيه الفراد من ينوب عنهم لدارة
شئونهم العامة أو من يمثلونهم في تشريع القوانين ومراقبة الحكومة
فيما يعرف بالبرلمان).
والليبرالية على المستوى القتصادي قائمة على فكرة حرية التملك
مع حرية التنافس داخل السوق وذلك ل يتم إل عن طريق منع
الحتكار وتشجيع التنافس حيث تؤمن الليبرالية أن التنافس في
القتصاد -كما في السياسة -سيؤدي لرفع كفاءة الخدمات والسلع.
ربما يكون أكثر ما يدهشني في الليبرالية هذه القدرة المذهلة على
نقد الذات وتصحيح الخطاء ،ففي الوقت الذي وقعت فيه العديد من
الفكار أسرى للجمود العقائدي والنغلق الفكري طورت الليبرالية من
أدائها القتصادي ،فبعد أن فشلت أفكار كانت تدعو لترك السوق يعمل
وفقا للياته دون تدخل من الدولة استطاعت الليبرالية أن تستوعب
أخطائها القتصادية وظهرت مدارس ليبرالية تنادي بتدخل الدولة
لضبط السوق ومنع الحتكار أو استغلل العاملين أو إهدار حقوق
الفرد سواء كان عاملً أو مُستهلكا ،فظهرت في الدول الليبرالية حزمة
قوانين تُحّرم الحتكار وتفرض ساعات محددة للعمل ومستوى محدد
للجور وأيام للجازات والعطل ومستوى قياسي لجودة السلع وشبكة
ضخمة للمان الجتماعي كالتأمين ضد البطالة والعجز والمرض
والشيخوخة وامتيازات متعددة عجزت الدول التي أدعت أنها قامت من
أجل حقوق العمال على مجاراتها.
هذه المرونة القتصادية صاحبتها مرونة سياسية حيث كانت
تطبيقات الليبرالية تختلف من بلد لخر ومن تيار سياسي إلى تيار
أخر ،اختلفات كانت تؤدي إلى إثراء الفكرة الليبرالية دون الخلل
بمضمونها.
أنا ليه ليبرالى ؟
54
الفصل الثاني
لنـنـي
إنـســان
أنا ليه ليبرالى ؟
58
أنا ليه ليبرالى ؟
59
في إحدى ورش العمل التي شاركت فيها مؤخرًا كان قد طُلب من
الحضور في بداية عمل الورشة أن يقوم كل منهم بتعريف نفسه من
خلل جملة واحدة يجد فيها أنها تعبر عن أفكاره ،أو أهدافه أو قناعاته،
باختصار جملة تعبر عنه .وقتها قمت بالتعبير عن نفسي بأنني قلت :
" إنني أحاول أن أكون موجودًا ؛ لعل في هذه الجملة ما يلخص إجابتي
عن سؤال لماذا أنا ليبرالي.
ولكن الكلم على هذا النحو قد يبدو أنه ينطوي على شيء من
الغموض ،المر الذي يستوجب معه البدء بتوضيح كل من معنى
الوجود ،ومعنى الليبرالية ثم بيان العلقة بينهما.
ولتكن البداية بالبحث في مفهوم الوجود ؛ فما أقصده بكلمة
الوجود ليس المعنى السطحي والمباشر ،أو البعد المادي الملموس
لمفهوم الوجود ،بأن يكون شيء ما موضوعًا في مكان ما بشكل يمكن
إدراكه ،فيكون هذا الشيء موجودًا ؛ إنما ما أقصده بمعنى كلمة
الوجود – على القل حسب فهمي لمعنى الوجود – هو أن أستطيع أن
أحيا ويتحقق كياني بالشكل الذي أريده وأراه مناسبا لي ،أي أنني أرى
أن الرادة هي محور الوجود ،فل وجود بدون إرادة حرة ،ومن ثم فإن
الحرية هي أساس أي وجود حقيقي ،ودون توفر تلك الحرية ي التي
تعد شرطا ضروريا لتحقيق الوجود ي ل يمكن الحديث عن وجود
إنساني حقيقي لنه في هذه الحالة سوف يصبح وجودا وهميا ،وشكلً
من أشكال العدم .
وإذا كنيا قيد اعتبرنيا أن الحريية هيي الشرط الضروري الول
لتحقيق الوجود النساني ،فإن هذه الحرية ما هي إل أحد وجه يّ العملة
ف قط ،بين ما الو جه ال خر لعملة الوجود يتم ثل في الذات ية ،فالمرء -أي
مرء -ل ي ستطيع أن يح قق وجود أ حد سواه هو شخ صيا ،ولذلك فإن
أنا ليه ليبرالى ؟
61
وجود أعلى ،بينما في الحالة الثانية فإن وجود الفرد يذوب في وجود
أوسع ،وفى الحالتين ل يمكن إدراكه بشكل مستقل.
وإذا لم تكن هناك حرية فإنه ل يمكن الحديث عن مسؤولية،
فالفرد غير الحر ل يمكن أن يطالب بأن يكون مسئول ،وعلى قدر هذه
الحرية التي يتمتع بها الفرد يستطيع أن يكون مسؤولً ،وإذا تحققت
المسؤولية لدى كل فرد في المجتمع فسوف يتحقق النظام والنضباط
الذاتي لهذا المجتمع ،أما إذا كان النظام والنضباط الجتماعي
مفروضا وبشكل قسري على أفراد وعناصر المجتمع ،فسوف تكون
الفوضى أو النهيار أو النفجار هي المآل والمصير المحتوم لهذا
المجتمع ،أو هذا النظام المختل ؛ ولنا في بعض النظمة الشيوعية
ل عن التحاد والشمولية في شرق أوربا سابقا خير مثال ،هذا فض ً
السوفيتي السابق طبعا.
ويتصل كذلك بمعنى الحرية مفهوم احترام الملكية الخاصة،
وتجدر الشارة هنا إلى بديهة مهمة قد ل يدركها البعض ،وهى أن حق
الملكية الخاصة أمر يختلف عن حق احترام الملكية الخاصة ،فقد يكون
حق التملك موجودا في بعض النظمة غير الليبرالية إل أنه أحيانا ل
يكون هناك حماية كافية ويظل خطر المصادرة أو التأميم قائما.
كذلك يمكن أن ننظر إلى مفهوم احترام الملكية الخاصة من زاوية
مختلفة نسبيا عن الفهم التقليدي والنمطي لمعنى الملكية الخاصة ولكن
دون أن نبتعد مطلقا عن معنى الحرية ،وهي أن الملكية الخاصة ليست
متعل قة ف قط بالشياء الماد ية ال تي من المم كن أن يتملك ها أو يكت سبها
الفرد وإل لن يكون هذا الحق مكفولً للفقراء ،إنما أيضا من الممكن أن
ينسيحب هذا الحيق على ملكيية الفرد لذاتيه بشكيل كاميل ،على القيل
الشخص الراشد ،فهنا نجد أنه حتى أفقر فقراء العالم يمتلك هذا الحق،
فاحترام الملكيية الخاصية يوجيب على القيل احترام حريية التصيرف
أنا ليه ليبرالى ؟
63
والحريية الشخصيية لدى أي فرد ،ومين المعروف أنيه حتيى هذا الفهيم
المبسط لحق احترام الملكية الخاصة يُنتهك في صور وأشكال متعددة،
وعلى م ستويات مختل فة ،بدءًا من تد خل الب عض في شؤون الخر ين،
ل إلى التجار بالبشير .ومين المعروف أن الحريات الشخصيية ووصيو ً
واحترام الملكية الخاصة أحد الركان الرئيسية في الليبرالية كمذهب أو
كنظام للفرد وللمجتمع.
في صميم الحرية الشخصية تقع حرية العقيدة ،تماما كما تقع
حرية ممارسة الشعائر الدينية في صميم الحريات العامة ،والسؤال
إذن ،ما هو الشيء الضامن لشيوع ذلك الجو العام من احترام الحريات
الدينية ،إنه ول شك شيوع حالة من التسامح في المجتمع بما يجعل كل
فرد يحترم الختلف والتنوع الخلق الموجود في أي مجتمع .وإذا
كان التسامح أمر معنوي في المقام الول فإن ضمان شيوعه في أي
مجتمع أمر ينقلنا إلى الحديث عن الدولة المدنية ،والتي تعد الضامن
الساسي لعدم سيطرة التطرف الذي من الممكن أن تمارسه إحدى
الجماعات المسيطرة في المجتمع ضد الجماعات الخرى.
