Sie sind auf Seite 1von 5

‫الطفل والموسيقى‬

‫تأثير الموسيقى في النمو النفسي والذهني والفكري‬


‫للطفل‬
‫منذ أفالطون لعبت الموسيقى دورًا في التربية األخالقية‪ .‬فهي‬
‫برأي الفيلسوف الكبير قادرة على صناعة رجل شجاع ورصين‪..‬‬
‫أما أرسطو فقد راهن على دور الفنون وعلى رأسها الموسيقى‬
‫في تطهير النفوس‪ .‬وكما باقي الفنون األخرى فإن الموسيقى‪،‬‬
‫صا الموسيقى ذات البعد الروحي والديني‪ ،‬هي وسيلة‬ ‫خصو ً‬
‫ناجعة إلخراج األرواح الشريرة من النفس ومن الجسد م ًعا‬
‫‪.‬ولتحرير الروح من االنفعاالت العنيفة‬
‫إذن ها هي التربية الموسيقية تعمل على ت‬

‫حقيق تسامي الروح وصفائها‪ ،‬بذلك ُيسقط الفر ُد العنف‬


‫‪.‬المكبوت واألحقاد والرغبات غير المعلنة‬

‫الموسيقى‪ ..‬إيقاع ضابط للحياة منذ الرحم‬


‫وجد الباحثون في علم نفس الموسيقى أن اإليقاع الموسيقي‬
‫يرتبط ارتباطًا وثي ًقا بحياة الطفل ابتداء من المرحلة الجنينية‪ ،‬فهو‬
‫يتعرف على “اإليقاع” في الرحم‪ ،‬ويعيش وفق نظامه الدقيق‪:‬‬
‫نبضات قلب األم المنتظمة‪“ ،‬نغمتا” الشهيق والزفير‪ ،‬كذلك‬
‫‪.‬حركة األم المختلفة اإليقاعات‬
‫مع خروجه من الرحلة الجنينية‪ ،‬يتعرف المولود على إيقاعات‬
‫أخرى منها الهدهدة‪ ،‬هز السرير‪ ،‬غناء األم اللطيف قريبًا من‬
‫أذنه‪ ،‬مما يساهم في تهدئته وفي نومه وفي جعله يبتسم‬
‫برضا‪ ..‬أي أن هذه اإليقاعات واألنغام المختلفة تبعده عن التوتر‬
‫‪.‬والتشنج واأللم‬
‫لذلك شدد الباحثون على حاجة حديث الوالدة إلى أن يستعيد‬
‫تلك اإليقاعات المفقودة‪ ،‬وعلى ضرورة مساعدته على إيجادها‪،‬‬
‫وعلى خلق المناخات المالئمة لذلك‪ ،‬من أجل تنمية الحس‬
‫اإليقاعي لديه‪ ،‬ما يساعده الحقاً على اكتساب اإليقاع اللغوي‪،‬‬
‫واإليقاع التواصلي السلوكي في حياته‪ ،‬فيتفاعل مع اآلخرين‬
‫‪.‬باتّزان وهدوء‬
‫الحياة إيقاعات ال تنتهي‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن الطفل يدخل غمار الحياة بإيقاع‪ ،‬فجميع‬
‫م بإيقاع فطري خاص‪ ،‬فهو‬ ‫األلعاب التي يمارسها الطفل تت ّ‬
‫يتعلم السير بإيقاع‪ ،‬ويقع ثم ينهض بإيقاع‪ .‬ولو راقبناه وهو‬
‫يستمع إلى أغنية تتفاوت نغماتها بين البطء والسرعة لوجدناه‪،‬‬
‫ومن غير قصد منه‪ ،‬يمشي وفق اإليقاع الموسيقي الذي‬
‫يسمعه‪ .‬فهذا يفيد بأن كل شيء في الحياة عا ّمة‪ ،‬وفي حياة‬
‫الطفل خاصّة‪ ،‬وكل المكتسبات في الحياة‪ ،‬تسير وفق إيقاع‬
‫منتظم ال يمكن تبديله‪ ،‬ألن طبيعة اإليقاع العميقة هي نظام‬
‫محرّك لكل الحياة‪ ،‬إال إذا اعتبرنا أن الطفل أعمى ال يبصر‪ ،‬وأنه‬
‫م ال يسمع‬‫‪.‬أص ّ‬
‫ومن هنا أهمية دور اإليقاع ليس فقط في بناء معرفة الطفل‬
‫وإدراكاته بل كذلك في وجوده النفسي أي حضوره الواعي‬
‫المدرك‪ .‬فهو يتأثّر بإيقاعات مختلفة ال تثير اهتمام األهل أو ال‬
‫مام‪ ،‬أو‬‫يتنب ّهون لها‪ ،‬كصوت الماء المنسدل ببطء أو بقوّة في الح ّ‬
‫نقط الماء على زجاج النافذة‪ ،‬أو صوت المكنسة الكهربائية‪.‬‬
‫إيقاعا يتفاعل معه الطفل في‬ ‫ً‬ ‫فجميع هذه المظاهر تشكل‬
‫حياته اليومية فيثير انتباهه ويدفعه للتعرف إليه‪ .‬فتستقي هذه‬
‫المظاهر أهميتها من “الحضور النفسي” الذي يصبح ميزة‬
‫أساسية إلدراك مفهوم “التعاقب” و”التسلسل” و”الم ّ‬
‫دة”‬
‫و”المجموع”‪ ،‬كمحاولة الطفل إدراك طول الوقت وقصره من‬
‫خالل ضرب الطاولة براحة يده‪ ،‬وإن كان من الطبيعي أال يتمكن‬
‫من استيعاب تن ّقل المدة من ثانية إلى أخرى ومن دقيقة إلى‬
‫أخرى‪ ،‬لكن ما يحصل هو أن تلك اإليقاعات تنب ّه الطفل‬
‫لتعقيداتها‪ ،‬فيكتسب منها ما يمكّنه من إدراكها‪ ،‬ليكوّن صورة‬
‫ذهنية‪ ،‬هي معلومة تُغني الذاكرة وتوفّر للذكاء وسيلة معرفية‬
‫‪.‬جديدة‬

