Sie sind auf Seite 1von 15

‫الدولة اإلخشيدية‬

‫الدولة اإلخشيدية إحدى الدول اإلسالمية التي استقلت عن الدولة العباسية في مصر والشام‪ .‬ترجع نسبة هذه الدولة‬
‫إلى محمد بن طغج الملقّب باإلخشيد‪ ،‬الذي كان من موالي آل طولون‪ ،‬فقلّده الخليفة الراضي باهلل والية مصر بعد‬
‫نجاحه في ص ِّ ّد هجوم العبيديين (الفاطميين) عليها؛ ولذا منحه الخليفة لقب اإلخشيد‪ ،‬وهو اللقب الذي كان يطلق‬
‫على ملوك فرغانة ‪.‬‬
‫ونجح أيضًا في التصدي ألمير األمراءابن رائقفي البر والبحروهزمه‪ ،‬ومن ث َ َّم أصبح اإلخشيد من أكبر القوى في‬
‫العالم اإلسالمي‪ ،‬ودافع عن الخليفة منعبثابنرائق‪،‬فاعترف له الخليفة بوالية مصر وراثة في أبنائه‪ ،‬وأقره على‬
‫ما استولى عليه من بالدالشام‪ ،‬ودخلت الحجاز في سلطانه‪.‬‬
‫وتصدى أيضًا ألطماع سيف الدولة الحمداني في الشام‪ ،‬وهزمه في موقعة قنسرين‪ ،‬ودخل حلب‪،‬وعقد معه‬
‫صل ًحا‪ ،‬تنازل له الحمدانيون بموجبه عن شمالي سوريا‪.‬‬
‫مزدهرا في ميادين الفنون واآلداب والعلوم‪ .‬كما‬
‫ً‬ ‫وقد شهدت مصر في عصر الدولة اإلخشيدية نشا ًطا حضاريًّا‬
‫اهتم اإلخشيديون بانتعاش األحوال االقتصادية في مصر‪ ،‬وأولوا عنايتهم بالزراعة والصناعة والتجارة ‪.‬‬
‫وعلي)‪ ،‬وكانا صغيرين‪ ،‬فحكما تحت وصاية مواله كافور الذياشتراه ورباه‬ ‫ّ‬ ‫تو ِّفّي اإلخشيد فخلفه ابناه (أنوجور‬
‫تربية عسكرية‪ ،‬وأصبح يترقى إلى أن وصل إلى مرتبة قائد عام الجيش‪.‬‬
‫وقد استطاع كافور خالل وصايته أن يحافظ على تماسك الدولة‪ ،‬وأن يدافع عنها ضد خطر الحمدانيين في‬
‫العبيدي‬
‫ّ‬ ‫الشمال‪ ،‬والقرامطة الذين أغاروا على جنوبي بالد الشام‪ ،‬وأمراء النوبة في الجنوب‪ ،‬كما تصدى للزحف‬
‫باتجاه مصر‪.‬‬
‫وبعد وفاة كافور اإلخشيدي سنة ‪357‬هـ عمت الفوضى واالضطرابات معظم أنحاء مصر‪ ،‬وتدهورت أحوالها‬
‫االقتصادية‪ ،‬ولم تمض مدة طويلة على موته حتى دخل الفاطميون مصر سنة ‪358‬هـ‪،‬واستولوا عليها‬
‫من الخالفة العباسية‪.‬‬

‫اإلخشيديون في سطور‬

‫تأسست الدولة اإلخشيدية سنة ‪ 323‬هـ واستمرت حتى سنة ‪ 358‬هـ‪ ،‬ومؤسسها هو محمد بن طغج‬
‫الملقب باإلخشيد‪ ،‬واإلخشيد معناه "ملك الملوك" وطغج "عبد الرحمن"‪ ،‬واإلخشيد لقب ملوك فرغانة‪ ،‬وهي‬
‫إحدى بالد ما وراء النهر التي تتاخم بالد التركستان‪[1].‬‬
‫وكان طغج من موالي آل طولون‪ ،‬وكان الخليفة الراضي باهلل ( ‪ 322‬ـ ‪ 329‬هـ) قد رضي عن محمد بن طغج‬
‫حينما صد هجوم الفاطميين على مصر سنة ‪ 323‬هـ فقلَّده واليتها‪ ،‬وكانت عالقة اإلخشيديين بالخالفة عالقة‬
‫والء كامل حتى إن محمد بن طغج عرض على الخليفة العباسي المتقي هلل ( ‪ 329‬ـ ‪333‬هـ) أن ينتقل إلى‬
‫مقرا للخالفة ولكن الخليفة رفض‪.‬‬
‫مصر ويجعلها ً‬
‫وبالجملة فقد كان والة هذه الدولة متدينين‪ ،‬فقد كان بالط اإلخشيد مجتمعًا للعلماء واألدباء‪ ،‬وكان ابن طغج‬
‫يحضر ختمة القرآن في رمضان ويبكي عند سماعه‪[2].‬‬

‫]‪[1‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ‪ .357 ، 351 /1‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪:‬‬
‫محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪ .80،81‬الموسوعة الميسرة في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬تقديم د‪/‬‬
‫راغب السرجاني ‪. 353 / 1‬‬

‫]‪[2‬األنطاكي‪ :‬تاريخ األنطاكي‪ ،‬ص‪ .46‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪ .254 / 3‬الموسوعة الميسرة‬
‫في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬تقديم د‪ /‬راغب السرجاني ‪. 353 / 1‬‬

‫شجرة الحكم‬

‫‪1‬ـ محمد اإلخشيد بن طغج (‪ 323‬ـ ‪ 334‬هـ = ‪ 935‬ـ ‪946‬م )‬


‫‪2‬ـ أبو القاسم أنوجور بن اإلخشيد ( ‪ 334‬ـ ‪ 349‬هـ = ‪ 946‬ـ ‪ 960‬م)‬
‫‪3‬ـ أبو الحسن علي بن اإلخشيد ( ‪ 349‬ـ ‪ 355‬هـ = ‪ 960‬ـ ‪ 966‬م)‬
‫‪4‬ـ أبو المسك كافور ( ‪ 355‬ـ ‪ 357‬هـ = ‪ 966‬ـ ‪968‬م)‬
‫‪5‬ـ أبو الفوارس أحمد بن علي بن اإلخشيد ( ‪ 357‬ـ ‪ 358‬هـ = ‪ 968‬ـ ‪969‬م)‬

‫نظرا لصغر سن‬


‫مولى اإلخشيديين ً‬ ‫لكافور‬ ‫وفي الفترة من سنة ‪ 334‬هـ حتى ‪ 357‬هـ كان النفوذ الحقيقي‬
‫حكامهم‪[1].‬‬

‫]‪[1‬د‪ /‬طقوش‪ :‬تاريخ الدولة العباسية‪ ،‬ص ‪ .204‬د‪ /‬حسن إبراهيم حسن‪ :‬تاريخ اإلسالم ‪.142 / 3‬‬
‫الموسوعة الميسرة في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬تقديم د‪ /‬راغب السرجاني ‪. 354 / 1‬‬