وعلى الرغيم مين عدم وجود مصيطلح الدولة المدنيية فيي تارييخ
الفكير السيياسي وأنيه مصيطلح حدييث نسيبيا يي ميا كان موجودا هيو
مصطلح الحكومة المدنية ي إل إنه يمكن فهم هذا المصطلح ودللته
بشكل مبسط من خلل فهم نقيضه ،أي الدولة الدينية ،فإذا كانت الدولة
الدينيية هيي الدولة التيي تسيتند فيي عناصيرها ،وأركانهيا الرئيسية إلى
رؤى ودعاوى ومعتقدات ،وأحكام دينية تخص جماعة معينة مسيطرة،
يى لذلك دولةيا ،وهي يع مواطنيهي يي دولة جمييية هي
فإن الدولة المدنيي
ديمقراطيية ؛ ول تتجلى ديمقراطيتهيا ومدنيتهيا فقيط فيي الحكومية
وأ سلوبها في التعا طي مع مختلف شؤون الحكم ،إن ما يظ هر ذلك أيضا
في جميع أركان وعناصر بنية الدولة بأكملها ،وبشكل يتيح حفظ الطابع
أنا ليه ليبرالى ؟
64
المدني للدولة حتى في حالة وصول تيار سياسي ذو توجهات دينية إلى
مقالييد الحكيم بشكيل ديمقراطيي .وتتخيذ الدولة المدنيية وفيق المنظور
الليبرالي موقفا حياديا من جميع الديان ،وهنا قد يقول قائل أن النظمة
الشيوعيية كانيت تتخيذ أيضا موقفا حياديا حيال مختلف الديان ؛ لعيل
هذا يقتضي بداية التفرقة بين كل من الحياد اليجابي ،والحياد السلبي
تجاه الديان.
فالحياد السلبي تجاه الديان ي الذي تتميز به النظمة الشيوعية ي
يجعيل تلك النظمية تتخيذ موقفا معاديا للحريات الدينيية ،أو بالحرى
للديان جميع ها دون تفر قة ب ين د ين وآ خر؛ أ ما بالن سبة الليبرال ية -
والمقارنة هنا نظرية صِرفة -نجدها تتخذ موقفا مُؤيّدا للحريات الدينية
وبشكيل محاييد تجاه جمييع الديان ،وبذلك تسيتطيع القليات الدينيية أن
تحيا وتعيش في كنف الدولة الليبرالية دون أي تمييز ضدها ،بل ليست
القليات الدينية فقط هي من تنعم بالمساواة في ظل الدولة المدنية ،بل
القليات بصفة عامة ،أيما كان أساس تميزها ،وذلك بالطبع على عكس
ما يحدث في ظل الدولة غير المدنية.
واتصال بالحديث عن الحرية الفردية من ناحية ،والطابع المدني
للدعوة الليبرالية من ناحية أخرى ،يأتي مفهوم المجتمع المدني كمفهوم
رئ يس في المذ هب الل يبرالي ؛ والمجت مع المد ني في أب سط معان يه هو
م ستوى اجتما عي يتو سط العل قة ب ين الموا طن والحكو مة ،فيقوم بف عل
مال ي ستطيع الفرد العادي القيام به بمفرده ،و فى ن فس الو قت ل يج عل
الموا طن في حا جة ما سة دائما إلى اللجوء إلى الحكو مة ،و هو بذلك –
أي المجتمع المد ني -يزيد قدرة الموا طن على الف عل بأن يخلق فضاءً
جديدا لممارسة الحرية والفعل الجتماعي بشكل يتجاوز قدرة المواطن
المحدودة على إتا حة ذلك المجال بنف سه لممار سة حري ته ،و فى الو قت
نف سه يز يد من ا ستقللية الموا طن في مواج هة الحكو مة؛ ال مر الذي
أنا ليه ليبرالى ؟
65
يؤدي في النهاية إلى زيادة حرية الفرد من جهة ،وفاعلية المجتمع من
جهة أخرى.
ل من الفرد والمجت مع تلك الحر ية والديناميك ية ال تي يتم يز به ما ك ٌ
الليبرالي ،وهي ما ينتج عنها ما يطلق عليها مفهوم المنافسة؛ فالمنافسة
الحرة هنيا هيي الفراز الطيبيعي لذلك المجتميع اللييبرالي؛ فبفضيل
المنافسية يسيتطيع المجتميع أن يمارس وظيفتيه وقدرتيه على الفرز
والنتخاب ل صالح الف ضل -النتخاب بمعناه العام -وذلك ما يج عل
المجت مع في حالة دائ مة من التجدد والتطو ير الذا تي ،م ما يجن به حالة
الجمود والثبات التيي دائما ميا تكون التهمية التيي توجههيا النظريية
المارك سية للمجت مع الرأ سمالي والل يبرالي ،فإذا كا نت المارك سية تقول
بالطا بع الجدلي وال صراعي للمجت مع في حالة سيادة النظام الرأ سمالي
-حييث الرأسيمالية قرينية الليبراليية على الصيعيد القتصيادي -فإن
الليبرالية في ظل سيادة قيم الشفافية واقتصاد السوق واحترام الحريات
العامية وحيق الملكيية الخاصية ،وبالطبيع فإن دولة القانون تسيتطيع أن
تحافيظ على المجتميع فيي حالة اسيتقرار -ولييس جمود -دائم عيبر
إتاحة الفرصة للفضل وكل ذي موهبة كي يستطيع أن يُوظّف ويستغل
إمكانياتيه لصيالحه الخاص كميا لصيالح المجتميع ،وبذلك تظيل هناك
فرصية دائمية فيي الترقيي والصيعود والحراك الجتماعيي بميا يبقيى
المجتميع فيي حالة مسيتمرة مين الحيويية والتجدد والتطور للفضيل،
وبذلك فإن المجت مع الل يبرالي ي ستطيع أن يج نب نف سه أخطار الثورات
والنفجارات الجتماع ية ؛ ول عل في الحد يث عن ما يطلق عل يه خيار
الطر يق الثالث ما يُغني نا عن أ ية أمثلة أخرى عن قدرة الليبرال ية على
تجديد نفسها باستمرار.
ف ما ي سمى بالطر يق الثالث هو طر يق و سط ،أو حل و سط ب ين
الليبراليية والشتراكيية ؛ ولكنيه يظيل أقرب إلى الليبراليية منيه إلى
أنا ليه ليبرالى ؟
66
الشتراكيية ،فقيد ولد الطرييق الثالث مين رحيم دول هيي ليبراليية
بالسياس ،وتلك الدول بالخيص كانيت ( أمريكيا كلينتون ) و(فرنسيا
شيراك) (وألمان يا شرودر) .إذن فإن تلك المو جة قد ظهرت بال ساس
في ت سعينيات القرن الما ضي ،أي ب عد انهيار غالب ية الن ظم الشتراك ية
فيي العالم .وقيد كان الهدف مين سيياسات الطرييق الثالث التغلب على
مشكلت الفقر والتفاوت الطبقي ،فتم أخذ مفهوم العدالة الجتماعية من
الشتراكيية وتطيبيقه فيي تلك الدول الليبراليية ،وأصيبح لتلك الدول
مسؤولية اجتماعية أكبر تجاه مواطنيها.
بالطبع هناك مفاهيم ومعاني أخرى تتصل بالفهم الليبرالي ؛
كمنهج حياة للفرد ،وللمجتمع بل ،وكمنهج تفكير أيضا ؛ إنما ما أردنا
بيانه من خلل هذا العرض الموجز والسريع لبعض المفاهيم الرئيسة
المتعلقة بالليبرالية ،هو كيف أن الليبرالية تكاد تكون هي الوجه المثل
المعبر عن المعنى الحقيقي والسمى للوجود النساني بتقديسها للحرية،
ل سيما حرية الفرد كشرط ل غنى عنه لحرية ،بل وصحة وسلمة أي
مجتمع إنساني ،وأحسبني بذلك قد أكون أجبت إجابة واضحة عن
سؤال "أنا ليه ليبرالي؟" .
