Sie sind auf Seite 1von 8

‫مفهوم البنك السلمي‬

‫د‪ .‬محسن أحمد الخضيري‬

‫أصبحت المصارف السلمية حقيقة واقعة ليس في حياة‬


‫المة السلمية فحسب‪ ،‬ولكن أيضا ً في جميع بقاع‬
‫وأصقاع العالم منتشرة في معظم دولها‪ ،‬ومقدمة بذلك‬
‫فكرا ً اقتصاديا ً ذا طبيعة خاصة‪ ،‬بعث من مرقده من جديد‪،‬‬
‫وبعد أن حاول البعض طمسه طول أربعة عشر قرنا ً من‬
‫الزمان‪ ،‬فما كان منه إل أن حطم حاجز الخوف وجدار‬
‫الشك‪ ،‬وأباطيل عدم إمكانية تطبيقه أو عدم مناسبته‬
‫لحاجة المعاملت القتصادية وغير القتصادية في حياتنا‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫وقد أصبحت هذه المصارف واقعا ً ملموسا ً فعال ً تجاوز‬
‫إطار التواجد إلى آفاق التفاعل وإلى أقطار البتكار‬
‫والتعامل بايجابية مع مشكلت العصر التي يواجهها عالم‬
‫اليوم‪ ،‬المر الذي يستدعي منا التعرف على مفهومها‬
‫والحاطة بخصائصها وهو ما سيتم العرض له فيما يلي‪:‬‬
‫مفهوم البنوك السلمية‪:‬‬
‫البنك السلمي مؤسسة نقدية مالية تعمل على جذب‬
‫الموارد النقدية من أفراد المجتمع وتوظيفها توظيفا ً فعال ً‬
‫يكفل تعظيمها ونموها في إطار القواعد المستقرة‬
‫للشريعة السلمية وبما يخدم شعوب المة ويعمل على‬
‫تنمية اقتصادياتها‪.‬‬
‫ومن هذا التعريف يتبين لنا أن هناك عدة عناصر أساسية‬
‫تلتزم بها البنوك السلمية منها اللتزام بالقواعد‬
‫المستقرة للشريعة السلمية‪ :‬يتعين على البنك السلمي‬
‫أن يلتزم بأحكام الشريعة السلمية في جميع أعماله‬
‫ومعاملته جملة وتفصيل ً وإل فقد مقومات وجوده‪،‬‬
‫فالعقيدة السلمية تقدم نظاما ً شامل ً ومتكامل ً يحكم كل‬
‫شيء في القتصاد متمثل ً في أنشطة النتاج‪ ،‬والتوزيع‪،‬‬
‫والستهلك‪ ،‬والدخار وتتصل بغيرها من النشطة غير‬
‫القتصادية وترتبط معها وبها بالعبادات لتجعل من السلم‬
‫دينا ً قّيما ً قويما ً ل يشوبه أو يأتيه الباطل من بين يديه ول‬
‫من خلفه‪ ،‬ول من أمامه‪ ،‬وان ارتباط الفكر السلمي‬
‫المصرفي القتصادي بالدين تعززه اليات المباركة في‬
‫كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المطهرة‬
‫واجتهادات العلماء الفاضل‪ ،‬وان القواعد القتصادية‬
‫الحاكمة للعمل المصرفي واضحة وصريحة يتعين على‬
‫البنك السلمي توخيها والحرص عليها‪ .‬وأهم هذه القواعد‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫)أ( اللتزام في معاملته بالحلل والبتعاد كل‬
‫البعد عن المجالت الحرام والمشكوك فيها‪:‬‬
‫لما كان البنك السلمي يستمد مشروعيته من تجسيده‬
‫للفكر السلمي‪ ،‬فانه يلتزم التزاما ً كامل ً بتطبيق قاعدة‬
‫الحلل والحرام في كل معاملته‪ ،‬والتقيد بأخلقيات‬
‫السلم وآدابه في هذه المعاملت في طابعها الشمولي‬
‫الذي يمتد إلى كافة مجالت النشاط النساني التي يقوم‬
‫البنك بالتعامل معها‪.‬‬
‫فل يمكن للبنك أن يقدم خدماته إلى أنشطة تدخل في‬