‫إنجازات الدولة اإلخشيدية‬

‫مزدهرا في ميادين الفنون واآلداب‬


‫ً‬ ‫رغم قصر عصر الدولة اإلخشيدية في مصر؛ فقد شهدت نشا ًطا حضاريًا‬
‫والعلوم‪ ،‬ولكن الذي وصل إلينا من آثاره قليل بسبب تقادم الزمن من ناحية‪ ،‬ومجيء العصر الفاطمي بعده من‬
‫ناحية أخرى الذي طغت آثاره على ما كان في مصر قبلها من اآلثار اإلسالمية‪[1].‬‬

‫‪1-‬في التشيد والبناء‬


‫وعلى الرغم من أن اإلخشيديين اهتموا بالبناء وتشييد القصور إال أنهم لم يهتموا ببناء مدينة جديدة في مصر‬
‫ترتبط بهم على غرار مدينة الفسطاط والعساكر؛ ولم تذكر المصادر إال اهتمام محمد بن طغج اإلخشيد بتجديد‬
‫كافورا‬
‫ً‬ ‫بناء كثير من المساجد‪ ،‬وكان لإلخشيد دار أطلق عليها اسم المختار في جزيرة الروضة‪ ،‬كما أن‬
‫اإلخشيدي شيد مسجدًا في سفح المقطم أطلق عليه اسم مسجد الفقاعي‪ ،‬وكان في وسطه محراب من الطوب‪،‬‬
‫وهو أول محراب بني في مصر ‪[2].‬‬
‫وأنشأ محمد اإلخشيد بن طغج جيشًا على غرار الجيش الطولوني حتى أضحى من أكبر القوى في العالم‬
‫اإلسالمي ‪[3].‬‬
‫‪2-‬في الزراعة‬
‫كما اهتم اإلخشيديون بانتعاش األحوال االقتصادية في مصر وأولوا عنايتهم بالزراعة والصناعة والتجارة‪.‬‬
‫أما الزراعة فكانت الحرفة األساسية لمعظم السكان وتمثل المورد الرئيسي لدخل الدولة‪ ،‬ولم يكن إيجار األرض‬
‫الزراعية مرتفعًا في العصر اإلخشيدي إذ كان يتراوح بين دينار واحد‪ ،‬وبين دينارين ونصف دينار للفدان في‬
‫السنة‪ ،‬حسب جودة األرض ‪.‬‬
‫وقد بذل كافور اإلخشيدي جهده لتنمية الزراعة حتى زاد خراج مصر على أربعة ماليين كل سنة وبلغ خراج‬
‫الفيوم وحدها سنة ‪ 356‬هـ = ‪976‬م في عهد كافور أكثر من ‪ 620‬ألف دينار‪[4] .‬‬

‫‪3-‬في الصناعة والتجارة‬


‫وإلى جانب هذا كانت مصر بلدًا صناعيًا ها ًما في العصر اإلخشيدي فاشتهرت بصناعة النسيج الرقيق في تنيس‬
‫ودمياط وشطا ودبيق‪ ،‬وامتازت بصفة خاصة باألقمشة ذات الخيوط الذهبية التي كانت تصدر إلى العراق‪[5].‬‬
‫وقد ظل الخلفاء العباسيون في العصر اإلخشيدي يستمدون من مصر أكثر ما يلزمهم من المنسوجات النفيسة‬
‫المحالة بالكتابات الكوفية ‪[6].‬‬
‫كما ظهرت صناعة الورق التي حلَّت محل البردي‪ ،‬وترجع أول وثيقة حكومية من الورق إلى عام ‪912‬م ‪ ،‬كما‬
‫ترجع آخر وثيقة حكومية من ورق البردي إلى عام ‪935‬م يضاف إلى هذا اشتهار مصر حينئذ بصناعة‬
‫األسلحة والتحف الدقيقة المطعمة بالذهب والفضة والجواهر الثمينة‪[7].‬‬
‫دارا لصناعة السفن بالفسطاط سنة ‪ 325‬هـ = ‪936‬م ‪[8].‬‬ ‫وأنشأ محمد بن طغج اإلخشيد ً‬
‫أما التجارة فقد ارتفع شأنها في العصر اإلخشيدي‪ ،‬ذلك أن تجارة الشرق التي كانت تتجه إلى المحيط الهندي‬
‫والشرق األقصى‪ ،‬أخذت تتحول عن طريق الخليج العربي والعراق ـ أي عن طريق هرمز والبصرة ـ إلى طريق‬
‫مصر والبحر األحمر‪ ،‬ويذكر المقدسي‪ :‬أن ثغر عدن صار في القرن الرابع الهجري ‪ /‬العاشر الميالدي أهم مركز‬
‫تجاري‪ ،‬في حين أخذت بغداد تتدهور وتفقد مكانتها ‪[9].‬‬

‫]‪[1‬د‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف‪ :‬مصر في عصر اإلخشيديين‪ ،‬ص‪ .299‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في‬
‫العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 133‬‬

‫]‪[2‬المقريزي‪ :‬الخطط ‪ .455 /2‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية‬
‫والحضارية‪ ،‬ص‪. 134 ،133‬‬

‫]‪[3‬د‪ /‬طقوش‪ :‬تاريخ الدولة العباسية‪ ،‬ص ‪ .206 ،204‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ‬
‫مصر اإلسالمية‪ ،‬ص‪. 298‬‬

‫]‪[4‬د‪ /‬علي إبراهيم حسن‪ :‬مصر في العصور الوسطى من الفتح العربي إلى الفتح العثماني‪ ،‬ص ‪ .437‬د‪/‬‬
‫محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 135‬‬

‫]‪[5‬أرشيبالد لويس‪ :‬القوى البحرية والتجارة في حوض البحر المتوسط‪ ،‬ترجمة ‪ /‬أحمد محمد عيسى‪،‬‬
‫مراجعة د‪ /‬محمد شفيق غربال‪ ،‬ص ‪ .257‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع‬
‫السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 136‬‬

‫]‪[6‬د‪ /‬زكي محمد حسن‪ :‬الفنون اإلسالمية‪ ،‬ص‪. 349‬‬

‫]‪[7‬أرشيبالد لويس‪ :‬القوى البحرية والتجارة في حوض البحر المتوسط‪ ،‬ص‪. 258‬‬

‫]‪[8‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪. 273‬‬

‫]‪[9‬أرشيبالد لويس‪ :‬القوى البحرية والتجارة في حوض البحر المتوسط‪ ،‬ص‪ .257‬د‪ /‬محمود الحويري‪:‬‬
‫مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 136‬‬