أنا ليه ليبرالى ؟
67
نانى محمد
يع سوى وجود الديان الثلث المتعارف عليها ،بمرور الوقت كان عندي
تقبل وجود اعتقادات دينية مختلفة تماما عن المتعارف عليه في المجتمع
المصري الذي أحيا بقلبه ،ولم يكن منى بعد أن أدركت ماهية الواقع إل
أن أتقبل ما يدور حولي ،وأؤكد على أن فكرة اختلف الديان والمعتقدات
ل تهدد فكرة السلم بين الناس ،وكل ما يدور حولي من حروب ومعارك
يومية على الديان وازدرائها ل يعد التنوع سببا لها ولكنى توصلت إلى
أن فكرة محاولة ال سيطرة على الخر هي ال سبب الحقي قي وراء كل هذا،
فإذا أراد فرد ميا أن يسييطر على عقول مين حوله أقنعهيم بمبدئه وفكرتيه
حتى صار بينهم قائدا ،وليس للسباب التي ذكرها أية علقة بسبب شنه
العديد من الثورات ضد مجموعة ما ،والغرض الحقيقي يظل مكتوما بقلبه
على الرغم من معرفة الكثير به إل أنه وبطبيعة المتعارف علية ل يجرؤ
أحد على التفوه بشيء .
وحين اعترتني الرغبة في التعرف على مسمى واضح لفكاري كانت
إلى حيد ميا تشبيه الليبراليية ،فأردت أن أفهمهيا جيدا وأتعرف عليهيا وعلى
السباب التي أدت إلى ظهور ذلك النظام الذي قام بتغيير دول بأكملها .
فكانت الليبرالية كما أ سفر بحثي عن نتائجه هي حرية الفرد التامة
في كافة جوانب الحياة وكل ما يتعلق به وبفكرة وما يريد ويتمنى ،تدور
حيا ته حول محورة ك ما الرض ،فل يتد خل ب ها أ خر وال كل م سئول عن
نفسه ،فلكل حق الختيار والحب والمشاركة الجتماعية والسياسية ،حق
التعبير ،والرأي الحر المنزه عن أي قيود يطلقها البعض في وجه الخر .
الليبرالية هي الليبرالية التي اتخذتها منهجا منذ طفولتي بغير وعى
م نى أو إدراك ،هي حر ية الختيار دون سيطرة أ حد على معتقدا تي
ومسمياتي وطرقي في الحياة .هكذا أصبحت ليبرالية
أنا ليه ليبرالى ؟
76
أنا ليه ليبرالى ؟
77
"-أنا مش فاهم إيه وجه إعتراضك على الى انا بقوله دا " ..
..
"-هوا كدا ..أنا قلت الى عندى ..مش هتروحلهم يعنى مش
هتروحلهم .. " ..
"-يا سيدى إنتا مالك بيا ..انا (حر) ............ .. " !!! ..
كانت ابتسامته حينما سمع هذه الكلمة هى من أول ما أقحم الى
إدراكى أن هنالك (سُلطة) ما ..
منطق سليم ..هذا الرجل حر بالتأكيد ..لكن الرجل الخر ل يظن
ذلك ..وربما ل يعرف أيضا
* * *
منذ أكثر من 14عاما كان سماعي لهذا الموقف الذي بدأت به
مقالتي للتو ،لم يكن إدراكي قد أكتمل ليبلور فكرة وجود سلطات حاكمة
على الفرد ..لكنني أدركت في تلك اللحظة بالذات أن أحد الرجلين له
سلطة على الخر طالما أن هنالك صراع ..وتأكد لي ذلك حينما رأيت
ابتسامة التهكم على وجه أحدهم حينما سمع كلمة واحدة "أنا حر".
كان لتكرار هذا الموقف معى أنا شخصيا فى فترات متتالية أثر
كبير فى إدراكى لهمية أن أكون (حرا) كرغبة شخصية لى .كنت
حينما أجد نفسى محاصرا ول مفر من أن أرضخ لى ضغوط بغض
النظر عن مصدرها ،أشعر وكأن هنالك خطأً ما فيما يحدث .شعور
طبيعى مسيطر علينا جميعا ،كل منا يتوق الى حريته وبطريقته
ولسبابه.
أنا ليه ليبرالى ؟
79
تعاقد يؤدى الى سلطات متبادلة ..في خضم ذلك نبحث عن القيمة ول
ندرى أهو الطريق الصحيح أن نتمسك بالحرية أم المن أم أم أم !!
لن ألقى بإجاباتي في جعبتك الن ،ربما قد نختلف فى ذلك ،ولكن
سنحل أحجية صغيرة أولً" ،أنت موظف عادى فى شركة ضخمة،
أدركت أن هنالك تلعبا ما في أوراق هامة تخص المعاملت المالية
مثلً:
أخبرنى ما الذى ستختار فعله مما يلي:
-ستبلغ السلطات المعنية بذلك وتخاطر بأن تفقد وظيفتك ول
تجد وظيفة أخرى فى القريب العاجل ..بالتأكيد هنالك تأثير
على المور العائلية بسبب عدم توافر المصروفات الخاصة
بالمنزل وما إلى ذلك.
-ستؤثر الصمت وأنت تعلم أنه ذلك خطأ بكل الحوال ..ستجد
ذلك أكثر أمنا واستقرارا وأنه ل علقة لك بهذا من قريب أو
بعيد لنك تستلم أموالك شهريا كما هى بغض النظر عن
تلعبات الشركة ! "
إن كنت ممن اختار الحل الول فأنت ممن يبحثون عن قيمة
كالضوابط الخلقية ترى أن ذلك صحيحا بغض النظر عما سيحدث
بعد ذلك ،وإن اخترت الحل الثانى فأنت ممن يؤثرون قيمة كالمن،
وأن الستقرار أفضل من أى شيء آخر ،ويرى البعض أن الحرية
كقيمة كامنة فى الثنتين ،وأنك في كل الحالتين تبحث عن حريتك
وخلصك في أي منهما..
ولكنى أرى المر بشكل مُختلف!
أنا ليه ليبرالى ؟
81
الفصل الثالث
ليبرالية
مصرية
أنا ليه ليبرالى ؟
86
أنا ليه ليبرالى ؟
87
إسماعيل النجار
أنيا لييبرالي لننيي أرفيض الظلم الواقيع على المرأة فيي المجتميع
المصري من تهميش وتشييئ والتمييز ضدها في التشريعات والقوانين
والممارسيات المجتمعيية التيي تنفيذ ضدهيا كالتحرش والختان والزواج
المبكير والقسيري وفيي بعيض الحيان الحرمان مين التعلييم والعميل
وغيره من الممارسات الضارة بدعوى الدين والعادات والتقاليد وصون
المرأة وحمايتها من نفسها ومن الخرين.
أنيا لييبرالي لننيي أتألم لمعاناة القليات الدينيية ومنهيا اضطهاد
البهائييين فيي مصير وحرمانهيم مين كافية الحقوق المدنيية والسيياسية
والجتماع ية والخدم ية وح تى ا ستخراج الوراق الثبوت ية كبطا قة الر قم
القوميي وشهادات الميلد والوفاة والتجنييد ومعاملت البنوك بحييث
أصاب الشلل حياتهم وتضاعفت معاناتهم.
أنا ليبرالي لنني أرفض التمييز الواقع على المسيحيين في تولي
الوظائف العامة وفي التشريعات والقضاء وتقييد حريتهم في بناء دور
العبادة ،وأرفيض التميييز والضطهاد الواقيع على الشيعية والقرآنييين
والملحديين واللدينييين مين السيلطات السيياسية والمنيية والتشريعيية
والتيارات الدينية وأفراد المجتمع ككل.
أنا ليبرالي لنني أؤمن بالفصل التام بين الدين والدولة فيما يخص
التشريعات والقوانيين ،وأرفيض تدخيل رجال الديين فيي السيياسة أو
التشريعات أو القتصاد أو المجال العام إل بصفتهم مواطنين عاديين ل
يتميزون في أي شيء عن باقي المواطنين.
أنيا لييبرالي مؤمين بضرورة وجود نظام لييبرالي لدارة شؤون
ية
يه الديمقراطيي
يلطة وقوامي يع ضمانات لعدم احتكار السي الدولة ،يضي
والتعدد ية ال سياسية والحزب ية والنقاب ية في ظل نظام د ستوري ي سمح
بالتداول السلمي لل سلطة ب ين الحزاب المدنية المتنافسة في النتخابات
البرلمانية والرئاسية النزيهة والشفافة.