‫من اإليقاع الى الجملة الموسيقية‬


‫في دراسة لتأثير الموسيقى على الطفل أسئلة طرحها العلماء‬
‫منها‪ :‬ما هو سبب تلك الحساسية للطفل إزاء مقطوعة‬
‫موسيقية أو بضع نغمات موسيقية؟ ما هو السر الذي يجعل‬
‫طفال ً يتوقّف عن البكاء عند سماعه الموسيقى بعدما عجز أهله‬
‫عن تهدئته بشتى الوسائل؟ لماذا يستطيع طفل أن يحفظ‬
‫أغنية طويلة بسرعة وبسهولة ويعجز عن حفظ بيت واحد من‬
‫قصيدة؟ فتبيّن لهم أن الموسيقى والنغمات واألغنيات تستحوذ‬
‫على أهمية كبيرة في حياة الطفل‪ ،‬وهو قادر على التفاعل‬
‫معها منذ والدته‪ ،‬والتمييز بين اإليقاعات واأللحان وإبداء ردّة فعل‬
‫إزاء لحن مغلوط أو عالمة موسيقية ناقصة‪ .‬وأن الحساسية‬
‫السمعية المرهفة التي يتمتّع بها الرضيع‪ ،‬هي بداية نشوء‬
‫العالقة بين الطفل والموسيقى‪ .‬وأن استمرار تفاعل الرضيع مع‬
‫هذا الفن سيؤدي إلى نشوء المخيّلة الجامحة‪ ،‬وإلى شفافية‬
‫‪.‬في الشخصية‪ ،‬وإلى غنى عاطفي‪ ،‬وتوق إلى الجمال‬
‫كل هذا التطور الذي يمكن للشخصية أن تح ّققه أكد عليه‬
‫العديد من المربّين الذين تمكنوا‪ ،‬وبعد سنوات طويلة من مزاولة‬
‫مهنة التدريس‪ ،‬من مالحظة أن الطالّب الذين ح ّققوا مستويات‬
‫عالية في المدرسة وفي الجامعة‪ ،‬هم الذين كانوا يدرسون‬
‫الموسيقى‪ .‬من هنا تبيّن أن أهمية الموسيقى تكمن في‬
‫قدرتها على تطوير جميع القدرات النفسية‪ .‬لذلك فالموسيقى‬
‫مهمة ج ًدا في نمو الطفل النفسي إذ تملك قدرة على تفتيح‬
‫الذهن‪ ،‬وإسعاد الفرد‪ ،‬وتطوير أحاسيسه ومشاعره‪ ،‬وتسهيل‬
‫‪.‬إقامة عالقاته االجتماعية‬