‫لحظات حاسمة‬

‫في سنة ‪ 328‬هـ عقد اإلخشيد صل ًحا مع ابن رائق على الرغم من انتصار اإلخشيد عليه‪ ،‬فقد كان اإلخشيد‬
‫يخشى أن تواصل الخالفة العباسية الحمالت عليه‪ ،‬كما كان يخشى خص ًما آخر يهدده من ناحية مصر الغربية‬
‫وهو الخليفة الفاطمي ]‪[1‬وكان من الممكن زوال الدولة سري ًعا لو لم يعقد اإلخشيد هذا الصلح مع ابن رائق ‪.‬‬
‫وقد أوصى محمد اإلخشيد بن طغج بالملك من بعده لولديه الصغيرين أنوجور وعلي على أن يتولى كافور‬
‫الحبشي الوصاية عليهما‪ ،‬وفعالً حكم كافور مصر اثنين وعشرين عا ًما كوصي حتى إذا توفي أنوجور وعلي‬
‫استب َّد بالحكم واعترفت الخالفة العباسية به حاك ًما على مصر‪.‬‬
‫وقد استطاع كافور خالل وصايته أن يحافظ على تماسك الدولة وأن يدافع عنها ضد خطر الحمدانيين في‬
‫الشمال‪ ،‬والقرامطة الذين أغاروا على جنوبي بالد الشام‪ ،‬وأمراء النوبة في الجنوب‪ ،‬كما تصدى للزحف العبيدي‬
‫باتجاه مصر‪.‬‬
‫ثم حدث أن اضطربت األوضاع في مصر بعد وفاة كافور في عام ‪ 357‬هـ = ‪ 968‬م بفعل صغر سن خلفه أبو‬
‫الفوارس أحمد‪ ،‬وعدم وجود شخصية قوية بين رجال البالط تستطيع ملء الفراغ الذي تركه؛ فأدرك الخليفة‬
‫العبيدي المعز سوء الحالة السياسية واالقتصادية في مصر فاستغلها واستولى على البالد في عام ‪ 358‬هـ =‬
‫‪ 969‬م‪[2].‬‬

‫]‪[1‬د‪ /‬حسن إبراهيم حسن‪ :‬تاريخ اإلسالم ‪.145 / 3‬‬

‫]‪[2‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪ .25 ،24 ،18 ،2 / 4‬د‪ /‬طقوش‪ :‬تاريخ الدولة العباسية‪ ،‬ص‬
‫‪. 208 ،207‬‬

‫الثورات في الدولة اإلخشيدية‬

‫شهد أوائل عهد أنوجور ثورة داخلية فقد خرج والي األشمونيين المعروف باسم غلبون بعد أن استبد باألمور‬
‫في منطقة نفوذه حتى شكا منه التجار‪ ،‬وقد أعدت الحكومة المركزية فرقة من الجند سارت إليه في جمادى‬
‫اآلخرة سنة ‪335‬هـ ولكن هذا الثائر دبر كمينًا لهم واستطاع أن يقتل ً‬
‫كثيرا منهم وأفلت قائدهم سادن‬
‫اإلخشيدي بنفسه‪.‬‬
‫ثم نظمت الحكومة جيشًا الخضاع غلبون‪ ،‬ولكنه خالف الجيش اإلخشيدي في الطريق واستطاع الوصول إلى‬
‫الفسطاط ودخل دار اإلمارة واتفق مع أبي بكر محمد بن أحمد الماذرائي على أن يقوم بتدبير األمور في البالد‪،‬‬
‫ولكن الجيش اإلخشيدي كر على غلبون في الفسطاط وهزمه وطرده منها‪ ،‬فخرج إلى الشرقية ولحقه الجند‬
‫اإلخشيديون‪ ،‬وكانت بينهما معركة شديدة انتهت بقتل غلبون في ذي الحجة سنة ‪ 336‬هـ‪[1].‬‬

‫]‪[1‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪. 95 ،94‬‬

‫حروب الدولة اإلخشيدية‬

‫‪1-‬مع الخالفة العباسية‬


‫في سنة ‪ 328‬هـ ‪940 /‬م غضب الخليفة العباسي الراضي باهلل ( ‪ 322‬ـ ‪ 329‬هـ ) على اإلخشيد‪،‬‬
‫وأرسل محمد بن رائق واليًا على مصر‪ ،‬فسار إلى حمص فدخلها ثم أخذ دمشق والرملة‪ ،‬ثم اتجه إلى عريش‬
‫مصر فلقيه اإلخشيد محمد بن طغج وانتصر على ابن رائق‪ ،‬أراد اإلخشيد رغم انتصاره تغليب المصلحة العامة‬
‫مقدرا ظروف الخالفة العباسية المتدهورة والتهديد المستمر لدولته من‬
‫ً‬ ‫للمسلمين على مصلحته الخاصة‬
‫جانب الدولة العبيدية‪ ،‬فعقد صل ًحا مع ابن رائق على أن تكون الرملة الحدود بين الطرفين‪.‬‬
‫‪2-‬مع الدولة الحمدانية‬
‫وفي سنة ‪ 333‬هـ ‪ 945 /‬م قاد سيف الدولة الحمداني حملة عسكرية وسيطر على حلب ودمشق وأخذ‬
‫يستعد لغزو مصر؛ مما دفع اإلخشيد إلى الخروج بنفسه إلى بالد الشام لوقف التقدم الحمداني‪.‬‬
‫ونتيجة لالشتباك الذي حدث بين الطرفين في قنسرين ُهزم سيف الدولة‪ ،‬ودخل اإلخشيد حلب واسترد دمشق‪،‬‬
‫لكنه آثر مجددًا تغليب المصلحة العامة للمسلمين على مصلحته الشخصية‪ ،‬فعقد صل ًحا مع سيف الدولة تنازل له‬
‫بموجبه عن حلب وحمص وأنطاكية‪ ،‬وأن يكون لإلخشيد دمشق وما يليها جنوبًا‪ ،‬وأن يدفع لسيف الدولة مبلغًا‬
‫من المال نظير احتفاظه بدمشق ‪.‬‬
‫فقد أدرك اإلخشيد ضرورة وجود قوة إسالمية في شمالي الشام كقوة الحمدانيين للتصدي لغارات البيزنطيين‬
‫المستمرة على المناطق اإلسالمية ‪[1].‬‬
‫ومما يؤكد ذلك أن الدولة الحمدانية كانت القوة الوحيدة في العالم اإلسالمي التي تعمل لها الدولة البيزنطية‬
‫حسابًا وترهب جانبها‪ ،‬ففي الوقت الذي ازدادت فيه الخالفة العباسية ضعفًا‪ ،‬ازدادت قوة الحمدانيين‪[2].‬‬
‫ولكن سيف الدولة بن حمدان انتهز وفاة اإلخشيد والصراع الداخلي في مصر حول إمارة البالد فتحرك ودخل‬
‫دمشق وامتلكها‪ ،‬ويبدو أن سيف الدولة كلف أهل دمشق ما ال يطيقون؛ فكاتبوا كافور يستدعونه لتخليصهم من‬
‫سيف الدولة‪ ،‬فخرج كافور من مصر بصحبة أنوجور واشتبكا مع سيف الدولة عند اللجون فانهزم سيف الدولة‬
‫إلى دمشق‪ ،‬ثم تقابال مرة أخرى عند مرج عذراء قرب دمشق‪ ،‬وانتهى األمر بهزيمة سيف الدولة وفراره إلى‬
‫حلب‪ ،‬فتبعه المصريون ودخلوا حلب‪ ،‬ففر سيف الدولة إلى الرقة‪ ،‬ولكن لم يلبث أن انتهى الصراع بين الطرفين‬
‫بعقد صلح بينهما على نفس الشروط التي عقدت بين اإلخشيد وابن حمدان مع إعفاء المصريين من دفع المبلغ‬
‫السنوي‪[3].‬‬
‫وحارب كافور حكام النوبة الذين تكررت غاراتهم على أسوان وغيرها من مدن الوجه القبلي وأجبرهم على‬
‫الطاعة من ذلك ما حدث سنة ‪ 344‬هـ ‪956 /‬م حينما أغار ملك النوبة على أسوان ونهب قراها وقتل جمعًا‬
‫من سكانها؛ فخرج إليه محمد بن عبد هللا الخازن ـ من قبل أنوجور بن اإلخشيد ـ على رأس جيش ضخم استطاع‬
‫أن يصد النوبيين ويطارد فلولهم حتى وصل مدينة أبريم‪ ،‬وعاد إلى مصر في منتصف جمادى األولى سنة‬
‫‪345‬هـ ‪ 957 /‬م ‪[4].‬‬