‫دائرة التحريم لما فيها من أضرار خطيرة تلحق بالمجتمع‬
‫مثل أنشطة صناعة الخمور‪ ،‬وموائد القمار‪ ،‬والمخدرات‪،‬‬
‫والبغاء والصناعات التي تقوم على تربية وذبح وبيع لحوم‬
‫الخنزير أو الميتة أو الدم‪ ،‬والبتعاد عن أي نشاط ينطوي‬
‫التعامل فيه على ربا أو غش أو تدليس أو احتكار أو تزوير‬
‫أو استغلل لحاجات الناس أو تغرير أو غرر أو ميسر أو‬
‫رشوة أو إفساد للذمم وتخريب للنفوس أو أي نشاط‬
‫يشوبه حرمة‪ ،‬ومن ثم تكون جميع معاملت البنك تدخل‬
‫في دائرة الحلل‪ ،‬تراعي بشكل شديد مبادئ الدين‬
‫الحنيف فل غبن في الجور ول ظلم للعاملين ول مصادرة‬
‫لرزاقهم أو تسخيرهم كعبيد مقابل إطعامهم وكسوتهم‪.‬‬
‫فالبنك السلمي هو الذي يقوم على العقيدة السلمية‬
‫ويستمد منها كيانه الفكري ومقومات التعامل المصرفي‬
‫لديه أو تصبح معاملته جميعها في إطار هذا الكيان‬
‫الفكري الذي يقوم على أن الله هو خالق هذا الكون‪ ،‬وان‬
‫الملكية الموجودة في هذا الكون لله وحده‪ ،‬فالله مالك‬
‫كل موجود فيما أنه سبحانه وتعالى موجده وانه مالك‬
‫الملك وان البشر مستخلف فيه ومن ثم فان استخدام‬
‫هذه الموجودات وبما فيها المال تتم في إطار شروط هذا‬
‫الستخلف وعلى هذا فمن الضروري أن تكون المنتجات‬
‫والخدمات التي يتعامل معها البنك أو يمول مشروعاتها‬
‫في دائرة الحلل‪ ،‬فل يجوز له أن يقوم بتموين مصنع‬
‫لنتاج الخمر أو شركة لتعبئة لحوم الخنزير ول يجوز له أن‬
‫يمول ملهى ليليا ً أو ناديا للقمار‪ ،‬بل تنحصر مهمته في‬
‫ض‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫كم من ال َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫شأ َ ُ‬
‫َ‬ ‫عمارة الدنيا‪ ،‬قال تعالى }هُو َ‬
‫أن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫م ِفيَها)‪) {(61‬سورة هود( ومن هنا تتسع كافة‬ ‫مَرك ُ ْ‬
‫ست َعْ َ‬
‫َوا ْ‬
‫معاملت البنك لتشمل كافة أوجه النشاط القتصادي‬
‫وغير القتصادي اللزم لعمار الرض‪.‬‬
‫)ب( عدم التعامل بالربا‪:‬‬
‫فعدم التعامل بالربا هي سمة مميزة للبنك السلمي من‬
‫أجل تطهير المال من شبهة الظلم والستغلل الذي هو‬
‫سمة أساسية من سمات القروض الربوية التي تقوم بها‬
‫البنوك غير السلمية‪ ،‬وذلك على الرغم من أن السلم‬
‫لم يبتدع قضية تحريم الربا وإنما جدد حرمة الربا التي‬
‫نزلت في جميع الرسالت السماوية‪ ،‬وفي الوحي القديم‪.‬‬
‫وفي الوقت ذاته فان عدم التعامل بالربا يجعل من البنك‬
‫السلمي أداة ترشيد تنموية تجعله يتجه بالتوظيف إلى‬
‫مجالت تدريجية مناسبة من خللها يدفع عائدا ً مناسبا ً‬
‫دعين لديه‪ ،‬وفي الوقت نفسه تنمية المال‬ ‫لجموع المو ّ‬
‫الذي اؤتمن عليه منهم‪.‬‬
‫فالقراض بالربا محرم ل تبيحه حاجة‪ ،‬ول تجزيه ضرورة‪،‬‬
‫بل إن الربا من أخبث المعاصي وأشدها فتكا ً بالنظام‬
‫القتصادي والجتماعي للدول‪ ،‬فهو يقضي على وحدة‬