أنا ليه ليبرالى ؟
91
سا
الليبرالية القتصادية :تكافؤ الفرص أسا ً
للمنافسة
ديانا أحمد فؤاد يوسف
هي وسيلة لخلق مجتمع قادر على وضع حلول مبتكرة لمشاكله تؤهله
لتجاوز تلك المشاكل وليست أيدلوجية تسعى لوضع حلول مسبقة
لمشاكل لم تخلق بعد ؛ ليصبح الحل جزءًا من المشكلة.
ليست قضية الليبرالية في الساس هي دفع المواطنين قصرًا
للذهاب إلى صناديق النتخاب ،ول تعريفهم بمفاهيم مكررة عن أهمية
حقوق النسان ،ول عن مزايا حرية السوق ،وإنما القضية الساسية
لليبرالية هي خلق مواطن حر على وعى تام بحقوقه السياسية في
الدولة وبأهميته كفرد في المجتمع وبقدرة صوته النتخابي على
التغيير ،والمواطن في ذلك لن يجد نفسه مضطرًا للتصويت ،وإنما
سوف يصوت بكامل إرادته ليعطى صوته لمن يشعر أنه يستحقه بغض
النظر عما إذا كان المرشح مختلف الجنس ،أو الدين ،أو اللون .
فالليبرالية في نشرها للوعي بأهمية الحرية السياسية تفتح الباب لظهور
مبدأ تكافؤ الفرص ،فجميع المواطنين بشر متساويين أمام القانون لهم
حقوق ،وعليهم واجبات ،ويستطيعون الوصول إلى طريق الديمقراطية
استنادًا إلى وعيهم الكامل والتام بها ،فالمسألة ليست تعريف المواطن
بالديمقراطية وإنما خلق مواطن ديمقراطي يسعى إلى الديمقراطية من
تلقاء نفسه.
الليبرالية كفكرة لها بعد سياسي تسعى لدارة المجتمع عن طريق
خلق مناخ ديمقراطي يسعى لتداول السلطة كوسيلة لدارة البلد،
وهى في ذلك تختلف عن باقي التيارات السياسية في جملة قصيرة،
ولكنها شديدة اليحاء أل وهى" قبول الخر" فلخر اختلفه ميزة
يمكن قبولها والتعامل معها أيضا الستفادة منها فالليبرالية ليست
أيدلوجية تضع مواصفات معينة لقبول معتنقيها ؛ بحيث تنتهي إلى
القولبة أو التقوقع وإنما هي ترقى على مستوى اليدلوجيات بل إنني
أستطيع القول بأنها تصلح كوسيلة لدارة اليدلوجيات بما تتمتع به من
أنا ليه ليبرالى ؟
98
إعلء لمفهوم الحرية ولقيمة الخر .بذلك يمكن القول :إن التعامل مع
الليبرالية استنادا إلى هذا المنطلق يحررها من أسر المقارنة مع مختلف
التيارات الخرى الموجودة الن في المجتمع المصري فهي قيمة قبل
أن تصبح شعار سياسي ،وإن كان تحويلها إلى أيدلوجية منافسة
ليدلوجيات أخرى متواجدة الن في المجتمع المصري ،أو شعار
سياسي لحزب ،أو منظمة قد حال دون منحها حقها الطبيعي في
الظهور ،وفى العلن عن نفسها بل إنها وإلى حد كبير قد تحولت
لمعنى مستهلك وربما مثار للسخرية في مجالس عوام المصريين
أما عن علقة الليبرالية بحقوق النسان ،فالليبرالية تدعو لحقوق
النسان استنادا إلى مفهوم حرية الفرد والمساواة بين جميع المواطنين
إمام القانون ل فرق بين مواطن وآخر بناء على الدين ،أو اللون ،
أو الجنس فجميعهم بشر لهم حقوق وعليهم واجبات وجميعهم أعضاء
في مجتمع خلق ليوفر لهم الراحة والنظام في مقابل إلزامهم بالمسؤولية
الجتماعية تجاه بعضهم البعض ،وتجاه المجتمع .والليبرالية في
دعوتها لحقوق النسان ل تقصر حقوق النسان على فئة دون أخرى
باعتبار أن هناك فئة مؤهلة للتمتع بتلك الحقوق وفئة أخرى ل
تستحقها ،فالليبرالية ل تعطى المواطن الشريف الحق في سلمة جسده
من العتداء والتعذيب وتسلب اللص ذلك الحق لمجرد أن هناك
ظروف معينه دفعته للنحراف وعلى أساس أنه يستحق ذلك .كذلك
فهي تضمن حرية المواطن في إبداء رأيه بحرية في مجتمع حر ،ول
تحرم المرشح مختلف الديانة ،أو المرشحة النثى من الترشيح لعلى
المناصب على أساس اختلفات ل يد لهم فيها .كذلك فالليبرالية وعلى
ساس من مبادئ الحرية والمساواة ل تحرم أي مواطن من اللتحاق
بأي وظيفة استنادًا إلى دينه ،أو جنسه ،أو لونه ،كما أنها تضمن حق
الضعف أو الكثر فقرًا في الحصول على كامل حقوقه ؛ حيث إن
الفقر أو الضعف ليس مبررًا منطقيًا لعزل أي مواطن عن المجتمع.
أنا ليه ليبرالى ؟
99
النوبة ذوى البشرة السمراء ،أو سكان سيناء ذوى الصول العربية
فجميعهم مواطنين مصريين وبشر متساويين في الحقوق والواجبات.
وبتلك الصورة سالفة الذكر يتضح أن الليبرالية بإعلئها لقيمة
الفرد وقيمة حريته وآدميته تساهم وبصورة إيجابية في إصلح
المجتمعات التي تعانى من استفحال المشاكل الجتماعية ومنها المجتمع
المصري والذي انتهى به المطاف إلى حالة غير مسبوقة من التردي
في مجال حقوق النسان وهى في ذلك ل تقدم حل منقوص وإنما
منظومة متكاملة من القيم النسانية يتم تطبيقها معا لتساعد على
النهوض بالمجتمع ،وانتشاله من مستنقع العنصرية والقسوة .الليبرالية
بتعريفها للمواطن بطبيعة حقوقه الدمية تسمح له ببناء المجتمع على
أسس غير قابلة للنهيار ل يمكن المساس بها عند أصعب الظروف،
وهى في إعدادها للنسان المتميز تمهد الطريق لعداد إنسان ذو قدرة
على الشتغال بالسياسة لدارة مجتمعه ،وذو قدرة على الشتغال
بالقتصاد لدارة حياته.
أما عن البعد القتصادي لليبرالية فهو من أشد الجوانب في الفكر
الليبرالي إثارة للهجوم والنتقادات حيث إنها تطالب بحرية السوق
والتي يتصورها البعض على أنها " دع الغنياء يراكمون ثرواتهم
8
واترك الفقراء لمصيرهم"
لكن هل الليبرالية حقا هي نظام اقتصادي متوحش يهدف في
الساس إلى زيادة ثروات الغنياء وسلب أقوات الفقراء ؟ وهل السبب
الساسي في ما نعانيه الن في المجتمع المصري من مشاكل اقتصادية
شديدة القسوة يرجع إلى سياسات تحرير السوق ؟
الملحظ الن أن ما يحدث في المجتمع المصري من تعليق كل
أسباب الزمات القتصادية المستمرة التي نعانيها في مصر على
9المصدر السابق
أنا ليه ليبرالى ؟
102
مع واقع المة الفعلي – فالقانون ل يطبق الجلد ول قطع اليد مثل –
ونعرف أيضا أن السلطة التنفيذية ممثلة في كبار رجال الدولة تسعى
لبسط سيطرتها على القضاء من خلل وزارات ومجالس تخالف في
وجودها جوهر الفكر الليبرالي القائم على الفصل بين السلطات ،ونذكر
كيف مررت التعديلت الدستورية الخيرة في غفلة من المواطنين
والقوى السياسة بين مقاطع ومعارض) وكل هذه المور تنال من فكرة
سيادة القانون وتجعلها حبرا على ورق .