‫]‪[1‬محمود شاكر‪ :‬التاريخ اإلسالمي‪ ،‬الدولة العباسية ‪ .130 / 6‬د‪ /‬طقوش‪ :‬تاريخ الدولة العباسية‪ ،‬ص‬
‫‪ 205‬ـ ‪ .207‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪. 92‬‬

‫]‪[2‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪.130‬‬

‫]‪[3‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫]‪[4‬المقريزي‪ :‬الخطط ‪ .197 /1‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية‬
‫والحضارية‪ ،‬ص‪. 132‬‬
‫تشجيع األمراء اإلخشيديين للحياة العلمية‬

‫عندما حكم اإلخشيديون مصر ازداد تيار العلم واألدب قوة وتدفقًا وذلك ألن األمراء اإلخشيديين وكبار رجال‬
‫كثيرا من األيادي‪ ،‬وقد روي أن اإلخشيد أعجب بعلم‬ ‫دولتهم كانوا يعطفون على العلماء واألدباء ويسدون إليهم ً‬
‫أحد الفقهاء فواله على سواحل مصر‪.‬‬
‫كافورا أمر بعشرين ألف دينار لتفرق على فقهاء الشافعية عندما علم أن الخليفة عبد الرحمن‬
‫ً‬ ‫وذكر ـ أيضًا ـ أن‬
‫الناصر األندلسي أرسل عشرة آالف دينار لتفرق على فقهاء المالكية‪ ،‬وأن الوزير محمد بن علي بن مقاتل كان‬
‫يجري على سيبويه المصري مبلغًا من المال في كل شهر ‪[1].‬‬

‫علماء الشرع‬
‫لقد تميز عهد الدولة اإلخشيدية بظهور عدد كبير من أعالم الفقه من أبناء مصر حظوا برعاية طيبة من األمراء‬
‫اإلخشيديين‪ ،‬وكان لهم نشاط علمي ملحوظ في الحياة العلمية وكان على رأس الفقهاء الشافعية في هذا العهد‬
‫أبو بكر محمد بن جعفر الكناني المصري المعروف بابن الحداد‬
‫(ت ‪ 344‬هـ‪ 955 /‬م ) الذي تولى القضاء والتدريس بمصر قال عنه ابن خلكان‪" :‬كان متصرفًا في علوم‬
‫كثيرة من علوم القرآن الكريم والفقه والحديث والشعر وأيام العرب والنحو واللغة وغير ذلك‪ ،‬ولم يكن في زمانه‬
‫مثله‪ ،‬وكان محببًا إلى الخاص والعام‪ ،‬وحضر جنازته األمير أبو القاسم أنوجور بن اإلخشيد وكافور وجماعة من‬
‫أهل البلد‪"[2].‬‬
‫وظهر من فقهاء الشافعية ـ أيضًا ـ أبو رجاء محمد بن أحمد بن الربيع األسواني (ت ‪ 335‬هـ ‪946 /‬م )‪،‬‬
‫وعبد هللا بن محمد الخصيبي (ت ‪ 348‬هـ ‪ 959 /‬هـ ) وعبد هللا بن محمد بن عبد هللا بن الناصح (ت ‪365‬‬
‫هـ ‪ 976 /‬م ‪)[3].‬‬
‫أما فقهاء المالكية فيأتي في مقدمتهم هارون بن محمد بن هارون األسواني ( ت ‪ 327‬هـ ‪939 /‬م‬
‫]‪)[4‬وعلي بن عبد هللا بن أبي مصر اإلسكندراني ( ت ‪ 330‬هـ ‪942 /‬م ) وأبي بكر أحمد بن عمرو‬
‫الطحان ( ت ‪333‬هـ ‪ 944 /‬م ) ومحمد بن أحمد بن أبي يوسف الخالل (ت ‪ 339‬هـ ‪950 /‬م‬
‫]‪)[5‬ومحمد بن يحيى بن مهدي بن هارون األسواني ( ت ‪ 340‬هـ ‪951 /‬م ) وأحمد بن محمد بن جعفر‬
‫األسواني ( ت ‪ 364‬هـ ‪975 /‬م ]‪ )[6‬وغيرهم من العلماء ‪.‬‬