‫المة‪ ،‬وتآلفها وتراحمها ويحوله إلى النقيض من تصارع‬
‫وتطاحن وحروب أهلية وثورات مدمرة‪.‬‬
‫ومن هنا فان البنوك السلمية ل تتعامل بالفائدة أيا ً كانت‬
‫صورها وأشكالها‪ ،‬أخذا ً أو عطاًء‪ ،‬إيداعا ً أو توظيفًا‪ ،‬قبول ً أو‬
‫خصمًا‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ظاهرة أو‬
‫مختفية‪ ،‬محددة مقدما ً أو مؤخرًا‪ ،‬ثابتة أو متحركة‪ ،‬كاملة‬
‫أو منقوصة‪ ..‬أعمال ً لحكام الشريعة الغراء والتزاما ً بأمر‬
‫الله سبحانه وتعالى وتجنبا ً لنواهيه‪ .‬فالفائدة على جميع‬
‫النقود كلها ربا محرم‪ ،‬يستوي في ذلك قليلها وكثيرها‪،‬‬
‫ويستوي في ذلك كونها محددة ومطبقة على قرض موجه‬
‫للستهلك أو للستثمار‪.‬‬
‫والربا هو الزيادة المطلقة في رأس المال‪ ،‬ويقال إذا ربا‬
‫الشيء زاد ونما‪ ،‬ويقصد بالربا شرعا ً فضل المال الذي ل‬
‫يقابله عوض في معارضة مال بمال‪ ،‬وكان العرب قديما ً‬
‫يمارسون هذه الصناعة قبل ظهور السلم وتحريم الربا‪،‬‬
‫وكان المرابي يخبر من عليه الدين أما أن يقضي الدين‬
‫)أي يسدده( أو يربي )أي يزيد الدين بمقدار من المال(‬
‫ويؤخر الجل إلى حين متفق عليه‪.‬‬
‫وحجية تحريم الربا تنصرف إلى مجمل أسباب بعضها‬
‫ظاهر للعيان مثل دور الربا الخطير في تقويض المة‬
‫السلمية ونهب خيراتها لصالح المستعمر الدخيل‪ ،‬وإفقار‬
‫أهلها‪ ،‬وتدمير هيكل القيم ونسف المبادئ والخلق‬
‫الحميدة وبعضها خفي ل يعلمه إل الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وليس معنى هذا أن المصرف السلمي ل يهدف إلى‬
‫تحقيق الربح‪ ،‬بل انه يهدف إليه ويعمل على إنمائه ولكن‬
‫في إطار ضوابط إسلمية محددة يتحدد من خللها مصدر‬
‫الربح‪ ،‬وان يكون هذا الربح عادل ً غير مغالى فيه‪ ،‬ل تشوبه‬
‫شائبة استغلل‪ ،‬ول يكون مصدره أي غبن واحتكار‪ ،‬بل من‬
‫خلل صيغ استثمار إسلمية حقيقية يتضافر فيها كل‬
‫عناصر النتاج بشكل فعال‪.‬‬
‫)ج( حسن اختيار من يقومون على إدارة‬
‫الموال‪:‬‬
‫يتعين على البنك السلمي أن يبذل كافة الجهود اللزمة‬
‫للتأكد من حسن اختيار الفراد الذين سيتولون إدارة‬
‫الموال سواء من بين موظفيه‪ ،‬أو من بين عملئه الذين‬
‫سيتم إتاحة الموال لهم لدارتها‪ ،‬حيث ل يجب أن يوكل‬
‫أمر إدارة هذه الموال لمن ل يصلح للقيام بهذه المهمة‬
‫سَفَهاء‬‫أعمال ً لقول الله سبحانه وتعالى‪} :‬وَل َ ت ُؤُْتوا ْ ال ّ‬
‫َ‬
‫م قَِياما ً َواْرُزُقوهُ ْ‬
‫م ِفيَها‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫جع َ َ‬‫م ال ِّتي َ‬‫وال َك ُ ُ‬
‫م َ‬
‫أ ْ‬
‫معُْروًفا{ )‪ (5‬سورة النساء‪.‬‬ ‫م قَوْل ً ّ‬ ‫م وَُقوُلوا ْ ل َهُ ْ‬
‫سوهُ ْ‬ ‫َواك ْ ُ‬
‫وتقتضي إدارة هذه الموال الرشاد في استخدامها‪،‬‬
‫والحكمة في معالجتها لتحقيق النفع العام والخاص من‬
‫هذا الستخدام في إطار التوازن النفاقي الرشيد الذي‬
‫يحفظ المال ول يبدده وفي الوقت ذاته ل يكتنزه أو يحجبه‬