وأنى أؤكد على ضرورة استقلل القضاء عن السلطة التنفيذية لن
هذا يوفر ضمانا رقابيا يحرس الدولة وسيادتها ويحمى حقوق الفراد من
تجاوز مسئولي السلطة التنفيذية ويحدد مسئوليات الفراد تحديدا قاطعا
ويحقق المساواة والتي ل تعنى أن يكون الجميع متساويين في المستوى
المادي والجتماعي ( فهذا مستحيل عمليا نتيجة اختلف المزايا النسبية
للفراد) وإنما نعنى بمبدأ المساواة في الفرص وحق تقرير المصير،
بحيث ل يتضمن النظام مزايا تمنح لبعض الفراد أو الفئات تساعدهم في
التميز على الخرين بل يجب أن تكون الفرص متاحة للجميع وان يكون
معيار التميز بين الفراد ناتجا عن المزايا الفردية وكل هذه المور
يضمنها القضاء المستقل والقانون ذو السيادة .
غير الشرعية (المساجد والكنائس) فخرج علينا مواطن مسلم يهتف بال
وطنية في السلم وأخر قبطي يشعر بان انتماءه الرئيسي إلى الكنيسة.
وظهر شعار السلم هو الحل بديل عن الدين ل والوطن للجميع،
وقد كان الظرف مواتيا بعد أن أطلق السادات يد التيارات السلمية
وسمح لها بالعمل العام في مقابل إجهاض الحركة اليسارية.
وكمصري أؤكد على ضرورة تدعيم فكرة الدولة المدنية رغبة في
حل الزمات التي تراكمت بفعل الفساد وغياب الديمقراطية وتصحيح
مفهوم النتماء .
وحقيقة فان جوهر العملية الديمقراطية في أن تكون نتائج
النتخابات معبرة فعل عن إرادة الناخبين ،مما يعنى تمثيل فاعل
لمختلف الطوائف داخل المجالس التشريعية والنيابية فضل عن أن
الحكومة المنتخبة ديمقراطيا تستند إلى غطاء من الشرعية يضمن
تماسك الجبهة الداخلية وتسعى دائما إلى استرضاء الرأي العام.
أنا ليبراليه علشان أنا إنسانه حرة ونفسي أعيش في وطن حر.
بس لحظه واحده .مش لزم يكون عندنا مشكله من كلمة حرية.و مش
لزم نوجه نفسنا إلى التابوهات كلما ذكرت كلمة الحرية .أنا ليبراليه
يعنى باحثه عن الحرية بمعناها اليجابي.
حريتي أنى أفكر أنى اعبر أنى اعترض أنى اختار اللي
يحكمني.أنى أقول ل حريتي أن صوتي يوصل من غير تزوير.حريتي
كفتاه كاملة الهلية وليس نصف إنسان.دى حريتي اللي ربنا كفلها لي
لكن المجتمع بيحاول يسحبها منى.حريتي في الختيار بشكل عام.
أنا ليبراليه لني مؤمنه بحرية العقيدة ومقتنعة أن مش من حقي
أتدخل في اعتقاد حد أو اجبره على اعتقادي وده اللي ربنا كفله لكل
إنسان قبل ما احنا نطالب بيه .أنا ليبراليه ،لني مؤمنه بالدولة المدنية
القائمة على المساواة بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الدين.
مؤمنه أن القانون لبد أن يطبق على الجميع على حد سواء.أنا
ليبراليه لني مش مهتمة اسأل كل شخص بتعامل معاه عن دينه واحدد
شكل التعامل على الساس ده .أنا ليبراليه لن الدين ل ومش من حقي
انصب نفسي مكان ربنا وأحاكم الناس على معتقداتهم.
أنا ليبراليه لني مش بكره اى حد مختلف عنى في اى حاجه.
ومقتنعة أن الختلف سنة الحياة .وأن مستحيل الناس يكونوا كربون
من بعض .أنا ليبراليه علشان بحلم بمستقبل أفضل لبلدي وعندي
اعتقاد أن الليبرالية وسيله مناسبة جدا لتحقيق الهدف ده .وفي نفس
الوقت أنا مش ضد اى أفكار ثانيه حتى لو كانت ضد الليبرالية لن
الليبرالية هي تقبل الخر ،بالرغم أن الخر مش دايما بيتقبل ده.
أنا ليبراليه علشان أنا بحب أفكر بدون قيود ولني مؤمنه أن
الحفظ والصم والنقل بدون تفكير عمرهم ما كانوا سبب في تقدم المم
أنا ليه ليبرالى ؟
115
بالعكس هما أول طريق التخلف والجهل علشان كده حرية الفكر هي
دايما اللي بتؤدى للبداع وكل العباقرة على مدار التاريخ كان تفكيرهم
مختلف كان تفكيرهم حر وبالتالي أبدعوا لما تمردوا على الفكر السائد.
أنا ليبراليه علشان الليبرالية مش بتجبرنى أفكر في طريق معين أو
اقتنع بفكره معينه لو خرجت عنها أبقى فقدت ليبراليتي .لكن الليبرالية
بتساعدنى أنى أنا اللي ابني فكره أؤمن بيها مش العكس.أنى أفكر قبل ما
اقتنع ولما اقتنع أكون فعل توصلت للقتناع عن طريق عقلي.
أنا ليبراليه لن الليبرالية علمتني أن المختلف عنى مش ضدي.
وإن الخر مش منبوذ مهما كان .أنا ليبراليه لن الليبرالية بتمنع أنى
أتحاسب على افكارى أو أنى احاسب حد على أفكاره مهما كانت
صادمه.لن الليبرالية علمتني إن التفكير هو اللي بيصلح الفكار ولو
كانت افكارى مش صح النهارده التفكير العقلني بيساهم في تصحيحها
بكره .مش التهديد والوعيد هو اللى بيغير الفكار.
أنا ليبراليه لن الفكار حرة وليها أجنحه محدش يقدر يمنعها
توصل للناس.أنا ليبراليه ،لن الليبرالية علمتني أتقبل الرأي المضاد
والمختلف معايا .أنا ليبراليه لن الليبرالية أسلوب حياه ومعاها بتقدم
للفضل .علشان كده نفسي أشوف مصر دوله ليبراليه وأشوف
المجتمع قادر يتقبل كل أبنائه بكل أطيافهم.
أنا ليه ليبرالى ؟
116
أنا ليه ليبرالى ؟
117
الفصل الرابع
تـجــارب
خـاصــة
أنا ليه ليبرالى ؟
118
أنا ليه ليبرالى ؟
119
دقيقة حرية
هانى الخياط
لماذا أنا ليبرالي ؟؟؟ عزيزي القارئ أعتقد أنك تنتظر منى أن
ى أن أتحدث عن مزاياأسرد النقاط التي جعلتني ليبراليا وينبغي عل ّ
الليبرالية وينبغي وينبغي .ولكنى عوضا عن كل ذلك ،دعني آخذك
أولً إلى رحلة مثيرة وشيقة ،دعني أحكى لك حكاية شاب مصري
متميز وبعد ذلك سنكمل حديثنا عن الليبرالية.
كان مثله مثل أي طفل مصري آخر قد فرغ من يوم دراسي ممل،
ولكن لم يخ ُل هذا اليوم من بعض اللعب والشقاوة البريئة مع أقرانه .صعد
على درجات سلم منزلة وهو يتوقع نفس السيناريو ونفس ردود الفعال.
فسيجد والدته في انتظاره فاتحة ذراعيها لستقباله بحضن دافئ ،وهو
كعادته سيحاول أن يتملص من بين أيديها ليجرى إلى المطبخ ليتذوق
الطعام ولكن أمه تنهره .وسينتظر عودة والده من العمل .كل هذه التقاليد
وأكثر قد تعود عليها ،ولكن في هذا اليوم كان كل شيء مختلف؛ فعند
اقترابه من منزلة أحس بقبضة مفاجئة تعصر قلبه لتنبئه بخبر أليم ،وقد
تأكد من هذا الشعور عند صعوده درجات السلم ورؤية جيرانه كأنهم في
انتظاره ،وهم ينظرون إليه نظرة يملؤها الحزن والشفقة علية .وعند باب
الشقة وجد والدته في انتظاره وقد اتشحت بالسواد ،والدموع تنهمر من
عينيها.لم يحتج لحد ليخبره أن والده قد وافته المنية ،وقد استقبل هذا
الخبر بصدمة صامتة حيث لم يب ِد أي رد فعل ،كأن انسلخت روحه عنه،
وأصبح بل احاسيس أو مشاعر.