‫األدباء والشعراء‬
‫ازدهر األدب في مصر في العصر اإلخشيدي‪ ،‬لكن يالحظ أن حظ النثر كان أوفر من حظ الشعر‪ ،‬وأن الشعر كانت‬
‫فيه المسحة العراقية والميل إلى السجع والمزاوجة مع إطناب في اللفظ وتكرار المعنى وإقبال على الجمل‬
‫القصيرة وكان فارس حلبة النثر الفني في العصر اإلخشيدي إبراهيم بن عبد هللا بن محمد النجيرمي ]‪[7‬وممن‬
‫برز من أبناء مصر في األدب في العصر اإلخشيدي سيبويه المصري وهو أبو بكر محمد بن موسى بن عبد‬
‫العزيز الكندي الصيرفي (ت ‪ 358‬هـ ‪ 968 /‬م ‪)[8].‬‬
‫أما الشعر في العصر اإلخشيدي فكان هزيالً نحيالً وال نكاد نجد من الشعراء المصريين من يصل إلى مكانة‬
‫شعراء العراق أمثال أبي تمام والبحتري وابن الرومي ومن شعراء مصر في هذا العصر أحمد بن محمد بن‬
‫إسماعيل بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ( ت ‪ 345‬هـ ‪ 956 /‬م ) وقد روى الثعالبي أبياتًا من مختاراته‬
‫منها‪:‬‬
‫خليلي إني للثريا لحاسد ‪ ...‬وإني على صرف الزمان لواجد‬
‫أيبقى جميعًا شملها وهي سبعة ‪ ...‬وأفقد من أحببته وهو واحد؟‬
‫كذلك من لم تخترمه منية ‪ ...‬يرى عجبًا فيما يرى ويشاهد‬
‫والقاسم بن أحمد الرسي وهو ابن الشاعر السابق‪ ،‬وأدرك القاسم الدولة الفاطمية‪ ،‬وسعيد قاضي البقر‪ ،‬وكان مقربًا‬
‫إلى اإلخشيد لما امتاز به من حلو الفكاهة وحسن الحديث‪ ،‬ومحمد بن الحسن بن زكريا‪ ،‬ومهلهل بن يموت‬
‫وغيرهم ‪[9].‬‬
‫وقد زار مصر في العصر اإلخشيدي بعض الشعراء المشهورين منهم أبو الطيب المتنبي‪ ،‬فأقام بها أربع سنوات‬
‫عند كافور اإلخشيدي يمدحه بغرض الحصول على منصب هام ولكنه لم ينل بغيته؛ فانقلب على كافور يهجوه‬
‫هجا ًء قاسيًا‪.‬‬
‫ومما قاله المتنبي في مدح كافور‪:‬‬
‫كفى بك دا ًء أن ترى الموت شافيًا ‪ ...‬وحسب المنايا أن يكن أمانيا]‪[10‬‬
‫كما مدحه بقوله‪:‬‬
‫قواصد كافور توارك غيره ‪ ...‬ومن قصد البحر استقل السواقيا‬
‫فجاءت بنا إنسان عين زمانه ‪ ...‬وخلَّت بياضا ً خلفها ومآقيا]‪[11‬‬
‫ولما لم يحقق المتنبي ما كان يطمع فيه من مناصب؛ نظم قصيدته الدالية المشهورة التي هجا فيها كافور‬
‫ومطلعها‪:‬‬
‫عدْتَ يا عي ُد ‪ ...‬بما مضى ِّأم ألمر فيكَ تجدي ُد‬
‫عي ُد بأيّة حا ٍل ُ‬
‫ومنها‪:‬‬
‫ال تشتر العبد إال والعصا معه ‪ ...‬إن العبيد ألنجاس مناكيد‬
‫من علم األسود المخصي مكرمة ‪ ...‬أقومه البيض أم آباؤه الصيد؟‬
‫أم أذنه في يد النخاس دامية ‪ ...‬أم قدره وهو بالفلسين مردود؟‬
‫وذاك أن الفحول البيض عاجزة ‪ ...‬عن الجميل فكيف الخصية السود]‪[12‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫مصر تمهي ُد‬ ‫َ‬ ‫السوء سيده ‪ ...‬أو خانه فله في‬
‫ِّ‬ ‫أكلما اغتال عب ُد‬
‫فالحر مستعَب ُد والعب ُد معبود]‪[13‬‬ ‫ُّ‬ ‫صي إما َم اآلبقين بها ‪...‬‬ ‫صار ال َخ ُّ‬
‫النحاة‬
‫أما النحو فقد نبغ فيه جماعة من العلماء من أشهرهم محمد بن عبد هللا بن مسلم ( ت ‪ 330‬هـ ‪941 /‬م )‬
‫وابن والد أبو العباس أحمد بن محمد بن الوليد التميمي المصري مصنف كتاب " االنتصار لسيبويه " (ت‬
‫‪ 332‬هـ ‪943 /‬م )‪ ،‬وأبو جعفر النحاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي المصري ( ت‬
‫‪ 338‬هـ ‪ 949 /‬م‪)[14].‬‬
‫وأبو بكر محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي المصري‪ .‬يعرف بابن الجبي‪ ،‬نسبة إلى جبة موضع بمصر‪،‬‬
‫يلقب بسيبويه (ت ‪ 358‬هـ ‪ 969 /‬م ‪)[15].‬‬
‫القصاص‬
‫كان بمصر في ذلك العصر جماعة من القصاص نذكر منهم‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن‬
‫البغدادي المصري (ت ‪ 338‬هـ ‪ 949 /‬م ]‪ )[16‬ومنهم أيضًا أئمة جامع عمرو بن العاص رضي هللا عنه‬
‫في ذلك العصر وهم عمر بن الحسن الهاشمي‪ ،‬وسليمان بن محمد بن رستم‪ ،‬والحسن بن موسى‬
‫الخياط ‪[17].‬‬
‫المؤرخون‬
‫أما المؤرخون في العصر اإلخشيدي فكان لهم شأن عظيم منهم الحسن بن القاسم بن جعفر بن دحية أبو علي‬
‫الدمشقي ( ت ‪ 327‬هـ ]‪ )[18‬وأبو عمر الكندي محمد بن يوسف بن يعقوب بن حفص بن يوسف التجيبي‬
‫( ت ‪ 350‬هـ ) يقول السيوطي ‪:‬إن أبا عمر الكندي صنف كتاب فضائل مصر‪ ،‬وكتاب قضاة مصر في زمن‬
‫كافور ‪[19].‬‬
‫كذلك المؤرخ الحسن بن إبراهيم المعروف بابن زوالق ( ت ‪ 387‬هـ ‪ 997 /‬م ) ممن اهتموا بتدوين تاريخ‬
‫مصر وخططها ومن مؤلفاته كتاب "فضائل مصر" و"سيرة محمد بن طغج اإلخشيد" و"أخبار سيبويه‬
‫المصري" وغيرها من المصنفات‪[20].‬‬
‫وابن يونس وهو أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي الحسن أحمد بن أبي موسى يونس بن عبد األعلى بن موسى بن‬
‫خبيرا بأيام الناس‬
‫ً‬ ‫ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي المصري ( ت ‪ 347‬هـ ) صاحب تاريخ مصر‪ ،‬كان‬
‫وتواريخهم ]‪[21‬جمع لمصر تاريخين أحدهما وهو األكبر يختص بالمصريين‪ ،‬واآلخر وهو صغير يشتمل‬
‫على ذكر الغرباء الواردين على مصر ‪[22].‬‬
‫ومن المؤرخين الذين أدركوا العصر اإلخشيدي سعيد بن البطريق ( ت ‪ 328‬هـ ‪ 939 /‬م ) فقد كان بطريركًا‬
‫على اإلسكندرية‪ ،‬كما مارس الطب فترة من الزمن بالفسطاط‪ ،‬وألف كتابه المشهور " التاريخ المجموع على‬