‫عن التداول والمنفعة عمل ً بقول الله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫}وال ّذين إ َ َ‬
‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن ب َي ْ َ‬ ‫كا َ‬‫م ي َْقت ُُروا وَ َ‬ ‫سرُِفوا وَل َ ْ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ذا أنَفُقوا ل َ ْ‬ ‫َ ِ َ ِ‬
‫ما{ )‪ (67‬سورة الفرقان (‪ ،‬ومعنى هذا أيضا ً أن يتم‬ ‫وا ً‬ ‫قَ َ‬
‫اختيار أرشد السبل لتوظيف المال وإنمائه وإدارته إدارة‬
‫رشيدة دون إسراف أو تقتير وبالشكل الذي يفي بحاجة‬
‫الفراد وحاجة المجتمع السلمي‪.‬‬
‫)د( عدم أكل مال الناس بالباطل‪:‬‬
‫يعرف أكل أموال الناس بالباطل بخلف الربا بصور من‬
‫المعاملت القتصادية وغير القتصادية التي بموجبها يتم‬
‫الحصول على الموال بدون وجه حق ومن أهم تلك‬
‫الطرق السرقة‪ ،‬وخيانة المانة‪ ،‬والقمار‪ ،‬والغصب‪،‬‬
‫والبتزاز‪ ،‬والتهديد‪ ،‬والنصب‪ ...‬الخ‪ .‬وهي كلها أفعال‬
‫محرمة ل يجوز للبنوك السلمية أن تقع فيها أو حتى في‬
‫التصرفات التي تحتمل البهتان تسليما بقول الله عز وجل‪:‬‬
‫ل إ ِل ّ َأن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ِبال َْباط ِ ِ‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫م ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ أ ْ‬
‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫}َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫م وَل َ ت َْقت ُُلوا ْ أنُف َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫عن ت ََرا ٍ‬ ‫جاَرةً َ‬ ‫ن تِ َ‬ ‫كو َ‬ ‫تَ ُ‬
‫ما{ )‪ (29‬سورة النساء‪ .‬وفي آية أخرى‬ ‫حي ً‬ ‫م َر ِ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫وال َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫كم‬ ‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫يقول الله سبحانه وتعالى‪} :‬وَل َ ت َأك ُُلوا ْ أ ْ‬
‫كام ل ِتأ ْك ُُلوا ْ فَريًقا م َ‬
‫ل‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ح ّ ِ َ‬ ‫ل وَت ُد ُْلوا ْ ب َِها إ َِلى ال ْ ُ‬ ‫ِبال َْباط ِ ِ‬
‫َ‬
‫ن{ )‪ (188‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬
‫س ِبال ِث ْم ِ وَأنت ُ ْ‬ ‫الّنا ِ‬
‫)هـ( الصراحة والصدق والوضوح في المعاملت‪:‬‬
‫يلتزم البنك السلمي في معاملته بالصدق والصراحة‬
‫والوضوح والمكاشفة التامة بين البنك والمتعاملين معه‬
‫وكذا المتعاملين فيه طالما كانت هذه المعاملت خاصة‬
‫بالعميل ذاته وليس بغيره من العملء أعمال ً لقول الحق‬
‫َ‬
‫م‬
‫حقّ وَأنت ُ ْ‬ ‫موا ْ ال ْ َ‬ ‫ل وَت َك ْت ُ ُ‬ ‫حقّ ِبال َْباط ِ ِ‬ ‫سوا ْ ال ْ َ‬ ‫عز وجل‪} :‬وَل َ ت َل ْب ِ ُ‬
‫ن{ )‪ (42‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫ومن هنا فانه ليس من المقصود بالصراحة والمكاشفة‬