بعد بضعة أيام من الحداد ،شعر بداخله أن كل شيء قد صار مختلف
الن؛ فهو ليس شأن أي طفل آخر ،فقد ذاق مرارة الحزن مبكرا ،وصار
وحيدا في هذه الدنيا وعليه أن يجد طريقه بمفرده ،وأخذ ينظر إلي الدنيا
نظرة مختلفة ،لعل هذا يجعله يطمح إلي أن يكون متميزا ،فعندما تكون
مختلف ل تملك إل طريق من أثنين؛ أن تكون متميز ،أو تكون نكرة,
أنا ليه ليبرالى ؟
121
فعندما كان يسأل السؤال التقليدي ”:ماذا تريد أن تكون عندما يكبر؟؟" كان
يجيب بتلقائية شديدة ":رجل أعمال أو عالم" ،وكان يري صدمة السائل
الذي كان يتوقع الجابة التقليدية ؛ وهي دكتور أو مهندس .ولكن بحسه
الصغير وجد أن يكون عالما أو رجل أعمال ليس كافيا ،ووجد ضالته
المنشودة في قصص النبياء ،وسير العظماء من السياسيين الذين غيروا
مجرى حياة البشرية للفضل ،فكان يعلم بداخلة أنه إنسان متميز ،ولم
يُخلق ليكون فردا في قطيع.
لم يرضَ بالقوالب الجاهزة المعلبة عن الحياة ومعنى الشياء ،فقد
أراد أن يجد مفاهيمه الخاصة لكل شيء ،ووجد ضالته في مكتبة
والدأصله .احتوت على مئات الكتب.فقد ألتهم معظم الكتب بها ،وعندما
يفرغ من كتاب كان يناقش ويجادل من هم أكبر منة سنا ،ل يقبل بأي
شيء دون التمحيص والبحث عن أصله.وقد تربى به التفكير النقدي
للحياة ،وتربى داخلة النقد الذاتي.
ومرت السنون وأصبح شابا في مقتبل عمره ،وبسبب قراءاته
المتعددة للكتب التي فتحت له عالم مختلف واسع؛ علم أن هذا العالم
ليس الدنيا الصغيرة التي تحتوى دائرة أصدقائه وأهله فقط ،ولكنه عالم
أوسع من ذلك بكثير .وقد أراد أن يكتشف هذا العالم المثير ،فوجد
الحل أن يُحضر العالم إليه عن طريق التعرف على الجانب الذين
يقيمون بالحي ،فهم كثيرون ،ومن مختلف الجنسيات .وكان كلما اقترب
منهم ومن حياتهم وجد أن هذا عالم ملئ بالثقافات والمعتقدات مختلفة.
وقد تعلم منهم أنه مهما اختلف مع أحد فلبد أن يتقبله كما هو ،وأل
يهدف لجبار الخر على اعتناق أفكاره الخاصة ،ففي النهاية كلنا
بشر من حقنا أن نختلف ،ول نستطيع أن نكون نسخة واحدة متطابقة
متكررة ،إل وقد صار العالم في غاية الملل.
أنا ليه ليبرالى ؟
122
فجميعنا يفكر بعقل شخص واحد ،أو بمعنى أدق ل نفكر ونتركه هو
يفكر لنا.
المشكلة في مصر أن الليبرالية والديمقراطية والحرية شكليه فقط
وتخلو من الجوهرية ،فكل قائد يريد أن يكون هو المر الناهي
المتحكم ،ول مجال للنقاش ،ل مجال لختيار الصلح والدهى ،والمر
من ذلك أن الشعب عنده حالة من المبالة ،فالشعب سعيد بعدم تحمله
للمسئولية فهو يبحث عن قائد يرمى عليه أثقاله ويوجه إليه إصبع
التهام ،ول يلقى باللوم على نفسه ،وهذا بالطبع سر تخلفنا عن غيرنا
من الدول المتقدمة .
خير مثال على ذلك تولى أوباما الحكم ،فلم يكن يحدث هذا في بلد
ل تعرف الديمقراط ية .إذا تمع نت في مبادئ الليبرال ية ستجد في ها حلً
لكثير من مشاكلنا ،فأنت ستقرر من سيحكمك ،وستفكر مع من يحكمك،
و ستعدل على من يحك مك ،لت جد في نها ية ال مر أ نك أ نت من تح كم
نفسيك .وبالتالي سيينتج لنيا جييل قادر على التفكيير والختيار وتحميل
المسئولية سيخرج لنا مجتمع بعيد عن السلطوية والديكتاتورية والتمييز
والتطرف سيصبح ل كل م نا أفكاره و فى الو قت نف سه سيحترم ال خر،
فالليبرالية من وجهة نظري باختصار:
-أن تفكر ول تجعل غيرك يفكر لك .
-أن ُت َقرِرِ ول ُيقَرّر لك .
-أن تتحمل نتيجة أخطائك ول تلقى باللوم على غيرك .
-ولنك ستفكر وستقرر وستتحمل نتيجة أخطائك ،فأيضا ل
تفرض على غيرك شيء ،ول تفكر ول تقرر له لنه في النهاية
ل منا مسئول عن نفسه وعن تصرفاته.
كٌ
أنا ليه ليبرالى ؟
129
الخاتمة :
مميا تقدم مين حجيج وبراهيين سييقت لبيان مفهوم الليبراليية
ومميزاتها وخصائصها .....
أبيين السيباب التيي دفعتنيي للتحول مين التشدد الدينيي إلى تبنيي
النظر ية الليبرال ية كنظر ية للح كم لماذا أ نا أ صبحت ل يبرالي ب عد أن
ك نت من ا شد المتحم سين للنظر ية الدين ية في الح كم وحاكم يه الد ين
وتدخله فيي الشؤون الحياتيية بمختلف تفرعاتهيا ولكنيي هنيا ل أرفيض
الد ين مطل قا كنظر ية للح كم ول كن أنطلق من انتمائي الدي ني والعقائدي
بوا سطة النظر ية الليبرال ية في الح كم وأجعله نموذ جا أ صبو إل يه في
حياتي للسباب التية:
-1دولة الحق والقانون :
إن مفهوم الليبرال ية ل يس بجد يد .فأ حد مبادئه ال ساسية ي جد أ صله
فيي المعتقدات اليهوديية والغريقيية القديمية التيي تؤمين بوجود "قانون
أعلى" يمكن بموجبه مساءلة الجميع بمن فيهم الحاكم نفسه .ولقد رسخ
السلم بعد نزوله هذا المفهوم في الفكر الجماعي وأكد على أن الحكام
ليسوا المصدر العلى للسلطة ،فهم أيضا يخضعون لسلطة القانون.
فالليبراليية ل تعنيي غياب القواعيد والقوانيين ،وإنميا هيي دعوة
لخضاع الجم يع إلى ن فس القوا عد والقوان ين بح يث أل يكون أحدٌ فوق
أنا ليه ليبرالى ؟
134
القانون .فدولة الحيق والقانون هيي التيي تحدد الفرق بيين الديمقراطيية
والدكتاتورية .فالمجتمعات التي ل تكرس دولة الحق والقانون وتسمح
للنخ بة الحاك مة بأن تُ سَخّر القوان ين لم صلحتها الشخ صية وأن تفرض
على المحكوميين نميط عيشهيم هيي مجتمعات أقرب إلى الشيوعيية
والفاشية ول تمت للسلم بصلة.
-2دور محدود للدولة :
دولة الحيق والقانون تدعيو إلى المسياواة بيين الحاكيم والمحكوم.
وب ما أن الحكام يملكون و سائل الكراه ( سن القوان ين ،وال سيطرة على
الجيش والشرطة) فمن الضروري الحد من سلطاتهم .فمنحهم سلطات
واسيعة وغيير محدودة تفتيح لهيم البواب على مصيراعيها مين أجيل
تسخير أجهزة الدولة ومؤسساتها لخدمة مصالحهم الشخصية.