‫التحقيق والتصديق " تناول فيه التاريخ منذ الخليقة إلى العصر الذي عاش فيه ‪[23].‬‬
‫األطباء‬
‫ظهر عدد كبير من األطباء في الدولة اإلخشيدية نذكر منهم‪ :‬نسطاس بن جريج كان نصرانيًا عال ًما بصناعة‬
‫الطب‪ ،‬وكان في خدمة دولة اإلخشيد بن طغج‪ ،‬ولنسطاس بن جريج من الكتب‪ :‬كناش‪ ،‬ورسالة إلى يزيد بن‬
‫رومان النصراني األندلسي في البول‪[24].‬‬
‫متميزا في معرفة األدوية المفردة وأفعالها‪ ،‬وله من الكتب كتاب " التكميل في‬ ‫ً‬ ‫والبالسي فقد كان طبيبًا فاضالً‬
‫األدوية المفردة " ألَّفه لكافور اإلخشيدي‪[25].‬‬
‫ّللا محمد بن أحمد بن سعيد التميمي‪ ،‬فقد كان مقامه أوالً بالقدس ونواحيها وله معرفة جيدة‬ ‫والتميمي أبو عبد ّ‬
‫متميزا أيضًا في أعمال الطب واالطالع على دقائقها‪ ،‬وله خبرة فاضلة في‬ ‫ً‬ ‫بالنبات وماهياته والكالم فيه‪ ،‬وكان‬
‫تركيب المعاجين واألدوية المفردة‪.‬‬
‫ّللا‪.‬‬‫انتقل إلى الديار المصرية‪ ،‬وأقام بها إلى أن توفي رحمه ّ‬
‫وقال الصاحب جمال الدين بن القفطي في كتاب "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" إن التميمي محمد بن أحمد بن‬
‫سعيد كان جده سعيد طبيبًا‪ ،‬وكان له غرام وعناية تامة في تركيب األدوية‪ ،‬وحسن اختيار في تأليفها‪ ،‬وعنده‬
‫غوص على أمور هذا النوع‪ ،‬واستغراق في طلب غوامضه‪ ،‬وهو الذي أكمل الترياق الفاروق بما زاده فيه من‬
‫المفردات‪ ،‬وذلك بإجماع األطباء على أنه الذي أكمله‪ ،‬وله في الترياق عدة تصانيف ما بين كبير ومتوسط‬
‫ّللا بن طغج المستولي على مدينة الرملة‪ ،‬وما انضاف إليها من البالد‬ ‫صا بالحسن بن عبد ّ‬ ‫وصغير‪ ،‬وقد كان مخت ً‬
‫الساحلية وكان مغر ًما به وبما يعالجه من المفردات والمركبات‪ ،‬وعمل له عدة معاجين ولخالخ طبية ودخن‬
‫دافعة للوباء وسطر ذلك في أثناء مصنفاته‪ ،‬ثم أدرك الدولة العبيدية عند دخولها إلى الديار المصرية وصحب‬
‫الوزير يعقوب بن كلس وزير المعز والعزيز وصنف له كتابا ً كبيرا ً في عدة مجلدات سماه‬
‫"مادة البقاء بإصالح فساد الهواء‪ ،‬والتحرز من ضرر األوباء‪".‬‬
‫كما ركب ترياقًا سماه مخلص النفوس قال عنه‪ :‬هذا ترياق ألفته بالقدس وأحكمت تركيبه مختص‪ ،‬نافع الفعل‪،‬‬
‫دافع لضرر السمومات القاتلة المشروبة والمصبوبة في األبدان‪ ،‬بلسع ذوات السم من األفاعي والثعابين‪،‬‬
‫وأنواع الحشرات المهلكة والعقارب الجرارات وغيرها‪ ،‬وذوات األربع واألربعين رجالً‪ ،‬ومن لدغ الرتيالء‬
‫والعضايات مجرب ليس له مثل‪ ،‬ثم ساق مفرداته وصورة تركيبه في كتابه المسمى بمادة البقاء‪ ،‬ولما كان‬
‫بمصر صنف جوارشن وركبه وسماه "مفتاح السرور من كل الهموم ومفرح النفوس" ألفه لبعض إخوانه‬
‫بمصر‪ ،‬وكان التميمي هذا موجودًا بمصر في سنة سبعين وثالثمائة ‪.‬‬
‫وللتميمي من الكتب " رسالة إلى ابنه علي بن محمد في صنعة الترياق الفاروق والتنبيه على ما يغلظ فيه من‬
‫أدوية‪ ،‬ونعت أشجاره الصحيحة وأوقات جمعها وكيفية عجنه‪ ،‬وذكر منافعه وتجربته"‪ ،‬وكتاب آخر في الترياق‪،‬‬
‫وقد استوعب فيه تكميل أدويته وتحرير منافعه‪ ،‬وكتاب مختصر في الترياق‪ ،‬وكتاب مادة البقاء بإصالح فساد‬
‫الهواء والتحرز من ضرر األوباء " صنفه للوزير أبي الفرج يعقوب بن كلس بمصر‪ ،‬ومقالة في ماهية الرمد‬
‫وأنواعه وأسبابه وعالجه‪ ،‬وكتاب الفحص واألخبار ‪[26].‬‬
‫السياسيون‬
‫كان محمد بن طغج اإلخشيد من السياسيين البارعين ومما يذكر له في هذا المجال أنه حاول نفس المحاولة التي‬
‫قام بها أحمد بن طولون من قبل وهي نقل الخالفة العباسية إلى مصر لتكون تحت حمايته‪ ،‬وكانت محاولة‬
‫اإلخشيد سنة ‪333‬هـ ‪944 /‬م حينما استبد األمراء األتراك بالخليفة العباسي المتقي باهلل (‪ 329‬هـ ـ‬
‫‪333‬هـ ) وتقاعس الحمدانيون في حلب عن نجدته فالتقى به اإلخشيد في الشام وأبدى له بالغ االحترام‬
‫والتقدير‪ ،‬ودعاه إلى ترك بغداد والمجيء إلى مصر واإلقامة بها وكان مما قاله للخليفة‪ " :‬يا أمير المؤمنين أنا‬
‫عبدك وابن عبدك‪ ،‬وقد عرفت األتراك وغدرهم وفجورهم‪ ،‬فاهلل في نفسك سر معي إلى الشام ومصر فهي لك‬
‫وتأمن على نفسك‪".‬‬
‫ولكن الخليفة فضل أال يترك عاصمة ملكه‪ ،‬ورفض عرض اإلخشيد‪[27].‬‬
‫وال شك أنه لو أتيح لإلخشيد أن ينجح في جذب الخليفة إلى مصر لتغير ـ إلى حد ما ـ مستقبل الخالفة ومستقبل‬
‫مصر ‪.‬‬
‫وكان كافور اإلخشيدي من أبرز السياسيين في العصر اإلخشيدي‪ ،‬فقد عقد محمد بن طغج اإلخشيد قبل وفاته‬
‫لولده الصغير أبي القاسم أنوجور الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره عندما ولي الحكم‪ ،‬فتولى الوصاية‬
‫عليه غالم أبيه كافور اإلخشيدي الذي أصبح صاحب النفوذ المطلق في الدولة اإلخشيدية‪.‬‬
‫فبعد وفاة محمد بن طغج اإلخشيد سنة ‪ 334‬هـ ‪946 /‬م انفرد كافور بالسلطة وأصبح صاحب األمر والنهي‪،‬‬
‫وكان يخرج ألنوجور كل سنة أربعمائة ألف دينار لتغطية نفقاته‪ ،‬وعندما بلغ أنوجور سن الرشد حرضه بعض‬
‫المتصلين به على الثورة ضد كافور وتدبير شئون الدولة بنفسه‪ ،‬فابتعد أنوجور عن كافور وقرر التوجه إلى‬
‫الرملة لمناوأته‪ ،‬ولكن أمه خافت عليه وأخبرت كافور بخبره‪ ،‬وانتهى األمر بالصلح بينهما‪ ،‬وقد استطاع كافور‬
‫أن يحافظ على الدولة أثناء وصايته على أنوجور ‪[28].‬‬