‫إعلن أسرار العميل للغير‪ ،‬بل إن البنوك السلمية تحافظ‬
‫على سرية معاملت عملئها ول تسعى للضرار بهم‬
‫وبمصالحهم في إطار الشرعية الدينية والقانونية الحاكمة‬
‫لنظام المعاملت المصرفية‪.‬‬
‫وهناك هيئة الرقابة الشرعية في البنك السلمي يتم‬
‫اختيار أفرادها من كبار علماء المسلمين وبعض علماء‬
‫القتصاد السلمي تقوم بمتابعة كافة أعمال البنك لتتأكد‬
‫من أنها تتم في إطار أحكام الشريعة السلمية‪.‬‬
‫)و( عدم حبس المال وحجبه عن التداول‬
‫واكتنازه‪:‬‬
‫يتعين على البنك السلمي أن يعمل على تنمية المال‬
‫وإثماره باعتباره مستخلفا ً فيه ووكيل ً عن أصحابه‬
‫وتوظيفه التوظيف الفعال لصالح المجتمع‪ ،‬وباعتباره أصل ً‬
‫من أصوله التي يتعين تنميتها وإثمارها وليس اكتنازها أو‬
‫حجبها وحرمان المجتمع والفراد الذين في حاجة إليها‬
‫منها تجنبا ً لغضب الله سبحانه وتعالى وابتعادا ً عن نواهيه‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫عز وجل وخوفا ً من قوله سبحانه وتعالى‪َ} :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫س‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫آمنوا ْ إن ك َِثيرا من ال َحبار والرهْبان ل َيأ ْك ُُلون أ َ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ِ َ ّ َ ِ َ‬ ‫ً ّ َ‬ ‫َ ُ ِ ّ‬
‫ب‬‫ن الذ ّهَ َ‬ ‫ن ي َك ْن ُِزو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل الل ّهِ َوال ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬
‫عن َ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ل وَي َ ُ‬ ‫ِبال َْباط ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ل الل ّهِ فَب َ ّ‬
‫م{‬ ‫ب أِلي ٍ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫هم ب ِعَ َ‬ ‫شْر ُ‬ ‫سِبي ِ‬‫فُقون ََها ِفي َ‬ ‫ة وَل َ ُين ِ‬ ‫ض َ‬ ‫َوال ِْف ّ‬
‫)‪ (34‬سورة التوبة‪.‬‬
‫فحبس المال تعطيل لوظيفته في توسيع ميادين النتاج‬
‫وتهيئة سبل العمل وتوفير مجالت الرزق وإصلح المة‪،‬‬
‫وهي جميعها أمور تحتاج إلى انطلقة المال في المجالت‬
‫الشرعية المنصوص عليها دون غلو أو تبذير أو إسراف‪،‬‬
‫بل في إطار رشد فكري وعلمي تستثمر فيها أموال‬
‫المسلمين في المجالت التي تنفع المسلمين‪.‬‬
‫ويرتبط بهذا أيضا ً ضرورة النفاق‪ ،‬واليات التي تأمر‬
‫بالنفاق كثيرة من بينها‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫ل أن ي َأت ِ َ‬ ‫من قَب ْ ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما َرَزقَْنا ُ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬
‫م ّ‬ ‫مُنوا ْ أن ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫}َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫م‬