فالدولة ،ممثلة بالحكام ،هي مؤسسة يفوّض من خللها المواطنون
ال سلطة للحا كم .ف هي ت ستمد شرعيت ها و سلطاتها من الش عب .وب ما أن
الدولة مؤسسة قوية تملك وسائل الكراه ،فالخطر الحقيقي يكمن في أن
يتسلم زمامها أشخاص سيئون ،فتتحول وسائل الكراه من أدوات تخدم
مصالح الشعب إلى أدوات تستعمل ضده .لذا ومنعا لتسلط الدولة ،لبد
من الحد من صلحياتها .ول يتم ذلك عامة إل عبر وضع دستور فعال
ير سم بش كل وا ضح مهام الحكام وي حد من نفوذ ال سلطة التنفيذ ية عن
طرييق مراقبتهيا ومسياءلتها مين قبيل السيلطات الخرى (التشريعيية
والقضائية).
ك ما أن ال سلم كديا نة لم يعرف مفهوم ال سلطة الدين ية المركز ية.
بل على العكس من ذلك ،فالمؤمنون أحرار في اتخاذ قراراتهم استنادا
ل ما يملكون من معلومات .ف ما يم كن أن نتعل مه من ال سلم هو أ نه
ي ستوجب على من بيده ال سلطة أن يدع الش عب حرًا في أ خذ قرارا ته
أنا ليه ليبرالى ؟
135
وأن ل يجبره على المتثال لهواء أقلية شاءت ال صدف أن تكون على
راس السلطة.
-3الحرية الفردية :
دور الدولة المحدود يعنيي أن الفراد أحرارا ليتصيرفوا بالشكيل
الذي يرونه مناسبا شريطة أن ل يعتدوا على حرية الغير .فحرية الفرد
تتوقف عندما تبدأ حرية الخرين .وفي هذا الصدد ،فإن الفكر الليبرالي
يَعتبر أن الفرد هو المكون والنواة الساسيين للمجتمع .فما المجتمع إل
مجموعية مين الفراد يسيعى كيل واحيد منهيم لتحقييق مصيالحه
واحتياجاته .وكما أن للفرد الحرية بالنضمام إلى أي كيان اجتماعي أو
قضية ما ،فيجب أن يكون أيضا حرا بالنفصال عن هذا الكيان أو تلك
القض ية م تى أراد .فل ي جب إجبار الفرد على البقاء في إطار أو كيان
اجتماعي أو المتثال لرادة جماعة ما .وهذا الفكر يتطابق مع مبادىء
السلم الذي حرر النسان من عبودية أخيه النسان لكي يعبد ال رب
العالميين .لذا فحرمان الفرد مين حريية الختيار يتناقيض ميع روح
السلم إذ يتعارض مع إرادة الخالق.
فعلى كيل فرد أن يحترم كرامية نظيره مهميا كان أصيله ودينيه
وجنسه .وبعبارة أخرى يجب احترام الختلف بين الفراد .ولكل فرد
واجبات وحقوق كواجيب احترام الخير وحقيه على الخير بالحترام.
والهيم مين ذلك ،فإن مبدأ احترام الحريية الفرديية يفترض عدم تدخيل
الدولة في حياة الفراد الخاصة طالما أنهم لم يعتدوا على حرية الغير.
-4السوق الحرة :
من المعروف أن الليبراليين يدافعون عن نظام السوق الحرة .لكن
أسباب هذا الموقف تُفهم ،في أغلب الحيان ،بشكل خاطئ .فالبعض ل
يتوانى عن اتهام الليبراليين بالدفاع عن التفاوت بين الفقراء والغنياء.
وبطبي عة الحال فهذه اتهامات غ ير صحيحة .فالل يبراليون يؤيدون نظام
أنا ليه ليبرالى ؟
136
السوق الحرة لنه النظام القتصادي الوحيد الذي يحترم كرامة الفراد.
حرمان الفرد مين حقيه بالختيار ،حتيى فيي المجال القتصيادي ،هيو
إنكار لكرامة النسان ولقدرته على تقرير مصيره.
يؤييد البعيض فكرة مسيؤولية الدولة عين تأميين المسياواة فيي
المجت مع .ولكن هم بذلك ي سقطون أول في خ طأ أخل قي وثان يا في خ طأ
عملي وتطيبيقي .فأنيا أعتقيد كمسيلم أن ال خلقنيا متسياوين .وحتيى لو
كانت فكرة فرض الم ساواة القت صادية جذا بة أخلق يا ،فإن التجر بة قد
أثب تت أن تد خل الدولة لفرض هذه الم ساواة قد أدى على أرض الوا قع
إلى المزييد مين التفاوت بيين الفراد .فأنيا أتعجيب عندميا يُصيوّر
ال سياسيون أن ال حل لدرء ف شل الدولة في إر ساء الم ساواة القت صادية
هوا لمزيد من التدخل تحت مظلة الدولة الراعية.
هل يصح لنا ان نفكر بشئ اسمه ليبرالية عراقية خاصة :
بعد أن جرب العراقيون أربعة سنوات من تداول السلطة بطريقة
ديمقراطية خاصه ,قد تختلف عن انواع كثيرة من الديمقراطيات في
العالم .ولهذا المفروض للباحث الوطني أن يبحث عن أنواع
الديمقراطيات المتعامل بها في العالم ,ثم شرح الديمقراطية
العراقيةالخاصة.
ولعيل هناك خلط كيبير بيين الديمقراطيية والليبراليية ميع ان هناك
انواع كثيرة من اشكال الليبراليات المتعامل بها في العالم خصوصا في
الدول الوروب ية الغرب ية وأمري كا .واي ضا نل حظ خلط ب ين الليبرال ية
والفكير اليمينيي .اطرح هذه التسياؤلت للبحيث والمناقشية للتوصيل
لمعرفة هذه المصطلحات بشكل يسهل عملية التوعية لدى أبناء الشعب
العراقي .
المنطق يقول النقيضان ل يلتقيان ...وهنا القصد أن السلم يدعوا
لحكم ماجاء به القرآن ول يمكن النقاش فيه...واذا كان البعض يحاول
أنا ليه ليبرالى ؟
137
صحيح لن العامة من الناس ليس لهم الحق على العتراض أبدا ,بل
الحد القصى من العتراض قد يكون هو ان يتحول العامي لمجتهد
آخر يقلده .هذا مثل بسيط للتناقض ,وهناك أمثلة كثيرة وخطرة قد
تحدد بها أمن أمة بكاملها .وقد يؤدي لهلك بشر أو اسعادهم...ولكن
الموجز ما في المر...أن في حالة الديمقراطية يعطى للمجتمع حق
التدخل في المور الحياتية أكثر مما هو عليه في الحكم السلمي حيث
تحصر أهم المور وأخطرها بيد أصحاب العلم والجتهاد وينفي دور
الفرد ومجموعة الفراد.
الشعب العراقي يبحث عن ليبرالية تضمن له العدالة والمن ,لن
تجرب ته مع الحزاب ال تي تتوالت على ال سلطة خلل العوام الرب عة
الماضية .ولكن الشعب العراقي متخوف أيضا من مصطلحات غربية
خوفا من التهامات النتمائية للغرب ...والمفاهيم التي باتت تتعارض
مع الوطن ية ح سب الترب ية المتلقات والم جبرة عل يه طيلة فترة اللنظام
المقبور .م ثل ال ستعمار والخيا نة والغرب الكا فر...و ما الى ذلك من
امور تضع هم في مأزق التق بل للجد يد ...مع ان الش عب العرا قي يب حث
عن بديل وقد ذاقوا المرين .الليبرالية العراقية سوف تتحدث عن الفرد
وأهميتيه فيي السيتمرار بالحياة بكرامية دون ان يسيتغل مين الحزاب
والحكومية .لكين الشعيب ينتظير ويضحيي ول يحصيل على شييء أبدا
غ ير الجوع والع طش والموت ال سريع والبط يء .ب سبب الخلفات على
السلطة للكسب المادي المتخم...لكن الظاهر من ذاق طعم السلطة وبدأ
بسرقة ثروات البلد ل يتخم بل يريد المزيد .الليبرالية مفهوم أوروبي
غر بي يع مل من أ جل الفرد واحتاجا ته ب كل مع نى الكل مة ,وي سعى في
الوقت ذاته لتحرير الفرد من كل اشكال الستغلل .فالليبرالية ل يفرق
ب ين قوم ية وأخرى ,ول ب ين د ين وآ خر ,ول ب ين مذ هب ومذ هب .ل
علقة للفكر الليبرالي باي أعتقاد خاص بالفرد بل يدعم هذا الفرد لكي
يختار العقيدة الذي يؤمين بهيا ,والقوميية الذي ينتميي لهيا .أن الفكير
أنا ليه ليبرالى ؟
139
إنها ليــبراليــتــي
محمـد ماهـر
تجاه الفرد مستندا لبسط قاعدة ليبرالية – كما علمتها بعد ذلك – أن
الحرية فطرية ل يمكن انتزاعها أو حجبها تحت أي مسمي وتحت أي
ظروف وان قيمة الحرية تسمو فوق باقي القيم ،وان لها الولوية
القصوى علي جدول أولوياتي الفكرية .