‫]‪[1‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪.349‬‬

‫]‪[2‬ابن خلكان‪ :‬وفيات األعيان ‪ .198 ،197 / 4‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى‬
‫األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 134‬‬

‫]‪[3‬األدفوي‪ :‬الطالع السعيد ألسماء نجباء الصعيد‪ ،‬ص ‪ .485‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة ‪. 401 / 1‬‬

‫]‪[4‬األدفوي‪ :‬الطالع السعيد ألسماء نجباء الصعيد‪ ،‬ص‪. 686‬‬

‫]‪[5‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪. 449 /1‬‬


‫]‪[6‬األدفوي‪ :‬الطالع السعيد ألسماء نجباء الصعيد‪ ،‬ص ‪ .643 ،639 ، 638‬السيوطي‪ :‬حسن‬
‫المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪. 449 ،442 /1‬‬

‫]‪[7‬د‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف‪ :‬مصر في عصر اإلخشيديين‪ ،‬ص‪ .325‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في‬
‫العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪. 137‬‬

‫]‪[8‬المقريزي‪ :‬المقفى ‪ .313 / 7‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية‬
‫والحضارية‪ ،‬ص‪. 137‬‬

‫]‪[9‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪ .240 /1‬الثعالبي‪ :‬يتيمة الدهر ‪ .370 / 1‬د‪/‬‬
‫مصطفى طه بدر‪ :‬مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪ .279‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع‬
‫السياسية والحضارية‪ ،‬ص‪ .137‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر اإلسالمية‪ ،‬ص‪ 363‬ـ‬
‫‪. 365‬‬

‫]‪[10‬النويري‪ :‬نهاية األرب في فنون األدب ‪ .306 / 2‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى‬
‫األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪ .138 ،137‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في تاريخ مصر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ص ‪. 366 ،365‬‬

‫]‪[11‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪.200 /1‬‬

‫]‪[12‬الثعالبي‪ :‬يتيمة الدهر ‪. 66 /1‬‬

‫]‪[13‬يوسف البديعي‪ :‬الصبح المنبي عن حيثية المتنبي‪ ،‬ص‪ .32‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور‬
‫الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪. 138‬‬

‫]‪[14‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪ .531 /1‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في‬
‫العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪ .139 ،138‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات في‬
‫تاريخ مصر اإلسالمية‪،‬ص‪.357‬‬

‫]‪[15‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪. 228 /1‬‬

‫]‪[16‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪. 227 /1‬‬

‫]‪[17‬د‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف‪ :‬مصر في عصر اإلخشيديين‪ ،‬ص‪ .197‬د‪ /‬حمدي عبد المنعم‪ :‬محاضرات‬
‫في تاريخ مصر اإلسالمية‪،‬ص‪. 358‬‬

‫]‪[18‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية ‪.215 / 11‬‬


‫]‪[19‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ‪. 185 /1‬‬

‫]‪[20‬ابن خلكان‪ :‬وفيات األعيان ‪ .92 ،91 / 2‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة ‪ .554 ،553 /1‬ابن‬
‫كثير‪ :‬البداية والنهاية ‪. 221 /11‬‬

‫]‪[21‬السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة ‪ .147 / 1‬الذهبي‪ :‬العبر في خبر من غبر ‪. 142 / 1‬‬

‫]‪[22‬ابن خلكان‪ :‬وفيات األعيان ‪. 137 / 3‬‬

‫]‪[23‬د‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف‪ :‬مصر في عصر اإلخشيديين‪ ،‬ص ‪ .345‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في‬
‫العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪. 140‬‬

‫]‪[24‬ابن أبي أصيبعة‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء ‪.354 /3‬‬

‫]‪[25‬ابن أبي أصيبعة‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء ‪. 355 /3‬‬

‫]‪[26‬ابن أبي أصيبعة‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء ‪ 361/3‬ـ ‪.366‬‬

‫]‪[27‬المقريزي‪ :‬المقفى ‪ .750 ،749 /5‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪ .255 ، 254 / 3‬د‪/‬‬
‫محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪. 131 ،130‬‬

‫]‪[28‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪ 3‬م ‪ .293 ،292‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور‬
‫الوسطى األوضاع السياسية والحضارية‪ ،‬ص ‪. 131‬‬

‫الدولة اإلخشيدية في عيون المؤرخين المسلمين‬

‫لقد أشاد المؤرخون بمحمد بن طغج اإلخشيد ومدحوه فوصفه المقريزي قائالً‪" :‬وكان حاز ًما شديد التيقظ في‬
‫حروبه حسن التدين مكر ًما لألجناد شديد القوى ال يكاد يجر قوسه غيره حسن السيرة في الرعية نجيبًا‬
‫شه ًما ‪"[1].‬‬
‫سا‪".‬‬‫ويقول عنه ابن تغري بردي‪ ..." :‬وكان كافور عاقالً سيو ً‬
‫وقال الذهبي‪" :‬وكان كافور يدني الشعراء ويجيزهم‪ ،‬تقرأ عنده في كل ليلة السير وأخبار الدولة األمويةوالعباسية‬
‫خبيرا‬
‫ً‬ ‫وله ندماء‪ ،‬وكان عظيم الحمية ‪ ...‬زاد ملكه على ملك مواله اإلخشيد‪ ،‬وكان كري ًما كثير الخلع والهبات‪،‬‬
‫بالسياسة‪ ،‬فطنًا ذكيًا جيد العقل داهية‪ ،‬كان يهادي المعز صاحب المغرب ويظهر ميله إليه‪ ،‬وكذا يذعن بالطاعة‬
‫لبني العباس‪ ،‬ويداري ويخدع هؤالء وهؤالء‪ ،‬وتم له األمر‪"[2].‬‬
‫كان مغر ًما بالرمي‪ ،‬وكان يداوم الجلوس غدوة وعشية لقضاء حوائج الناس‪ ،‬وكان يتهجد ويمرغ وجهه ساجدًا‬
‫علي مخلوقا ً ‪[3].‬‬
‫َّ‬ ‫ويقول‪ :‬الل ُه َّم ال تُس ِّلّط‬
‫سا ال‬‫أما الدكتورة‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف فتقول‪ :‬ومع أن استقالل مصر في العصر اإلخشيدي كان استقالالً ملمو ً‬
‫شك فيه وإن ظلت الروابط الروحية ومقتضيات األحوال السياسية تربطها بالحكومة المركزية في بغداد من غير‬
‫أن تصل بها إلى التبعية المطلقة شأنها في ذلك شأن الدولة الطولونية‪ ،‬إال أن استقالل الطولونيين كان يبدو لبعض‬
‫أثرا‪ ،‬ولعل السبب في هذا أن اإلخشيديين لم يحاربوا الحكومة المركزية في بغداد‬‫الباحثين أوضح وأظهر ً‬
‫صراحة كما فعل أحمد بن طولون وابنه خمارويه ‪[4].‬‬
‫ويقول الدكتور‪ /‬محمود الحويري‪" :‬هنا نالحظ أن استقالل مصر في عصر اإلخشيديين في ظل تبعية اسمية‬
‫للخالفة العباسية لهو خير دليل على احتفاظ مصر بشخصيتها على نسق فريد‪ ،‬يختلف تما ًما عن الدويالت التي‬
‫قامت في العالم اإلسالمي‪ ،‬والتي نزعت إلى االستقالل القومي في فارس في القرنين الثالث والرابع الهجري (‬
‫التاسع والعاشر الميالدي ‪)"[5].‬‬
‫ويقول الدكتور‪ /‬حسن أحمد محمود ‪ ،‬والدكتور‪ /‬أحمد إبراهيم الشريف‪ ..." :‬إن الدولة التي أقامها اإلخشيد في‬
‫مصر أتاحت للشعب المصري أن يعيش فترة من الزمن في هدوء واستقرار بعيدًا عن الفوضى والفتن التي‬
‫انتابت الخالفة العباسية‪ ،‬ومن أجل المحافظة على نفوذه في مصر والشام أسس اإلخشيد جيشًا قويًا ليعزز‬
‫سياسته الداخلية والخارجية على غرار ما فعله أحمد بن طولون قبله كما سار على نفس السياسة التي سار‬
‫عليها وهي تقربه من المصريين واكتساب ودهم والفوز بوالء األقباط الذين كانوا ال يزالون في ذلك الوقت قوة‬
‫يحسب لها حساب‪"[6].‬‬