‫قابلية بالفطرة‪ ..‬تتعزز باالهتمام‬


‫تلعب التأثيرات البيتية دورًا كبيرًا ومؤثرًا في رسم “المستقبل‬
‫‪.‬الموسيقي” للطفل‬
‫م توجيهه وتدعيم موهبته وتعزيز حسه وذوقه‬ ‫فإن طفال ً ت ّ‬
‫الموسيقي منذ الطفولة المبكّرة‪ ،‬يختلف في تركيبته النفسية‬
‫وفي موهبته عن طفل عاش في محيط مغاير‪ ..‬يكفي فقط أن‬
‫يالحظ األهل أن طفلهم موهوب “فطريًا”‪ ،‬ويوجهوه نحو هذا‬
‫العالم الساحر‪ ،‬ليساهموا في إنشاء طفل متميز في الدراسة‬
‫‪.‬وفي التفاعل السوي مع محيطه‬
‫ففي إحدى الدراسات بعنوان “الموهبة عند صغار األطفال” تبيّن‬
‫أن أولياء الطالب الموهوبين كانوا من مختلف المستويات‬
‫الثقافية واالقتصادية‪ ،‬والمهن‪ ،‬لكنهم كانوا يبدون اهتما ًما بال ًغا‬
‫بمستقبل أطفالهم‪ ،‬فتابعوا بدقّة كل مرحلة من مراحل نموّهم‪،‬‬
‫خروا أوقاتهم‬ ‫جهوا حياتهم بكليتها باتجاه صغارهم‪ ،‬فس ّ‬ ‫وكأنهم و ّ‬
‫لخلق المجاالت التي تمكّنهم من تنمية موهبة أطفالهم‬
‫‪.‬الموسيقية‬
‫إن القابلية الموسيقية عند الطفل فطرية‪ ،‬لكن المحيط يعززها‬
‫ويبلورها‪ .‬فمن أعالم الموسيقى يوهان سيباستيان باخ‪ ،‬الذي‬
‫نشأ في أسرة كان جميع أفرادها من العازفين‪ ،‬ما يعني أن‬
‫األطفال الذين يولدون مزوّدين بالموهبة الموسقية ال بد وأن‬
‫يتأثروا باألجواء الموسيقية التي تخيّم على العائلة‪ .‬من هنا‬
‫يكمن التفاعل بين الوراثة والمحيط‪ .‬بيد أن الفطرية وحدها ال‬
‫م تدعيمها من قِبل المحيط‪.‬‬ ‫يمكن أن تصبح عبقرية إذا لم يت ّ‬
‫ففي محاولة لدراسة تأثير المحيط العائلي غير الموسيقي‬
‫على تنمية المواهب الموسيقية‪ ،‬أجري اختبار على ‪ 300‬تلميذ‬
‫في أحد المعاهد الموسيقية‪ ،‬فتبيّن أن ‪ 89‬في المائة منهم قد‬
‫حظوا بتشجيع أهلهم‪ .‬وفي دراسة أخرى شملت العازفين في‬
‫أوركسترا سيمفونية تبيّن أن العازفين المبدعين قد حظوا‪ ،‬منذ‬
‫طفولتهم‪ ،‬على دعم أهلهم وتشجيعهم‪ ،‬من خالل إحاطتهم‬
‫باألجواء الموسيقية الراقية‪ ،‬األمر الذي يؤكد على أن تأثير‬
‫المحيط ال يعني فقط أن تكون األجواء العائلية مفعمة‬
‫‪.‬بالموسيقى‪ ،‬بل بالتشجيع والثناء أي ً‬
‫ضا‬

‫الطفل والغناء‬
‫ُيعتبر الغناء من أهم النشاطات الطفلية في المنزل‪ ،‬وفي أثناء‬
‫اللعب‪ ،‬وفي السيارة‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والرحالت‪ ،‬إلخ‪ ،‬ولهذه العالقة‬
‫أسبابها الدالة على عمق العالقة الوجدانية بين الطفل وأمه‪،‬‬
‫التي يتبلور سلوكها األمومي من خالل تلحين كلمات الدالل‪،‬‬
‫والتحيات الصباحية والمسائية‪ ،‬وتعريف الطفل على أعضاء‬
‫حنة‪ ،‬وصوال ً‬
‫جسمه ووظيفة كل عضو باستعمال الكلمات المل ّ‬
‫‪.‬إلى األغنية الخاصة باألطفال‬
‫فاألغنية‪ ،‬إذن‪ ،‬هي وسيلة االتصال المبكّرة والسبيل األفضل‬
‫للتفاعل بين األم وطفلها‪ ،‬لذلك فهي بالنسبة للطفل‪ ،‬جزء من‬
‫‪.‬مخزون الذاكرة الوجدانية والعاطفية‬

Das könnte Ihnen auch gefallen