‫ن هُ ُ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ة َوال ْ َ‬ ‫شَفاعَ ٌ‬ ‫ة وَل َ َ‬ ‫خل ّ ٌ‬‫م ل ّ ب َي ْعٌ ِفيهِ وَل َ ُ‬ ‫ي َوْ ٌ‬
‫ن{ )‪ (254‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬‫ال ّ‬
‫من‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫ما ُتن ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ما ت ُ ِ‬
‫م ّ‬‫فُقوا ْ ِ‬ ‫حّتى ُتن ِ‬ ‫}َلن ت ََناُلوا ْ ال ْب ِّر َ‬
‫م{ )‪ (92‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ه ب ِهِ عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫يٍء فَإ ِ ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫وقد اشترط الله سبحانه وتعالى أن يكون النفاق في غير‬
‫إسراف ول تبذير }وال ّذين إ َ َ‬
‫سرُِفوا وَل َ ْ‬
‫م‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ذا أنَفُقوا ل َ ْ‬ ‫َ ِ َ ِ‬
‫ما{ )‪ (67‬سورة الفرقان‪.‬‬ ‫وا ً‬‫ك قَ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ن ب َي ْ َ‬
‫كا َ‬‫ي َْقت ُُروا وَ َ‬
‫وقوله سبحانه وتعالى‪} :‬ال ّذين ينفُقو َ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫وال َهُ ْ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عند َ‬ ‫م ِ‬ ‫جُرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ذى ل ّهُ ْ‬ ‫مّنا وَل َ أ ً‬ ‫ما أنَفُقوا ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ل َ ي ُت ْب ُِعو َ‬ ‫الل ّهِ ث ُ ّ‬
‫ن { )‪ (262‬سورة‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م وَل َ هُ ْ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬ ‫خو ْ ٌ‬ ‫م وَل َ َ‬ ‫َرب ّهِ ْ‬
‫البقرة‪.‬‬
‫مث َ ُ‬
‫ل‬ ‫وقد وضع الله سبحانه وتعالى الجزاء للمنفقين‪ّ } :‬‬
‫َ‬ ‫ال ّذين ينفُقو َ‬
‫ت‬ ‫حب ّةٍ أنب َت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ل الل ّهِ ك َ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫وال َهُ ْ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ ُ ِ‬
‫من‬ ‫ف لِ َ‬ ‫ع ُ‬‫ضا ِ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫حب ّةٍ َوالل ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫مئ َ ُ‬ ‫سنب ُل َةٍ ّ‬‫ل ُ‬ ‫ل ِفي ك ُ ّ‬ ‫سَناب ِ َ‬
‫سب ْعَ َ‬ ‫َ‬
‫م{ )‪.(261‬‬ ‫سعٌ عَِلي ٌ‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫شاء َوالل ّ ُ‬ ‫يَ َ‬
‫)ز( خضوع المعاملت المصرفية للرقابة‬
‫السلمية الذاتية والخارجية‪:‬‬
‫فالرقابة السلمية رقابة ذات شقين‪ ،‬شق ذاتي من داخل‬
‫الفرد ذاته ومن وحي ضميره ومن خلل تمسكه بدينه‬
‫وخوفه من إغضاب الله عز وجل وشق آخر خارجي من‬
‫خلل هيئة رقابة شرعية يتم اختيار أفرادها من التقاة‬
‫الراسخين في علوم الدين المشهود لهم بالنزاهة الشديدة‬
‫والحرص‪.‬‬
‫بل يمكن القول أن الرقابة في المصارف السلمية هي‬