‫]‪[1‬المقريزي‪ :‬المقفى ‪. 752 / 5‬‬

‫]‪[2‬الذهبي‪ :‬تاريخ اإلسالم ‪ .174 / 6‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪. 390 /1‬‬

‫]‪[3‬ابن تغري بردي‪ :‬النجوم الزاهرة ‪.390 /1‬‬

‫]‪[4‬د‪ /‬سيدة إسماعيل كاشف‪ :‬مصر في عصر اإلخشيديين‪ ،‬ص‪.393‬‬

‫]‪[5‬د‪ /‬محمود الحويري‪ :‬مصر في العصور الوسطى‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫]‪[6‬د‪ /‬حسن أحمد محمود‪ ،‬د‪ /‬أحمد إبراهيم الشريف‪ :‬العالم اإلسالمي في العصر العباسي‪ ،‬ص‪. 438‬‬

‫الدولة اإلخشيدية في عيون غير المسلمين‬

‫كافورا بمصر‬
‫ً‬ ‫يقول آدم متز عن لقب األمراء‪" :‬بهذا االسم كان يسمى والة البالد ـ وكذلك أبناء بيت الخالفة ـ إال‬
‫امتنع من التسمي باإلمارة ورأى تواضعًا أن يجرى على رسمه في المخاطبة باألستاذية‪"[1].‬‬
‫"وقد حسن حال مصر على يديه وعنى بالنظام فيها وأمر بضرب الدينار اإلخشيدي على عيار كامل وصلحت‬
‫النقود في عهده بعد فسادها‪ ،‬وكان جيشه أعظم جيوش عصره‪"[2].‬‬
‫"كان الغالب على اإلخشيد الحياء ورقة الوجه‪ ،‬وكان إذا صادر أحدًا لم يعذبه ولم يضربه ولم يضيق عليه ولم‬
‫يره حتى تنتهي المصادرة‪ ،‬وكان رسمه أال يتعرض للحرم‪ ،‬وكان يحب الصالحين ويكرمهم ويركب إليهم ويطلب‬
‫دعاءهم‪"[3].‬‬
‫"وكان الثلج يحمل من الشام إلى قصر كافور اإلخشيدي بمصر ليستعمل في تبريد المشروبات‪"[4].‬‬
‫"في عام ‪ 324‬هـ شرع اإلخشيد في إجراء حلبة السباق على رسم أحمد بن طولون‪"[5].‬‬
‫أما لينبول فيقول‪" :‬إن حكومة اإلخشيديين كانت من الناحية الشرعية ال تزيد عن كونها حكومة إقليمية تابعة‬
‫للخالفة العباسية‪ ،‬أما من ناحية الواقع فإن هذه الحكومة كانت مستقلة استقالالً يكاد يكون تا ًما‪ ،‬وكانت لها جميع‬
‫مظاهر الحكومات المستقلة تقريبًا‪"[6].‬‬
‫كما شهد البابا شنودة للدولة اإلخشيدية‪ ،‬ومؤسسها محمد بن طغج اإلخشيد [‪ 334 – 323‬هـ ‪– 935 /‬‬
‫‪ 946‬م] "الذي كان يبنى الكنائس بنفسه وتولى ترميمها‪"[7].‬‬
‫ويقول ـ أيضًا ـ " ونذكر أيضًا بعض نواحي محبة وتعاون ؛ فمثالً في الدولة اإلخشيدية كان محمد بن طغج‬
‫اإلخشيدي يحتفل مع األقباط بعيد الغطاس في جزيرة في النيل‪ ،‬وقد أوقدوا حوله ألف قنديل]‪"[8‬‬

‫]‪[1‬آدم متز‪ :‬الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري‪ ،‬نقله إلى العربية‪ /‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪/ 1‬‬
‫‪.27‬‬
‫]‪[2‬آدم متز‪ :‬الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري‪ ،‬نقله إلى العربية‪ /‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪/ 1‬‬
‫‪.53‬‬
‫]‪[3‬آدم متز‪ :‬الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري‪ ،‬نقله إلى العربية‪ /‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪/ 1‬‬
‫‪.54‬‬
‫]‪[4‬آدم متز‪ :‬الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري‪ ،‬نقله إلى العربية‪ /‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪/ 2‬‬
‫‪.211‬‬
‫]‪[5‬آدم متز‪ :‬الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري‪ ،‬نقله إلى العربية‪ /‬محمد عبد الهادي أبو ريدة ‪/ 2‬‬
‫‪.216 ،215‬‬
‫‪[6] Lan Poole:Ahist Of Egypt In The Middle Ages. P.86.‬‬
‫]‪[7‬من خطاب البابا شنودة في احتفال وضع حجر األساس لمستشفى مارمرقس بحضرة الرئيس أنور‬
‫السادات في ‪ 11‬أكتوبر سنة ‪1977‬م‪ ،‬انظر مجلة "وجهات نظر" ص ‪ .20 ،18‬عدد ديسمبر سنة‬
‫‪2005‬م‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫]‪[8‬المؤتمر العام السادس عشر للمجلس األعلى للشئون اإلسالمية في الفترة من ‪ 8‬ـ ‪ 11‬ربيع األول عام‬
‫‪ 1425‬هـ ‪ 28 /‬إبريل ـ ‪ 1‬مايو ‪ 2004‬م ‪ ،‬وكان موضوع المؤتمر " التسامح في الحضارة اإلسالمية " ‪،‬‬
‫وكان ممن تحدث في هذا المؤتمر البابا شنودة الثالث‪.‬‬

‫سقوط الدولة اإلخشيدية‬

‫بعد وفاة كافور اإلخشيدي في جمادى األولى سنة ‪ 357‬هـ ‪ /‬أبريل ‪ 968‬م عمت الفوضى واالضطرابات‬
‫معظم أنحاء مصر‪ ،‬وتدهورت أحوالها االقتصادية‪ ،‬فأصابها القحط والوباء والغالء الشديد الناجم عن نقص‬
‫فيضان النيل‪ ،‬وهاجم القرامطة بالد الشام وامتد نفوذهم إليها‪ ،‬في الوقت الذي عجزت فيه الخالفة العباسية عن‬
‫إعادة األمور إلى نصابها في مصر‪ ،‬ولذلك اتصل المصريون بالفاطميين في بالد المغرب‪ ،‬ودعوهم للحضور إلى‬
‫مصر رغبة في التخلص من األحوال السيئة التي تردوا فيها‪ ،‬وساعدوهم على فتحها وإسقاط الدولة‬
‫اإلخشيدية‪[1].‬‬

Das könnte Ihnen auch gefallen