البستان الذي يحتوي نوع واحد ولون واحد من الزهار " أن
التعددية هي الحصن الول لليبرالية في تقديري ولهذا أيضا
أنا ليبرالي "
•ل أنكر أن انبهاري بتاريخ حزب الوفد شكل حجر الزاوية في
بلورة شخصيتي الليبرالية وازددت قناعة بان أحوال مصر
كانت أفضل في ظل الشعبية الكاسحة لحزب الوفد وذلك قبيل
اعتلء الضباط الحرار لسدة الحكم ومع استيلء البكباشي
جمال عبد الناصر ومجموعة الشاوس الخرين علي السلطة،
انهارت التجربة الليبرالية في مصر إلي غير رجعه ( حتى
الن حتى القل ) وازددت مقتا تجاه النظام الذي افرزه ناصر
ومازالت فلوله تحكم حتى كتابة هذه السطور .
•وبالضافة إلي ما سبق كانت لدي مجموعة من النزعات
التمردية للخروج من دوائر المحرمات التي يفرضها عليك
المجتمع ،أو بالحرى تابوهات ،تابوهات سياسية وأخلقية
ودينية وتبقي في النهاية مبنية علي مجموعه من الفكار
النمطية السائدة في المجتمع وحقيقة لم أجد إل الليبرالية
والفكار التحررية كدرع واقي استخدمه لمحاولة اختراق مثل
هذه الدوائر ومحاولة تفنيد مزاعمها بحجج منطقية وأسانيد
عقلية ولن الليبرالية ضد النمطية وضد الضغط علي
الحريات الفردية تحت مزاعم التابوهات فلقد قررت أن أكون
ليبراليا ما حييت – عفوا لكن الحكام المطلقة ل تعرفها
الليبرالية – ولذلك فان ليبراليتي تحتم علي أن أقول بأنني
سوف أكون ليبراليا حتى يتضح لي أن هناك أفكارا أخري
أحق بالعتناق .
ولهذا انا ليبرالي
أنا ليه ليبرالى ؟
146
أنا ليه ليبرالى ؟
147
هند حسن
منذ أن كنت صغيرة وأنا أعلم أن النسان بعد الموت لن يذهب إل
لحدى المكانيين ،الجنة أو النار ،وأن عمله وحده هو الذي سيحدد إلى
أي المكانيين سيذهب
أي أن النسان حر وقادر على الختيار وله مطلق الحرية في أن
يفعل ما يشاء دون إكراه وكيفما يحلو له ،وإل كيف سيحاسبنا ال على
أعمال أُجبرنا عليها أو فعلناها قهرا .
وفيما بعد أخذ مفهوم حرية النسان يتبلور لدي وتتحدد ملمحه
شيئا فشيئا ،فقد اكتشفت وجود الخر ،هذا الذي يخالفني في كل شيء
في معتقدي وديني ،اتجاهي السياسي ،عاداتي وفكرى وأرائي ،بل هو
على النقيض منى تماما وأنه حر وأنني مطالبة باحترام اختياراته
الدينية والفكرية والسياسية ،تماما مثلما أطالبه باحترام اختياراتي
الدينية والفكرية والسياسية وإن مساحة الختلف بيننا مهما اتسعت فل
يجب أن تفسد علقة الود والصداقة والحترام بيني وبين هذا الخر.
لكن قبول الخر وسعة الفق في التفكير هذه غير موجودة عند
جميع الناس بل للسف ل يتمتع بها غير القليلين ،أما الغالبية العظمى
منهم فيحكمهم التطرف والتعصب الشديدين.
بداية من التعصب الديني والفكري ونهاية بالتعصب للعادات
والتقاليد البدائية ،ول يقف هذا التعصب عند حد نفى وتحقير الخر بل
وصل إلى حد تكفيره وقتله.
وكأن النسان في نظر هؤلء عبدا للمعتقد الديني أو الفكرة أو
العادة حتى وإن كانت خرقاء بالية وأن كل موروثاتهم الثقافية والدينية
من الثوابت التي يجب أن يسلم بها النسان دون أن يتجرأ عقل على
مناقشتها أو رفضها أو إعادة النظر فيها .وإذا ما أستمر التعصب
الديني والفكري في بسط سلطانه وفرض سيطرته على المجتمع فسوف
أنا ليه ليبرالى ؟
149
نتحول جميعا إلى قطعان ماشية تُساق بالعصا وسواء كانت عصا الدين
أو عصا الستبداد السياسي فالنتيجة واحدة .انتهاك حرية النسان وقتل
إرادته الحرة وقدرته على الختيار والحجر على تفكيره.
لذلك فقد اخترت الليبرالية حيث يظل النسان حرا قادرا على
الختيار ،ل أحد يُملى عليه أفكاره أو يفتش في ضميره ،اخترت
الليبرالية حيث ل يستطيع أحد أن ينتزع ديني من قلبي ليحاكمه
ويكفرني ثم يسفك دمى.
اخترت الليبرالية لنني أؤمن أن حرية التفكير والقدرة على التخيل
هي فقط التي تضمن لنا البداع ،فل يمكن أن نبدع ونتطور على الوراق
أو في المعامل ونحن نضع أمام عقولنا حائط سد أسمه الحرام أو العيب
أو حائط تحدى قدرة ال الذي بدأ يبنيه المعممون في معامل البحاث،
برغم أنه ل يوجد وجه للمقارنة بين مقدرة ال ومشيئته ومحاولت
النسان البسيطة لفهم الكون من حوله وتطوير حياته .
لم أكن اعرفها ولكن انهار البراءة والعذوبة التي غمرت ملمحها لم
تكن من النوع الذي تخطئه العين ,كنت في احد الحلقات النقاشة – الزلية
الجدلية – حول اتفاقية كامب ديفيد والسلم وحتى أكون صادق فأنى لم
انتبه – كما لم ينتبه كثيرون – لموضوع المناقشة حتى جاء دورها في
الحديث ,كانت لهجتها الفلسطينية واضحة متماشية مع ملمح وجهها
العربية ,اسمي مريم ,فلسطينية مسيحية من سكان غزة ,هكذا بدأت
كلمها ولم تنضم – كما انضم اغلب الحضور – في مسابقة أقوى شعار
حنجورى ولكنها حكت حكايتها بمنتهى الصدق والحب فهي كما كل سكان
غزة عانت من جراء الحتلل السرائيلي وتم اضطهادها ل لشيء سوى
كونها عربية مسيحية تحيى في ظل احتلل يسلب حريتها وأرضها
وعندما برق أمل جديد بفضل نضالها ونضال أشقائها وأتى نظام حكم
ذاتي تنظمه عملية ديمقراطية أتت حكومة تمثل ديكتاتورية الغلبية
لترغمها أن ترتدي الحجاب – مع كل احترامها له – لترغمها أن ل
تستمع إلى تلك الترانيم التي تعشقها بصوت عال وإل هاجمتها شرطة
الغلبية وكم من انتهاك للحرية يرتكب باسم الديمقراطية ,فكانت مريم
ضحية ديمقراطيه غير ليبراليه.
عزيزي القارئ قبل أن تبدأ بتوجيه السباب واللعنات على مريم
وعلى كاتب هذه السطور وتبدأ في الحديث عن أن حرية الرض تجئ
قبل حرية الفراد وأن كل شيء يهون في سبيل الوطن وأن حرية مريم
في معتقداتها ل تساوى شيء بجانب إيجاد وطن متماسك ,استسمحك قبل
كل هذا أن تتخيل معي مستقبل مريم في ظل الوضاع الحالية.
هل تظن أن مريم – القلية – ستحب وطن ل يحبها؟ هل تظن
أنها ستنتمي لوطن يرفضها ول يعترف بحقوقها؟ هل تظن أنها
ستصمد قوية أمام رنين ذهب الحتلل ووعوده لها بالحرية؟ وهل
أنا ليه ليبرالى ؟
153