‫رقابة شاملة محاورها متعددة تضم‪ ،‬رقابة من الفرد على‬
‫ذاته‪ ،‬ومن الفرد على العمل المصرفي الذي يتم‪ ،‬ومن‬
‫المسئول عن العمل المصرفي على النشاط القتصادي‬
‫الذي يتم تمويله‪ ،‬ومن الهيئة الرقابية الشرعية على كافة‬
‫النشاط والعمال المصرفية التي تتم‪ ،‬ومن الله سبحانه‬
‫وتعالى على الجميع‪.‬‬
‫ومن هنا تتشكل الطبيعة التكاملية للبنوك السلمية التي‬
‫تجعل منها نمطا ً فريدا ً من التفاعل والتكامل والتساق‬
‫والتوافق مع احتياجات الفراد والمجتمع السلمي الحميد‪.‬‬
‫)ح( أداء الزكاة المفروضة شرعا ً على كافة‬
‫معاملت البنك ونتائج العمال‪:‬‬
‫لتطهير المال وتنميته وطرح البركة فيه وفي الوقت ذاته‬
‫لتعميق الحس الديني‪ ،‬وتحقيق الهداف الجتماعية للبنك‪،‬‬
‫وفي الوقت ذاته مراعاة التوازن بين الهداف التجارية‬
‫الستثمارية للبنك وبين الهداف الجتماعية له‪ ،‬وفي‬
‫الوقت ذاته لتطهير المال من أي معاملت مشكوك فيها‬
‫خذ ْ م َ‬
‫صد َقَ ً‬
‫ة‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫أعمال ً لقوله سبحانه وتعالى‪ْ ِ ُ } :‬‬
‫ن ل ّهُ ْ‬
‫م‬ ‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ل عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫كيِهم ب َِها وَ َ‬ ‫م وَت َُز ّ‬ ‫ت ُط َهُّرهُ ْ‬
‫م{ )‪ (103‬سورة التوبة‪.‬‬ ‫ميعٌ عَِلي ٌ‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫َوالل ّ ُ‬
‫ومن هنا فان البنوك السلمية تقوم بتحصيل وتوزيع زكاة‬
‫أموالها وأموال عملئها ومن يرغب من المسلمين‪ ،‬وتقوم‬
‫البنوك السلمية بإنفاقها في مصارفها الشرعية التي‬
‫ت‬ ‫صد ََقا ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫حددها الله سبحانه وتعالى في قوله‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫م وَِفي‬ ‫مؤَل َّفةِ قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫ن عَل َي َْها َوال ْ ُ‬ ‫مِلي َ‬‫ن َوال َْعا ِ‬‫كي ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِل ُْفَقَراء َوال ْ َ‬
‫ة‬
‫ض ً‬‫ري َ‬ ‫ل فَ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سِبي ِ ّ‬ ‫ب َوال َْغارِ ِ‬ ‫الّرَقا ِ‬
‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬
‫م{ )‪ (60‬سورة التوبة (‪.‬‬ ‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّهِ َوالل ّ ُ‬ ‫م َ‬
‫ّ‬
‫)ط( تحقيق التوازن بين مجالت التوظيف‬
‫المختلفة‪:‬‬
‫والتوازن يتم بين مجالت التوظيف قصير الجل ومتوسط‬
‫الجل وطويل الجل‪ ،‬وبين مناطق التوظيف المختلفة‪،‬‬
‫حيث يتحقق التوازن الجغرافي‪ ،‬وفي الوقت ذاته توازن‬
‫في مجال التوظيف وفقا ً للولويات السلمية‪.‬‬
‫_ الضروريات‪.‬‬
‫_ الحاجات‪.‬‬
‫_ الكماليات‪.‬‬
‫والتوازن بين العائد الجتماعي والعائد الستثماري المادي‪.‬‬

Das könnte Ihnen auch gefallen